التفاقم التدريجي لعُقد المجتمع السوري …

حسن مجيد 

من البديهي جداً في أي مجتمع يعيش في أزمة  لابد من الوقوف على التشخيص الصحيح للعُقد التي تنخر فيه وبالتالي القيام في معالجتها بشكل جذري وإلا ستتفاقم وتؤدي إلى الانهيار . 

ففي المجتمع السوري منذ التأسيس له من  بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية وإعلان دولة سوريا مرورا بالإنتداب الفرنسي وعهد الانقلابات وفترة سيادة حزب البعث في عهد الأسدين  الأب والإبن لم تستطع التشخيص لتلك العُقد للمجتمع السوري ولا استطاعت تقديم الوصفة الصحيحة لمعالجتها على العكس تماما تفاقمت أكثر وتعقدت أكثر حتى انفجر الوضع في ٢٠٠٤ لعقدة من تلك العقد في انتفاضة الشعب الكوردي والتي تمت اخمادها ومع ذالك  تلازمت مع شقيقاتها  لتعطي ثقلا أكبر على كاهل المجتمع السوري في ٢٠١١ حيث انطلاقة الشرارة لانتفاضة شعبية بكل طوائفها ومذاهبها وقومياتها لكن للأسف لم تتم تشخيص الوضع بشكل علمي وواقعي وفقدت المعالجة الصحيحة لها لأكثر من خمسة عشر عاما  وتعقد الوضع أكثر فأكثر وها نعيش الواقع الجديد بعد سطوت هيئة تحرير الشام باستلام السلطة في دمشق بمسرحية متقنة  بعد هروب النظام السابق وانهيار تام للدولة السورية وخاصة الجيش الذي كان دائما في خدمة النظام لا في حماية الشعب والوطن .

لكن للأسف تعقد المشهد أكثر في وقت الكل أجمع حتى طيف واسع من العلمانيين بأن هذا النظام الجديد بالرغم من ايديولوجيته الدينية المتشددة بأنه سيكون المنقذ لإخراج سوريا من هذه المحرقة من موقف كفى لسوريا دماراً  .

لكن للأسف مرت التسعة أشهر ولازلنا نعيش تلك العقد المجتمعية بسبب انشغال  النظام في التوجه نحو  كسب الشرعية الخارجية على حساب شرعية الداخل  وللأسف لازال يتخبط بين المصالح الدولية والإقليمية المتضاربة ولم يستطع تحقيق التوازنات بينها بل على العكس  أدى إلى المزيد من التخبط وبالتالي ضياع البوصلة تماماً الأمر الذي انعكس على الداخل السوري في توسيع الهوة بين النظام وباقي أطياف الشعب بكافة طوائفه ومذاهبه وقومياته وتقلص فرص التفاهم ولم تعد هناك حل سوى الخضوع للتنازلات من قبل النظام  أمام مطالبهم والعمل على إيجاد السبيل الذي  يؤدي إلى عقد جلسة حوار وطني شامل وافساح المجال للقوى السياسية بالمشاركة الفعالة والعمل معا لمعالجة  العقد بشكل جذري لا ترقيعي والاتفاق على العقد الاجتماعي الجامع على قاعدة  الاعتراف والإقرار  بحقوق الجميع وعلى مبدأ اللامركزية السياسية لأنها لم تعد هناك فرص لنجاح الدولة المركزية بعد التجربة المريرة في عهد الأسدين الأب والإبن ذاك العهد الذي أدى إلى مانحن عليه في

هذا الواقع وهذه الحقيقة يجب أن يعترف بها هذا النظام وإلا فسوريا  تتجه نحو الحرب الأهلية الطويلة وبالتالي التقسيم  أو ربما تكون هناك رصاصة الرحمة إن قام التحالف الدولي مع قوات قسد بالاتفاق مع الطيف الواسع من السنة ومع الساحل السوري والسويداء بإنهاء هذا الحكم المؤقت بعد نفاذ  المرحلة لاستحقاقاتها وبالتالي بسط السيطرة الكاملة على كل الأراضي السورية والإتيان بحكم يشمل الجميع قبل التحرك العسكري الروسي والتركي وتعقيد المهمة لدى قوات التحالف .

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…