سرو قادر
الإصلاحات الزراعية وتأميم الأراضي في الحكومات الثورية في الشرق الأوسط (مثل مصر ناصر، والعراق بعد 1958، وسوريا البعثية، واليمن الجنوبي، وإيران إلى حد ما قبل ثورة 1979) كانت تُعتبر جزءاً من “التحديث المتسارع”. أما كون هذه السياسات “صحيحة” أم لا، فيتوقف على معيار التقييم. دعني أوضح في عدة محاور:
- المنطق التاريخي للإصلاحات الزراعية
– الهيكل الإقطاعي للأراضي: في معظم بلدان الشرق الأوسط، كانت الأراضي مركزة في أيدي الملاك الكبار (الآغوات، والشيوخ، والعائلات المرتبطة بالسلطة). وكان للفلاحين أو الرعايا حقوق قليلة.
– هدف الإصلاحات: كسر قوة ملاك الأراضي التقليديين، وتحرير المزارعين، وتحويلهم إلى مواطنين حديثين ومخلصين للدولة الثورية.
– المشروعية السياسية: اعتبر القادة الثوريون (مثل ناصر) الإصلاحات الزراعية أداة لكسب المشروعية الاجتماعية وإضعاف المنافسين التقليديين.
- النتائج الإيجابية
– العدالة الاجتماعية النسبية: أدى توزيع الأراضي في المدى القصير إلى شعور بالعدالة والتحرر.
– تثبيت الدولة المركزية: تمكنت الدولة الثورية من التغلب على هيكل السلطة التقليدي (القبلي، الإقطاعي، العشائري).
– التعبئة القومية: كانت الإصلاحات الزراعية جزءاً من مشروع أكبر للقومية والتصنيع ومقاومة الاستعمار.
- القيود والآثار السلبية
– تفتت الأراضي: أدى تقسيم الأراضي إلى قطع صغيرة إلى انخفاض الإنتاجية.
– نقص الاستثمار: لم يكن لدى الفلاحين الجدد الأدوات أو البذور أو رأس المال الكافي للزراعة الحديثة.
– التبعية للدولة: تم إزالة ملاك الأراضي القدامى، لكن الفلاحين الجدد بقوا معتمدين على الإعانات والسيطرة الحكومية.
– إضعاف الإنتاج الزراعي: في كثير من الحالات انخفض إنتاج المواد الغذائية واضطرت الدولة للاعتماد على الاستيراد (مثل مصر بعد السبعينيات).
– التأميم غير المخطط: كان تأميم الأراضي أو المصانع غالباً بدون كفاءة إدارية وأدى إلى بيروقراطية ثقيلة وفساد.
- مقارنة مع التجارب الأكثر نجاحاً:
في اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان، نجحت الإصلاحات الزراعية لأن:
– الدولة وسعت الاستثمار في التعليم والتكنولوجيا والأسواق بالتزامن مع الإصلاحات.
– تحول الفلاحون إلى مزارعين حديثين ثم إلى قوة عمل صناعية.
– في الشرق الأوسط، كانت الإصلاحات أيديولوجية وسياسية بشكل أساسي، وليس جزءاً من استراتيجية تنمية شاملة.
- الخلاصة
– الإصلاحات الزراعية في الشرق الأوسط كانت سياسياً في الوقت المناسب وفعالة: تمكنت الدولات الثورية من تعزيز قواعد قوتها وتحويل المجتمع التقليدي.
– لكنها كانت اقتصادياً وتنموياً غير كافية أو حتى ضارة، لأنها لم تترافق مع بناء المؤسسات والاستثمار والتعليم والتكنولوجيا.
– النتيجة: أدت هذه الإصلاحات أكثر إلى إعادة توزيع مؤقت للسلطة والثروة، وليس إلى نهضة تنموية مستدامة.
في المتابعة، أعددت جدولاً مقارناً يقارن الإصلاحات الزراعية والتأميم في الشرق الأوسط (مصر، العراق، سوريا، إيران) مع الإصلاحات الناجحة في شرق آسيا (اليابان، كوريا الجنوبية، تايوان).
جدول مقارن: الإصلاحات الزراعية في الشرق الأوسط وشرق آسيا
|محور المقارنة |الشرق الأوسط (مصر، العراق، سوريا، إيران) |شرق آسيا (اليابان، كوريا الجنوبية، تايوان) |
|**الخلفية التاريخية** |هيكل إقطاعي/عشائري، تركز الأراضي في أيدي الملاك الكبار |هيكل سيد-تابع لكن مع دولة مركزية قوية والضغط الأمريكي بعد الحرب |
|**الأهداف السياسية** |كسر قوة الإقطاعيين، كسب المشروعية الثورية، القومية المناهضة للاستعمار |إضعاف الطبقة الإقطاعية، منع النفوذ الشيوعي، إنشاء قاعدة اجتماعية للتنمية |
|**طريقة التنفيذ** |المصادرة وتقسيم الأراضي، التأميم الواسع بدون خطة اقتصادية شاملة |تقسيم الأراضي مع التعويض، الدعم المالي والرقابة الحكومية، إصلاحات تدريجية|
|**الاستثمار المكمل** |ضعيف جداً؛ المزارعون لم يحصلوا على أدوات أو قروض أو تدريب |قوي؛ الدولة وفرت التدريب الزراعي والقروض والبذور المحسنة والتكنولوجيا |
|**النتائج قصيرة المدى** |زيادة الشعور بالعدالة، تقليل قوة الملاك الكبار |زيادة العدالة الاجتماعية + نمو الإنتاج الزراعي |
|**النتائج طويلة المدى** |انخفاض الإنتاجية الزراعية، التبعية لاستيراد الغذاء، الفساد البيروقراطي|نمو سريع في الإنتاجية، تحول الفلاحين إلى قوة عمل صناعية، قفزة تنموية |
|**الارتباط بالتنمية الصناعية** |ضعيف؛ الزراعة لم تستطع أن تكون محرك التصنيع |قوي؛ زراعة حديثة، فائض الإنتاج ← استثمار في الصناعة |
|**الاستدامة السياسية-الاقتصادية**|الإصلاحات جلبت مشروعية مؤقتة للدول الثورية لكن لم تدم |الإصلاحات أسست تنمية مستدامة واستقرار سياسي |
الخلاصة
– الشرق الأوسط: الإصلاحات كانت سياسية-أيديولوجية أكثر منها اقتصادية-تنموية؛ لذا بقيت الإنجازات مؤقتة وهشة.
– شرق آسيا: الإصلاحات كانت جزءاً من استراتيجية تنمية شاملة (التعليم + الاستثمار + الصناعة)، وبالتالي أدت إلى قفزة اقتصادية واجتماعية.
على مستويين سياسي-اجتماعي واقتصادي-تنموي:
- من المنظور السياسي-الاجتماعي
النقاط الإيجابية:
– في كثير من مجتمعات الشرق الأوسط، كان ملاك الأراضي والآغوات يملكون ليس الأرض فحسب، بل أرواح وحياة الرعايا.
– كانوا غالباً يمتلكون قوة موازية للدولة، بل يمنعون تشكيل دولة حديثة قائمة على القانون.
– إزالة أو تقييد هذه الطبقة أدى في المدى القصير إلى كسر الهيكل الإقطاعي وخلق شعور بالعدالة الاجتماعية.
– مكّن الدول الثورية من السيطرة المباشرة على القرى والناس (مثلاً في العراق ومصر).
النقاط السلبية:
– كثير من هؤلاء القادة التقليديين، رغم استبداديتهم ومحافظيتهم، كانوا شبكة اجتماعية وحماية للريفيين. مع إزالتهم، انهارت هذه الشبكات ولم تستطع الدولة بناء بديل فعال.
– الإزالة الكاملة للنخب الملاكة بدلاً من دمج ودورهم وإصلاحه أدى إلى فقدان الخبرة الإدارية ورأس المال الاجتماعي المحلي.
– هذه السياسة أدت إلى نوع من “الانقطاع التاريخي”، وليس “الإصلاح التدريجي”.
- من المنظور الاقتصادي-التنموي
المشكلة الأساسية في الشرق الأوسط كانت أن إزالة ملاك الأراضي لم تعن تحرير الموارد؛ لأن الدولة لم تستطع فوراً إنشاء نظام الإنتاجية والاستثمار والتدريب الزراعي.
النتيجة:
– تفتتت الأراضي ← انخفضت الإنتاجية
– الفلاحون الجدد بقوا بدون رأس مال وتكنولوجيا ← انخفض المحصول
– اضطرت الدولة للاعتماد على الاستيراد لتأمين الغذاء (مثل مصر بعد السبعينيات)
في المقابل، في شرق آسيا تم إزالة ملاك الأراضي، لكن مع سياسة تعويضية (دفع تعويضات، استيعاب في الاقتصاد الحديث، استثمار في التعليم والصناعة). هذا التوازن جعل مسار التنمية مستداماً.
- الخلاصة
– إزالة ملاك الأراضي والآغوات في الشرق الأوسط كانت من الناحية السياسية-الاجتماعية إجراءً ضرورياً لكسر الهيكل الإقطاعي وكسب المشروعية الثورية.
– لكن من الناحية الاقتصادية-التنموية، لأنها لم تترافق مع برنامج شامل لبناء المؤسسات والاستثمار، كانت الآثار السلبية أكثر من الإيجابية.
– يمكن القول: سياسة صحيحة في الهدف، لكن ناقصة وغير مستدامة في التنفيذ.
هنا أعددت جدولاً مقارناً يوضح أن سياسة إزالة أو إضعاف ملاك الأراضي والآغوات في مختلف بلدان الشرق الأوسط كانت أكثر سياسية-أيديولوجية، في حين أنها في شرق آسيا عملت بشكل اقتصادي-تنموي في الوقت نفسه.
جدول مقارن: إزالة ملاك الأراضي في الشرق الأوسط وشرق آسيا
|البلد |نوع السياسة |الهدف الأساسي |طريقة التنفيذ |النتائج قصيرة المدى |النتائج طويلة المدى |
|**مصر (ناصر)** |سياسية-أيديولوجية |كسر قوة الإقطاعيين وكسب المشروعية الثورية |تقسيم الأراضي، التأميم بدون خطة تنموية |عدالة اجتماعية نسبية، شعبية جماهيرية |انخفاض الإنتاج الزراعي، التبعية للاستيراد |
|**العراق (1958)** |سياسية-أيديولوجية |إضعاف الآغوات وشيوخ العشائر |المصادرة وتوزيع الأراضي، تقوية الحزب والجيش |انهيار السلطة التقليدية، مشروعية الدولة الثورية|إنتاجية منخفضة، فساد، عدم استقرار سياسي |
|**سوريا (البعث)** |سياسية-أيديولوجية |إزالة طبقة ملاك الأراضي وإنشاء مجتمع اشتراكي |تأميم واسع، سيطرة حكومية صارمة |تثبيت سلطة حزب البعث، مشروعية ثورية |ركود زراعي، تبعية اقتصادية |
|**إيران (الثورة البيضاء، الشاه)**|سياسية-أيديولوجية + شبه تنموية|تقليل نفوذ الملاك التقليديين، تقوية الدولة المركزية|تقسيم الأراضي مع دفع محدود، إنشاء تعاونيات |تقليل نفوذ ملاك الأراضي، حشد سياسي |زراعة غير فعالة، هجرة الريفيين للمدن |
|**اليابان (بعد 1945)** |اقتصادية-تنموية |إضعاف الطبقة الإقطاعية، تقوية الدولة الحديثة |تقسيم الأراضي مع تعويض، استثمار تعليمي وتكنولوجي|عدالة اجتماعية، نمو الإنتاج الزراعي |زراعة حديثة ← قاعدة للتصنيع والتنمية المستدامة|
|**كوريا الجنوبية** |اقتصادية-تنموية |منع النفوذ الشيوعي، إنشاء طبقة متوسطة ريفية |تقسيم عادل، قروض ودعم حكومي |زيادة الإنتاجية، دعم شعبي للحكومة |زراعة فعالة، قفزة صناعية |
|**تايوان** |اقتصادية-تنموية |تثبيت الحكومة الجديدة، إصلاح اقتصادي |تقسيم الأراضي + تعويض الملاك (ثلاث مراحل) |نمو سريع في الزراعة، عدالة اجتماعية |تحويل الفلاحين إلى رأس مال بشري صناعي |
الخلاصة
– في الشرق الأوسط: كانت سياسة إزالة ملاك الأراضي أيديولوجية وسياسية أكثر؛ الهدف كان تثبيت سلطة الدول الثورية وكسر الهيكل التقليدي، لكن لم تكن لها عواقب تنموية.
– في شرق آسيا**: كانت نفس السياسة جزءاً من برنامج تنموي شامل؛ ترافقت مع التعليم والاستثمار والتكنولوجيا والتصنيع.
لأن بريطانيا وألمانيا في أوروبا كان لديهما تجربة مختلفة عن الشرق الأوسط وشرق آسيا. في الواقع، سلك هذان البلدان المسار “التدريجي والمؤسسي”، وليس “الثوري والمتسارع”.
- تجربة بريطانيا
تاريخ الإقطاع:
في العصور الوسطى، كانت الأراضي في أيدي النبلاء واللوردات. لكن من القرن السادس عشر فما بعد، بدأت حركة الإحاطة (Enclosure Movement): تحولت الأراضي المشتركة إلى ملكية خاصة وغالباً ما اشتراها المزارعون المتوسطون أو المستثمرون.
الخصائص:
– إصلاحات تدريجية، وليس مصادرة ثورية
– تحولت طبقة ملاك الأراضي الكبار تدريجياً بنفسها إلى رأسماليين زراعيين ثم صناعيين
– كان لنخبة ملاك الأراضي حضور في البرلمان وشاركت في عملية التشريع
النتيجة:
– تحديث الزراعة (استخدام التقنيات الزراعية، دورة المحاصيل)
– هذا التحول وفر أساس الثورة الصناعية: ساعد الفائض الزراعي في الاستثمار في الصناعة والتمدن
– المؤسسات السياسية (البرلمان، قانون الملكية) بدلاً من إزالة طبقة ملاك الأراضي، دمجتها في الاقتصاد الجديد
- تجربة ألمانيا
الخلفية التاريخية:
كانت ألمانيا حتى القرن التاسع عشر تتكون من ولايات إقطاعية. طبقة اليونكرز (Junkers) في بروسيا كانت من ملاك الأراضي الكبار الذين يملكون القوة الاقتصادية والسياسية معاً.
الخصائص:
– دولة بروسيا (خاصة في القرن 19) نفذت إصلاحات تدريجية، لكن اليونكرز حافظوا على نفوذهم حتى الحرب العالمية الأولى
– بدلاً من الإزالة المفاجئة، لعب جزء منهم دوراً في تحديث الزراعة
– دولة بسمارك أنشأت نظام التأمينات الاجتماعية والمؤسسات الجديدة للحفاظ على الطبقة العاملة وملاك الأراضي في النظام
بعد الحرب العالمية الثانية:
– في ألمانيا الغربية (1945 فما بعد)، تمت الإصلاحات الزراعية تحت إشراف الحلفاء، لكن تم دفع تعويضات وانتقل ملاك الأراضي إلى القطاع الصناعي والاستثمار الحديث
– في ألمانيا الشرقية، أمم الحزب الاشتراكي الأراضي، لكن الإدارة الحكومية كانت غير فعالة (مشابه للاتحاد السوفيتي)
- مقارنة مع الشرق الأوسط وشرق آسيا
– بريطانيا وألمانيا: مسار إصلاحات تدريجية، دمج ملاك الأراضي في المؤسسات الجديدة وتحويلهم إلى رأسماليين صناعيين ← زراعة حديثة + تصنيع مستدام
– الشرق الأوسط: مسار ثوري وسريع، إزالة كاملة لملاك الأراضي بدون بديل مؤسسي ← انخفاض الإنتاجية وعدم استقرار
– شرق آسيا: إزالة ملاك الأراضي لكن مع برنامج تنموي شامل (تعليم، تكنولوجيا، صناعة) ← قفزة اقتصادية
الخلاصة:
– في بريطانيا وألمانيا، لم يتم تدمير “ملاك الأراضي” بل إعادة تكوينهم ودمجهم
– في الشرق الأوسط، تم إزالة “ملاك الأراضي” لكن الدولة لم تستطع بناء بديل مستدام
– في شرق آسيا، تم إزالة “ملاك الأراضي” لكن الدولة حولتهم بخطة تنموية إلى “مستثمرين ورجال أعمال جدد”
الجذور ترجع إلى هيكل السلطة والمجتمع المعاصر في كردستان العراق. دعني أوضح التحليل في عدة محاور ثم أقدم إطار عمل منطقي للحل:
هنا أعددت جدولاً مقارناً يوضح أن سياسة إزالة أو إضعاف ملاك الأراضي والآغوات في مختلف بلدان الشرق الأوسط كانت أكثر سياسية-أيديولوجية، في حين أنها في شرق آسيا عملت بشكل اقتصادي-تنموي في الوقت نفسه.
جدول مقارن: إزالة ملاك الأراضي في الشرق الأوسط وشرق آسيا
|البلد |نوع السياسة |الهدف الأساسي |طريقة التنفيذ |النتائج قصيرة المدى |النتائج طويلة المدى |
|**مصر (ناصر)** |سياسية-أيديولوجية |كسر قوة الإقطاعيين وكسب المشروعية الثورية |تقسيم الأراضي، التأميم بدون خطة تنموية |عدالة اجتماعية نسبية، شعبية جماهيرية |انخفاض الإنتاج الزراعي، التبعية للاستيراد |
|**العراق (1958)** |سياسية-أيديولوجية |إضعاف الآغوات وشيوخ العشائر |المصادرة وتوزيع الأراضي، تقوية الحزب والجيش |انهيار السلطة التقليدية، مشروعية الدولة الثورية|إنتاجية منخفضة، فساد، عدم استقرار سياسي |
|**سوريا (البعث)** |سياسية-أيديولوجية |إزالة طبقة ملاك الأراضي وإنشاء مجتمع اشتراكي |تأميم واسع، سيطرة حكومية صارمة |تثبيت سلطة حزب البعث، مشروعية ثورية |ركود زراعي، تبعية اقتصادية |
|**إيران (الثورة البيضاء، الشاه)**|سياسية-أيديولوجية + شبه تنموية|تقليل نفوذ الملاك التقليديين، تقوية الدولة المركزية|تقسيم الأراضي مع دفع محدود، إنشاء تعاونيات |تقليل نفوذ ملاك الأراضي، حشد سياسي |زراعة غير فعالة، هجرة الريفيين للمدن |
|**اليابان (بعد 1945)** |اقتصادية-تنموية |إضعاف الطبقة الإقطاعية، تقوية الدولة الحديثة |تقسيم الأراضي مع تعويض، استثمار تعليمي وتكنولوجي|عدالة اجتماعية، نمو الإنتاج الزراعي |زراعة حديثة ← قاعدة للتصنيع والتنمية المستدامة|
|**كوريا الجنوبية** |اقتصادية-تنموية |منع النفوذ الشيوعي، إنشاء طبقة متوسطة ريفية |تقسيم عادل، قروض ودعم حكومي |زيادة الإنتاجية، دعم شعبي للحكومة |زراعة فعالة، قفزة صناعية |
|**تايوان** |اقتصادية-تنموية |تثبيت الحكومة الجديدة، إصلاح اقتصادي |تقسيم الأراضي + تعويض الملاك (ثلاث مراحل) |نمو سريع في الزراعة، عدالة اجتماعية |تحويل الفلاحين إلى رأس مال بشري صناعي |
الخلاصة
– **في الشرق الأوسط**: كانت سياسة إزالة ملاك الأراضي أيديولوجية وسياسية أكثر؛ الهدف كان تثبيت سلطة الدول الثورية وكسر الهيكل التقليدي، لكن لم تكن لها عواقب تنموية.
– **في شرق آسيا**: كانت نفس السياسة جزءاً من برنامج تنموي شامل؛ ترافقت مع التعليم والاستثمار والتكنولوجيا والتصنيع.
لأن بريطانيا وألمانيا في أوروبا كان لديهما تجربة مختلفة عن الشرق الأوسط وشرق آسيا. في الواقع، سلك هذان البلدان المسار “التدريجي والمؤسسي”، وليس “الثوري والمتسارع”.
- تجربة بريطانيا
تاريخ الإقطاع:
في العصور الوسطى، كانت الأراضي في أيدي النبلاء واللوردات. لكن من القرن السادس عشر فما بعد، بدأت حركة الإحاطة (Enclosure Movement): تحولت الأراضي المشتركة إلى ملكية خاصة وغالباً ما اشتراها المزارعون المتوسطون أو المستثمرون.
الخصائص:
– إصلاحات تدريجية، وليس مصادرة ثورية
– تحولت طبقة ملاك الأراضي الكبار تدريجياً بنفسها إلى رأسماليين زراعيين ثم صناعيين
– كان لنخبة ملاك الأراضي حضور في البرلمان وشاركت في عملية التشريع
النتيجة:
– تحديث الزراعة (استخدام التقنيات الزراعية، دورة المحاصيل)
– هذا التحول وفر أساس الثورة الصناعية: ساعد الفائض الزراعي في الاستثمار في الصناعة والتمدن
– المؤسسات السياسية (البرلمان، قانون الملكية) بدلاً من إزالة طبقة ملاك الأراضي، دمجتها في الاقتصاد الجديد
- تجربة ألمانيا
الخلفية التاريخية:
كانت ألمانيا حتى القرن التاسع عشر تتكون من ولايات إقطاعية. طبقة اليونكرز (Junkers) في بروسيا كانت من ملاك الأراضي الكبار الذين يملكون القوة الاقتصادية والسياسية معاً.
الخصائص:
– دولة بروسيا (خاصة في القرن 19) نفذت إصلاحات تدريجية، لكن اليونكرز حافظوا على نفوذهم حتى الحرب العالمية الأولى
– بدلاً من الإزالة المفاجئة، لعب جزء منهم دوراً في تحديث الزراعة
– دولة بسمارك أنشأت نظام التأمينات الاجتماعية والمؤسسات الجديدة للحفاظ على الطبقة العاملة وملاك الأراضي في النظام
بعد الحرب العالمية الثانية:
– في ألمانيا الغربية (1945 فما بعد)، تمت الإصلاحات الزراعية تحت إشراف الحلفاء، لكن تم دفع تعويضات وانتقل ملاك الأراضي إلى القطاع الصناعي والاستثمار الحديث
– في ألمانيا الشرقية، أمم الحزب الاشتراكي الأراضي، لكن الإدارة الحكومية كانت غير فعالة (مشابه للاتحاد السوفيتي)
- مقارنة مع الشرق الأوسط وشرق آسيا
– بريطانيا وألمانيا: مسار إصلاحات تدريجية، دمج ملاك الأراضي في المؤسسات الجديدة وتحويلهم إلى رأسماليين صناعيين ← زراعة حديثة + تصنيع مستدام
– الشرق الأوسط: مسار ثوري وسريع، إزالة كاملة لملاك الأراضي بدون بديل مؤسسي ← انخفاض الإنتاجية وعدم استقرار
– شرق آسيا: إزالة ملاك الأراضي لكن مع برنامج تنموي شامل (تعليم، تكنولوجيا، صناعة) ← قفزة اقتصادية
الخلاصة:
– في بريطانيا وألمانيا، لم يتم تدمير “ملاك الأراضي” بل إعادة تكوينهم ودمجهم
– في الشرق الأوسط، تم إزالة “ملاك الأراضي” لكن الدولة لم تستطع بناء بديل مستدام
– في شرق آسيا، تم إزالة “ملاك الأراضي” لكن الدولة حولتهم بخطة تنموية إلى “مستثمرين ورجال أعمال جدد”
الجذور ترجع إلى هيكل السلطة والمجتمع المعاصر في كردستان العراق. دعني أوضح التحليل في عدة محاور ثم أقدم إطار عمل منطقي للحل:
- الخلفية التاريخية بعد 1991
– مع انتفاضة 1991 وإنشاء منطقة حظر الطيران، أصبح إقليم كردستان العراق شبه مستقل عملياً
– الحزبان الرئيسيان (KDP و PUK) بنيا هيكلاً حكومياً وإدارياً جديداً، لكن على أساس الحزبية والأمن، وليس على أساس البيروقراطية الحديثة
– حتى حوالي 2010، استمرت عملية التحديث النسبي، لكن من ذلك الوقت فما بعد، سعى كلا الحزبين لإعادة إنتاج شبكات الولاء التقليدية (المحسوبية)
- عودة الآغوات والنظام العشائري
– بدلاً من استيعاب النخب العلمية والجامعية والتكنوقراط، أعاد القادة الحزبيون الآغوات وشيوخ العشائر وكبار السن إلى المشهد السياسي والإدارة الحكومية
– حدثت هذه العودة على ثلاثة مستويات:
- السياسي: وصل الآغوات كممثلين محليين ووسطاء سلطة إلى البرلمان والمؤسسات الحكومية
- الأمني-الاجتماعي: اعتمدت الأحزاب مرة أخرى على الشبكات العشائرية للحشد السياسي والسيطرة الاجتماعية
- الاقتصادي: تم توزيع جزء من العقود والريع الاقتصادي من خلال هذه الشبكات نفسها
- التناقض المتشكل في مجتمع في مرحلة انتقالية
– عدم التوافق المؤسسي: مجتمع كردستان يتحرك نحو التمدن والتعليم العالي واقتصاد السوق، لكن السياسة العشائرية تمنع تشكيل المؤسسات الحديثة
– تضارب القيم: الشباب والطبقة المتعلمة يطالبون بالجدارة والشفافية، بينما تعتمد الأحزاب على العلاقات القبلية والعشائرية
– إعادة إنتاج الاستبداد: بدلاً من إنشاء مواطنة متساوية، يحل الولاء العشائري محل الحقوق المدنية
– الازدواجية الاجتماعية: المجتمع محاصر بين “الحداثة الناقصة” (الجامعات، الإعلام، المنظمات غير الحكومية) و”التقليد المُعاد إنتاجه” (الآغوات، العشائر المسلحة، الإدارة الحزبية-العائلية)
- أسباب عودة النظام العشائري
– أداة البقاء السياسي للأحزاب: لأن الأحزاب لم تستطع بناء بيروقراطية حديثة أو نظام حزبي شفاف أو اقتصاد منتج، عادت إلى أبسط أداة سيطرة وهي الشبكة العشائرية
– ضعف الدولة المركزية العراقية: هذا الجو سمح للأحزاب بالحفاظ على الهياكل التقليدية دون ضغط حقيقي
– انعدام الأمن الإقليمي: الاعتماد على الشبكات العشائرية كـ”قوة حشد سريع” للبقاء في مواجهة التهديدات الأمنية
- الحلول المنطقية
لكسر هذا التناقض، نحتاج إلى نموذج انتقالي ذكي، وليس إزالة مفاجئة للعشائر. الحلول:
أ) إعادة تعريف دور العشائر
– بدلاً من الحضور في السياسة والإدارة، يتم تعزيز دورهم الاجتماعي-الثقافي (الوساطة في النزاعات المحلية، حماية التراث الثقافي)
ب) إنشاء مؤسسات بديلة
– بيروقراطية مهنية: اختيار المديرين على أساس الجدارة، وليس العلاقات العشائرية
– أحزاب حديثة: إصلاح القوانين الحزبية، الشفافية المالية، وفتح المجال للكوادر العلمية والشباب
– مجتمع مدني: تقوية المنظمات غير الحكومية والنقابات المستقلة كقناة جديدة للتمثيل الاجتماعي
ج) نقل المشروعية تدريجياً
– نقل المشروعية السياسية من الولاء الشخصي-العائلي إلى الولاء المؤسسي-المدني
– هذا العمل ممكن فقط مع التعليم السياسي وإصلاح القوانين الانتخابية والإعلام الحر
د) الاستفادة من التجارب العالمية
– شرق آسيا: في كوريا الجنوبية وتايوان، تم دمج الشبكات التقليدية تدريجياً في الاقتصاد الحديث وأُعيد بناء السياسة على أساس المؤسسات الحزبية والبيروقراطية
– أوروبا: في بريطانيا، لم يتم تدمير النبلاء ملاك الأراضي، بل أُعيد تكوينهم في البرلمان والاقتصاد الصناعي
- الخلاصة
عودة الآغوات إلى السياسة بعد 2010 هي ردة سياسية تهدد التطور المؤسسي لكردستان.
الحل المنطقي ليس الإزالة الكاملة للعشائر (التي قد تخلق عدم استقرار)، بل إعادة تعريف وتحديد دورهم في الإطار الاجتماعي-الثقافي، مع بناء المؤسسات الحديثة والجدارة.
- تجربة ألمانيا
الخلفية التاريخية:
كانت ألمانيا حتى القرن التاسع عشر تتكون من ولايات إقطاعية. طبقة اليونكرز (Junkers) في بروسيا كانت من ملاك الأراضي الكبار الذين يملكون القوة الاقتصادية والسياسية معاً.
الخصائص:
– دولة بروسيا (خاصة في القرن 19) نفذت إصلاحات تدريجية، لكن اليونكرز حافظوا على نفوذهم حتى الحرب العالمية الأولى
– بدلاً من الإزالة المفاجئة، لعب جزء منهم دوراً في تحديث الزراعة
– دولة بسمارك أنشأت نظام التأمينات الاجتماعية والمؤسسات الجديدة للحفاظ على الطبقة العاملة وملاك الأراضي في النظام
بعد الحرب العالمية الثانية:
– في ألمانيا الغربية (1945 فما بعد)، تمت الإصلاحات الزراعية تحت إشراف الحلفاء، لكن تم دفع تعويضات وانتقل ملاك الأراضي إلى القطاع الصناعي والاستثمار الحديث
– في ألمانيا الشرقية، أمم الحزب الاشتراكي الأراضي، لكن الإدارة الحكومية كانت غير فعالة (مشابه للاتحاد السوفيتي)
- مقارنة مع الشرق الأوسط وشرق آسيا
– بريطانيا وألمانيا: مسار إصلاحات تدريجية، دمج ملاك الأراضي في المؤسسات الجديدة وتحويلهم إلى رأسماليين صناعيين ← زراعة حديثة + تصنيع مستدام
– الشرق الأوسط: مسار ثوري وسريع، إزالة كاملة لملاك الأراضي بدون بديل مؤسسي ← انخفاض الإنتاجية وعدم استقرار
– شرق آسيا: إزالة ملاك الأراضي لكن مع برنامج تنموي شامل (تعليم، تكنولوجيا، صناعة) ← قفزة اقتصادية
الخلاصة:
– في بريطانيا وألمانيا، لم يتم تدمير “ملاك الأراضي” بل إعادة تكوينهم ودمجهم
– في الشرق الأوسط، تم إزالة “ملاك الأراضي” لكن الدولة لم تستطع بناء بديل مستدام
– في شرق آسيا، تم إزالة “ملاك الأراضي” لكن الدولة حولتهم بخطة تنموية إلى “مستثمرين ورجال أعمال جدد”
الجذور ترجع إلى هيكل السلطة والمجتمع المعاصر في كردستان العراق. دعني أوضح التحليل في عدة محاور ثم أقدم إطار عمل منطقي للحل:
- الخلفية التاريخية بعد 1991
– مع انتفاضة 1991 وإنشاء منطقة حظر الطيران، أصبح إقليم كردستان العراق شبه مستقل عملياً
– الحزبان الرئيسيان (KDP و PUK) بنيا هيكلاً حكومياً وإدارياً جديداً، لكن على أساس الحزبية والأمن، وليس على أساس البيروقراطية الحديثة
– حتى حوالي 2010، استمرت عملية التحديث النسبي، لكن من ذلك الوقت فما بعد، سعى كلا الحزبين لإعادة إنتاج شبكات الولاء التقليدية (المحسوبية)
- عودة الآغوات والنظام العشائري
– بدلاً من استيعاب النخب العلمية والجامعية والتكنوقراط، أعاد القادة الحزبيون الآغوات وشيوخ العشائر وكبار السن إلى المشهد السياسي والإدارة الحكومية
– حدثت هذه العودة على ثلاثة مستويات:
- السياسي: وصل الآغوات كممثلين محليين ووسطاء سلطة إلى البرلمان والمؤسسات الحكومية
- الأمني-الاجتماعي: اعتمدت الأحزاب مرة أخرى على الشبكات العشائرية للحشد السياسي والسيطرة الاجتماعية
- الاقتصادي: تم توزيع جزء من العقود والريع الاقتصادي من خلال هذه الشبكات نفسها
- التناقض المتشكل في مجتمع في مرحلة انتقالية
– عدم التوافق المؤسسي: مجتمع كردستان يتحرك نحو التمدن والتعليم العالي واقتصاد السوق، لكن السياسة العشائرية تمنع تشكيل المؤسسات الحديثة
– تضارب القيم: الشباب والطبقة المتعلمة يطالبون بالجدارة والشفافية، بينما تعتمد الأحزاب على العلاقات القبلية والعشائرية
– إعادة إنتاج الاستبداد: بدلاً من إنشاء مواطنة متساوية، يحل الولاء العشائري محل الحقوق المدنية
– الازدواجية الاجتماعية: المجتمع محاصر بين “الحداثة الناقصة” (الجامعات، الإعلام، المنظمات غير الحكومية) و”التقليد المُعاد إنتاجه” (الآغوات، العشائر المسلحة، الإدارة الحزبية-العائلية)
- أسباب عودة النظام العشائري
– أداة البقاء السياسي للأحزاب: لأن الأحزاب لم تستطع بناء بيروقراطية حديثة أو نظام حزبي شفاف أو اقتصاد منتج، عادت إلى أبسط أداة سيطرة وهي الشبكة العشائرية
– ضعف الدولة المركزية العراقية: هذا الجو سمح للأحزاب بالحفاظ على الهياكل التقليدية دون ضغط حقيقي
– انعدام الأمن الإقليمي: الاعتماد على الشبكات العشائرية كـ”قوة حشد سريع” للبقاء في مواجهة التهديدات الأمنية
- الحلول المنطقية
لكسر هذا التناقض، نحتاج إلى نموذج انتقالي ذكي، وليس إزالة مفاجئة للعشائر. الحلول:
أ) إعادة تعريف دور العشائر
– بدلاً من الحضور في السياسة والإدارة، يتم تعزيز دورهم الاجتماعي-الثقافي (الوساطة في النزاعات المحلية، حماية التراث الثقافي)
ب) إنشاء مؤسسات بديلة
– بيروقراطية مهنية: اختيار المديرين على أساس الجدارة، وليس العلاقات العشائرية
– أحزاب حديثة: إصلاح القوانين الحزبية، الشفافية المالية، وفتح المجال للكوادر العلمية والشباب
– مجتمع مدني: تقوية المنظمات غير الحكومية والنقابات المستقلة كقناة جديدة للتمثيل الاجتماعي
ج) نقل المشروعية تدريجياً
– نقل المشروعية السياسية من الولاء الشخصي-العائلي إلى الولاء المؤسسي-المدني
– هذا العمل ممكن فقط مع التعليم السياسي وإصلاح القوانين الانتخابية والإعلام الحر
د) الاستفادة من التجارب العالمية
– شرق آسيا: في كوريا الجنوبية وتايوان، تم دمج الشبكات التقليدية تدريجياً في الاقتصاد الحديث وأُعيد بناء السياسة على أساس المؤسسات الحزبية والبيروقراطية
– أوروبا: في بريطانيا، لم يتم تدمير النبلاء ملاك الأراضي، بل أُعيد تكوينهم في البرلمان والاقتصاد الصناعي
- الخلاصة
عودة الآغوات إلى السياسة بعد 2010 هي ردة سياسية تهدد التطور المؤسسي لكردستان.
الحل المنطقي ليس الإزالة الكاملة للعشائر (التي قد تخلق عدم استقرار)، بل إعادة تعريف وتحديد دورهم في الإطار الاجتماعي-الثقافي، مع بناء المؤسسات الحديثة والجدارة.