صديق ملا
إن استمرار الحكومة السورية المؤقتة في سياساتها الإقصائية، والإنكار المتعَمِّد لحقوق المكونات السورية من (كرد وعرب ودروز وعلويين ومسيحيين وووو) والتفرد والعنجهية في قراراتها التعسفية، والمركزية الإستبدادية، واستنساج نظام وأساليب البعث البائد في كم الأفواه والإعتقالات الكيفية، والهجوم عليهم وارتكاب المجازر بحقهم والإعتداأ عليهم وتدنيس مقدساتهم وإهانة شيوخهم على مرأى ومسمع الناس وهتك أعراضهم وسبي نسائهم، وتقييد الحريات السياسية وحتى الشخصية، لا تبدو أكثر من نسخة مكررة من نظام سلفه القديم بأساليب وأقنعة جديدة ، علماً أن هذه الانتهاكات لم تكن عشوائية ولا من قبيل الصدفة، بل كانت ممنهجة ومدروسة تهدف إلى خلق انقسامات عميقة بين مكونات الشعب السوري ، وإعاقة جهود بناء دولة ديمقراطية حديثة قائمةٍ على مبادئ الحرية والعدالة والمساواة والإحترام المتبادل.
فالشعب الكردي ومعه كافة القوميات والطوائف والقوى السياسية الديمقراطية والمذاهب المختلفة بحاجة إلى ضمانات دستورية وسياسة واضحة ، وإشراك كل السوريين في رسم سياسة البلاد…….
وخلاصة القول :
أن سورية تعيش اليوم حالة اللا دولة والدولة الفاشلة ليس فقط في حماية مواطنيها وتلبية متطلباتهم المعيشية واحترام خصوصياتهم السياسية والمدنية.
بل أن السياسة التي تتبعها هذه الحكومة المؤقتة لم تعد سيادية، بل أصبحت رهينة لأجندات إقليمية تُحيك لها مؤامراتها ودسائسها في مختبرات الأمن والمخابرات التركية بامتياز ، وحسب ماتقتضيها مصالحها القومية التوسعية في إعادة أوهامهم العثمانيةالمريضة ((الميثاق الملي)) على حساب الشعب السوري والضغط على وفد الحكومة السورية المؤقتة لعدم الجلوس على طاولة المفاوضات “مؤتمر باريس” لإتمام ما تم الإتفاق عليه في اتفاقية العاشر من آذار الماضي بين الرئيس السوري أحمد الشرع والسيد مظلوم عبدي خير دليل على ما ذكرناه وكذلك هجومه الواسع على ((كونفرانس وحدة المكونات في شمال وشرق سورية)) التي انعقدت في مدينة الحسكة في الثامن من شهر آب الحالي ، وتوجيه شبيحته وأبواقه وزبانيته في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية لكيل الاتهامات والقدح والذم ووصفهم ب”فلول النظام البائد!!؟؟”بالرغم من تصريحاتهم الجهورية وبيانانهم واستعدادهم وتفانيهم في بناء جسور الثقة والأخوة والمحبة بين أبناء البلد الواحد بعيداً عن التعصب الديني والقومي والإثني والطائفي….
علماً أن مثل هذه المؤتمرات والكونفرانسات لا تتعارض مع القانون أو الدستور السوري ، بل تمثل خطوة في الإتجاه الصحيح في بناء الثقة بين أبناء الشعب السوري بكل مكوناته وإثنياته وطوائفه وتعد الأساس والركيزة لبناء الدولة السورية الحديثة والمنشودة والقوية على قاعدة التعددية والشراكة الوطنية الحقيقية…..
و أثبتوا للعالم أجمع(الشعب الكوردي) بأنهم حمامة سلام الشرق الأوسط وليسوا دعاة حرب وقتل وتدمير، ولن يكون هناك حل دائم ما لم يتم الإعتراف رسمياً بهذا الشعب التواق للحرية والمدنية والعلمانية بحقوقه السياسية المشروعة حسب المواثيق والأعراف الدولية وشرعة حقوق الإنسان وكذلك حقوق جميع المكونات السورية المختلفة، وتعزيز قيم وحقوق الإنسان والعدالة والتعددية والمشاركة الواسعة وتبني الديمقراطية التي تمنح كل فرد الشعور الحقيقي بالإنتماء للدولة السورية والهوية الواحدة………..
ولا يمكن بناء سورية الجديدة القادرة على استجابة كل متطلبات الشعب السوري دون إشراك كافة مكوناته في صياغة القرار السياسي ورسم ملامح سورية الغد.
Sedîq Mella