أبوبكر كارواني
إن المنطقة ومعها الحركة الكردية والقضية الكردية تمر بمرحلة تاريخية حساسة، والتي يتطلب انبعاث الروح القومي الكردي من جديد وإعادة بناء العلاقات البينية، والعمل بروحية تحقيق الوحدة الوطنية على صعيد كل جزء من أجزاء كردستان، والتكامل القومي بين الحركات والأحزاب العاملة على الساحة.
وذلك على مستوى الأجزاء الأربعة لوطننا المقسم، كردستان، للتقليل من حدة الكراهية الحزبية والعداوات الداخلية والتي يتنافى مع أبسط متطلبات التمسك بالهوية القومية الواحدة، متجسدة في الإحساس بالشعور والأهداف والهوية المشتركة بين الجميع، بغض النظرعن الهويات الفرعية، ومنها الهويات الحزبية والإيدولوجية، وإعطاء صورة للأخر القومي، الإقليمي والدولي على أننا صاحب قضية قومية إنسانية يتطلب حلاً عادلاً شاملاً.
ونعني بالوحدة الوطنية لكل جزء من أجزاء كردستان التالي:
– إجراء مصالحة وطنية حقيقية بين الأطراف والأحزاب وتياراته السياسية وتدشين مرحلة جديدة من التعاون الجاد والعمل المشترك.
– عقد مؤتمر وطني بمشاركة الجميع لتحقيق الأهداف التالية:
١- بلورة فهم مشترك لما يجري من تحديات وفرص وسيناريوهات واحتمالات، إضافة إلى كيفية مواجهة المخاوف والتحديات والاستفادة القصوى من الفرص المؤاتية.
٢- صياغة خطاب وبرنامج عمل مشترك يستجيب لمتطلبات المرحلة، وتحديد سقف المطالب والآليات الضرورية لتحقيقها.
٣- تشكيل مرجعيات وطنية كردستانية مشتركة لكيفية صنع القرار وحل الخلافات والتمثيل المشترك الموحد للقضية الكردية.
٤- التوافق على خارطة عمل من أجل التكامل القومي مع القوى السياسية والإطارات الوطنية في الأجزاء الأُخرى من كردستان.
٥- توحيد الرؤية بخصوص تنظيم العلاقات الخارجية وتجميع كافة المقدرات الوطنية خارج الأحزاب والأطر السياسية والداخلية وتوجيهها وطنياً لنيل الأهداف المشتركة.
هذه الرؤية وخارطة الطريق والتي قدمتها إبان الحديث عن عقد المؤتمر القومي الكردي سابقاً، والذي لم يرى النور لأسباب تتعلق بالاختلافات الداخلية الكردية، أرى من الأهمية بمكان الرهان عليها في هذه المرحلة وعدم إهدار الوقت والجهد أكثر من ذلك، خاصة في ظل التحولات الكثيرة والكبيرة في المنطقة والتي يتطلب منا تفكيراً استثنائياً و تحملاً تاريخياً للمسؤلية القيادية والقومية. والظروف الراهنة أكثر حساسية أيضاً لأن الشرق الأوسط، على الأقل على بعض المستويات والأصعدة، تمر -كما قلنا- بتحولات تاريخية كبيرة، بحيث كثرت الأحاديث حول إعطائه شكلاً وخارطة جديدة، وهي إشارة إلى التغيير في التحالفات السياسية والعسكرية والنظام الإقليمي والمعادلات السياسية. وكل هذا وإن لم يؤدي إلى تغييرات في الحدود الموجودة، يجلب معها إعادة تعريف النظام السياسي والدولة على مستوى بعض البلدان والدول، ومنها البلدان التي تم تقسيم كردستان والأمة الكردية وشعب كردستان عليها، أو على الأقل يهيئ الأرضية اللازمة للنضال من أجل تحقيق ذلك الهدف البنيوي.
التغيرات سريعة للغاية، وبسبب الحرب التي دارت في المنطقة بعد أحداث (7) من أكتوبر/ تشرين الأول عام 2023، أحدثت شرخاً أكبر في جدران (معاهدة لوزان عام 1923)، وهذا من جانبه أتاح لنا فرصة تاريخية أُخرى لعرض أنفسنا كأُمة وكصاحب قضية للمنطقة وللعالم، عرضاً أخلاقياً وسياسياً وثقافياً و قومياً بصورة عامة، يليق بضخامة تضحياتنا وعظمة أهدافنا، والاستفادة القصوى من الفراغ الجيوسياسي الموجود لنُظهر بصور أقوى كأصحاب حركة قومية وإنسانية قوية ومهمة، وتقديم الرؤية المشتركة حول كيفية حل قضيتنا العادلة. ولكي نثبت بأننا على مستوي تحمل المسؤولية، بحيث لا ندافع عن المشروع الوطني والقومي المشترك والتوافقي بين القوى الكردية فقط، بل بإمكاننا أيضاً أن نلعب دوراً مسؤولاً، لإتمام عملية إعطاء شكل جديد للمنطقة، القائم على التوازن والتكامل بين دولها وشعوبها وعلى الاعتدال والازدهار والتعايش السلمي الحر والوصول الي مرحلة ما بعد العنف والحروب الأهلية والدكتاتورية. كذلك الابتعاد كلياً عن زرع روح الكراهية والتفوق العرقي أو الديني أو المذهبي أو الطائفي. والتي يعتبر أحد أهم جذورها كامنة في عدم حل عادل للقضية الكردية كرابع أكبر أُمة في الشرق الأوسط وصاحبة مساهمات حضارية كبيرة في التاريخ الحضاري المشترك لها. وحرمان هذه الأُمة من إقامة دولتها الحرة المستقلة بعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى وتقسيم المنطقة على أُسس فكرة “الدول القومية”.
وعدم إيجاد حل وسط لهذه القضية غير المتقادمة تاريخياً وأخلاقياً وحقوقياً، لا سیما داخل الحدود الحالية للدول الموجودة في صيغ الفيدرالية أو ما شابهها، للحيلولة دون إراقة الدماء وإهدار الطاقات والوقوع في المآزق الجيوسياسية وحتى البنوية بالنسبة للدول الموجودة والنكران للإخوة الدينية والمشتركات التاريخية والثقافية.
من هنا أقول، إن بعد سنوات وعقود مريرة والتجارب الفاشلة لنظم أُحادية القومية ودول مركزية قمعية إلى حد كبير، فقد آن الأوان، ليعيد المنطقة كتابة تاريخها وسيرها نحو المستقبل من جديد، وباستطاعة الكرد المشاركة فيها، بل عليهم التفكير والعمل بهذا الاتجاه لكي لا يصبح بالفهم السارتري للمفهوم “موضوعاً لفعل الآخرين” بل فاعلاً وبانياً للتاريخ. وهذه العملية التاريخية الضخمة يتطلب تضافر الجهود واستنفار للطاقات والإمكانيات الوطنية والقومية، مستلهمة في ذلك، تحالف الحدود الثلاثة في عام 1944 بين القوى والفعاليات الكردية على مستوى الأجزاء الأربعة لكردستان بهدف تنسيق الجهود والتعاون فيما بينها لتحقيق الأهداف القومية المشتركة.
وإذا نظرنا إلى ما حدث في العقود الماضية نرى بأن التغييرات والتحولات الحاصلة في 30 سنة الماضية في المنطقة هزت قواعد حدود وجدران “لوزان” المشؤومة، وأصبحت كل من كردستان الجنوبية (کردستان-العراق) والغربية (کردستان-سوریا) الشخصية اللادولية، وكردستان الشمالية (کردستان-ترکیا) أمام استحقاق تاريخي جديد بصورة مختلفة، وإذا لم يفتح باب المجتمع الدولي للكرد بالصورة الكافية، ولم يتم الإعتراف بالقضية الكردية بصورة رسمية من قبل الدول والمحافل والمنظمات الدولية.
ومن الجدير بالذكر أن الوضع من هذا الجانب لا يقارن بما هو عليه في الماضي أبداً، لأن هناك أبواب عواصم عالمية مهمة مفتوحة أمامنا وهنالك فهم معقول لبعض مطالبنا القومية واعتراف في طريقة التعامل مع الأمر الواقع الكردي، ويُتعامل مع القوى الكردية خاصة في الجنوب (کردستان-العراق) والغرب (کردستان-سوریا) كقوى ذات شأن وثقل سياسي وعسكري لإدارة الصراعات وإعادة صياغة الدساتير والأنظمة ونمط الدولة.
وعليه، ليس أمام الأحزاب الكردية أي عذر حقيقي لرسم سقف منخفض للحقوق والمطالب، وعليهم بدل ذلك حشد الطاقات والعمل الدؤوب لرص الصفوف والظهور بمظهر طرف رئيسي في معادلات المنطقة، بحيث تجعل من نفسها من الصعب إهمال وتجاهل وجهات نظرها أو مواقفها حيال الأوضاع والحلول، بحيث تكون كطرف له رأيه الخاص ويتمتع بالمصداقية وينبغي أن تتكامل قوى الأحزاب الكردية فيما بينها بحيث يمكن للدول والأوساط ذات العلاقة بالمنطقة وأصحاب المصلحة، المراهنة على القوة التي يشكلونها ويتم التعامل معها بسهولة لوضوح مصدر القرار لديها عند وضع السياسات ورسم الخرائط.
وينبغي عدم إرسال صورة عن أنفسنا كمجموعات متفرقة ومتناحرة فيما بينها، لا يجمع بينها جامع، ولا تدور حول الأهداف المشتركة، وليس لديها الحد المعقول من التفاهم والتنسيق وتضافر الجهود. لأن الأطراف الدولية ذات المصلحة، وفيما يتعلق بالمنطقة، تريد أن تعرف مع من تتعامل بخصوص القضية الكردية؟ ومن هو صاحب القرار فيها؟ وإلى أي حد القوى الكردية لها مركز قرار وطني مشترك على صعيد كل جزء من أجزاء كردستان والتكامل القومي على صعيد تلک الأجزاء والقضية الكردية في الشرق الأوسط برمته؟.
أهمية توحيد القوى والوحدة الوطنية بالنسبة لكل جزء من كردستان:
إذا كان التكامل القومي يشكل الحجر الأساس لأي مساعٍ كردية جادة للاستفادة القصوى من الظرف التاريخي المؤاتي الراهن لصالح قضيتهم العادلة، فإن توحيد صفوف القوى الكردستانية في كل جزء وتحقيق الوحدة الوطنية بمعنى توحيد الخطاب، الأهداف، سقف المطالب، التمثيل، وإيجاد مؤسسات ومرجعيات وطنية فوق الحزبية والإيدولوجية يعتبر شروط مسبقة لإنجاحه.
و يعتبر أيضاً بمثابة قطع نصف الطريق وإعطاء القوة والأمل لقطع النصف الآخر. لأننا إذا صرنا على صعيد كل جزء صاحب مشروع وطني كردي مشترك وموحد، نمهد الأرضية لرفع مستوى التنسيق بين القوى الكردية إلى مستوى التكامل القومي المنشود. وبعكس ذلك، إذا استمرت الاختلافات الداخلية على الصعيد الوطني فإن تحقيق هذا الهدف القومي العظيم والضروري لنيل الاستحقاقات التاريخية بالنسبة للقضية الكردية تطول وسيواجه تحديات وعراقيل كثيرة. ونقصد بالتكامل القومي الآتي:
- موازات جهود الأحزاب والقوى الكردية بعضها مع بعض دون أي تقاطع.
- تنسيق الجهود والمواقف ما أمكن حيال القضايا المصيرية الكبرى، لیس إعلامياً بل عملياً بما يخدم تقوية العمل النضالي الكردستاني.
- التعاون الهادف والبناء بين القوى الفاعلة في المجالات المتاحة.
- إعتبار كل تقدم او مكسب على صعيد كل جزء من أجزاء كردستان بمثابة مكسب للجميع وللحركة الكردية برمتها، لذا على الجميع المحافظة عليه ورعايته والحرص عليه والعمل على تقويته وتطويره.
- الاستفادة من العلاقات الجیدة لبعض القوى الكردية مع بعضها بعضاً ومع الأوساط الإقليمية والدولية بهدف:
١- تقليل الضغوط على بعض القوى والأجزاء الكردستانية.
٢- فتح قنوات الحوار لها بغية إيجاد الحل السياسي للقضية.
٣- إقامة علاقات معها بهدف الحصول على المساعدات، سواء المادية منها أو السياسية.
- الابتعاد عن المزايدات السياسية والقومية لبعض القوى على الأُخرى أو الاتهام بالخيانة والتبعية وما شابه ذلك، لدوره المدمر في تخريب العلاقات ونسف الأرضية اللازمة للتفاهم والتعاون على المشتركات. وإثارة الشعور السلبي والروح الحزبية الضيقة والتعامل بالعدائية.
- التنسيق بين المواقف والسياسات المختلفة خاصة فيما يتعلق بالأهداف المشتركة الكبرى والقضايا والتطورات التي تمس الجميع وتمس مصير ومستقبل القضية الكردية وشكل المنطقة.
- توزيع الأدوار حيال بعض القضايا وفي بعض الأوقات، خاصة الصعبة منها لامتصاص بعض الضغوطات وتحملها واجتياز بعض المراحل بأقل الخسائر او بأكثر المكاسب.
- احترام مؤسسات وقوانين كل جزء من أجزاء كردستان وعدم القفز عليها والتعاون من خلالها.
- عدم التدخل السلبي من قبل القوى الكبرى والمؤثرة في الأجزاء الأُخرى واحترام الرأي المستقل والحر لهياكلها الوطنية واستخدام النفوذ التاريخي لصالح الوحدة الوطنية والتكامل القومي.
- توجيه المؤسسات الأكاديمية والفكرية والإعلامية والإيدولوجية الكردية على مستوى كردستان التاريخية، والجالية الكردية في الخارج، لتلعب دورها في تعميق روحية التعاون والعمل طبقاً لمبدأ المصير المشترك والتكامل القومي وتجنب الحساسيات الحزبية والمناطقية والإيدولوجية ما دون القومية المدنية.
- جعل كل جزء من أجزاء كردستان عملياً عمقاً استراتیجياً للأجزاء الأُخرى في حدود الإمكانيات ومعطيات الواقع.
- التوافق بين القوى وممثلي الأجزاء الأربعة على الخطوط العامة وخارطة طريق لتحقيق ما سبق أن تطرقنا إليه، من دون صخب ولا ضجيج.
بهذا الشكل ننجح في انعقاد المؤتمر القومي الكردي المنشود، والذي طال انتظاره من دون جدوى. ونحقق عملياً أهدافه من دون شعور من الآخرين بالتهديد، وهكذا نتجنب أيضاً عدم توصل القوى الكردية المشاركة فيه على نسبة مشاركة كل واحد منها، بما لا تستحق، ومن ثم لا يحدث الاختلاف المزمن حول عدد الأعضاء المشاركين لكل حزب أو منظمة أو جزء من وطننا أو من يكون الرئيس وكيف توزع المسؤوليات و الأدوار داخله.
والعمل وفق مبدأ التكامل القومي مع وجود الإخلاص وحسن النية والروح القومي الحقيقي ووجود إطارات وطنية جادة وجامعة وموحدة للقرار الوطني لكل جزء من أجزاء كردستان، لا يتحقق من دون وجود هياكل ومؤسسات مشتركة وفاعلة بالضرورة، والتوافق حول مبدأ التكامل القومي يمهد الأرضية لبناء تلك الهياكل والمؤسسات القومية في المستقبل. ولكن علينا الآن عدم الانتظار ونبدأ بتضافر الجهود والتنسيق القومي المطلوب بين القوى الحية للأُمة الكردية بعقد المؤتمر القومي المنشود. لأن الوقت يداهمنا والتطورات المتسارعة يجعلنا أمام مطبات وفرص تاريخية ثمينة في نفس الوقت، والعبرة بالمقاصد والمعاني وليس بالألفاظ والمباني أو المؤسسات والهياكل والألقاب.
ومن دواعي السرور بأن نرى بأن فرص تحقيق التكامل القومي بين القوي الكردية الفاعلة أكبر بكثير مقارنة بالمراحل السابقة، لجملة من التغيرات والتطورات الحاصلة على صعيد البيت الكردي وخارجه، منها:
– تراجع الحساسيات الإيديولوجية بين الأحزاب الكردية لصالح البراغماتية السياسية أو التعاطي الواقعي المتوازن مع الأحداث والوقائع والمستجدات، والتعامل وفق رؤية سياسية أكثر عملية بدل الالتزامات الإيديولوجية الجامدة والتي غالباً تقفز على الواقع وتقيم على أساس ما يجب أن يكون بدل ما هو واقع و كائن وممكن سياسياً وتاريخياً. وفي نفس الإطار تقريب وجهات النظر المختلفة الكردية فيما يتعلق بتحديد العدو والصديق خاصة بخصوص أمريكا والغرب بصورة عامة بحيث لم يعد عدواً بذاتها، وذلك لكونها تمثل الرأسمالية والإمبريالية، الكل يطلب المساعدة منها ومقتنع بضرورة إقناعها وعدم التخلي عنها لكثرة الدول والجيوش الكبيرة المتربصة بنا لإجهاض ما تم تحقيقها.
– اقتراب وجهات نظر الأحزاب والحركات الكردية حول حل القضية الكردية في أجزاء كردستان المختلفة، وتبني الفدرالية إلي حد ما كشعار مركز للمرحلة، كصيغة وسطية للحل من خلال إعادة تعريف هوية الدولة والمواطنة والنظام السياسي.
– الشعور بالتفاؤل بين أبناء أُمتنا المجيدة في ربوع كردستان بمستقبل أُمتهم والقضية الكردية والذي من جانبه يدفع نحو التلاحم والاتحاد والتكامل وعدم تكرار أخطاء الماضي والارتفاع الأخلاقي والسياسي إلى مستوى ما يصبو إليه شعبنا الأبي من الحرية والنهوض وإعادة بناء نفسه من جديد.
وللوصول إلى هذه التفاهمات والتنسيق والتعاون الحي والمثمر بين القوى الفاعلة الكردستانية، من الأهمية بمكان التفكير في تشكيل ما يسمى بـ (لجنة الحكماء) من خارج دائرة الأحزاب الموجودة على الساحة، بغرض إعطاء المشورة في الأوقات الضرورية وإزالة سوء التفاهم بين الأطراف، وحل المشاكل إذا حصلت لأي أسباب كانت، وإزالة العوائق عن الطريق.
ومن جانب آخر فإن تحقيق هذا الهدف النبيل والواقع المنشود والذي يدعو إليه روح الشهداء، المسؤولية القيادية، ضخامة الأهداف وجدية الفرص التاريخية المتاحة، يجب أن لا يكون المساعي بهذا الصدد متقطعة أو موسمية، بل مكثفة ومستمرة وناجمة عن قناعة راسخة بأهمية المشروع وضرورته لحاضر الكرد ومستقبلهم بل لكافة شعوب المنطقة وبلدانها لكون حل القضية الكردية بمثابة مكسب تاريخي وحضاري عظيم تساعدها على التغلب على الكثير من مشاكلها ومعوقات في طريقها نحو النهوض والتنمية والتكامل الاقتصادي والسياسي والثقافي.
لذا الواقع الكردي يتطلب اختلاط القدرات وتراكم الخبرات ونبذ النعرات ما دون القومية والتي في نسختها الكردية دائماً مدنية وطنية متسامحة ديمقراطية منسجمة مع روح السلام ومتطلبات التعايش السلمي مع كافة المكونات الأُخرى. لأن هذه الروحية الجديدة وحدها كفيلة بإعادة بناء المفاهيم، العلاقات، المؤسسات، الهياكل والبناء العاطفي والنفسي داخل البيت الكردستاني، للدخول إلى مرحلة جديدة تتسم بالتلاحم الأُخوي والتماسك الثوري الأخلاقي الداخلي والتلاحم القومي والوصول الى مرحلة مابعد التناقضات الفكرية والإيدولوجية والتضاد العملي والميداني والذي هدر طاقات كردية هائلة في الماضي.
ومن هنا وفي موقع الشعور بالمسؤلية الأخلاقية والوطنية أدعو الجميع لبدء مشاورات جدية، والتحضير للمؤتمرات الوطنية في أقرب وقت ممكن عل صعيد كل جزء من أجزاء كردستان والذي بإلامكان الإشراف عليها من قبل لجنة وطنية كردستانية مشتركة محايدة.وأؤكد بان اقتراب الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب العمال الكردستاني بعضهما من بعض والبدء بمرحلة جديدة من التفاهم والتعاون على المشتركات وتحمل المسؤلية المشتركة بينهما يعتبر بمثابة (الجهد النواة) لما لهما من تأثير وامتداد على كل أجزاء كردستان.
كاتب و وزير سابق في حكومة إقليم كردستان