شكري بكر
لا يزال موقف حزب العمال الكوردستاني غير واضح تماما من فحوى نداء أوجلان في تسليم السلاح وحل نفسه. هنا سؤال يطرح نفسه: هل رسالة أوجلان وجهها لحزب الاتحاد الديمقراطي في تسليم السلاح وحل نفسه؟
الصفقات التي يقوم بها الـ PYD مع الشرع هنا وهناك دلالة للسير بهذا الاتجاه.
أعتقد أن الـ PYD سيسلم سلاحه وحل نفسه عبر الإقدام على عقد مؤتمر بمسمى وبرنامج مختلفين تماما وبعيدا عن أجندة قنديل، والدخول في معترك السياسة السورية من باب الديمقراطية.
إن حدث ما أسلفت به، فإن وثيقة التفاهم بين الـ PYD والمجلس الوطني الكوردي تكون قد ولدت ميتة.
وإن لم يحدث ذلك، فهذا يعني أن هناك مشروعا إقليميا غير واضح المعالم.
إن دل هذا على شيء، إنما يدل على أن مهام منظومات حزب العمال الكوردستاني لم تنتهِ بعد.
علماً أن هذه المنظومة قد تشكلت بالقضاء على المعارضات الكوردية لدى دول المقتسمة لكوردستان، عبر تصفية بعض الرموز القيادية في صفوف تلك المعارضات، ترهيب وتخويف الناس بتهديدات مباشرة بالتصفية أو الزج بهم في السجون، وخطف القاصرين من أبناء وبنات شعبنا الكوردي وإلحاقهم بمعسكرات التدريب وزجهم في معارك ليس لنا فيها لا ناقة ولا بعير. ولم يكن هدفه سوى القضاء على جيل الشباب في المجتمع الكوردي، والذي سيصبح مع الزمن نحو الزوال. هذه الممارسات لا تخدم سوى مصالح الدول المقتسمة لكوردستان.
والسؤال الهام الذي يخص جميع المخلصين من أبناء شعبنا الكوردي لدى تلك الدول، ألا وهو:
ما الذي يريده منظومة حزب العمال من الشعب الكوردي؟ وما المهام المنوطة بالشعب الكوردي القيام بها لمواجهة أطماع هذه المنظومة المجردة من مقومات وثوابت القومية للشعب الكوردي؟
أعتقد أن الشعب الكوردي أمام معادلة جديدة قد تكون أكثر خطورة مما كان عليه في الماضي تجاه الشعب الكوردي، والتي يمكن أن تأتي عبر بوابات مختلفة كوردية وإقليمية ودولية.
رسالة أوجلان التي باتت شبه مجمدة أو كأنها ولدت ميتة.
فهل نداء أوجلان جاء بمثابة مؤامرة جديدة وبشكل مختلف على غربي كوردستان؟
سلوك وممارسات الـ PYD بمختلف المسميات (QSD، MSD، YPG، YPJ) والإدارة الذاتية التي تتسارع إلى عقد الاتفاقيات مع دمشق، ماضية إلى الغموض أو المجهول، هادفة نحو نسف الملف الكوردي في سوريا مجددا وبشكل مختلف.
لو عدنا إلى الوراء قليلا، نرى بأن منظومة حزب العمال لم تخط أي خطوة نحو تبني مشروع كوردي من جهة، ومن جهة أخرى لم يقدم أي مشروع كوردي لملمة الأحزاب الكوردية على صعيد كوردستان. لا من مشروع وحدوي ولا من تحالف أو جبهة كوردستانية، أو توجيه دعوة صريحة بضرورة عقد مؤتمر كوردستاني لإنجاز تمثيل ومشروع قومي كوردستاني، بإعتماده كورقة حل للقضية الكوردية في المنطقة.
بل على العكس تمامًا، فقد حصلت وبرعاية من الرئيس مسعود البارزاني بعض الاتفاقيات الكوردية-الكوردية، هولير 1 وهولير 2، ودهوك. فجميع الاتفاقيات لم يكتب لها النجاح. وآخرها الاتفاق الذي حصل بين الـ PYD والمجلس الوطني الكوردي، والتي نعقد عليها آمالا كبيرة بالنجاح. مما يلاحظ أن حتى هذا الاتفاق بات يعترضه معوقات جمة، أهمها المطالبة بعقد مؤتمر كوردي شامل في سوريا. والمشكلة أن الـ PYD هي الجهة الرئيسية التي تطالب بعقد هذا المؤتمر.
علما أن الحركة الكوردية في سوريا تتشكل من إطارين رئيسيين:
الأول: أحزاب الوحدة الوطنية الكوردية (ست وعشرون حزبا)، ويقوده عمليًا حزب الاتحاد الديمقراطي PYD.
الثاني: المجلس الوطني الكوردي.
يبقى هناك أحزاب خارج هذين الإطارين، بعضها قد تشكلت حديثا وبعضها الآخر قد انشقت عن أحزاب المجلس الوطني الكوردي. فجميع هذه الأحزاب ليس لها لا ثقل سياسي ولا جماهيري.
لو أردنا أن يكتب النجاح لهذا الاتفاق وتجاوز المحنة، عبر قدوم كلا الإطارين إلى عقد مؤتمر مصغر لطرح مضمون وثيقة التفاهم، لإبداء آرائهم وإدخال بعض التعديلات إن وجدت، ومن ثم إقرارها والعمل بها كما تتطلب المصلحة الكوردية العليا، بعيدة عن المصالح الشخصية أو النظرة الحزبية الضيقة. وإلا فإننا لسنا بصدد خدمة القضية الكوردية العادلة والمشروعة واستحقاقاتها بحقه في تقرير المصير بمنطقة الشرق الأوسط.