مظاهرة 8 فبراير في باريس: شعب حيّ، معارضة أصيلة، ونظام يترنّح على حافة السقوط!

نظام مير محمدي *
للشعب الايراني تأريخ طويل في مقارعة الظلم والاستبداد والمطالبة بالحرية والحقوق المهضومة، وقد تجلت في العديد من المراحل التأريخية المختلفة، لکن أبرزها ما قد تجلى في المواجهة الضارية لهذا الشعب مع دکتاتوريتي الشاه ورجال الدين على حد سواء، ولاسيما وإن الدکتاتوريتين قد تميزتا بلجوئهما وإستخدامهما للقمع المفرط ضد الرفض الشعبي لهما.
الشعب الايراني ومن خلال ذلك الصراع الدموي الذي خاضه ضد الدکتاتوريتين والتضحيات الجسام التي قدمها، أثبت وبصورة فعلية کونه شعب حي وحتى إن مواجهته بصدور وأکف عارية لنظامين مصران على سياسة الحديد والنار، يبين بإستعداده من أجل الموت حرا وليس خاضعا وخانعا للدکتاتورية المقيتة.
هذا الشعب الرافض للدکتاتورية والاستعباد، أنجب نخبا من المناضلين المٶمنين بالحرية ورفض الظلم، وتجسد ذلك في أولئك الفتية (محمد حنيف نجاد وسعيد محسن وعلي أصغر بدیع زادكان)، الذين إجتمعوا في العام 1965، وقاموا بتأسيس منظمة مجاهدي خلق، من أجل إسقاط دکتاتورية الشاه وهم  يستمدون العزم والقوة من أسلافهم المناضلين الوطنيين ولاسيما وإن إستخدامهم لکلمة”المجاهدين” الى العام 1906، حيث استعمل في “الثورة الدستورية”، ومجاهدي خلق من خلال ذلك تريد أن تٶکد الترابط التأريخي والمبدأي بين المناضلين من أجل الحرية والتقدم في مقابل الترابط التأريخي بين الدکتاتوريات الحاکمة، وهي بذلك تٶکد أصالتها ومن إن لها جذورا تمتد في العمق التأريخي لإيران.
ليست هناك من معارضة وطنية إيرانية إرتبط إسمها مع النظام الذي أعقب نظام الشاه کما هو الحال منظمة مجاهدي خلق، ولم يمر عام على النظام الايراني إلا وکانت للمنظمة مآثرها ومناقبها في عملية الصراع والمواجهة التي تخوضها ضد هذا النظام، وليست هناك من معارضة أخرى تمتلك هکذا سجل مرادف للأحداث والتطورات الجارية بإمکانها أن تنافس مجاهدي خلق بهذا الصدد، بل إنها الوحيدة التي تنفرد بهذا الامر.
إتهام مجاهدي خلق على وجه التحديد في معظم الامور السلبية التي تعرض لها النظام وحتى إن الانتفاضات الاربعة التي حدثت إتهم النظام المنظمة بأنها تقف ورائها، يدل على إن هذه المعارضة ليست تقليدية وعادية بالنسبة للنظام بل إنها حالة إستثنائية تختلف من کل النواحي عن کل المعارضات الاخرى وتتميز عنها، وهذا ما يجعل النظام يخشى منها أکثر من غيرها ووضعها ويضعها على رأس قائمة الاعداء والخصوم الاساسيين للنظام، وکيف لا وإن المنظمة ومن خلال المسار التأريخي الحافل في مواجهة هذا النظام قد إکتسبت صفة وتسمية البديل للنظام، والاکتساب لم يأتي تمننا أو تفضلا عليها وإنما إکتسبتها عمليا وفعليا ولأن تأريخها في المواجهة المستمرة ضد النظام من فرض ذلك.
مجاهدو خلق والمجلس الوطني للمقاومة، البديل الديمقراطي للنظام الديني المستبد في إيران، قد خططوا لتنظيم تظاهرة كبرى في باريس يوم السبت ٨ فبراير، والتي حظيت بدعم واسع من الإيرانيين والشخصيات السياسية والدولية البارزة. هذه الخطوة تعكس القاعدة الاجتماعية القوية والشرعية السياسية الداخلية والدولية لهذا البديل، ولهذا السبب يتعرض باستمرار لأشد حملات التشويه من قبل النظام الإيراني ومرتزقته، كونه القوة المستقلة الوحيدة التي لم تتراجع عن مواقفها في السعي للإطاحة بنظام الملالي منذ أكثر من ٤٥ عامًا. وفي هذه التظاهرة، سيؤكد جميع المشاركين دعمهم لهذا الهدف ولمشاريع وبرامج المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية. الصرخة العالية التي سيرددها المشاركون في التظاهرة ستكون: “لا لدكتاتورية ولایة الفقیه في إيران، نعم لجمهورية ديمقراطية“.
*كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…