مداخلتي أمام سيادة الرئيس الشرع في قصر الشعب:

المهندسة غاده الشعراني

 من حراك السويداء في ساحة الكرامة، ناشطة سياسية ومهتمة بالشأن العام، وبقضية المرأة…

 

السيد الرئيس، السيدات والسادة الأفاضل

مساؤكم عبقٌ من نسائم الجبل الأشم وسويداء القلب،

السويداء قلب سوريا النابض، ومن لم يعترف بهذا المعنى، فليلفظه التاريخ إلى الأبد.

السويداء مع الساحل، ومع كل بقعة وكل ذرة تراب في سوريا، كل سوريا…

السلام لأرواح الأبرياء الذين قضوا نحبهم فوق هذا التراب…

السيد الرئيس:

سأتحدث في ثلاثة محاور، وقبل أن أبدأ بالمحور الأول سأقول:

أعلن من هنا، من قصر الشعب، بأني سأكون أول معارضة لحكومة الشرع، لأن البلاد بلا معارضة هي بلاد تتجه نحو الديكتاتورية، ونحن لا نريد ديكتاتوريات…

المحور الأول:

هناك عالم سياسي مهتم بما يسمى (النظم المختلطة) قام بدراسة لأكثر من 100 دولة في العالم في مرحلتها الانتقالية، وخلُص الى التالي:

(مدخلات العملية الانتقالية هي محدداتٌ لمخرجاتها)

وانطلاقاً من هنا وبالنظر للمدخلات السورية، نجد أن سوريا قد حكمتها المؤسسات الطائفية من الجيش والأمن على مدار 60 عاماً، كما تم غياب الحكم البيروقراطي، وانعدام فكرة المساءلة والقانون، إضافة إلى الحرب الطاحنة التي تعرض لها الشعب السوري، فوزعته بين معتقلين وجياع ومهجرين، كما غيبت الطبقة الوسطى التي تقدر على التغيير، ثم العقوبات الدولية التي كانت الأشد إيلاماً…

أمام هذه المدخلات لا يمكن الانتقال إلى الديمقراطية بسهولة، إنما كان من المتوقع هو الانتقال إلى استمرار الحرب وإلى الفوضى الأمنية…

هذا العالم السياسي سيادة الرئيس، ارتأى بأن وجود (أحمد الشرع) في المرحلة الانتقالية، من أفضل الحلول السورية، ووصفك بالرجل الوطني الذي يتوجب العمل معه مطولاً وبشكل مشترك حتى يحقق هذا الحلم، يحقق سوريا ديمقراطية تعددية، بلد حضارة نفتخر به جميعنا…

وبالاتجاه الآخر:

 إن الشعب السوري قد وجد بشخص (أحمد الشرع) صمام الأمان، ليس لأن أحمد الشرع هو الأفضل سياسياً أو لأنه تكنوقراط، إنما لأنه قد رأى فيه الأمل، بأنه الأقدر على احتواء الموقف، والحماية من الحرب الاهلية، ولمقدرته بالسيطرة على الفصائل المنتشرة والمتفلتة وضبطها

لكن ما حدث في الأيام الأخيرة في الساحل السوري، وضعنا أمام تساؤل كبير، كشعب سوري عظيم يقول:

(أي نظام هذا، الذي يؤسس لنفسه بمجزرة طائفية؟)

حقيقة هكذا قد تصدر المشهد…

وإن أجبنا بأنه يحارب فلول النظام السابق، يتوجب علينا أن نعرّف ما هي هذه الفلول التي تسببت بكل هذه الانتهاكات للمدنيين والمدنيات في الساحل السوري، وهم ليسوا فلولاً كانوا في بيوتهم آمنين، وليسوا على الحواجز وحاملين للسلاح…

أين نحن سيادة الرئيس، كعائلة سورية متنوعة من كل هذه الانتهاكات، وهذا القتل الجائر، وكل هذا التخريب؟

علينا إذاً:

الاعتراف بهذه الجريمة أولاً، إن كانت بسبب الأخطاء أو سوء الإدارة، وعلينا ثانياً الاعتذار وذلك لأنك مسؤول أولاً ولأنك سوري ثانياً، ولأنك إنسان وهذه هي القيمة الأعلى في الحياة، ومن ثم محاسبة المخطئين…

كما يتوجب محاسبة كل من قام بالتجييش الطائفي وقام بالتحريض العنفي على وسائل التواصل الاجتماعي…

انتقل الآن إلى المحور الثاني، وسأتحدث به عن الديمقراطية،

إذ يقول (جورج طرابيشي):

 بأن الديمقراطية هي صناديق الجمجمة وليست صناديق الاقتراع

 فالوعي سيادة الرئيس غير مرتبط بالصناديق، والفتاوى الدينية لن توصلنا إلى الديمقراطية، فاليونانيون قد استخدموا حضاره العقل، بينما العرب ظلوا بداوة، واستخدموا حضارة الفقه

وحتى لا أُفهم بطريقة خاطئة، وحتى لا أُتَّهم بالتجني على الدين، أقول:

 هناك من قال: (أنا إمام الملحدين)، فقد استخدم كلمة إمام وهي نفس الصيغة كعقلية مطلقة، وهي نفس المرض

فالطامة الكبرى هي مع القبلية التي أفسدت على العرب تاريخ الإسلام، وأفسدت تاريخ الحداثة أيضاً

فالقبلية تاثيرها السلبي أكثر من التعصب الديني، وهناك أمثلة من الحكام العسكر في البلاد العربية الذين تبنُّوا العصبية القبلية، إذ قاموا بإقصاء أهل الخبرة والكفاءة، واستقدموا أهل السلطة والثقة، ففشلوا في تحقيق الديمقراطية…

بينما الأوروبيون أو الغرب منذ القرون الوسطى، منذ خمسة قرون مضت، قاموا بالانتقال من روابط الدم إلى روابط الإنسانية، وروابط الثقافة، وبهذا حققوا دولة المواطنة المتساوية…

فقياده المجتمعات سياده الرئيس لا تكون بالوعظ انما تكون بعلماء التكنولوجيا والاقتصاد

ثم انتقلت الى الحديث عن المحور الثالث والذي حاولت من خلاله نقل مطالب المرأة من ناشطات في ساحة الكرامة ومن منظمات المجتمع المدني في السويداء، وحاولت إيصالها كما هي تقريباً، حسبما أسعفتني الذاكرة، فقلت:

 منذ يومين، كان عيد المرأة العالمي، وبعد أيام سيكون عيد الأم

نحن السيدات سوريات، لم نعد نريد أعياداً، ولم نعد نريد هدايا

نحن نريد بلداً آمناً وهادئاً، نحن نريد إيقاف سفح الدماء

نريد بلداً بلا عصابات وبلا مقابر، بلا إلغاء وبلا إقصاء،بلد القانون والمساءلة والعدالة والمساواة…

نريد نحن الأمهات أن يعيش أبناؤنا في أحضاننا، وأن يبنوا مستقبلهم في بلدنا ولا يهاجروا خارج البلد…

نحن الأمهات نريد أن نغني لأبنائنا قبل النوم في أسرّتهم، لا أن نبحث عن أشلائهم تحت الركام…

فنحن نمنح الحياة، وسنقول لا وألف لا في وجه كل من سيصادر هذه الحياة..

السيد الرئيس:

المرأة السورية شاركت في كل مجالات الحياة على مر التاريخ السوري، فهي قد شاركت في الحياة الاجتماعية والثقافية، وهناك من السيدات الدمشقيات خاصة من اللواتي كان لهن صالونات أدبية…

المرأة السورية عليها أن تكون شريكاً في صناعة هذا البلد حقيقة، لا وهماً…

ثم قلت له:

سيادة الرئيس، في عنقي عقد مصنوع بيد فنان جميل من الساحل السوري، مصنوع من حجارة الساحل وقد أهدانيه منذ خمس سنوات، سأقدمه لك ليظل الساحل في عيونك، ولا أريد فقط الساحل، إنما كل سوريا وشكرا سياده الرئيس

تقدمت نحوه وقدمته له، فوقف بكل احترام، واستلمه مني

ليكون عربوناً جميلاً بسيطاً، إلا أنه بقيمة وطن…

                                      ***   ***.  ***

أرجو أن أكون قد أوصلت صوت كل سوري حر فوق هذا التراب السوري…

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

فواز عبدي أود أن أوضح بداية أنني لست مختصًا في القانون، وقراءتي لهذا الموضوع ربما تندرج ضمن الإطار السياسي النقدي. بعد استعراض الإعلان الدستوري السوري المؤقت، الذي تم تبنيه عقب سقوط نظام بشار الأسد، يمكن ملاحظة عدد من النقاط التي قد تسهم في ترسيخ حكم ديكتاتوري جديد، حتى وإن كانت النية الظاهرة هي بناء دولة ديمقراطية قائمة على…

المحامي عماد الدين شيخ حسن   نشر مجلس سوريا الديموقراطية ( مسد) عبر صفحته الرسمية وموقعه على منصة ” X” مقالاً لعبد القادر موحد، عضو المجلس التنفيذي في مجلس سوريا الديمقراطية، بعنوان: ( المصطلحات القومية في الفكر الاوجلاني من ” الشعب الكردي” الى ” المجتمع الكردي” و” المجتمع الاصيل”)، وسرعان ما جرى حذف المقال وازالته من الموقعين. وبالنسبة لي شخصيّاً،…

صلاح بدرالدين   بحكم تواجدنا القسري في لبنان في سنوات نظام البعث وحكم الدكتاتور حافظ الأسد ، تعرفنا عن كثب على قادة الحركة الوطنية اللبنانية وفي المقدمة الشهيد كمال جنبلاط ، الذين استقبلونا برحابة الصدر ، ولاننا كنا مستهدفين من أجهزة ذلك النظام الشوفيني المجرم ، فقد قدم لنا الرفاق اللبنانييون ، والأصدقاء في منظمة التحرير الفلسطينية ، كل أسباب…

قبل أحداث الملعب البلدي (الدَّامية) في قامشلو (يوم الجمعة 12 آذار عام 2004م)، والتي أعقبتها مُباشرةً انتفاضةُ كرد قامشلو.. في ذلك الوقت كنتُ مُقيماً في بلدة نصيبين التركية الجارة الملاصقة لقامشلو، أمارس عملي كطبيبٍ أسنان، وكذلك كنتُ أكتب المقالات تحت اسمٍ مستعارٍ (بافي رامان)، والقلَّة من الأصدقاء كانوا يعرفونني بذلك الاسم المستعار، الذي ظلّ طي الكتمان، فقد كنتُ أبعثُ مقالاتي…