لماذا يكمن حل مشكلة إيران في إسقاط الدكتاتورية!

عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*

تراجعت أخبار أنشطة النظام الإيراني المتعلقة بالطاقة النووية، وكذلك محادثاته مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمجتمع الدولي مؤخرًا، وابتعدت عن دائرة الاهتمام. فهل تراجع نظام ولاية الفقيه عن محاولة الحصول على القنبلة الذرية أم أن هناك تطوراً حدث في هذا الصدد؟

إن فكرة “تراجع النظام الديني الحاكم في إيران عن السلاح النووي” ليست سوى سراب؛ لأن هذا النظام يسعى منذ البداية إلى أخذ المجتمع الدولي ومصير شعوب البلدان كرهائن من خلال هذا الطريق ليضمن بقاءه!

قوة الوعي والتغيير المناهضة للديكتاتورية في إيران!

تم كشف النقاب عن المشاريع النووية لنظام الملالي الفاشي لأول مرة بواسطة المقاومة الإيرانية.  تم الكشف عنها لأول مرة من قبل المقاومة الإيرانية. لأن هذا النظام كان يسعى إلى استكمال هذا المشروع بـ”جهود سرية” ويضع المجتمع الدولي أمام “الأمر الواقع”. بيد أن المقاومة الإيرانية وقفت في وجه هذا النظام وفضحت نواياه، ووضعت المجتمع الدولي على المحك ليضع حداً لنشاط نظام الملالي الخطير هذا.  واشتاط النظام الديني الإيراني غضباً من تحرك المقاومة هذا!

بالتزامن مع اشتعال غضب الدكتاتورية الدينية في إيران من تحرك المقاومة الفاضح هذا، شهدنا زيادة وتيرة أنشطة نظام ولاية الفقيه التدخلية في شؤون دول العالم، وخاصة دول المنطقة.

كما أن المقاومة الإيرانية هي التي أعلنت أن: “تدخل نظام الملالي في الشؤون الداخلية لدول المنطقة أكثر خطورة من القنبلة الذرية لنظام الملالي بمقدار مائة مرة!” اعتقد المجمتمع الدولي أنه بإمكانه أن يمنع نظام الملالي من إنتاج القنبلة الذرية، من خلال الوقوف ضد المشاريع النووية لهذا النظام، وخاصة من خلال تقديم التنازلات. بيد أن هذا الاستراتيجية كانت “سراباً” هي الأخرى!

رأس الأفعى الحربية تقطن في طهران!

إن ما يحدث الآن في الشرق الأوسط هو نتاج مباشر لسياسة وإستراتيجية إشعال الحروب التي ينتهجها نظام ولاية الفقيه الذي لم يكتفي بإشعال نيران الفتنة في المنطقة فحسب، بل هدد بتدميرها. إن الأشخاص الذين يتحلّون بشيء من الواقعية والإنصاف سيشهدون على هذه المعادلة الخاصة بالمقاومة الإيرانية، والتي تثبت أن رأس الأفعى المشعلة للحروب وتتسبب في الفوضى، وتصدر الأصولية الإسلامية تقطن في طهران!

إن الوضع الذي شهدته المنطقة في السنوات القليلة الماضية في سوريا والعراق واليمن، وما يحدث في لبنان الآن، هو نتاج مباشر لفكر “ولاية الفقيه” التي تحكم إيران منذ عام 1979 وتسعى إلى تصعيد الصراع والسيطرة على هذا الجزء من العالم على أقل تقدير!

هدف النظام الإيراني!

إن الهدف مما قام به أو يقوم به النظام الدكتاتوري الديني الحاكم في إيران خارج حدود إيران هو الحفاظ على وجوده في إيران ليس إلا. إن الشعب الإيراني لم ولن يريد مثل هذا النظام منذ البداية. لقد أطاح الإيرانيون بديكتاتورية الشاه على أمل أن ينالوا حقوقهم المشروعة، وأن تشرق شمس الحرية والديمقراطية في هذه الأرض العريقة! ولكن لم يحدث هذا فحسب، بل سيطرت دكتاتورية أشد قسوة، تتميز باستغلال المشاعر الدينية للشعب، والتدخل في شؤون الدول الأخرى، والنزعة التوسعية.  ولا يزال هذا النظام يحكم إيران بسبب السياسات والاستراتيجيات الخاطئة التي تتبناها الحكومات الغربية والمجتمع الدولي.

المعركة الرئيسية!

منذ زمن بعيد وتلفت المقاومة الإيرانية نظر الحكومات إلى أن “رأس أفعى ولاية الفقيه تقطن في طهران”. لقد انتفض الشعب الإيراني وخرج إلى الشوارع عدة مرات “لرجم رأس أفعى ولاية الفقيه بالحجارة”، وضحى حتى الآن بعشرات الآلاف من خيرة أبنائه! وما يجب أن يحظى باهتمام شعوب المنطقة هو أن ” الحرب الأساسية هي مواجهة الشعب الإيراني مع دكتاتورية ولاية الفقيه” ومن هذا المنطلق، من الضروري أيضاً الاعتراف رسميًا بحق الشعب الإيراني في المقاومة، ومساعدته في هذا الأمر المهم، وكذلك حماية نفسه من اعتداءات مثل هذا الوحش. لا يوجد حل آخر سوى ذلك، وكل ما عداه سيؤدي إلى تشجيع هذا الوحش الذي واصل ولا يزال يواصل ارتكاب جرائمه دون رادع. وما لم يتم حسم هذه الحرب، فإن نطاق الصراع في الشرق الأوسط سوف يتخذ أبعاداً أوسع يومًا بعد يوم. وما يجري في الشرق الأوسط الآن هو نتيجة لهذه الحرب الرئيسية.

يشب الشعب والمقاومة الإيرانية، متربصين بـ “رأس الأفعى” في طهران، عازمين على اقتلاع هذه الظاهرة الشنيعة من جذورها. إنهم يطالبون المجتمعات والحكومات الأخرى بالتوقف عن تقديم المساعدة للديكتاتورية الدينية في إيران. هذا هو المطلب “الوحيد” للشعب الإيراني من الحكومات.

الإجابة على السؤال!

والآن أعود إلى السؤال الذي طرحته في بداية المقال. إن نظام ولاية الفقيه الحاكم في إيران هو بمثابة ظاهرة خبيثة تغلغلت في جسد المجتمع العالمي ولا ينبغي السماح لها بالاستمرار. إن مرور 45 عاماً على الحكم الشؤم لهذا النظام الفاشي وما ارتكبه من جرائم  وسرقات وتدخلات في شؤون الدول الأخرى يكفي لكي يتم استئصال هذه الظاهرة من جذورها والاعتراف بالحق المشروع للشعب الإيراني في القضاء على هذا النظام.

منذ تولي هذا النظام مقاليد الحكم في إيران، ويتمتع الشعب الإيراني بمقاومة ثابتة لم ترضخ للديكتاتورية، وما زال يؤمن بأن إيران ليست مكانًا للديكتاتورية. إن مكان الديكتاتورية هو مزبلة التاريخ ليس إلا. وهي المقاومة المتجذرة في أعماق المجتمع الإيراني منذ الأزل ولا تزال كذلك، وتتميز بدبلوماسية ناجحة على المستوى الدولي، وقد ضحت بالغالي والنفيس في هذا المسار.

إن الهدف من أنشطة هذا النظام في المجال الذري، كغيرها من أنشطته الأخرى، هو البقاء  والاستمرار في الحكم. وبفضل وجود مثل هذه المقاومة، يعيش هذا النظام أزمة في كافة المجالات الداخلية والخارجية لإيران، وليس أمامه سوى خيار سوى”السقوط”. ولذلك فإن الحل الوحيد لمشكلة إيران هو “إسقاط الدكتاتورية” من خلال دعم الشعب والمقاومة الإيرانية!

***

*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ألبيرتو نيغري النقل عن الفرنسية: إبراهيم محمود ” تاريخ نشر المقال يرجع إلى ست سنوات، لكن محتواه يظهِر إلى أي مدى يعاصرنا، ككرد، أي ما أشبه اليوم بالأمس، إذا كان المعنيون الكرد ” الكرد ” لديهم حس بالزمن، ووعي بمستجداته، ليحسنوا التحرك بين أمسهم وغدهم، والنظر في صورتهم في حاضرهم ” المترجم   يتغير العالم من وقت لآخر: في…

شادي حاجي مبارك نجاح كونفرانس وحدة الصف والموقف الكردي في روژآڤاي كردستان في قامشلو ٢٦ نيسان ٢٠٢٥ الذي جاء نتيجة اتفاقية بين المجلس الوطني الكردي السوري (ENKS) واتحاد الأحزاب الوطنية (PYNK) بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي بعد مفاوضات طويلة ومضنية على مدى سنوات بمبادرات وضغوط كردستانية واقليمية ودولية وشعبية كثيرة بتصديق وإقرار الحركة الكردية في سوريا بمعظم أحزابها ومنظماتها الثقافية…

د. محمود عباس   إلى كافة الإخوة والأخوات، من قادة الحراك الكوردي والكوردستاني، وأعضاء الكونفرانس الوطني الكوردي، والضيوف الكرام، وإلى كل من ساهم وشارك ودعم في إنجاح هذا الحدث الكوردستاني الكبير. أتوجه إليكم جميعًا بأسمى آيات الشكر والتقدير، معبّرًا عن فخري واعتزازي بما حققتموه عبر انعقاد الكونفرانس الوطني الكوردي في مدينة قامشلو بتاريخ 26 نيسان 2025. لقد كان هذا الكونفرانس…

أثمرت إرادة الشعب الكردي في سوريا، الذي لطالما تطلّع إلى وحدة الصف والموقف الكردي، عن عقد الكونفرانس الذي أقرّ وثيقة الرؤية الكردية المشتركة لحل القضية الكردية في سوريا، بإجماع الأحزاب الكردية، ومنظمات المجتمع المدني، والفعاليات المجتمعية المستقلة من مختلف المناطق الكردية وعموم سوريا. ويجدر بالذكر أن هذا الإنجاز تحقق بمبادرة من فخامة الرئيس مسعود بارزاني، وبالتعاون مع الأخ الجنرال مظلوم…