لماذا يجب محاكمة النظام الإيراني على جرائمه في سوريا والمنطقة؟

نظام مير محمدي*
لم يکن هناك من طرف تأثر وبصورة إستثنائية لسقوط نظام بشار الأسد ولازال، کما هو الحال مع النظام الإيراني الذي يبدو وکأنه قد أصيب في الصميم من جراء ذلك.
يوم الثامن من ديسمبر2024، کان يوما جللا بالنسبة للنظام الإيراني، يوما لفت الانظار کلها للنظام الإيراني کما لم يلفته أي حدث آخر، فقد کان هذا الحدث بمثابة باب کان النظام الإيراني قد أوصده بصورة محکمة الى الحد الذي تيقن بأن فتحه في حکم المستحيل، ولاسيما وإنه قد راهن على هذا النظام کما لم يراهن على أي من الاطراف الاخرى المتحالفة أو التابعة له في المنطقة، ولأنه لم يکن يتوقع يوما يشهد فيه سقوط النظام فإنه کان يتصرف وکأن الاوضاع في سوريا ستستمر کما هي عليه ولذلك فإن هکذا تصرف يعني بالضرورة أن يکون للنظام الإيراني الکثير من الامور والمسائل التي لا يريد کشفها أو الحديث عنها.
الحديث عن الاملاك والعقارات الخاصة بقادة ومسٶولين في الحرس الثوري الإيراني في سوريا على سبيل المثال والذي تم الکشف عن العديد منها وفي مناطق ملفتة للنظر، تٶکد بأن النظام کان مطمئنا على إن نظام الأسد باق ولا يمکن تغييره وحتى إن تغير يوما فلن يکون إلا بموافته أو أخذ المشورة منه، کما إن تصرفات قادة الحرس ومسٶوليه في سوريا کانت هي الاخرى بنفس السياق خصوصا وإن الاعتقاد الذي کان سائدا لدى النظام الإيراني بأن کل ما قد إرتکبه هناك من جرائم ومجازر قد أصبح في حکم النسيان، لکن ومع توارد تقارير تشير الى إمکانية مطالبة النظام الإيراني بتعويضات عما تسبب فيه من أضرار في الارواح والممتلکات وغيرها، أزاحت الستار عن هذا الموضوع المهم والحساس.
من الواضح جدا بأن النظام الإيراني من خلال وقوفه الى جانب نظام بشار الأسد ودعمه وتإييده بصورة مباشر‌ة، قد کان له أبلغ الاثر في تماهي هذا النظام في إرتکاب الجرائم والمجازر بحق أبناء الشعب السوري، إلا إن المسألة لم تبق عند هذا الحد خصوصا بعد زيادة تقارير المعلومات التي تشير الى تورط النظام الإيراني من خلال قادة حرسه المتواجدين في سوريا بأمر وموافقة منه، في التورط في قمع الشعب السوري.
وهنا، من المفيد جدا الإشارة الى تقارير وبيانات صادرة عن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية خلال ثورة الشعب السوري حيث کشف عن دور مستمر للنظام الإيراني وقوات الحرس الثوري في المجازر التي ارتكبت بحق الشعب السوري، کما إن هذا المجلس قد قام بتنظيم مؤتمرات متعددة في أوروبا والولايات المتحدة، بهدف تنوير الرأي العام العالمي بجرائم النظام الإيراني ضد الشعب السوري.
ومع إن هناك أوساطا إعلامية وسياسية وحتى إستخبارية قد إهتمت بمسألة تورط النظام الإيراني في قمع الشعب السوري، لکنها لم تکن معنية بالامر کما الحال مع المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الذي وجد نفسه مکلفا لإعتبارات وطنية أمام الشعب الإيراني ولإعتبارات إنسانية أمام الشعب السوري وشعوب العالم، في الاهتمام بهذه المسألة والترکيز عليها کما فعل في مسائل مشابهة في بلدان أخرى بالمنطقة، وهناك معلومات کثيرة بهذا الصدد تکفي للعمل من أجل معاقبة النظام الإيراني على دوره في قمع الشعب السوري.
معاقبة النظام الإيراني بسبب تورطه في قمع الشعب السوري، قضية ملحة مع الاخذ بنظر الاعتبار بأن دور هذا النظام فيما يتعلق بالقمع لم يکن منحصرا بسوريا فقط بل وإن له دور مشابه في بلدان أخرى في المنطقة ويجب معاقبته على ذلك وعدم السماح له بالافلات من ذلك.
*كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

منظمة حقوق الإنسان في عفرين أستُقبل وزير الثقافة في الحكومة الإنتقالية السورية محمد ياسين صالح و الوفد المرافق له في مدينة عفرين ، على أنغام الزرنة و الطبل من قبل أبناء المنطقة إلى جانب بعض من المواطنين العرب القاطنين منذ سنوات في المدينة ، وسط غياب أغلب رؤوساء البلديات و أعضاء منظمات و نشطاء المجتمع المدني و الأكاديميين الكُرد ،…

عزالدين ملا شهدت سوريا خلال العقد الماضي تحولات عميقة قلبت معالم المشهد السياسي والاجتماعي فيها رأساً على عقب، وأدت إلى تفكك بنية الدولة وفقدانها السيطرة على أجزاء واسعة من أراضيها. بعد سقوط النظام الذي حكم البلاد لعقود، توقّع الكثيرون بداية عهد جديد يعمه السلام والاستقرار، لكن سوريا دخلت في دوامة أعمق من الصراع، إذ تعقّدت الأزمة بشكل لم يسبق له…

عبدالرحمن كلو لم يكن مؤتمر قامشلو مجرّد لقاء عابر بين طرفين متخاصمين في الساحة الكوردية، بل كان خطوة نوعية تُلامس أفقًا سياسيًا أوسع بكثير من مجرد “اتفاق ثنائي”. فبرعاية أمريكية وفرنسية، وبإشراف مباشر من الرئيس مسعود البارزاني، تمكّن المؤتمر من جمع طيف متنوع من القوى، لا يقتصر على المجلس الوطني الكوردي أو الإدارة الذاتية، بل شمل شخصيات وطنية مستقلة،…

هولير (ولاتي مه) شفيق جانكير: بمناسبة مرور عشرين عاما على انطلاقة موقع “ولاتي مه”، جرى في كافتيريا “أريزونا” بهولير (أربيل) تكريم الباحث والمحلل السياسي الأستاذ عماد باجلان. وجاء هذا التكريم تقديرا لدور باجلان البارز في الساحة الإعلامية والسياسية، وجهوده المتواصلة في الدفاع عن الحقوق والقضايا العادلة للشعب الكردي، ووقوفه في مواجهة الأصوات الشوفينية والعنصرية التي تحاول إنكار حقوق الكورد أو…