سوريا بين معركة التحرّر وبناء المستقبل…؟

اكرم حسين 

منذ أكثر من عقد، يخوض الشعب السوري واحدة من أصعب معارك التحرّر في تاريخ المنطقة، معركة تحمل في طياتها آمال الحرية والكرامة والمساواة ، وسط ظروف قاسية فرضتها عقود من الاستبداد والانقسام . لم يكن هذا النضال مجرد صراع ضد نظام قمعي، بل تجسيداً لإرادة شعب اختار أن يقول “لا” للطغيان مهما كان الثمن.

اليوم، ومع تطورات الساحة السورية، يبرز السؤال الجوهري: كيف يمكن لهذا الشعب، الذي واجه كل أشكال العنف والتشريد، أن يحقق حلمه في بناء دولة ديمقراطية تُنهي عقود القهر والاضطهاد ؟ الجواب لا يكمن فقط في “إسقاط” النظام ، بل في التمسك بهدف أسمى يتمثّل في بناء سوريا جديدة، قائمة على مبدأ المواطنة المتساوية، حيث لا مكان للاستبداد أو الإقصاء أو التمييز بأي شكل أو مسمى.

التحديات كثيرة، بدءاً من التدخلات الأجنبية التي حولت سوريا إلى ساحة لتصفية الحسابات، وصولاً إلى معاناة الملايين من النازحين واللاجئين الذين ينتظرون يوم العودة إلى وطنهم بكرامة دون خوف أو اعتقال  . لكن رغم كل هذه العقبات، فإن الأمل يبقى في قدرة السوريين على استعادة زمام المبادرة، وتوحيد صفوفهم لبناء دولة ترتكز على العدالة وسيادة القانون.

المعركة اليوم هي معركة وعي وبناء مشروع وطني جامع ، يضع مصلحة الشعب فوق كل اعتبار، ويُخرج سوريا من دوامة الصراعات إلى رحاب الحرية والأمن والاستقرار. سوريا التي يحلم بها أبناؤها وطناً يحترم تنوعه ، ويصون حقوق مواطنيه، ويؤسس مستقبلاً يليق بتضحيات هذا الشعب العظيم.

المجد لكل من دفع حياته ثمناً للحرية، والتحية لكل من يؤمن بأن سوريا ستنهض من جديد لتصبح رمزاً للتحرر والعدالة والمواطنة المتساوية .

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…