حول أسباب عدم اعلان (الاتفاق الكردي) إلى الآن

فرحان كلش

 

سيكون مكرراً، إن قلنا أن الكرد في حاجة ماسة إلى وحدة الكلمة، وحدة الموقف، وحدة الخطاب، وحدة الحوار مع دمشق.

في هذا الفضاء المقلق بالنسبة للشعب الكردي، تمر الأحداث سريعة، و الساسة الكرد في وضع قاصر، لا يستطيعون مواكبة التطورات المتلاحقة، لذلك يشعر الإنسان الكردي بأن الحل خارجي صرف، لأنه لا يبصر حملة راية النضال الكردي ينتهزون فرصة سقوط نظام الأسد، ويتجهون صوب دمشق برأي وموقف موحد.

لقد صرّح الاتحاد الديمقراطي PYD والأنكسي عن اتفاق باشراف أميركي – فرنسي بينهما، ولكن لم يتم الإعلان عن بنود هذا الاتفاق للعلن إلى اللحظة، وهنا راح الكرد يتساءلون عن سبب هذا التأخير، والعوامل الداخلية المعرقلة لهذا الإعلان.

وإذا دخلنا في البعد الفكري للطرفين، سنلاحظ أن الطرفين لا يثقان ببعضهما البعض، و يسيران على حافتي نهر قابل للفيضان وجرف سواحله في أية لحظة.

والاثنان يخوضان معركة جرّ الآخر إلى فخه السياسي، و رؤيته الخاصة للوضع الكردي ضمن اللوحة السورية، وهذا بحد ذاته يشكل ما يشبه الصيد في مياه الآخر العكرة.

فأعتقد أن الأنكسي راضية كل الرضا عن الاتفاق البيني مع PYD، ولا يريد أي تغيير في بنوده، لذلك يكتفي بعدم توزيع المشاركة على الأطر الكردية المختلفة، ويرى بأن المؤتمر القومي الكردي يشكل خطراً تراجعياً على الاتفاق، لذلك هو ليس مستعداً للتفريط بما توصل إليه مع الطرف الآخر، ربما يكون هذا واقعياً بالنظر على رؤى الموجودين خارج الطرفين المتفقين، والذين يرى فيهم الأنكسي قوى متراجعة في طرحهم القومي الكردي، هذا هو السبب الذي أراه في إصرار الأنكسي على عدم الذهاب إلى المؤتمر المزمع عقده قريباً.

بينما PYD وكما أراه، غير مقتنع بما توصل إليه مع الأنكسي، ولم يلجأ إلى إفشال الحوار بحضور قوى دولية، ولكنه يعتمد على ما سيطرحه المؤتمرون من أفكار متباينة يمكن النفاذ من خلالها من أجل فكفكة بنود الاتفاق وتخفيض السقف المتفق عليه، لأن PYD ملتزم بفكرة أخوة الشعوب القادمة من خارج الحدود السورية، والالتزام بخط قومي سيشكل حرجاً بالنسبة له، لما ربط نفسه به تجاه المكونات الأخرى، وخطابه على مر العقد الماضي.

وبذلك نحن الكرد أمام معضلة سياسية- قومية في هذه الظروف المعقدة التي تمر بها البلاد.

كما وأرى بأن المؤتمر القومي كان ومازال، وهو مطلب جماهيري عام، وحقيقة ليس من المنطقي الاستخفاف به، خاصة إذا كان مؤتمراً شاملاً وحقيقاً، وليس قائماً على مبدأ الصناعة الحزبية ودعواتها وألعابها المشبوهة أحياناً.

وفي نفس الوقت قد يقول أحدهم من زاوية ما، بأن الظروف الاستثائية تتطلب حلولاً استثنائية، وبهذا سنسير إلى مؤتمر قد يساهم في الغاء اتفاق PYD- أنكسي، ويساهم في استخلاص رؤية أخرى أقرب إلى الحزب الحاكم كردياً، أي تخفيض المطالب الكردية إلى الحد الأدنى كي تنسجم مع شعار أخوة الشعوب، وتساهم في تمويه فكرة القومية الكردية بالمحصلة.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…

بوتان زيباري   في قلب المتغيرات العنيفة التي تعصف بجسد المنطقة، تبرز إيران ككيان يتأرجح بين ذروة النفوذ وحافة الانهيار. فبعد هجمات السابع من أكتوبر، التي مثلت زلزالًا سياسيًا أعاد تشكيل خريطة التحالفات والصراعات، وجدت طهران نفسها في موقف المفترس الذي تحول إلى فريسة. لقد كانت إيران، منذ اندلاع الربيع العربي في 2011، تُحكم قبضتها على خيوط اللعبة الإقليمية،…