توحيد الموقف الكوردي وإستراتيجية أحمد الشرع ( الجولاني ) في تجميع القوى العربية السنة

قراءة جيوسياسية لـ  إبراهيم كابان/ مدير شبكة الجيوستراتيجي للدراسات
في ظل التحولات السياسية الأخيرة في سوريا، وتولي أحمد الشرع قيادة الحكومة الانتقالية بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد، يواجه الكورد في سوريا تحديات وفرصًا جديدة تتطلب استراتيجيات تفاوضية موحدة وفعّالة لضمان حقوقهم ومصالحهم في المرحلة المقبلة.
أولاً: أهمية تشكيل قوة تفاوضية كوردية موحدة
تاريخيًا، عانى الكورد في سوريا من تشتت سياسي وتعدد في الأحزاب والتوجهات، مما أثر سلبًا على قدرتهم في تحقيق مكاسب سياسية ملموسة. في المرحلة الانتقالية الحالية، يصبح من الضروري تشكيل جبهة كوردية موحدة تمتلك قوة تفاوضية قادرة على الحوار مع الحكومة الجديدة في دمشق. هذا التوحيد لا يعني بالضرورة اندماج جميع الأحزاب في كيان واحد، بل يمكن أن يتم من خلال تنسيق المواقف وتوحيد الرؤى والأهداف المشتركة.
ثانياً: استراتيجية التفاهمات الكوردية في مواجهة التهديدات
مع تغير موازين القوى في سوريا، يواجه الكورد تهديدات متعددة، سواء من القوى الإقليمية أو الداخلية. لذا، يجب على القيادات الكوردية تبني استراتيجية تفاهمات تقوم على:
  1. تعزيز العلاقات مع المكونات السورية الأخرى: من خلال بناء تحالفات مع القوى السياسية والاجتماعية السورية، يمكن للكورد تعزيز موقفهم والتأكيد على دورهم كشريك أساسي في بناء مستقبل سوريا.
  2. التواصل مع القوى الدولية: يجب على الكورد الاستمرار في التواصل مع الدول المؤثرة في الملف السوري لضمان دعمها لقضيتهم وحماية حقوقهم.
  3. تعزيز القدرات الدفاعية والأمنية: مع الأخذ بعين الاعتبار التهديدات المحتملة، يجب على الكورد تعزيز قدراتهم الدفاعية والأمنية لحماية مناطقهم وسكانهم.
ثالثاً: التناقضات المحتملة في الحكومة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع
بالرغم من التغييرات الجذرية في القيادة السورية، تظل هناك تحديات وتناقضات قد تؤثر على الحوار مع الكورد:
  1. تنوع الفصائل المكونة للحكومة الجديدة: تتألف الحكومة الانتقالية من فصائل متعددة ذات توجهات مختلفة، مما قد يؤدي إلى تباين في المواقف تجاه القضية الكوردية.
  2. الموقف من اللامركزية: قد تواجه مطالب الكورد بالحكم الذاتي أو اللامركزية معارضة من بعض الفصائل التي تفضل نموذجًا مركزيًا قويًا.
  3. العلاقات مع تركيا: نظرًا للتوترات بين الكورد وتركيا، قد تؤثر العلاقات بين الحكومة السورية الجديدة وتركيا على موقف دمشق من المطالب الكوردية.
إستراتيجية أحمد الشرع في تجميع الفصائل العربية السنية وتأثيرها على المسار التفاوضي الكوردي
مع تولي أحمد الشرع قيادة الحكومة السورية الانتقالية، بدأ باتباع نهج واضح يهدف إلى تجميع الفصائل العربية السنية، خصوصًا تلك التي لعبت دورًا عسكريًا خلال سنوات الصراع. بعض هذه الفصائل كانت ضالعة في انتهاكات وجرائم، بينما يرى الشرع أن إشراكها في العملية السياسية والأمنية ضروري لضمان الاستقرار ولخلق توازن قوى جديد في سوريا ما بعد الأسد.
أهداف الشرع من هذه الاستراتيجية
  1. احتواء القوى المسلحة وضمان ولائها للحكومة الجديدة: يسعى الشرع إلى دمج هذه الفصائل في إطار الدولة الجديدة، سواء عبر تقديم ضمانات سياسية أو منحها دورًا في الأجهزة الأمنية والعسكرية.
  2. خلق توازن مع النفوذ الإيراني والميليشيات الشيعية: فبعد سنوات من سيطرة الفصائل المدعومة من إيران، يحاول الشرع إرساء قوة عربية سنية تكون قادرة على موازنة المعادلة الأمنية والسياسية.
  3. إضعاف النفوذ الكوردي في شمال وشرق سوريا: رغم الخطاب التصالحي، هناك مخاوف من أن هذه الفصائل قد تستخدم لإضعاف الكورد أو التضييق على مطالبهم السياسية.
المحصلة
في هذه المرحلة الحساسة، يتعين على الكورد في سوريا تبني نهج موحد واستراتيجيات تفاوضية فعّالة لضمان حقوقهم ومصالحهم. من خلال بناء تحالفات داخلية وخارجية، وتعزيز قدراتهم الذاتية، يمكن للكورد تحقيق مكانة مؤثرة في مستقبل سوريا السياسي. فبينما يتحرك أحمد الشرع لإعادة هيكلة الفصائل العربية السنية ودمجها في الدولة الجديدة، يجب على الكورد إدراك أن قوة خصومهم تتزايد، مما يتطلب وحدة صفوفهم أكثر من أي وقت مضى. أي خلافات داخلية ستُستغل ضدهم، وستُضعف موقفهم التفاوضي، لذا فإن توحيد الرؤية الكوردية أصبح مسألة وجودية وليست فقط سياسية.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين تمر سوريا بظروف سياسية واقتصادية واجتماعية مُعقّدة ، يجد الإنسان السوري نفسه في ظلِّها أمام تحدّي التوفيق بين هوياته المتعدّدة. فهو من جهة ينتمي إلى الوطن السوري، وهو الانتماء الجامع الذي يحمل الهوية وجواز السفر والشهادة ، ومن جهة أخرى، يرتبط بانتماءات فرعية عميقة الجذور، كالقومية أو العرق أو الدين أو الطائفة. ويخلق هذا التنوّع حالة من…

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…