ترامب والصراع الكوردي-التركي.. أخطاء تاريخية وتأثير الرواية التركية

د. محمود عباس
في لقائه الصحفي الأخير اليوم، وأثناء رده على سؤال أحد الصحفيين حول احتمالية سحب القوات الأمريكية من سوريا، كرر خطأ مشابهًا لأخطائه السابقة بشأن تاريخ الكورد والصراع الكوردي مع الأنظمة التركية. نأمل أن يقدّم له مستشاروه المعلومات الصحيحة عن تاريخ منطقة الشرق الأوسط، وخاصة تاريخ الأتراك والصراع بين الكورد والأنظمة التركية بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية.
للأسف، لا يوجد لوبي كوردي فعّال، كما أن الشخصيات السياسية الكوردية الحالية أضعف من أن تتمكن من دخول البيت الأبيض بشكل رسمي. آخر مرة جلس فيها المجلس الوطني الكوردستاني برئاسة الدكتور شيركو عباس، مع شخصيات في البيت الأبيض كانت في عام 2018.
نبقى على أمل أن ينتبه مستشاروه لهذه المعضلة، ويوضحوا له، كما علّموه سابقًا، القليل عن تاريخ الكورد، وعن ضحالة نقده للكورد عندما اتهمهم بعدم المشاركة مع دول الحلفاء في الهجوم على الألمان في الحرب العالمية الثانية في معركة النورماندي.
من المؤلم أن يبقى دونالد ترامب تحت تأثير ما عرضه عليه أردوغان من روايات تاريخية مشوهة عن المنطقة والصراع القومي فيها، وتقييمه للمواقف بناءً على ما قاله أردوغان بشأن الكورد وقضيتهم.
إن الحديث المنطقي مع دونالد ترامب قد يغيّر آراءه حول الصراع التركي-الكوردي والتحالف الأمريكي-الكوردي. وقد حدث ذلك بالفعل بعد استقالة وزير دفاعه ومستشاره للأمن القومي عقب انسحابه من سري كانيه وكري سبي، حينها غيّر ترامب موقفه وتراجع عن قراره.
في لقائه هذا، كان ردّه على سؤال أحد الصحفيين حول إمكانية سحب القوات الأمريكية من سوريا، التي تُقدّر بـ 2000 جندي، مبنيًا على مواقف وزير دفاعه ومستشاريه آنذاك. أجاب بأن الأمر يتعلق باستراتيجية عسكرية ولن أقدّم لك أي إجابة مباشرة، مما يشير إلى أن القوات الأمريكية ستظل في سوريا، وبشكل خاص في غرب كوردستان. ولا يُستبعد زيادة هذا العدد مستقبلًا، حيث إن أي تغيير في هذا الشأن سيكون بناءً على رؤية البنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، وبما يخدم المصالح الأمريكية في المنطقة، التي تشمل: ضمان الأمن الإسرائيلي، مكافحة خلايا داعش، الحد من نفوذ أدوات إيران، بالإضافة إلى مراقبة مستقبل النظام السوري والتوسع السياسي والعسكري التركي في المنطقة، وغيرها من الأهداف الاستراتيجية.
ولتمرير الموقف، تحدث عن علاقته الجيدة مع أردوغان، وأشار إلى الصراع الممتد بين الكورد والترك على مدى 2000 عام، ليكرر خطأ تاريخيًا مشابهًا لخطئه السابق؛ إذ لا يعلم أن الأتراك هاجروا من مناطقهم في أواخر القرن التاسع الميلادي، ولم يكن لهم أي وجود في المنطقة قبل ذلك. فمن أين جاء بألفي عام من الصراع الكوردي-التركي؟ علمًا بأن الصراع الكوردي مع الأنظمة التركية، التي غرقت في بحر العنصرية، لا يتجاوز عمره مئة عام، أي بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com
7/1/2024م

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
1 Comment
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
لزبير عبدالله
لزبير عبدالله
11 شهور

ترامب ليس مهتم بالتاريخ، وجميع الزعماء ذات الميول الدكتاتورية،اميين،.
ترامب معجب ببوتين ،أردوغان، شينغ بينغ،كيم جونغ…كون هؤلاء طغاة ،.في المقابلة الاخيرة لروداو مع جون بولتن،مستشار الأمن السابق ،عن ترامب والكورد ،وكما قلت ايضا ،يجب على أحدهم افهامه الحقيقة عن الكورد..كان هناك رئيس أمريكي كيف لدولة ليس لها شاطئ على البحر،كان الحديث عن المجر…نسيت اسم الرئيس..

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين تمر سوريا بظروف سياسية واقتصادية واجتماعية مُعقّدة ، يجد الإنسان السوري نفسه في ظلِّها أمام تحدّي التوفيق بين هوياته المتعدّدة. فهو من جهة ينتمي إلى الوطن السوري، وهو الانتماء الجامع الذي يحمل الهوية وجواز السفر والشهادة ، ومن جهة أخرى، يرتبط بانتماءات فرعية عميقة الجذور، كالقومية أو العرق أو الدين أو الطائفة. ويخلق هذا التنوّع حالة من…

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…