مروان سليمان
كان الهدف من المظاهرات في بداية ما كانت تعرف بالثورة السورية الوصول إلى الحرية و التخلص من النظام الإستبدادي و لم يتخلف الشعب الكردي عن الخروج مع باقي السوريين في المطالبة بتلك الحقوق لا بل لم يتوقفوا عن المطالبة ببناء دولة ديمقراطية يتمتع فيها المواطنون بالحرية و العدالة و المساواة و يحفظ حقوقهم و بعد الإنتقال من حالة اللاعنف إلى مرحلة العنف و القتل على الهوية و ظهور حالات الإحتقان الطائفي استطاع البعض من خطف الأضواء و ركوب الموجة و وجد الكرد أنفسهم مهمشين من تلك الأطراف التي تريد سرقة الثورة و يعود سبب التهميش إلى الكرد أنفسهم الذين كانت الخلافات تعصف بهم و عدم التنسيق فيما بينهم على مستوى تشكيل وفد يمثلهم و يتفاوض مع الذين نصبهم الأتراك في سوريا كأمر واقع بالإتفاق مع الآخرين.
و من أجل أن يكون العمل الكردي جماعياً فهناك حاجة ماسة إلى تغيير حقيقي لمعالجة القضايا و المسائل وفق الأهمية و الأولوية و الإمساك بزمام المبادرة و التنسيق مع الشركاء و تصحيح الأخطاء بالسرعة القصوى مع الأحداث الجارية على الساحة السورية و إلا فإن الموقف الكردي سوف يضع نفسه أمام تغييرات خارجة عن إرادته و بإملاءات الآخرين و تعريض التطلعات الكردية المشروعة للشعب الكردي للضياع خاصة إذا لم يكن هناك إتفاق كردي أو أصر كل طرف منهم على الحصول لما يريده و يطمح إليه حتى و لو على حساب الطرف الآخر.
بما أن الأكراد يشكلون في معادلة ما بعد داعش الطرف الأضعف، في ظل التهديدات التركية بالهجوم على المنطقة الكردية في سوريا حيث التناقضات الدولية و التغييرات التي سوف تحصل في الإدارة الأمريكية و عدم إتخاذ قرارات قطعية بمنع تركيا من شن عملياتها حيث أن الأمريكان سبق لهم الخروج من المناطق التي تحتلها تركيا الآن في عفرين و سري كانية وغيرها، حيث يخشى الكرد من تكرار تلك السيناريوهات بحكمهما مدينتان محتلتان من قبل تركيا و لكن الفصائل الإرهابية المسلحة لا تزال تنفذ المخططات التركية بالهجوم على المنطقة الكردية من أجل تحسين شروط التفاوض لأن الأحداث في المنطقة و الحروب أصبحت بمثابة فرصة لتركيا لإعادة تطوير علاقاتها مع المجتمع الدولي و استغلال موقعها الإسترتيجي لفرض سياساتها على دول الجوار بالقوة.
هدف تركيا الوحيد هو إخراج الكرد من التاريخ و إزالة ماضيهم و حاضرهم و مستقبلهم و مصادرة حصتهم من الجغرافيا و شطبهم من على الخارطة الدولية و تطبيق المشروع التركي العنصري في المنطقة في صهر القومية الكردية في الدول التي تحتل كردستان بشكل عام . مع العلم أن الأنظار تتجه بشكل عام إلى مؤتمر الحوار الوطني و التي تعتبر مؤتمر شؤم بالنسبة للسوريين بسبب الخيارات المفتوحة و التصعيد العسكري في المنطقة الشمالية بدعم من تركيا و غياب الموقف من الإدارة الجديدة في سوريا و عدم وجود دستور للبلاد في ظل غياب رؤية واضحة عن معالم شكل الدولة و النظام في المرحلة المقبلة و لذلك فالخوف هو سيد الموقف لدى عموم الشعب السوري بجميع طوائفه و قومياته.
يتطلب من الطبقة السياسية و العسكرية الكردية في هذه المرحلة الصعبة الإجماع على التفاهم و الأهداف و إثبات وجودهم على الساحة السورية كقوى فاعلى و مدافعة عن الشعب الكردي عوضاً عن التقوقع و الإنتظار و المراهنة على المتغيرات الخارجية و عدم الإنجرار إلى صراعات جانبية لتحقيق مكاسب شخصية أو حزبوية على حساب المصلحة الكردية العليا و الوقوف صفاً واحداً في وجه ما يخطط له من وراء الكواليس من قبل الدول التي توجه أتباعها بدفع و دعم الجماعات الإرهابية التي تنفذ أجندات أقليمية . فإذا لم يتفق الكرد و يقاتلوا من أجل ما يريدونه اليوم فلا داعي لأن يبكوا على ما فقدوه في الأمس.
السلك التربوي- المانيا
02.01.2025