الحقوق لا تُمنح… بل تُنتزع

خالد حسو

لم تُكتب الحقوق يومًا على أوراق الهبات،
ولا وُزّعت بعدلٍ على موائد الأقوياء.
الحقوقُ لا تُوهب، بل تُنتزع.
تُنتزع بالصوت، بالكلمة، بالفعل، وبالإيمان الذي لا يلين.

نحنُ الكُرد، أبناء الجبال والريح، لم نكن يومًا طارئين على هذه الأرض،
ولا عابرين في ليلِ الخرائط.
نحن الأصل، نحن الجذر، نحن الذين إذا تحدّثوا عن النكبات كان لحنُها لغتنا، وإذا تحدّثوا عن الصمود، سمعوا في صداه وجوه أمهاتنا، وأحذية مقاتلينا، وسجلات شهدائنا.

ما من أحد سيهبنا حريتنا، لا نظام، لا دولة، لا احتلال، لا تحالف مؤقّت.
من يملك القوة لا يتنازل عن السلطة حبًا بالعدالة، ومن يتقن الاستبداد لا يوقّع قرارات الإنصاف طواعية.

لذا، علينا نحن—نحن فقط—أن ننهض كل صباح، ونعيد تثبيت معنى أن نكون كُردًا في هذا الزمن المتكسّر.
علينا أن نكتب أسماءنا على الجدران التي مُسحت منها ذاكرتنا، أن نُطالب، لا كالخائف، بل كمن يعرف أن العدلَ بلا سلاحٍ لا يُسمع،
وأن الصوت الذي لا يُدوّي، يُدفن.

الحقوق التي لا ندافع عنها، تموت.
والهوية التي لا نحتفل بها، تُمحى.
والمطالب التي لا نصرخ بها، تُطمس خلف أبواب المحاكم، وفي دهاليز مكاتب الشرطة، وبين ملفاتٍ يُديرها موظفون لا يرون فينا سوى أرقام لجوء، أو تهديدًا للنظام.

آن الأوان أن نكون أوفياء لجراحنا، أن نكون سلالةً لا تخجل من تاريخها، ولا تُخفِي لهجتها،
ولا تُجمّل مأساتها لإرضاء أحد.

آن لنا أن نُجاهر بالحقيقة:
لن ننتظر أحدًا ليمنحنا حقوقنا.
نحنُ من سيطالب بها، نحن من سيدافع عنها، نحن من سينتزعها،
ولو بأظافر التعب، وبحناجرِ الغياب

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

عبدالرحمن كلو لم يكن مؤتمر قامشلو مجرّد لقاء عابر بين طرفين متخاصمين في الساحة الكوردية، بل كان خطوة نوعية تُلامس أفقًا سياسيًا أوسع بكثير من مجرد “اتفاق ثنائي”. فبرعاية أمريكية وفرنسية، وبإشراف مباشر من الرئيس مسعود البارزاني، تمكّن المؤتمر من جمع طيف متنوع من القوى، لا يقتصر على المجلس الوطني الكوردي أو الإدارة الذاتية، بل شمل شخصيات وطنية مستقلة،…

هولير (ولاتي مه) شفيق جانكير: بمناسبة مرور عشرين عاما على انطلاقة موقع “ولاتي مه”، جرى في كافتيريا “أريزونا” بهولير (أربيل) تكريم الباحث والمحلل السياسي الأستاذ عماد باجلان. وجاء هذا التكريم تقديرا لدور باجلان البارز في الساحة الإعلامية والسياسية، وجهوده المتواصلة في الدفاع عن الحقوق والقضايا العادلة للشعب الكردي، ووقوفه في مواجهة الأصوات الشوفينية والعنصرية التي تحاول إنكار حقوق الكورد أو…

د. ولات محمد   “وبضدها تتميز الأشياء” المتنبي   تراجعت الحملة الدعائية الروسية ضد أمريكا والكورد بشكل ملحوظ ما بين صيف عام 2022 وصيف عام 2024 (هل كانت موسكو على علم بالتحضير الغربي لإسقاط النظام؟)، لكنها عادت نسبياً إلى نشاطها من جديد ابتداء من خريف ذلك العام. ويلاحظ من تواريخ التصريحات أنها تكثفت قبل سقوط النظام ثم خفّت بعده…

فيصل يوسف * في خضم التحولات السياسية المتسارعة التي تشهدها سوريا، تبرز قضية الحوار مع ممثلي الشعب الكردي، كاختبار حقيقي لجدية أي مسار انتقالي يطمح إلى تحقيق مصالحة وطنية شاملة. بعد انعقاد “كونفرانس وحدة الصف والموقف الكردي” في أبريل 2025، الذي كان محطة نوعية في مسار العمل السياسي الكردي والوطني، صدرت ردود فعل متسرعة من بعض القوى والشخصيات السورية. اتهمت…