التوظيف البراجماتي للمفاهيم الدينية في خدمة المصالح والاجندات السياسية إلى متى..؟ “تركيا وإيران”. نموذجاً

سعيد يوسف
ظهر الدين الإسلامي بحسب المصادر التاريخية…في المنطقة الجغرافية التي تسمى الآن بشبه الجزيرة العربية. منذ البداية استعان المسلمون الاوائل بنسق من المفاهيم الفكرية المستمدة من أنساق دينية سابقة كان لها أتباع في الجغرافية المذكورة، أومن أنساق دينية أخرى أو مفاهيم أفرزتها الحياة الاجتماعية الجديدة كمفهومي الأنصار والمهاجرين والصحابة …ثم تمّ توظيفها توظيفاً براجماتياً في خدمة أهدافهم السياسية والاجتماعية..
ولعلّ من أبرز تلك المفاهيم مفهوم التوحيد والشرك، والتكفير والجهاد، والنعيم والعذاب…فيما كان لمفهومي الجهاد والتكفير دوراً رئيسياً وسيادة واسعة جدّاً من أجل تبرير عمليات الغزو وتحقيق الأهداف السياسية، على اعتبار أن الجهاد هو تكليف إلهي لنشر دين الله الحقّ المطلق الصلاحية زمانا ومكاناً، وباسم تلك الحقيقة كان يتمّ تصفية كل من هو خارج دائرة الإيمان باعتباره مشركاً أو مداناً بالتكفير، ومن أجل منح المقاتلين دافعية أقوى نحو أراضي ماسميّ بالفتوحات : كان المجاهدون على موعدٍ مع مكافأت مغرية ومجزية من الأموال والنساء…تلك المكافآت التي تستجيب لغرائز البدوي الحسيّة كما وتعزز حماسه واندفاعه نحوها، أمّا الذي يقتل فإنه شهيد وعلى موعد مع الجنة بما فيها من النعم وحور العين.
في زمن الرسول برز مفهوم الشرك والمشركين وباسمهما قاتل المسلمون الأوائل…، وفي العصر الراشدي ظهر مفهوم الارتداد والرّدة، وقد قاتل الخليفة الراشدي الأوّل أبا بكر المرتدين قتالاً شرساً، وكذلك فعلها عمر بن الخطاب، وفي العصرين الأموي والعباسي ظهرت مفاهيم جديدة سياسية واقتصادية واجتماعية وميثولوجية تمّ توظيفها براجماتيّاً لخدمة مصالح الطبقة السياسية في الدولة الناشئة منها : مفهوم البيعة والرعية والزندقة والفتنة… والفيء والأنفال وجباية الضرائب، والموالي وأهل الذمة، والمهدي المنتظر والسفياني المنتظر وكذلك العباسي المنتظروغيرها كثير من المفاهيم التي شكّلت بمجموعها نسقاً متكاملاً ومتآلفاً إلى حدّ كبير، تكرّس بمجموعها تثبيت أركان الدولة.
تركيا وإيران :  
في القرن السادس عشر كان التحدي الأكثر بروزاً بين الدولتين الصفوية والعثمانية المتنافستين، لقد كانت إيران تدين المذهب السني زمن الساسانيين، إلا أنّ الشاه  إسماعيل الصفوي عمد إلى فكرة تشييع دولته، ليكون على تضاد مع خصمه وعدوه الدولة العثمانية ذات المذهب السنيّ، لقد جوبهت مسألة تشييع الدولة الصفوية بالرفض من قبل  المعارضين، إلا أن الشاه استعمل القوة المفرطة في كسر شوكتهم، وقد كلّفه ذلك عشرات آلاف القتلى إلى أن تمكن من تحقيق المنعطف التاريخي المذهبي والسياسي.
وعلى أثر هذا الانعطاف الأيديولوجي ذو الطابع البراجماتي حصلت المواجهة الكبرى بين الدولتين في معركة مفصلية كبرى هي معركة تشالديران عام /١٥١٤/. م التي خسر فيها الصفويون… وقد تبعتها معارك أخرى كثيرة واتفاقيات من أبرزها اتفاقية قصر شيرين/١٦٣٩/. التي رسمت الحدود الفاصلة بين الدولتين، ولكن على حساب تقسيم الكورد وكوردستان للمرّة الأولى.
لم ينقطع الصراع بين الجارتين، ولم تنطفئ نار العداوة والتنافس بينهما حتى الفترة المعاصرة.
استمر العثمانيون في استثمار الطاقة الحيوية الدينية في خدمة السلطة السياسية وأهدافها، سواءً من جهة الاستعانة برجال الدين من أجل إصدار الفتاوى الدينية والقيام بتأويل النصوص الدينية على مقاس متطلبات الحياة الاجتماعية والسياسية والعسكرية، أو من جهة الدعاء للسلطان من على المنابر لديمومة ظله باعتباره وكيل الله على الأرض.
استمر الوضع هكذا حتى سقوط العثمنة عام /١٩٢٣/ تلك السلطة التي ارتكبت المجازر، والإبادة بحق الأرمن والكورد والبنطس… سقطت الخلافة العثمانية على يد أتاتورك الذي حوّل تركيا إلى دولة قومية شوفينية، وبغطاء علماني مخادع ومزيّف. استمر أتاتورك على نهج أسلافه العثمانيين في اتباع سياسة الاستبداد وقمع الشعوب الأخرى وممارسة أعمال العنف والإبادة الجماعية التي طالت الشعب الكوردي بشكل خاص…
أما موقفه الشخصي من الدين فقد كان موضع خلاف، لكنه على الصعيد المجتمعي والسياسي فقد ألغى الكثير من الرموز الدينية الإسلامية، منها إنهاؤه لنظام الخلافة، ورفع عبارة “دين الدولة هو الإسلام ” من دستوره الجديد، و وقف ضد الحجاب، وسار في منحىً علماني غربي أوروبي.
أمّا إيران فقد استمرت تحت حكم الشاهات، وكانت السلالة البهلوية الدولة الملكية الأخيرة التي سقطت عام /١٩٧٩/ بسبب المظاهرات العارمة التي اجتاحت البلاد، وعلى أثرها استلم السلطة رجل الدين الشيعي المنفي آية الله الخميني  القادم من باريس عاصمة الثورة الفرنسية
ولقد كانت الأسرة البهلوية قد تولّت الحكم في إيران عقب انقلاب قام به رضا بهلوي الذي أطاح بحكم آخر ملوك السلالة القاجارية الشاه أحمد ميرزا عام /١٩٢٥/. واستمر حكمه إلى عام /١٩٤١/. ليأتي بعده ابنه الشاه محمد رضا بهلوي الذي سعى بدوره لإحياء التقاليد والثقافة الفارسية القديمة، ومع أنه غير اسم الدولة من الفارسية إلى الإيرانية، كخطوة لاحتواء الشعوب الأخرى في إيران. كما نحا بدوره مسلكاً غربياً، فألغى المحاكم الشرعية وسعى لبناء دولة مدنية حديثة، لكن الفساد المالي المستشري في دولته والتفاوت الطبقي، إلى جانب الممارسات الاستبدادية من جهاز السافاك، ومسائل أخرى تتعلق بعقود النفط ، كانت من جملة العوامل التي ساهمت في قيام الاحتجاجات والثورة ضده من الأحزاب اليسارية كحزب “تودة” الشيوعى، إلى جانب نشاط المؤسسات الدينية الشيعية ذات التنظيم الهرمي الكهنوتي المحكم، الذي يميزها عن المؤسسة الدينية السنية آلتي ينقصها التنظيم. كل ذلك أدى إلى سقوط حكمه الذي آل في النهاية إلى آية الله الخميني… وربما حصل ذلك لحسابات خاطئة من جانب أطراف سياسية أخرى شاركت في الثورة.
وعلى أثر ذلك دخلت إيران في عتمة دينية وتحولت إلى دولة ثيوقراطية استبدادية مطلقة، وكان من أفظع أعمال الخميني داخليا أن استثمر فتوى الحرب المقدسة ضد الكورد الذين ساهموا بقوة في نجاح الثورة الإيرانية، كما تمكّن من تصفية القادة السياسيين الكورد في شرق كوردستان، منهم الشهيد عبدالرحمن قاسملو والشهيد صادق شرف كندي.
بينما كانت السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية قائمة على أساس التمدد المذهبي فيما يجاورها من الدول، وقد  وجدت في  العراق البيئة الخصبة الأولى والمناسبة لذلك، بحكم وجود أغلبية شيعية في جنوبه علاوة على وجود الحسينيات والعتبات الدينية المقدسة، والنجف الأشرف. وبسبب تلك السياسة  المستفزّة، دخلت في حرب ضروس مع جارتها العراق، استمرت لثماني سنوات حصدت أرواح الملايين من البشر، عدا عن الخسائر المادية الهائلة، ومع أنّ الحرب وضعف أوزارها، إلا أنّ إيران لم تضع حدّاً لسياستها الخارجية العدائية، ففي الداخل وظفت إمكاناتها الاقتصادية في خدمة التصنيع العسكري من طائرات وصواريخ بالستية، علاوة لسعي حثيث منها نحو امتلاك أسلحة نووية، وبذلك باتت مصدر قلق دولي وتهديد إقليمي وبشكل علني خاصة ضد الوجود الإسرائيلي.
لم تكتف الجمهورية الإسلامية الناشئة بتأسيس قواعد دينية سياسية لها في جنوبي العراق عبر استثمار العتبات الدينية، بل اتجهت سريعاً نحو حكومة أسرة الأسد العلوية بحكم التقارب المذهبي، ولتبني معها علاقات استراتيجية وم ثم تتوزع ميليشياتها المسلحة ذات المسميات الدينية التراثية بشكل كبير ضمن الجغرافية السورية، وتمددت كذلك في جنوبي لبنان، لتؤسس حزب الله اللبناني كأقوى أذرعه على الإطلاق، وأنشأت ذراعاً قوياً آخر لها في اليمن حيث توجد قاعدة شيعية تدين بالمذهب الزيدي، علاوة على ذلك استغلت شعار تحريربيت المقدس من أجل التسلل إلى الحاضنة الفلسطينية في ” قطاع غزة “. واللعب بعواطف الشعوب الإسلامية عبر البوابة الدينية، مصحوبة بعطاءات مالية وعسكرية مجزية لحركة حماس وغيرها. هذا ناهيك عن اتباع سياسة الترغيب للتشيع حتى في البيئات الشعبية الإسلامية السنية وخاصة الفقيرة منها، من خلال الأحزاب الدينية، أو استمالة شخصيات لنشر المذهب الشيعي مقابل عطاءات مالية مجزية، علاوة على ذلك عملت على تأسيس المنظمات المتطرفة لتنفيذ إملاءاتها وتحقيق تمددها الإمبراطوري.
ومما يجدر ملاحظته أنّ كلاً من إيران وتركيا، تحولتا في توقيت زمني واحد تقريباً باتجاه التغريب، ولكن الفارق الرئيسي بينهما أن تركيا أتاتورك وضعت دستورا علمانياً وبقيت محافظة على خطوطه العريضة إلى الآن، كما وأصبح أتاتورك رمزاً قومياً.
بينما على العكس في إيران فإن التغييرات التي طالت الدستور والنظام السياسي والاجتماعي كانت جذرية ولكن لصالح نظام حكم ثيوقراطي مستبد، أدخلت إيران في محور الإرهاب وباتت دولة غير مرغوب في سلوكها، لا من الدول الإقليمية، ولا حتى من المجتمع الدولي.
ومع أن تركيا تحولت باتجاه الإسلام المسيس في توقيت مقارب كما حصل في إيران، إلا أنّه كان تحولاً ناعماً وبراجماتياً، وتم استثماره كوسيلة سياسية للتغلغل في جسد العالم الإسلامي وخاصة باتجاه الدول العربية، وتجلى ذلك في سعيها لإقامة أنظمة إسلامية مرتبطة بها عضويا، كما في ليبيا وفي مصر أيضاً الإخوانية/ عبر دعم نظام الرئيس مرسي. وكذلك دعمها الإعلامي والعملي للسلطة الفلسطينية في غزة  والذي ربما له خلفيات مالية واقتصادية خليجية، وفي خطّ مواز ومنافس للتمدّد الإيراني الشيعي.
حيث تمكن الرئيس التركي أردغان من إحكام قبضته على السلطة عبر القيام بتعديلات دستورية، والتخلص من خصومه السياسيين: نجم الدين أربكان، وعبدالله گول، ومؤخراً جماعة فتح الله غولن الدينية. والعمل مع أجهزة الدولة العميقة لتوجيه بوصلة الأحداث بما يخدم مصالح تركيا المتطرفة، متبّعاً إلى حدٍّ كبير سياسة ذرائعية وميكيافيلية وانتهازية لا أخلاق فيها.
مع اشتعال نيران الثورة السورية، عمّت الاحتجاجات كل جغرافيتها، وعلى أثر ذلك تحولت سوريا إلى حلبة صراع دولية لتحقيق المصالح وتصفية الحسابات البينية وسوقاً دولية للمساومات، وبازاراً للأسلحة ومختبراً لفعاليتها، وبيئةً خصبة لتجمّع كل المنظمات الإرهابية وانتعاشها.
منها ما عملت في خدمة المصالح الإيرانية، وأخرى عملت وتعمل تحت عباءة تركيا وتوجيهاتها، رغم الادعاء بأنها تمثل الجناح العسكري لإئتلاف قوى المعارضة السورية السياسية التي تحوّلت هي الأخرى إلى إسلامية متطرّفة  بتدبير تركي بحت.
ولكن ممارسات الفصائل المسلحة الإرهابية لم تنطل على أحد وخاصة في المناطق الكردية : عفرين و گرى سپي وسرى كانييه، والداعم الأساسي لها هو أجهزة الاستخبارات الحكومة التركية، ورغم ادعاء الأخيرة بأنها تحارب تنظيم pkk. فيما الحقيقة تقول أنها تستهدف الوجود الكوردي برمّته أينما كان.
ومع أنّ مجلس الامن الدولي تبنى بالإجماع القرار رقم ٢٢٥٤/ إلا أنّ تركيا و إيران وروسيا لم تتوقف على مدى  سنوات طويلة عن سعيها الحثيث للالتفاف على القرار الأممي عبر قمم آسيتانا وسوتشي ولكن دون جدوى سوى إطالة أمد الحرب وزيادة متاعب ومعاناة السوريين
لم تثمر كل محاولات الأطراف الفاعلة على الأرض السورية عن نتيجة ترمّم جراح السوريين.
إلى أن كانت عملية طوفان الأقصى /٧/١٠/٢٠٢٣/. التي فجرتها حركتا حماس والجهاد الإسلامي. (ويلاحظ هنا عنف المسميات: طوفان الأقصى، حماس ، الجهاد). وعلى أثرها بدأت أعنف حرب شنتها القوات الإسرائيلية ضد تلك المنظمات المتطرفة في قطاع غزة، وحصل الذي حصل، من مآس ورعب وقتل ودمار.
من جانبه تحرك حزب الله (مفهوم ديني مفعم بالرعب). وبايعاز إيراني… أرغمت حكومة إسرائيل على فتح جبهة جديدة في جنوب لبنان، حيث تمكّنت من توجيه ضربات قاتلة إليه. وفي نفس الوقت وقعت هجمات صاروخية متبادلة بين إسرائيل وإيران ، فيما الجبهة السورية بقيت هادئة.
وفي الحصيلة الأخيرة تمكّنت إسرائيل ليس فقط من تحطيم أذرع إيران الرئيسة، بل وكذلك من كسر شوكة إيران ذاتها بعد تحطيم قدراتها في سوريا ولبنان وغزة. فيما يبدو أنّ إيران ما زالت تراهن على تحقيق مكاسب عسكرية ضد إسرائيل من خلال ذراعها ما قبل الأخير: جماعة الحوثي.
وكنتيجة رئيسية للحرب الإسرائيلية، والخسائر الكبيرة لإيران وأذرعها في المنطقة وسوريا خاصة، أنْ حصل فراغ عسكري كبير في الجغرافية السورية، وفي ظلّ هشاشة النظام السوري عسكريا واقتصاديا، وانهماك حليفه الروسي بحربه مع أوكرانيا، كلّ ذلك سهّل عملية تمدّد المنظمات الإسلامية المتطرفة في الساحة السورية، وبدعم وايعاز مباشر من تركيا، ومن دون شك أنّ تركيا لا تستطيع التدخل السافر من دون، ولو بصيص ضوء من الدول الكبرى : أمريكا وإسرائيل وحتى روسيا وغيرها…
وهكذا سقط نظام الأسد الجزاروالدموي، والبعث الشوفيني
العنصري، وباتت سوريا تحت رحمة منظمة كانت مصنفة وإلى الآن كمنظمة إرهابية، ولكن من دون شك أن سلوكها تحت المراقبة والاختبار، وخاصة من الجار الجنوبي.
ومن المبكّر جدّاً الرهان على استقرار الوضع في سوريا، كما أنّ ثورتها المزعومة لم تسفر عن أيّ تحوّل مدني ديمقراطي. ولكن لا أشك بأنّ الأغلبية الدولية تسعى لضمان استقرار الوضع فيها، والشعب السوري بدوره متعطش للاستقرار أيضا. فيما تركيا تواصل تهديداتها المتطرفة تجاه المناطق الكوردية وتسعى للسيطرة عليها عبر أذرعها الإرهابية  التي ارتكبت كل الجرائم بحق الكورد المدنيين، تحت ذريعة ملاحقة الإرهابيين، بينما عقدتها الأساسية هي فوبيا الوجود الكوردي قطعاً.
لقد سقطت سلطة الشاه (الوطنية). ذات الاتجاه الغربي، وكشفت عقود من الزمن بؤس نظام الملالي، وسقط نظام أتاتورك على الأقل في جانبه الديمقراطي المدني، وتبين ممارسات حكومات أردوغان المتطرفة أيضا عقم توجهه الإسلامي وسيره المحتم نحو السقوط، وسقط  نظام البعث المتطرف في العراق وتبين الوقائع تردي الأوضاع في ظل النظام الحالي المتلبّس هو الآخر بغطاء ديني مذهبي وطائفي، في ظل وجود تنظيمات متطرفة بمسميات دينية حصرية متطرفة وخارجة عن سلطة الدولة. وها قد سقط نظام البعث الأسدي وباتت سوريا في عهدة تنظيمات دينية إسلامية متطرفة، ولا أشك قطعا بحتمية سقوط مشروعها الأسلاموي.
فإلى أين تتوجه الأحداث والوقائع ..؟ وهل حقّاً نحن أمام شرق أوسط جديد…كما يجري الحديث بشأنه..؟
لا ريب… أن ولادة الشرق الأوسط الجديد لن تكون برسم خرائط جديدة للمنطقة فحسب، بل لا بد من تغيير بنيوي في نمط التفكير والنظر إلى المستقبل من خلال عقلية جديدة تؤمن بالتنوع والغنى الثقافي، وتقبل بالمنطق الفكري التعددي القائم على الاختلاف والمغايرة، ونبذ منطق أحادية التمذهب الديني / أو السياسي الشمولي، وصلاحيته المطلقة لكل زمان ومكان. ولا شك أنّ القادم من الأشهر والسنين سيعطينا بعضاً من الأجوبة، وسيقدّم لنا ملامح ولادة الشرق الأوسطي وصورة  مستقبله ولا يتحقق ذلك إلا بدعم سياسي دولي قويّ ونقلة فكرية نوعية ..!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

حاوره: عمر كوجري الترجمة عن الكوردية: إدريس حسو قال مصطفى أوزجليك سكرتير حزب الوطنيين الكوُردستاني في حوار خاص مع صحيفتنا «كوردستان» إن حزبهم هوحزبٌ قوميٌّ ديمقراطيٌ، مرخّصٌ وعلنيٌ، لا يعرف نفسه بشخص، مجموعة، طبقة، دين أو طائفة، هو حزب من أجل الحقوق القومية، الديمقراطية، والثقافية للشعب الكوردي وجميع المكوّنات العرقية والدينية في كوردستان، ومن أجل حقوق الكورد في المدن التركية،…

طفا على السطح في الآونة الأخيرة وبشكل ملفت خطاب التحريض والحض على العنف والكراهية تجاه الشعب الكردي في سوريا بحجج ومبررات واهية وغير حقيقية من قبيل رفض مبدأ النظام الفدرالي تارة ومحاربة قوات قسد واتهامها بإبادة المكون العربي تارة أخرى. ففي حين ان الرئيس التركي حرض بشكل صريح على إبادة الكور ودفنهم مع سلاحهم وإن كان كلامه موجه إلى قوات…

عنايت ديكو في ظل هذا التداخل المعرفي والرقمي الكبير في نقل وصياغة الأخبار ونشر المعلومات بدقة وأمانة، ومع وجود أحدث التقنيات في مجال الإعلام التي تتيح نقل الأحداث بمهنية وحرفية عالية، إلى جانب الترجمات الفورية الدقيقة والمباشرة، نجد أن بعض القنوات الإعلامية العربية ما زالت تتصرف وكأننا في معركة القادسية لـ”صدام حسين”. تفتقر هذه القنوات إلى المنهجية في نقل الأخبار…

إبراهيم اليوسف يعد تشكيل الحكومة المؤقتة من أعقد الخطوات التي تواجه أي نظام يسعى للتأسيس بعد سقوط سلطة استبدادية. هذه المهمة تفترض بناء مشروع وطني شامل، وليس تكرارًا للأنماط الأحادية التي تسقط الشعوب في فخاخ الدوغمائية والانعزال. وإذا كان الهدف حقًا هو خدمة سوريا، فإن الخيارات التي اتبعتها الحكومة المؤقتة تشوبها أخطاء استراتيجية عميقة، مهما كانت التسويغات، لأنها لم تتجه…