التحركات التركية لحل القضية الكوردية بين الأوهام السياسية والواقع المعقد..!!!

دلدار بدرخان

– تعددت الأقوال وتشعبت الأحاديث في الآونة الأخيرة حول دعوات جديدة لحل سلمي يضع نهاية للقضية الكوردية في تركيا، و يُقال إن الدولة التركية تطرح إطلاق سراح عبد الله أوجلان على الطاولة، وتدعوه لمخاطبة حزبه من خلال قبة البرلمان التركي لدعوته إلى إلقاء السلاح وإعلان نهاية الكفاح المسلح.

غير أنني أرى وأعتقد أن حزب العمال الكُردستاني “PKK” قد نأى بنفسه عن أوجلان منذ عهد بعيد، ولم يعد يهتم بكلماته وأوامره، فقد وعى هذا الحزب مآلات الأمور لذلك يتعامل مع أوجلان لا بوصفه زعيماً قائداً، بل رمزاً يحرك به الجماهير ويستدر عطف المؤيدين، و يعتبرونه أيقونة بين قضبان السجن لتعزيز مكانة الحزب امام قاعدته الجماهيرية وكسب مزيد من الدعم، و إذا خرج أوجلان وتم هذا الأمر كما يتحدثون، أو في حال أبرم اتفاقاً مع الدولة التركية فباعتقادي لن يتردد الحزب في التنصل منه، وقد ينسب إليه الجنون أو يزعم أنه فقد رشده بفعل سنوات السجن الطويلة أو أنه أُجبر من قِبل الأتراك على تناول حبوب الذهان لتسقط شرعيته في أعين أنصاره.

– وإن صحت هذه الفرضيات فلا أستبعد أن يقدم الحزب أو من يحركه على التخلص من أوجلان وتصفيته، لأن أوجلان بالنسبة لحزبه صار عبئاً ثقيلاً أكثر من كونه رصيداً حتى بالنسبة للقوى الكبرى التي لطالما استفادت من الفوضى والتوتر في هذه البقاع، فلا مصلحة لتلك القوى في إحلال سلام شامل بين تركيا والكورد، إذ إن استمرار النزاع يغذي مشاريعهم ويحقق مصالحهم في المنطقة.

– أما تركيا فهي تدرك التغيرات السياسية التي تجري في المنطقة، وتعي أن التحولات مقبلة لا محالة، لذلك تستبق الأمور وتسعى لإعادة سيناريوهات قديمة، مثلما فعلت مع معاهدة لوزان التي استقطبت بعض التيارات الكوردية وقامت بتخديرها تحت وعود كاذبة، ويبدو أن تركيا تحاول استباق أي تطورات دولية قادمة قد تؤدي إلى تغييرات في خريطة المنطقة، وتسعى من خلال هذه التحركات لقطع الطريق أمام أي سيناريوهات مشابهة قد تُفرض عليها مجدداً.

– وفي كلا الحالتين ارى أن تركيا غير جادة في اطروحاتها وما يتناهى الى مسامعنا مجرد سياسة جديدة تدخل ضمن اطار المصالح الحزبية ، ولا أرى في هذه الوعود سوى دخان يغطي نوايا خفية، فكم من سلام ظاهري يخفي وراءه نية الطعن والمكر، وما أكثر ما شهدت هذه الأرض من محاولات تسوية ما لبثت أن تحولت إلى المزيد من الاقتتال والدمار.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف تعود سوريا اليوم إلى واجهة الصراعات الإقليمية والدولية كأرض مستباحة وميدان لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى والإقليمية. هذه الصراعات لم تقتصر على الخارج فقط، بل امتدت داخليًا حيث تتشابك المصالح والأجندات للفصائل العسكرية التي أسستها أطراف مختلفة، وأخرى تعمل كأذرع لدول مثل تركيا، التي أسست مجموعات كان هدفها الأساسي مواجهة وجود الشعب الكردي، خارج حدود تركيا،…

روني آل خليل   إن الواقع السوري المعقد الذي أفرزته سنوات الحرب والصراعات الداخلية أظهر بشكل جلي أن هناك إشكاليات بنيوية عميقة في التركيبة الاجتماعية والسياسية للبلاد. سوريا ليست مجرد دولة ذات حدود جغرافية مرسومة؛ بل هي نسيج متشابك من الهويات القومية والدينية والطائفية. هذا التنوع الذي كان يُفترض أن يكون مصدر قوة، تحوّل للأسف إلى وقود للصراع بسبب…

خالد حسو الواقع الجميل الذي نفتخر به جميعًا هو أن سوريا تشكّلت وتطوّرت عبر تاريخها بأيدٍ مشتركة ومساهمات متنوعة، لتصبح أشبه ببستان يزدهر بألوانه وأريجه. هذه الأرض جمعت الكرد والعرب والدروز والعلويين والإسماعيليين والمسيحيين والأيزيديين والآشوريين والسريان وغيرهم، ليبنوا معًا وطنًا غنيًا بتنوعه الثقافي والديني والإنساني. الحفاظ على هذا الإرث يتطلب من العقلاء والأوفياء تعزيز المساواة الحقيقية وصون كرامة…

إلى أبناء شعبنا الكُردي وجميع السوريين الأحرار، والقوى الوطنية والديمقراطية في الداخل والخارج، من منطلق مسؤولياتنا تجاه شعبنا الكُردي، وفي ظل التحولات التي تشهدها سوريا على كافة الأصعدة، نعلن بكل فخر عن تحولنا من إطار المجتمع المدني إلى إطار سياسي تحت اسم “التجمع الوطني لبناء عفرين”. لقد عملنا سابقاً ضمن المجتمع المدني لدعم صمود أهلنا في وجه المعاناة الإنسانية والاجتماعية…