احذروا من فخ المصطلحات العامة المبهمة ( 1 )

شادي  حاجي
مصطلحات عامة ومبهمة تطرح بصياغات جذابة من قبل مسؤولي سلطة الأمر الواقع ( ادارة العمليات العسكرية ) التي تتحكم بمفاصل القرار في دمشق وبعض المثقفين العرب في سوريا ليست إلا فخاً لخداع الشعب الكردي والمكوّنات القومية والدينية والطائفية الأخرى فتجدهم يطرحونها، ويستخدمونها، ويرددونها كثيراً في  التصريحات واللقاءات الاعلامية والمقالات السياسية، ويرددها بعض الكرد منا سياسيين ومثقفين دون أن يدركوا معانيها ومفاهيمها مثل «الوحدة الوطنية» وكذلك تعبير «النسيج الوطني» وهذان التعبيران في رأيي هما تعبيران فى منتهى السوء ويتم طرحهما، وترديدهما بدون فهم أو وعي كافٍ، فهما تعبيران ينفيان التعددية القومية والسياسية والثقافية والدينية.
كما إن هذين المصطلحين شموليان، ويتّسمان بالتسلُّط يمنعان أية مجموعة أو أي شخص أن يُعبّر عن ذاته مصرّحاً أنه مختلف مع الأكثرية.
فالذي يُريد أن يُعلن على الملأ أنه مختلف عن النسيج الوطني هو ليس عربياً ولا مسلماً وأنه كردي سوري أو مسيحي سرياني آشوري سوري أو إيزيدي أو درزي أو علوي أو ملحد أو أو … إلخ وبالتالي يُنبذ، ويُضطهد من الجماعة الوطنية ويتهم بأنه يشكل خطراً على أمن الدولة .
هنا السؤال يطرح نفسه:
هل عندما نريد أن نُعَرف مفهوم الشعب العربي السوري أو النسيج الوطني نقول: «السوريون عدا الفئات التي تم ذكرها أعلاه ؟
إن المختلفين عن الأكثرية أي كان هؤلاء من أي أثنية أو ثقافة أو طائفة أو دين فى البلاد الديمقراطية العريقة يحميهم القانون، ويعاقب من يرفضهم أو حتى من يسيء إليهم، ويعتبرون وجودهم مصدر قوة لترسيخ الديمقراطية الواعية ووعي الشعب وإغناء للمجتمع، ولعل الجميع يلاحظ أن هذه التعبيرات (الوحدة الوطنية والنسيج الوطني) في سوريا تبرز وبقوة عندما يحدث خلاف ما بين الكرد والعرب حول حقوق الشعب الكردي في سوريا، وحل القضية الكردية أو بين مسيحيين ومسلمين على حقوقهم أو بناء كنيسة أو مشكلة دينية وطائفية ما، والهدف من إبراز وطرح واستخدام هذه المصطلحات هو رفض تناول المشكلات التعدُّدية القومية والدينية والطائفية وعدم الرغبة فى حلها .
مثل هذه القضايا لا تتحدد إلا بالرجوع الى الممارسة على أرض الواقع لأننا كردياً عانينا وخدعنا من قبل الأنظمة السابقة التي تعاقبت على الحكم في سوريا منذ الاستقلال وحتى سقوط نظام بشار الأسد من خلال تعطيل الدستور وفرض قانون الطوارئ واستبدال سلطة وسيادة وحكم القانون بسلطة وحكم الشخص دون أن تتمكن تلك المصطلحات الدستورية الجذابة أن تمنع إساءة استعمال السلطة السياسية عامة، والإساءة الى العدالة بحق المختلفين عن الأكثرية بصفة خاصة كما أن الشعب الكردي عانى من الممارسات الاجرامية وانتهاكات حقوق الانسان في ظل تلك المصطلحات الدستورية ، ومازال يعاني من عدم الاعتراف بوجوده وخصوصيته وحقوقه القومية المشروعة وهذا يؤكد أنه من السهل في بلادنا ذات الأنظمة الديكتاتورية المستبدة والحركات العنصرية العروبوية الاسلاموية التي تفتقر بل وتفتقد الى الثقافة الديمقراطية واحترام حقوق الانسان منح السلطة للشعب والسيادة للقانون بطرح ومحاولة الوصول الى تدوين مثل هذه المصطلحات العامة والمبهمة في الدستور وماأسهل لهؤلاء من سحب هذه السلطة وتلك السيادة حينما تشاء وفي المكان الذي تشاء!!
لذلك على الجميع أن يدرك أنه في الديمقراطيات الحقيقية لا يستخدمون هذه التعبيرات العامة (النسيج الوطني والوحدة الوطنية) التى تُجنب قوميات وأديان وطوائف بل لا يصفون الشعب بصفات عاطفية تشمل الجميع بلا استثناء.
إنّهم يعطون حقّ الاختلاف للأفراد على أساس انتماءهم القومي أو السياسي أو الثقافي أو الديني أو الجنسي… إلخ.
الحذر والدقة والتدقيق والاستعانة بأصحاب الخبرة والاختصاص عند صياغة الاتفاقات وكتابة الدستور واجب على من سيمثلون الشعب الكردي في سوريا في مثل هذه القضايا المصيرية كردياً وسورياً .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

منظمة حقوق الإنسان في عفرين أستُقبل وزير الثقافة في الحكومة الإنتقالية السورية محمد ياسين صالح و الوفد المرافق له في مدينة عفرين ، على أنغام الزرنة و الطبل من قبل أبناء المنطقة إلى جانب بعض من المواطنين العرب القاطنين منذ سنوات في المدينة ، وسط غياب أغلب رؤوساء البلديات و أعضاء منظمات و نشطاء المجتمع المدني و الأكاديميين الكُرد ،…

عزالدين ملا شهدت سوريا خلال العقد الماضي تحولات عميقة قلبت معالم المشهد السياسي والاجتماعي فيها رأساً على عقب، وأدت إلى تفكك بنية الدولة وفقدانها السيطرة على أجزاء واسعة من أراضيها. بعد سقوط النظام الذي حكم البلاد لعقود، توقّع الكثيرون بداية عهد جديد يعمه السلام والاستقرار، لكن سوريا دخلت في دوامة أعمق من الصراع، إذ تعقّدت الأزمة بشكل لم يسبق له…

عبدالرحمن كلو لم يكن مؤتمر قامشلو مجرّد لقاء عابر بين طرفين متخاصمين في الساحة الكوردية، بل كان خطوة نوعية تُلامس أفقًا سياسيًا أوسع بكثير من مجرد “اتفاق ثنائي”. فبرعاية أمريكية وفرنسية، وبإشراف مباشر من الرئيس مسعود البارزاني، تمكّن المؤتمر من جمع طيف متنوع من القوى، لا يقتصر على المجلس الوطني الكوردي أو الإدارة الذاتية، بل شمل شخصيات وطنية مستقلة،…

هولير (ولاتي مه) شفيق جانكير: بمناسبة مرور عشرين عاما على انطلاقة موقع “ولاتي مه”، جرى في كافتيريا “أريزونا” بهولير (أربيل) تكريم الباحث والمحلل السياسي الأستاذ عماد باجلان. وجاء هذا التكريم تقديرا لدور باجلان البارز في الساحة الإعلامية والسياسية، وجهوده المتواصلة في الدفاع عن الحقوق والقضايا العادلة للشعب الكردي، ووقوفه في مواجهة الأصوات الشوفينية والعنصرية التي تحاول إنكار حقوق الكورد أو…