احذروا صُنّاع الكراهية ووجوه الحقد التي تلوّث مستقبل سوريا

د. محمود عباس
جيش من الرعاع والجهلاء، تقف خلفهم دول إقليمية ومجموعة من الخبثاء، يروجون للكراهية بأسلوب ممنهج، مستخدمين أدواتهم الإعلامية والتواصلية لنشر مفاهيم مسمومة وأفكار دونية. حولوا سوريا من وطن محتمل إلى مستنقع آسن، تعيش فيه حشرات بشرية على نتن الكراهية التي تبثها يوميًا.
 أدواتهم ليست سوى انعكاس لرغبتهم في تحطيم كل قيم التعايش والاحترام المتبادل، متخفين وراء شعارات زائفة وولاءات مشبوهة.
أدوات رخيصة باعت نفسها مقابل الفتات الذي يُلقى لهم من أسيادهم، الذين لا هدف لهم سوى زرع الفتنة وضرب مكونات الشعب السوري بعضها ببعض، والتهجم على الشعب الكوردي بكل الأساليب المنحطة.
مجموعات لا يمثلون سوى قبحهم الداخلي، وهم مرآة للنظام الذي أنتجهم وأفسدهم. كيف يمكن بناء وطن حقيقي في ظل هذه العقول المسكونة بالحقد والشر؟
كيف يمكننا أن نتصور العيش في دولة مركزية مثل سوريا، قد تتشكل إداراتها من شريحة حاقدة جعلت مهمتها الأساسية الهجوم على الكورد، من على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض الأقنية، بأساليب قذرة مليئة بالخبث والانحطاط؟
 نحن أمام شريحة غارقة في مستنقع الحقد والتحريض، لا تتورع عن توظيف الكذب والتشويه لبث سموم الكراهية والتفرقة، وكأنها تسعى بكل ما أوتيت من أدوات رخيصة لتحويل الوطن إلى لوحة سوداء يطغى عليها الانحطاط الثقافي والأخلاقي.
من المؤلم أن نرى هؤلاء يقتاتون على الفوضى، يتفننون في تحريف القيم الإنسانية ويستبدلونها بمفاهيم عنصرية مشوهة ومليئة بالكراهية. أسوأ ما في الأمر أنهم لا يكتفون بذلك، بل يُسوِّقون لهذا الانحطاط بدون قيم أخلاقية، في محاولة بائسة لتغطية إخفاقاتهم الثقافية وتبرير أفعالهم الإجرامية.
 كيف يمكن الوثوق بإدارة قد تكون محكومة بهكذا عقول مظلمة وأيدي مأجورة، لا همَّ لها سوى بث السموم في جسد هذا الوطن المتهالك؟
وما يضاعف من المأساة أننا ككورد، كحراك وشعب، لم نعد نواجه فقط الأنظمة الشمولية البعثية وأمثالها، الذين كانوا على الأقل واضحين في عدائهم، بل أصبحنا اليوم نصطدم بجيل جديد من المتطرفين الإسلاميين العروبيين، أتباع السلطان العثماني الجديد، الذين يقدمون أنفسهم على أنهم حماة الدين والأمة، بينما هم في الحقيقة ليسوا أكثر من أدوات خبيثة في يد تركيا، تسعى إلى تحقيق أطماعها التوسعية على حساب الشعوب الأخرى.
هذه الشريحة المريضة، المتنقلة بين صفحات التواصل الاجتماعي للكتاب الكورد، وبعضهم من على القنوات المتدنية، تنشر فيها قذاراتهم، ليست سوى انعكاس للانحطاط الأخلاقي والسياسي الذي أوصل البلاد إلى الحضيض.
كيف يمكن أن نتصور بناء مستقبل مشترك مع من لم يتردد لحظة في خيانة القيم الوطنية والإنسانية من أجل خدمة أجندات خارجية؟ هؤلاء لا يمثلون سوى ظلال سوداء تخنق أي أمل في بناء وطن عادل، حيث تُختزل الحقوق في مفاهيم ملتوية تُفصَّل على مقاس أسيادهم، فيما تُطمر آمال الشعوب تحت ركام مؤامراتهم.
لهذا ندعو الإخوة الوطنيين من العرب وباقي مكونات الشعب السوري إلى التكاتف والعمل المشترك لبناء وطن نقي تسوده قيم التعايش والاحترام. علينا أن نعمل جميعًا على مواجهة هذه الثقافة الموبوءة التي تزرع الكراهية والفرقة، سواء من خلال تشذيبها أو الحد من أفعال هذه الفئة المفسدة والفاجرة، التي لا تعرف سوى نشر الحقد والقذارة الفكرية.
من الضروري أن نمنع هذه الفئة من الوصول إلى مراكز السلطة أو التسلل إلى إدارات الدولة، فهم مكشوفون للجميع، إذ لا يمكنهم إخفاء ما يحملونه من كراهية ضد الكورد، وعداء تجاه مكونات الشعب السوري. مسؤوليتنا اليوم، كوطنيين حريصين على بناء سوريا جديدة، أن نتصدى لهذه الأفكار المدمرة ونعمل على تأسيس مجتمع يضمن العدالة والمساواة للجميع.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
26/1/2025

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…