إيران.. انتفاضة مغدورة! نظرة عامة على الذكرى السنوية الثانية للانتفاضة الوطنية للشعب الإيراني وآفاقها!

عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*

المقدمة!

بعد القتل العمد للفتاة الكردية جينا أميني (مهسا أميني) من أهالي سقز، في طهران، في 16 سبتمبر 2022؛ اندلعت الثورة في إيران، وارتجف نظام ولاية الفقيه! لقد كان هذا الوضع، قبل كل شيء، نتاجاً لحكم دام 45 عاماً لنظام كان الشعب ضده! استمر النظام الديني في حكم إيران في الـ 45 عاماً الماضية؛ بفضل سياسة الاسترضاء مع هذه الدكتاتورية!

الشعب الإيراني لا يريد هذا النظام؛ لأنه في عداء واضح مع الحضارة البشرية والمجتمع الإنساني! الشعب الإيراني يريد حكومة تطبق الحرية والديمقراطية والتعايش والسلام والصداقة. لكن النظام الحاكم في إيران، كان معادياً لهذه المفاهيم على الأقل قولاً وفعلاً، وسجله حافل بالانتهاكات في هذه الأمور!

على الرغم من أن الشعب الإيراني يتمتع بالاكتفاء الذاتي والثراء والقوة في كل شيء، إلا أنه يحتاج إلى الدعم للتخلص من هذا الوضع! ولهذا يطالبون الحكومات بعدم الوقوف بجانب هذا النظام وعدم دعمه! وهذا هو كل ما يطلبه الشعب الإيراني من الحكومات الأخرى. ولو فعلت الحكومات ذلك فلا شك في أن هذه «الوضعية المؤلمة» لم تكن لتبقى الآن، ولكان من المفترض أن تكون إيران دولة محترمة في المجتمع الدولي!

الوضع في إيران حتى الآن!

لقد ثار الشعب الإيراني عدة مرات ضد الأنظمة الديكتاتورية في بلاده. لقد أرادوا ونجحوا في إسقاط دكتاتورية الشاه، والآن يسعون إلى إسقاط الدكتاتورية الدينية التي تحكم بلادهم.

لقد بدأت آخر وأكبر وأطول انتفاضة شعبية ضد الدكتاتورية، بعد مقتل جينا أميني! وعلى الرغم من أن جريمة القتل هذه حدثت في طهران، إلا أنها سرعان ما انتشرت في كل ربوع إيران؛ لأن الشعب الإيراني كان لديه حقد مكبوت للنظام الديني، الذي انفجر مع هذه ‘القتل’.”كلها. لأن الشعب الإيراني كان لديه كراهية خفية للنظام الديني، وانفجرت بجريمة القتل المشار إليها!

لقد هبّت الديكتاتورية وأنصارها لمواجهة تبعات هذه “الجريمة”، وحاولوا بشتى الطرق تضليل انتفاضة الشعب الإيراني المناهضة للديكتاتورية! وللأسف، بالإضافة إلى مؤيدي الاسترضاء مع الدكتاتورية الدينية، كانت هناك تيارات “اصطفت” عن طيب خاطر أو عن غير قصد مع الدكتاتورية، وحالت دون سقوط الدكتاتورية. لقد ساهموا في دعم الديكتاتورية في إيران، ودخلوا في غمار الديكتاتورية بالفعل، وطبقوا ذلك عملياً، من خلال رفع شعارات تناسب الدكتاتورية، أو من خلال تسليط الضوء على المصالح “الدنيئة” لمجموعة أو مجموعة عرقية أو قومية، بتهميش مطالب الشعب الإيراني الأساسية والتقليل من شأنها.

المنظمات الأصيلة الشعبية الثورية!

لقد كان الشعب دائمًا وسيظل هو القاعدة و”أساس الانتفاضة” لإسقاط الدكتاتورية. لكن أبناء هذا الشعب الشجعان، والواعون والمستعدون للتضحية، قد انضموا إلى التشكيلات والمنظمات الثورية لتحقيق إنجازات شعبهم. وبدون هذه المنظمات، كان ولا يزال من المستحيل أن تتحول “الانتفاضة” إلى “الثورة” وتزول الدكتاتورية من هذه الأرض. ولهذا السبب، نجد أن الأنظمة الديكتاتورية دائمًا ما تستهدف هذه المنظمات وتعمل على تشويه سمعتها!

النهج الصحيح والطبيعي!

وكما ثبت في الانتفاضة الأخيرة، فإن الشعب الإيراني لا يزال رابض في الميدان للإطاحة بالديكتاتورية. إنهم لا يكلوا ولا يملوا، وسوف يسقطون الدكتاتورية؛ لأن التجربة أثبتت أن “النصر حليف لشعب”، وأن “هزيمة الدكتاتورية” أمام الشعب أمر لا مفر منه! ولن يقبل الشعب الإيراني بأقل من إسقاط الدكتاتورية.

أهم إنجازات الشعب الإيراني في انتفاضة عام 2022!

أظهرت التجربة في آخر وأكبر انتفاضة للشعب الإيراني؛ أن الدكتاتورية الدينية قد تصدرت المشهد بكل ما في وسعها لتضليل الانتفاضة عن إسقاط الدكتاتورية، وتهميش القوة الأساسية والمحورية لإسقاط الدكتاتورية؛ بطرح بعض الشعارات التضليلية، بدءاً من فلول الدكتاتورية السابقة وصولاً إلى التيارات التي قبلت اللعب في ساحة الدكتاتورية، وحملت معها شعارات مضللة. ومن الحجاب إلى الدين والقومية والعلم والمرأة والحياة…إلخ. ولهذا السبب، أصبحت أهمية اليقظة في الحث على الانتفاضة في مقدمة الأمور!

ومن حسن الطالع أن “الهيئة القيادية الجماعية للانتفاضة” تمكنت من حماية الانتفاضة من لسعة الدكتاتورية، وأحبطت جميع تقنيات وتكتيكات الدكتاتورية. وما بقي في مشهد الانتفاضة هو: “الانتفاضة حتى إسقاط الديكتاتورية”، وشعار “لا للملك ولا للشيخ” و “وحدات المقاومة”.

وبهذه الطريقة، لم يمضِ وقت طويل حتى اختفى بعض الأفراد والتيارات الذين كانوا قد ظهروا كالنباتات الربيعية. لأنهم لم يكونوا “حقيقيين” و”مؤهلين” ليكونوا بديلاً لهذا النظام. وأسرت الأمواج أولئك الذين جاءوا لركوبها، واختفوا. وما بقي في المشهد هو البديل الديمقراطي “المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية” الذي لا يزال يرفع راية إسقاط الدكتاتورية في إيران.

إنجاز مهم!

ولذلك، من المنطقي أن نولي هذا البديل أهمية كبيرة ونعتبره حتميًا؛ لأنه له جذور في تراب إيران، ويظل شجرة رويت بدماء كثيرة، وملجأً للسلام والاستقرار والتعايش في إيران والشرق الأوسط. ويتعين على كل إيراني وحر ونصير للسلام أن يدعمه للإسراع في تحقيق الرغبة الرئيسية للشعب الإيراني في أقرب وقت ممكن، وهي إسقاط الدكتاتورية.

وفقًا لما قاله قائد ثورة الشعب الإيراني، السيد مسعود رجوي، فإن نار الثورة هي الحل الوحيد للتحرر من الظلم، وهي الحل العنيف وغير السلمي للشعب الإيراني في مواجهة الدكتاتورية لتغيير الوضع الحالي. إن التخلي عن هذا المبدأ يعني ترك الشعب دون حماية في مواجهة الديكتاتورية!

إن إيران ليست مكاناً للديكتاتورية، إذ أن مكان الدكتاتورية هو مزبلة التاريخ!

***

*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أكد الرئيس مسعود بارزاني ، أن إقليم كوردستان قد حقق فخرا كبيرا بوصوله إلى مرحلة انتخاب نظام حكمه، معتبرا ذلك انتصارا ومنجزا عظيمين.

وقال بارزاني في كلمة له خلال مهرجان انتخابي ضخم في مدينة أربيل اليوم الثلاثاء ، إلى أن الانتخابات كانت مقررة قبل عامين، إلا أن بعض الأطراف وضعت عراقيل أمام العملية، مما أدى إلى…

شوان زنكَنة

قدّم حزبُ العدالة والتنمية مشروعَ قانون من 12 مادة، يتضمن تعديلاتٍ في قانون أصول الضرائب، تهدف إلى رفع حجم واردات صندوق الصناعات العسكرية، وبموجب هذه التعديلات، تمَّ فرضُ ضرائب على بطاقات الائتمان، ومعاملات كُتّاب العدل، ومعاملات الطابو، وكافة ضرائب الختم، وتهدف الحكومةُ من هذه التعديلات استحصالَ ضرائب مقدارها حوالي 80 مليار ليرة سنويا.. وسيتمّ العملُ بهذه…

صبحي ساله يي

إستناداً إلى المعطيات السياسية الحالية في إقليم كوردستان، يمكن القول أن العلاقات بين الأحزاب والقوى السياسية الكوردستانية مرّت بتغيرات كبيرة ومحطات عديدة، والخلافات الحادة التي تراها اليوم لم تبدأ مع بداية الحملة الإنتخابية لبرلمان كوردستان، ولن تنتهي يوم الإقتراع أو بعد إعلان نتائج الانتخابات أو حتى رؤية المخرجات النهائية للعملية الانتخابية وتشكيل حكومة…

دلدار بدرخان

حتى الأمس القريب كانت كتاباتي تركز على القضية الكوردية في سوريا بشكل عام دون أن أخصصها لمنطقة معينة، لكنني أدركت مؤخراً أن عفرين تمر بمرحلة مصيرية تهدد وجودها، فكان من الطبيعي أن أجعلها أولوية لدي ، وعندما فعلت ذلك لم يتردد البعض في اتهامي بإثارة النزعة المناطقية، وكأن تسليط الضوء على معاناة عفرين وشعبها…