أخي اللاجئ الميسور الحال

صالح بوزان ـ دادالي

 

إن ما مر به الشعب السوري عامة والكردي خاصة منذ أربعة عشر عامًا في ظل ما تسمى بالثورة من دمار وخراب وتهجير إلى المجهول، لا شك أنه ترك فينا جراحًا عميقة. 

ولكن، بالرغم من كل ما عانيناه، استطعنا أن نثبت أنفسنا في بلدان اللجوء، وقد تأقلمنا مع الظروف الجديدة التي فرضتها علينا الحياة في الخارج. تمكنا من بناء أسس حياتنا من عمل، ودراسة، وتكوين صداقات، وغيرها من جوانب الحياة التي ساعدتنا على الصمود.

ولكن في وسط هذه التحديات، أخوتي، هناك نقطة في غاية الأهمية يجب أن نتوقف عندها.

اخوتي الكرد من اللاجئين أينما كنتم، وخاصة الميسورين حالًا، نعم قد تكون ظروف اللجوء قاسية وصعبة، ولكن هذا لا يعني أن نتحول إلى متسولين أمام المساجد أو نطلب الصدقات من الشعب المضيف. أخي الميسور الحال، الصدقة التي تأخذها وأنت تعلم أنك لست بحاجة إليها قد تكون هي ما يحتاجه آخرون وهم أولى بها منك بكثير. فلا تكن مانعًا لرزقهم، ولا تترك انطباعًا سيئًا عن مجتمعك في عين من حولك في بلد المستضيف، خاصة أن فترة لجوئك ليست بقصيرة ليعلم من حولك وضعك الحقيقي.

ثانيًا، هل وصلنا إلى درجة أن ظروف اللجوء تمحي الحياء والعزة التي كنا نتمسك بها سابقًا؟ أين ذهبت تلك العزة بالنفس التي كانت تميزنا وتزيد من احترامنا لأنفسنا؟

ما أتحدث عنه مبني على معلومات دقيقة، حيث أن هناك من بيننا من اللاجئين الكرد من يتواجدون أمام المساجد بعد صلاة التراويح، مستغلين شهر رمضان المبارك، رغم أن وضعهم المالي يسمح لهم بالحفاظ على كرامتهم. هذا المشهد غير لائق ويؤثر سلبًا علينا جميعًا.

لنحافظ على عزة أنفسنا كما كنا، فلا تذللوا أنفسكم في ظروف صعبة. في النهاية، تبقى كرامتنا أغلى من أي مساعدة نتلقاها، وبالأخص عندما نكون ميسوري الحال .

هولير ١٨ / ٣ / ٢٠٢٥

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

م. محفوظ رشيد   كي لا نقع في المحظور الذي تدفعنا إليه التقولات والتخيلات والتنظيرات والتكهنات المشوهة والمشوشة والمفتنة، التي تعتبر مواد سريعة الاسترسال وسهلة الاستقبال من خلال وسائل الأعلام و التواصل الاجتماعي الخارجة عن الرقابة والضبط والمحاسبة، والتي يقف خلفها طابور خامس ضخم ومحترف من الأعداء و الدهماء والغوغاء و الأغبياء..، والضحايا دائماً من الأبرياء والشرفاء والبسطاء والأنقياء من…

نبذة عن الكتاب: يسعدني أن أقدم لكم العمل البارز لصديقي العزيز، ريبرهبون، مؤلف كتاب ” نقد السياسة الكوردية (غربي كوردستان أولاً)”. هذا الكتاب هو استكشاف عميق للمشهد السياسي الكردي، يقدم نقداً ورؤية للمستقبل. إنه رحلة فكرية تمزج بين التحليل التاريخي والواقع الحالي، وتبحث في الحلول للتحديات التي يواجهها الشعب الكردي، خاصة في غربي كوردستان (روجافا). يقدم المؤلف تأملات صادقة في…

د. محمود عباس الزيارة المفاجئة التي قام بها أحمد الشرع، رئيس الحكومة السورية الانتقالية، إلى إسطنبول، لم تكن مجرد جولة مجاملة أو لقاء بروتوكولي، بل بدت أقرب إلى استدعاءٍ عاجل لتسلُّم التعليمات. ففي مدينة لم تعد تمثّل مجرد ثقلٍ إقليمي، بل باتت ممرًا جيوسياسيًا للرسائل الأميركية، ومحورًا لتشكيل الخارطة السورية الجديدة، كان الحضور أشبه بجلوس على طاولة مغلقة،…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا الإسلامي، لا شيء يُوحِّدنا كما تفعل الخلافات، فبينما تفشل جهود الوحدة السياسية والاقتصادية، نثبت مرارا وتكرارا أننا نستطيع الاختلاف حتى على المسائل التي يُفترض أن تكون بديهية، وآخر حلقات هذا المسلسل الممتد منذ قرون كان “لغز” عيد الفطر المبارك لهذا العام، أو كما يحلو للبعض تسميته: “حرب الأهلة الكبرى”. فبعد أن أعلن ديوان الوقف…