حول “المواطنة المتساوية” في سوريا

اكرم حسين

المواطنة المتساوية  مفهوم يشير إلى حقوق وواجبات متساوية لجميع أفراد المجتمع دون تمييز أو تفرقة بناءً على العرق أو الدين أو الجنس أو اللغة أو أي صفة  أخرى. مما يعني  أن جميع الأفراد والمكونات تتمتع  بحقوق وواجبات  متساوية أمام القانون، وتتشارك في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة التي يعيشون فيها، وهي تشمل الحق في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية مثل حق التصويت والترشح، والحق في الحصول على خدمات مثل الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية بغض النظر عن خلفيتهم الثقافية أو الدينية أو العرقية. كما تتضمن  أيضاً الحق في عدم تعرض الافراد  لأي تمييز أو إقصاء لأي سبب كان.

بشكل عام ، تسعى المواطنة المتساوية إلى خلق مجتمع يتمتع بالمساواة والعدالة الاجتماعية والتعايش السلمي بين جميع أفراده ومكوناته ، وتعزيز الاندماج والتقارب الثقافي دون أي تمييز وتشكيل هوية وطنية جامعة  ، وتعتبر هذه الهوية أساسية في ضمان استقرار وتطور الدولة وتماسك مواطنيها .

قد تكون المواطنة المتساوية خطوة لحل القضايا القومية والعرقية في بعض الحالات ، ولكنها  لا تكون حلا نهائياً بمفردها. إنما تشكل النواة الاساسية لبناء مجتمعات تحترم حقوق جميع أفرادها بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية او الثقافية أو الدينية أو اللغوية ، وهذا يتطلب إنشاء نظم قانونية وسياسية تكفل العدالة والمساواة للجميع، مما يساهم في تقليل التمييز وزيادة الاندماج الاجتماعي

ومع ذلك، تحتاج المشاكل القومية أو العرقية حلاً إضافياً يتضمن حواراً وتفاهماً متبادلين بين المكونات المختلفة ، وتشجيعاً للتعددية الثقافية واللغوية، بالإضافة إلى التدابير الاقتصادية والاجتماعية التي تعزز الفرص المتساوية ، وتخفف من وطأة الظروف التي تؤدي إلى التمييز والانقسامات الاجتماعية.

وفي سوريا يتطلب تطبيق مبدأ المواطنة المتساوية  فيما يخص القضية الكردية الاعتراف بان  الشعب الكردي هو شعب اصيل فيها . اضافة الى خطوات وتدابير اخرى تشمل الجوانب القانونية والسياسية والاجتماعية ومنها :

  1. سوريا بلد متعدد القوميات والثقافات والاديان لا افضلية لقومية  او دين او ثقافة مما يستوجب عدم نسبها الى العروبة أو أي مكون آخر .

2-   جميع المواطنين السوريين يتمتعون بحقوق متساوية أمام القانون دون أي تمييز على أساس العرق أو اللغة أو الجنس أو الدين.

  1. ضمان حق الكرد في ممارسة حقوقهم السياسية  مثل الحق في التصويت والترشح للمناصب العامة، والمشاركة الفعالة في عمليات صنع القرار.

4-  تعزيز التنمية الشاملة في المناطق الكردية في سوريا ، بما في ذلك توفير فرص العمل والخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والمياه والاسكان والكهرباء والطرق  ….الخ.

5-  ضمان حق الكرد في استخدام لغتهم الأم في التعليم والمحافظة على هويتهم الثقافية دون قيود أو تمييز واعتماد اللغة الكردية  لغة رسمية في البلاد .

6- عدم فرض الحلول او اللجوء الى القوة و تشجيع  لغة الحوار والتفاهم بين جميع المجموعات العرقية والثقافية في سوريا للتوصل إلى حلول شاملة ومستدامة.

7- تعزيز الديمقراطية والحوكمة الرشيدة عبر القيام بإصلاحات سياسية تتضمن تمثيلًا عادلاً ومتوازناً لكافة المكونات السورية في الدولة السورية .

8- الغاء كافة القوانين والمراسيم الجائرة بحق الكرد ومعالجة اثارها ونتائجها وتعويض المتضررين منها .

9-  وضع علم ونشيد جديد  للدولة السورية كي  يصبحا معبرين عن التعدد والتنوع القومي والثقافي في سوريا .

10 –  الاحتفال من قبل الدولة السورية بعيد نوروز والاكيتو  كأعياد  رسمية ووطنية

11- فصل الدين عن الدولة وضمان ممارسة الطقوس والشعائر الدينية دون أي تدخل من الدولة

تحقيق هذه البنود وغيرها يتطلب إرادة سياسية حقيقية  لدى الشعب السوري ، إضافة إلى التزام الدولة السورية بحقوق الإنسان وتطبيق العدالة الاجتماعية  ، ومشاركة جميع الأطراف والمكونات ، في دولة وطنية حديثة على اساس فدرالي لضمان امنها واستقرارها .

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف تعود سوريا اليوم إلى واجهة الصراعات الإقليمية والدولية كأرض مستباحة وميدان لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى والإقليمية. هذه الصراعات لم تقتصر على الخارج فقط، بل امتدت داخليًا حيث تتشابك المصالح والأجندات للفصائل العسكرية التي أسستها أطراف مختلفة، وأخرى تعمل كأذرع لدول مثل تركيا، التي أسست مجموعات كان هدفها الأساسي مواجهة وجود الشعب الكردي، خارج حدود تركيا،…

روني آل خليل   إن الواقع السوري المعقد الذي أفرزته سنوات الحرب والصراعات الداخلية أظهر بشكل جلي أن هناك إشكاليات بنيوية عميقة في التركيبة الاجتماعية والسياسية للبلاد. سوريا ليست مجرد دولة ذات حدود جغرافية مرسومة؛ بل هي نسيج متشابك من الهويات القومية والدينية والطائفية. هذا التنوع الذي كان يُفترض أن يكون مصدر قوة، تحوّل للأسف إلى وقود للصراع بسبب…

خالد حسو الواقع الجميل الذي نفتخر به جميعًا هو أن سوريا تشكّلت وتطوّرت عبر تاريخها بأيدٍ مشتركة ومساهمات متنوعة، لتصبح أشبه ببستان يزدهر بألوانه وأريجه. هذه الأرض جمعت الكرد والعرب والدروز والعلويين والإسماعيليين والمسيحيين والأيزيديين والآشوريين والسريان وغيرهم، ليبنوا معًا وطنًا غنيًا بتنوعه الثقافي والديني والإنساني. الحفاظ على هذا الإرث يتطلب من العقلاء والأوفياء تعزيز المساواة الحقيقية وصون كرامة…

إلى أبناء شعبنا الكُردي وجميع السوريين الأحرار، والقوى الوطنية والديمقراطية في الداخل والخارج، من منطلق مسؤولياتنا تجاه شعبنا الكُردي، وفي ظل التحولات التي تشهدها سوريا على كافة الأصعدة، نعلن بكل فخر عن تحولنا من إطار المجتمع المدني إلى إطار سياسي تحت اسم “التجمع الوطني لبناء عفرين”. لقد عملنا سابقاً ضمن المجتمع المدني لدعم صمود أهلنا في وجه المعاناة الإنسانية والاجتماعية…