المؤتمر الكردي السوري مصدر التمثيل الشرعي ( ٦ )

صلاح بدرالدين
 
قد تضيع اللحظة التاريخية ولكن لن يفوت الأوان
  دائما هناك لحظات تاريخية في حياة الشعوب خصوصا عندما يلتقي الذاتي والموضوعي في  الزمن المحدد الذي قد لايطول الى الابد ، عن الأسبوعين الأخيرين مابعد التحرير اتحدث ، والفرصة السانحة لنا نحن الكرد ، لنعيد ترتيب بيتنا الخاص عبر المؤتمر الوطني الكردي السوري الجامع ، والمقصود نعيد بناء ماتهدم من حركتنا السياسية ، ونعيد تعريفها الحقيقي ، ونرفع عنها الاغطية الحزبوية البالية ، وننقذها من حالة الانقسام ، والتشرذم والعجز ، والتراوح في المكان ، لاستعادة مكانتها اللائقة ، وتمثيلها الشرعي للغالبية الوطنية المستقلة ، وارادتها الحرة في اختيار مصيرها ، وانتزاع حقوقها المشروعة عبر الحوار ، ضمن المسار الوطني في سوريا الجديدة ،ولتصبح رقما فاعلا في المسيرة الوطنية .
  في حصيلة الأسبوعين الأخيرين من المساعي المبذولة لتذليل العقبات امام توفير شروط عقد المؤتمر الكردي السوري الجامع ، نستطيع القول بحصول تقدم بطيئ فمن ناحية يحظى المشروع برضا شعبي واضح ، وواسع ، واستجابة من النخب الشبابية ، والثقافية الجادة والملتزمة بقضايا الشعب ، والوطن ، وتجاوب – غير رسمي وغير حاسم – من جانب بعض أحزاب ( الوحدة الوطنية ) ، وكذالك افراد من بعض التنظيمات ضمن – الانكسي – ، ومازال الانتظار سيد الموقف بخصوص الموقف النهائي من جانب أحزاب طرفي الاستقطاب .
  التطور المهم الذي حصل بعد جملة من اللقاءات التشاورية ، والنقاشات الدائرة حول آليات المؤتمر المنشود ، ظهرت فكرة صائبة وعملية لتذليل عقبة الوقت ، بتقسيم اعمال المؤتمر الى مرحلتين : الأولى انقاذية عاجلة باحتفاظ كل طرف حزبي باسمه ، ومؤسساته ، وامواله الى جانب التوافق على وحدة الموقف الكردي ( المستقلون والأحزاب ) خلال مخاطبة العهد الجديد بدمشق ، وبعد ذلك استكمال اعمال المؤتمر نحو إعادة بناء الحركة من جديد ، والاندماج في حركة سياسية مدنية سلمية متطورة ، وصياغة المشروع ، والبرنامج السياسي ، وانتخاب قيادة تتحمل المسؤولية في المستقبل .
جاء ( الوسيط !) لخدمة مصالح بلاده  
  الطرفان الحزبييان ( حزب الاتحاد الديموقراطي ، والمجلس الوطني الكردي ) يرددان في وسائل الاعلام  منذ أعوام ان ممثلين  للتحالف الدو لي – امريكي وفرنسي – يتوسطان بينهما ، وليس معلوما هل هما من دبلوماسيي وزارتي الخارجية في البلدين ، ام من أجهزة المخابرات ، ام من القوات العسكرية ، من جهة أخرى فان ( الوسيطين ) لم يعلنا في وسائل الاعلام حتى الان موقفهما من الحالة الكردية السورية ، وهل يقران بوجود قضية كردية في سوريا أصلا ، وسبل حلها ، اما ماهو واضح لدى المتابع فانهما يتجاهلان حقيقة الوضع الكردي حتى لو كانا على اطلاع عبر تقارير مصادرهما في المناطق الكردية ، وعلى مايظهر فان الأهم لهما هو الإيحاء للعهد الجديد بدمشق ، ولزميلتهما في حلف الناتو – تركيا – وبشكل اخص للراي العام الداخلي في بلديهما من زاوية المنافسات الحزبية الداخلية ( إدارة بايدن الحالية لم تعد صاحبة القرار ، وحكومة الرئيس ماكرون في اضعف حالاتها ) ان الكرد السوريين من حصتهما ، وانهما يمسكان بزمام الأمور في البقعة الجغرافية الأخطر بسوريا ، لذلك يمكن القول انهما مازالا يديران الازمة ، وليسا في وارد حلها .
خصوصيات كردية يتجاهلها ( الوسيط !)
  هناك أمور داخلية خاصة بالحركة الكردية السورية ، تتعلق بالماضي والحاضر ، وبالنهج الفكري والسياسي ، وبمسالة الارتباط الخارجي ، والتبعية ، والاستقلالية ، والموضوع العسكري والأمني ، والتجاوزات ، والفساد ، والعلاقة مع العهد الجديد ، وهناك أيضا حقيقة الخارطة السياسية في المجتمع الكردي ، وغلبة الوطنيين المستقلين عددا وموقفا ، واذا علمنا ان طرفي الصراع يتجاهلان تلك الحقائق ويصران زورا انهما الطرفان الوحيدان في الساحة الكردية للاستئثار في التمثيل الافتراضي ، فللاسف نرى ان رؤية – الوسيط ! – لاتختلف من حيث الجوهر ، والواقع عن موقف الطرفين الحزبيين ، ومن الغريب حقا ان يتجاهل هذا الوسيط الزلزال السوري ، وسقوط نظام الاستبداد ، وتاثير ذلك على الوضع الكردي من ناحية تبدل التحالفات ، وزوال اطراف كنتيجة طبيعية لما حصل في سوريا .
تدويل ام تضليل ؟
  في ظل نظام الاستبداد البائد بالاعوام السابقة وجد مسؤولو أحزاب طرفي  الاستقطاب خصوصا في سلطة الامر الواقع ذرائع ، ومسوغات ، وخلال مواجهة – داعش – تحديدا ( معظمها وقتية ) ، في فرض التجنيد الاجباري حتى على القصر ، والنساء ، وقمع الحريات العامة ، والاعتماد على قوى خارجية ومحتلة لاجزاء من بلادنا ، وذلك عندما كانت الدولة غائبة في ظل الدكتاتورية ، والان رحل الاستبداد الى غير رجعة ، وتغيرت الأحوال ، واصبح الشعب السوري ومن ضمنه الكرد السورييون أحرارا ، والسؤال هنا : الايجدر بالوسيطين ( الأمريكي – الفرنسي !) إعادة النظر بالوضع السوري العام والكردي على وجه الخصوص ؟ اليس من واجب أحزاب الطرفين مصارحة الكرد والسوريين عموما بالحقائق ؟ اذا كان البعض من تلك الأحزاب يعتبر – وساطة – التحالف تدويلا للقضية الكردية السورية فليشرحوا ذلك للملأ ، والكل يعلم ان غالبية تلك الأحزاب لاتتبنى نهج حق تقرير المصير فكيف اذن تطالب بالتدويل يا للتضليل ، يا للمزايدات في وضح النهار ، والكل يعلم أيضا ان – الوسيط – لايحمل في جعبته أي شيئ يتعلق بالحل الديموقراطي للقضية الكردية السورية ، ان استمرارية أحزاب الطرفين بهذا النهج التضليلي ، والدعوة لوصاية الأجنبي ستكلف الكرد السوريين اثمانا باهظة ، ولكن شعبنا في درجة من الوعي تمكنه من ان لا يسمح بحدوث كوارث أخرى  .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…