الكورد في سوريا: جذورٌ ثابتة في الأرض وأملٌ لا ينكسر

أزاد خليل* 
في خضم العواصف السياسية وخطابات الكراهية التي تهبُّ على سوريا، يبقى الكورد راسخين على أرضهم، متمسكين بجذورهم وهويتهم التي عمرها آلاف السنين. من كوباني إلى عفرين، ومن قامشلو إلى حي الشيخ مقصود، يواصل الكورد الدفاع عن وجودهم، رغم كل محاولات التهميش والشيطنة.
شركاء في الوطن لا عابرون فيه
يُصرُّ البعض على وصف الكورد بأنهم غرباء أو ضيوف في سوريا، متناسين أن هذه الأرض شهدت على وجودهم قبل أن تُرسم الحدود الحالية للبلاد. الكورد ليسوا طارئين، وليسوا بحاجة لشهادات إثبات وطنية من أحد. هم جزء أصيل من النسيج السوري، عاشوا فيه جنبًا إلى جنب مع العرب والسريان والآشوريين وغيرهم، يزرعون الأرض، يبنون مدنها، ويدافعون عن كرامتها.
رغم ذلك، يستمر الخطاب العنصري المسموم على منصات التواصل الاجتماعي، مصورًا الكورد وكأنهم أعداء للوطن. هذا الخطاب يتجاهل تضحياتهم وشهداءهم الذين ارتقوا دفاعًا عن سوريا، ويتعامى عن الحقيقة الراسخة: الكورد كانوا وسيبقون جزءًا من هذا الوطن.
كوباني.. رمز الصمود والنضال
تتعرض مدينة كوباني ذات الأغلبية الكردية لهجماتٍ متكررة على هويتها. يُصرُّ البعض على تسميتها “عين العرب”، متجاهلين تاريخها وهويتها الثقافية. كوباني ليست مجرد مدينة، بل رمزٌ للصمود في وجه الإرهاب، وملحمة وطنية شارك فيها الكورد دفاعًا عن كرامة كل السوريين، دون تمييز.
عفرين.. جرح مفتوح
في عفرين، تتجلى واحدة من أسوأ مآسي التهجير والتغيير الديموغرافي في سوريا. مئات العائلات الكردية أُجبرت على مغادرة منازلها، بينما تُقطع أشجار الزيتون، رمز الأرض والعيش، وتُنهب خيراتها. كيف يمكن لمن يدَّعي الوطنية أن يغضَّ الطرف عن هذه الجرائم؟ عفرين كانت وستبقى كردية، وسكانها سيعودون إليها مهما طال الزمن.
الشيخ مقصود.. صمود في وجه الحقد
رغم الحصار والاتهامات الظالمة، يثبت الكورد في حي الشيخ مقصود والأشرفية أنهم جزء من هذا الوطن، لا ينفصلون عنه. أولئك الذين يروِّجون خطاب الكراهية يتجاهلون أن هؤلاء السكان يدفعون ثمن وجودهم وكرامتهم، لكنهم صامدون في وجه كل التحديات.
رسالة إلى دعاة الكراهية
إلى كل من يحاول النيل من الكورد: كفاكم تحريضًا، كفاكم خطابًا عنصريًا يُهدد وحدة سوريا. الكورد ليسوا أعداءً لأحد، بل يسعون للعيش بكرامة وسلام على أرضهم، إلى جانب إخوتهم من كل المكونات الأخرى.
إن سوريا التي يحلم بها الكورد هي وطنٌ يتسع للجميع، يحترم حقوق جميع أبنائه دون تمييز. لن تثنيهم محاولات الشيطنة عن حبهم لوطنهم، ولن تمنعهم من المطالبة بحقوقهم المشروعة.
الخلاصة
الكورد في سوريا ليسوا عابرين ولا طارئين. هم أبناء هذه الأرض، متمسكون بها رغم الظلم والكراهية. رسالة الكورد واضحة: نحن هنا، وسنبقى هنا، ندافع عن حقوقنا ونبني المستقبل بيدينا، مهما بلغت التحديات.
*كاتب وباحث سياسي

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس ثق بنفسك، فنحن اليوم قوة لا يمكن تجاوزها، ليس فقط في سوريا، بل في الشرق الأوسط بأسره. ولهذا السبب نجد أن التركيز الإعلامي علينا يتزايد، سواء كان بدعم إيجابي أو بعداء مستفحل، وهو ما يعكس حقيقة دورنا ومكانتنا في هذه المنطقة. علينا أن ندرك جيداً أنه لا توجد قوة أو منظمة أو حتى…

خليل مصطفى أمس الأحد نشر أحد العُربان المعتوهين (مُقيم بألمانيا) على صفحته الفيسبوكية حرفياً الآتي: { أيها السوريون: الجزيرة الفراتية العربية الشمّاء والأبية، ليست قنينة غاز طبخ، أو جوال حنطة، أو شلّ قطن.. عصابات ــ قنديل ــ الإيرانية ــ تحتل ــ الجزيرة }. المقدمة : لم يسلم الكورد ولا الآخرين (غير العرب) من افتراءات نظام البعث العنصري (الذي زرع الأحقاد…

في الوقت الذي يعاني فيه الشعب السوري من ويلات الحرب المستمرة منذ أكثر من عقد، تتزايد الاعتداءات التركية ومن عصابات المرتزقة التابعة للائتلاف السوري على مناطق الشعب الكردي ، ما يزيد من معاناة المدنيين الأبرياء ويعمق الأزمة الإنسانية والسياسية في البلاد. يدين تيار مستقبل كردستان سوريا بشكل صارخ هذه الحرب الظالمة التي تستهدف المناطق الكردية، ويعتبرها استمراراً للسياسة التي…

أزاد خليل في جريمة نكراء تُضاف إلى سجل الاعتداءات التركية المستمرة على الأراضي السورية، فقدت الساحة الثقافية والفنية في منطقة الجزيرة السورية أحد أبرز أعمدتها، الفنان المسرحي الكردي جمعة خليل إبراهيم، المعروف بلقبه الفني بافي طيار. استُشهد بافي طيار متأثرًا بجراحه التي أصيب بها جراء القصف التركي الوحشي على سد تشرين في 18 كانون الثاني 2025. مسيرة فنية حافلة…