لم نكنْ بعيدين عمّا يجري في قامشلو، فمدينة منبج، على الرغم من أنّ كردها أقليةٌ، كانت مسرحاً لتجاذبات الأحزاب الكردية، وكان كردها على درجةٍ من الوعي والوطنية.. كنتُ في 16 من عمري حينذاك في الصف الأول الثانوي في مدرسة الشهيد محمد راغب هارون، أذكر حينها أنّ أستاذ اللغة العربية علي صالح الجاسم وقف في منتصف القاعة مخاطباً إيّاي وسط جمهرة…
سمعنا عن الأحداث من الراديو، وبعدها حاولت الاتصال مع أخي دجوار، الذي كان متواجداً في ملعب قامشلو البلديّ، لكن ردّ عليّ شخصٌ آخر وهو الصديق حسن، قال: إنّ دجوار ترك هاتفه معي..!، وبعدها علمنا أنّ هناك شهداء، حاولتُ الاتصال بالكثيرين وأخيراً اتّصل دجوار من قامشلو. الساعة الرابعة أتى جوان خالد إلى منزلي، وقال: شعبنا يُقتل.. علينا أنْ نفعل شيئاً، ولا…
قمع النّظام الانتفاضة بمنتهى القسوة، وبلغ عدد المعتقلين نحو سبعة آلافٍ من الفتية والشباب وكبار السّنّ وبينهم نساءٌ.. وقد مارس معهم أشدّ أنواع التعذيب مثل: تكسير الأسنان، وقلع الأظافر، والصعقات الكهربائية، وتوفي بعضهم تحت التعذيب كالشهيد الشاب فرهاد محمد صبري. وجلب النظام قواتٍ عسكريةً كبيرةً بقيادة ماهر الأسد إلى الجزيرة، وطوّق الجيش والأمن قامشلو وبقية المدن والبلدات الكردية، وقامت بفصل…
في اليوم الثاني من انتفاضة الشعب الكرديّ 12/3/2004م، ذلك اليوم الذي توحّدت فيها قواعد الأحزاب الكردية والمستقلين وجميع فئات الشعب الكردي ضدّ الظلم والعبودية، والتي انطلقت من ملعب قامشلي لكرة القدم بين فريقي الفتوّة والجهاد، وذهب ضحيتها بعض الشباب الكرد.. في ذلك اليوم 13/3/2004م قررت الجماهير الكردية مع أحزابها السياسية تشييع شهدائهم في مقبرة (قدور بك) بحشدٍ غفيرٍ، حيث تجمّعت…
– ما الذي تتذكّره من تلك الأيام الصعبة..؟. أتذكّرها بكل تفاصيلها، من لحظة سماعنا للخبر يوم الجمعة والبدء بالمظاهرات يوم السبت، وكيفية تعامل السلطة بأسلوبٍ قمعيٍّ مع الطلاب. – هل كانت جريمة الملعب عفويةً أم مخططاً لها..؟. أبداً لم تكن عفويةّ، وذلك كان واضحاً حسب الفيديوهات التي شاهدناها ووُثِّقت لحظة وقوع الحدث، وحتى قبل بداية الحدث في الملعب، عندما هتف…
1 – كُنتُ في مدينتي ديريكا حمكو/ ديريك (المُعرَّبة إلى المالكية) أثناء وقوع الأحداث الدَّامية في شهر آذار (يوم الجمعة 12/ 3 /2004م)، لكنّني كبقية أهالي المدينة (وعامة منطقتنا) سمعتُ بأنّ مُشجّعي فريق الفتوة القادمين من دير الزور بسيّاراتهم، وأنّهُم حين دخلوا شوارع مدينة قامشلي بدؤوا بتوجيه العبارات البذيئة (سبّ وشتم) بحقّ رموز الشعب الكردي.. وبعدها في الملعب البلدي نُفِّذت…
في إطار الاهتمام العالمي بالقضية الكردية عامّةً، وفي سوريا على وجه الخصوص، بعد الأحداث الدامية في 12 آذار 2004م، ازداد اهتمام العواصم الأوروبية بقضيتنا الكردية؛ فأوفدتْ مندوبين عنها إلى الجزيرة من قبل الاتحاد الأوروبي والقارة الأمريكية (كندا)، وذلك للوقوف على الحقائق كما هي في أرض الواقع؛ بغية الوصول إلى رسم تصوّرٍ واضحٍ ومباشرٍ لوضع الشعب الكردي في سوريا ومعاناته الاجتماعية…
عشرون سنة مضت، وشعبنا الكردي في سوريا يستذكر انتفاضته المجيدة، التي هبّت في 12 آذار 2004م، على امتداد الجغرافيا الكردية من مناطق وتواجدٍ في سوريا، مروراً بكوباني وعفرين، بما فيها العاصمة دمشق ومدينة حلب، حيث استمرّت لأسبوعٍ واحدٍ، راح ضحيتها حوالي ٤٠ شهيداً، ومئات الجرحى، واعتقال وملاحقة الآلاف من النشطاء الكرد. وبحكم مشاهداتي ومتابعتي ليوميات الانتفاضة، وخاصةً في حلب وعفرين،…
– المبادئ: وأنا أدلي بشهادتي عمّا جرى في يوم الجمعة/ الثاني عشر من شهر آذار عام 2004م وفي الأيام التي تلتها، (بعد مضى 20 عاماً عليها)، أودُّ بداية أنْ أنوّه بالآتي: حينها كُنت مُدرِّساً لمادة التربية الفنية التشكيلية، وعضو اللجنة النقابية في شعبة مدينة قامشلي لنقابة المعلمين، وسبق لي (شخصياً) أنْ كُنتُ لاعب كرة قدمٍ ضمن التشكيلة الأساسية لنادي…
عندما أتذكّر انتفاضة قامشلي؛ فإنّني أتذكّر فلذة كبدي، ولدي أنس، وتدور في ذاكرتي عشرات الأحداث التي مرّ بها في حياته العملية والاجتماعية، كان أنس طيب الخلق، رقيق القلب، رحيماً، حنوناً، ويحترم الصغير والكبير، كان جريئاً وصلباً لا يهاب الموت في سبيل قضيّته الكردية، وكان له الحصّة الأكبر في أرشفة الأفلام الوثائقية في استوديو درويش ومكتب الحزب “التّقدميّ” (البيشفرو) والاحتفاظ بها…..