مفهومنا «للوطنية والسيادة» بزمن الاستبداد
التاريخ: الثلاثاء 03 اذار 2020
الموضوع: اخبار



صلاح بدرالدين

بعد التطورات العسكرية الأخيرة بادلب ومحيطها والتي تميزت بالدخول التركي من الباب الواسع وتوجيه الضربات الموجعة الى جيش النظام وحماته وميليشياته الإيرانية واللبنانية والعراقية ودعم مسلحي المعارضة بالأسلحة والعتاد مما خلق كل ذلك أو يكاد رسم واقع جديد في ميزان القوى على الأرض قد يجري تعديلات على بنود اتفاقيات ( أستانة ) الثلاثية لغير مصلحة نظام الأسد تعالت أصوات بعض السوريين ليس في صفوف الموالاة لأن ذلك مفهوم وغير مفاجئ بل من أوساط " الرماديين " الذين لم يكونوا يوما مع معارضي نظام الاستبداد أو مع الثورة والتغيير الديموقراطي تعبر عن الحرص الزائد على السيادة الوطنية التي ( انتهكها العدو التركي المحتل ) الى آخر ماهنالك من تعبيرات وأوصاف من دون الإشارة الى جرائم وفظائع النظام ضد السوريين .


  وكانت ردود الفعل سريعة ومدروسة مسبقا فقد استنفر كل قوى الشر المعادية للشعب السوري لنجدة نظام الاستبداد الاسدي وهورأس الافعى والسبب في كل مالحق بسوريا والسوريين من دمار وابادة وتهجير منذ انقلاب حزب البعث وتسلط نظام الاب والابن فخلال الأسبوعين الأخيرين صعد المحتلون الروس من هجماتهم الجوية والصاروخية وارسلوا قطعات حربية جديدة الى البحر المتوسط ووصل معظم العناصر الإيرانية المقاتلة بسوريا بكل عتادها الى منطقة الاحداث كما قامت الحكومة العراقية وقيادات الحشد الشعبي بارسال أعداد المسلحين وتحويل أموال العراقيين لخزينة الأسد وزج حزب الله ( ١٠٠٠ ) ألف مقاتل جديد من فرقة – الرضوان - بارض المعركة كل ذلك حتى لايحصل أي تغيير درامتيكي في ميزان القوى العسكرية بعد التصعيد التركي المستجد ومن أجل المضي قدما في احراق ادلب ومناطقها ومن فيها من ملايين البشر وإنقاذ النظام وتغيير التركيبة الديموغرافية والمذهبية والاستعجال في تنفيذ الممر الإيراني نحو البحر كمايريدها نظام طهران وميليشياته .
  ومن المعلوم أن سوريا ومنذ سنوات قد تحولت الى ساحة لصراع القوى الإقليمية والدولية على النفوذ وتجد فيها عدة احتلالات : أولها كانت إيرانية ثم ميليشيات حزب الله وعراقية ثم جاء المحتل الروسي عام ٢٠١٥ الذي فاق الجميع حيث احتل البلاد بحرا وبرا وقرارا سياسيا واختبر كل أسلحته الحديثة في أجساد بنات وأطفال وأبناء الشعب السوري وتحاصص انتهاك القرار السياسي مع من قبله ثم جاء الاحتلال الأمريكي لأجزاء من البلاد واختتمت بالاحتلال التركي لعفرين ومناطق محاذية للحدود المشتركة مع سوريا بعيد استدراجه من جانب مسلحي جماعات – ب ك ك – ( التي وقفت مع النظام منذ اندلاع الثورة السورية ) وتحت عنوان الحفاظ على الامن القومي التركي .
من حيث المبدأ كل الاحتلالات لارض الوطن مرفوضة ومدانة ولكن موضوعيا  نحن أمام شكلين : احتلال بطلب النظام لحمايته وآخر صديق للمعارضة كما يعلن جاء من أجل حماية الشعب السوري ومعاداة النظام وهما الامريكييون والأتراك ( وقد تكون لنا ملاحظات على تلك المزاعم) وهناك سوابق مماثلة حصلت بالعراق عام ٢٠٠٣ عندما طلبت المعارضة العراقية بكل أطيافها العربية والكردية من الامريكان التدخل لاسقاط النظام وقد تم ذلك وعندما استدعيت الاحتلالات الإيرانية والميليشياوية والروسية من جانب النظام السوري المرفرض من غالبية شعبه والثائر عليه وقسم كبير من جيشه المنشق عنه من اجل الحفاظ عليه من السقوط لم نسمع أصوات هؤلاء " الرماديين " ولم نشعر بغيرتهم – الوطنجية – الزائدة .
لاشك أن نظام الاستبداد الأسدي هو أول من انتهك سيادة البلاد وشوه الكرامة الوطنية وحول الوطن الى ملكية عائلية وفردية ومصدرا للفتنة الطائفية والحروب وأداة لابادة السوريين وتحت ظل هذا النظام لم تبق هناك أية معنى للوطنية التي يتاجر بها ويستخدمها لمآربه ونزعاته الدكتاتورية الاجرامية فالسورييون المناوؤون لهذا النظام ثاروا عليه منذ مايقارب العشرة أعوام ولم يطلبوا من أية دولة أجنبية ارسال جيوشها وأساطيلها الى البر السوري وبحره ومازالوا يبحثون عن رسم معالم وطنية جديدة تحميهم وتوحدهم وتنير الطريق نحو الخلاص والبناء والوحدة الوطنية تنطلق من دستور يكرس حقوق الجميع من العرب والكرد والتركمان والمكونات الاخرى ولكن بعد اسقاط الاستبداد الذي سيتم عاجلا أو آجلا ومهما اشتدت الصعاب وتعقد المشهد . 
وهؤلاء السورييون الاحرار هم أبناء وأحفاد الذين واجهوا التهديدات التركية عام ١٩٥٧ عندما كان – عدنان مندريس – رئيسا لحكو مة أنقرة ( وأعدم لاحقا ) وانخرطوا بصفوف المقاومة الشعبية بكل المناطق دفاعا عن الوطن والسيادة عندما كانت هناك نسمة من الديموقراطية ولم يكن النظام آنذاك مشابها لماهو قائم الان ووجود قادة منتخبين عظام مثل رئيس الجمهورية السورية شكري القوتلي  ووزير دفاعه الوطني – عفيف البزري – ورئيس اركانه الكردي – توفيق نظام الدين – مدعومون من السوفييت ( وليس من طغمة بوتين المافيوية ) وجمال عبد الناصر وحينها كان للوطنية مذاقا آخر . 
مسألة ادلب ومنطقتها مطروحة بالحاح وملتهبة وقضية الساعة وانني ككردي وسوري ومثل الملايين أرى أن العدو الرئيسي والاخطر والذي يتحمل مسؤولية دمار بلادي وقمع شعبي الكردي وتطبيق الحزام والاحصاء والتهجير وتغيير التركيب الديموغرافي هو أنظمة الاستبداد وآخرها نظام الاسد ويهمني جدا كما يهم كل كردي وطني وسوري أن تنهزم جيوش وأنصار النظام والميليشيات حتى يتسنى للسوريين العيش بسلام ووئام وتقرير مصيرهم واجراء التغيير الديموقراطي واستعادة الحقوق .
وهنا والى جانب ذلك علينا الاعتراف بوجود أزمة في المعارضة السورية وانحرافات بمعظم فصائلها العسكرية وهياكلها السياسية التمثيلية  وهذا لايغير من المبادئ شيئا وفي السياسة لايهم اهداف ومقاصد الاطراف بل مايهم هو من يوجه النيران الى النظام ويضعفه وذلك يخدم قضيتنا وحتى لو لم اكن على وفاق مع تركيا أو امريكا أو اسرائيل فليس من المنطق السياسي أن تهاجم أي من تلك الاطراف وغيرها لتتحول بالتالي الى صفوف النظام بنهاية الامر من جهة أخرى وعلى ذكر تركيا فمازالت القضية الكردية لم تحل في تركيا والحكومة لاتعترف بحق تقرير مصير كرد تركيا وهناك مشاكل وعداوات بين الحركة الكردية في تركيا والحكومات المتعاقبة ويحتاج الامر الى الحوار والتفاهم وحل القضايا العالقة وفي الوقت ذاته هناك أفضل العلاقات التجارية والدبلوماسية بين تركيا وحكومة إقليم كردستان العراق . 
اشقاؤنا كرد تركيا الذين يناهزون أكثر من نصف الكرد بالعالم هم مسؤولون عن مصيرهم كما نحن كرد سوريا مسؤولون عن مصيرنا وليس من وظيفة الكرد السوريين ولا من منهاج حركتهم الوطنية الحلول محل كرد تركيا أو أي جزء آخر كما من غير المعقول بل الخطأ القاتل أن تختزل قضية كرد سوريا كقضية شعب ووجود وحقوق ومستقبل الأجيال الى مجرد صراع مع تركيا ومعاداتها ونسيان العدو الرئيسي في دمشق  .
بالختام أقول أن منظار الوطنية الحقة الصادقة أوسع بكثير من النظرات الضيقة المنطلقة من مصالح فئوية أو حزبية أو مشاعر وعواطف شخصية مزاجية فبنهاية المطاف نحن السورييون بكل أطيافنا القومية والدينية والمذهبية والاجتماعية نخضع مجتمعين لمبادئ الوطنية بل نسعى اليها وفي مقدمتها السيادة وانهاء كل الاحتلالات بعد رحيل الاستبداد وتثبيت النظام الديموقراطي والمساواة والعيش المشترك والتشاركية في السلطة والثروة ودستور يضمن وجود وحقوق الجميع .
 
------------------- 
  إذا اعجبتك المادة يرجى مشاركتها مع اصدقاءك من خلال النقر على رموز وسائل التواصل الاجتماعي في اعلى الصفحة 






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=25997