- نظرا لكثرة السيارات في هولير و السرعة العالية التي يقود بها الهوليريون فكان من الطبيعي وجود الكثير من الحوادث المرورية، و لكن الكورد السوريون كانوا الاكثر تضررا من هذه الحوادث، حيث ان هناك الكثير من الحالات التي حصلت و خرجت من نطاق الحوادث الفردية او الاستثنائية، بل و اصبحت قانونا و هي تتمثل في عدم اسعاف ضحية الحادث ان كان سوريا و هروب السائق و الافظع من ذلك هو تستر الشهود و احيانا بعض عناصر الاسايش على الجاني و محاولة اغلاق التحقيق بأسرع ما يمكن. (املك الكثير من الامثلة و القرائن فيما يتعلق بهذه الحالات).
- سمعنا الكثير هنا يعيرنا بأننا هربنا من وطننا وانه كان الاجدى بنا القتال لاسقاط النظام السوري (مثلهم حين قاتلوا النظام العراقي السابق) كما انهم يتهموننا بأننا جئنا الى الاقليم فقط لجمع (الدولارات) و انه ليس هناك اي مشكلة في مناطقنا تضطرنا الى الهرب منها و هذا يدل على عدم استيعابهم لحقيقة ما يحصل في مناطقنا و ان المشكلة لا تكمن فقط في وجود القتال (الذي لا تخلو منه الكثير من المناطق الكوردية في سوريا) بل ان المشكلة الاكبر هي في الاوضاع الاقتصادية التعيسة جدا بالاضافة الى فرار معظم الشباب الكورد من الخدمة اللالزامية.
- كما استهللت في بداية المقال، كانت التسهيلات المقدمة لنا من قبل حكومة الاقليم و كافة المديريات تخفف عنا تعامل الاهالي (الغير متوقع من قبلنا)، و لكن في الاونة الاخيرة ظهرت الكثير من العوائق و التصعيبات من قبل الجهات الرسمية، و على سبيل المثال لا الحصر: تم وضع شروط تعجييزية على تأجير البيوت للكورد السوريين كطلب كفيل موظف (سوراني) حصرا بعد موافقة الاسايش التي قد لا تستحصل لاسباب مجهولة او – بحسب قولهم – وجود اوامر بعدم تأجير السوريين بالاضافة الى ايقاف اعطاء الاقامة للسوريين في هولير لاسباب غير معروفة و الغريب في الامر بأن الاسايش و بعض اماكن العمل و السيطرات (الحواجز الامنية) يطلبون الاقامة و من الصعب افهامهم بأنه لا يتم منحها للسوريين في هولير حاليا مما تسبب في منع تنقل الكورد السوريين بين مدن و مناطق الاقليم و ايقافهم على السيطرات لمدد احيانا تصل الى عدة ايام بحجة عدم وجود الاقامة ( التي ذكرنا وضعها اعلاه).
ان هذه النقاط و المصاعب التي ذكرتها قد تواجه اللاجئين في اي دولة كانت و لكن هناك الكثير من العوامل التي كانت يجب ان تحول دون تعرضنا لهذه المعاملة في كوردستان الجنوبية، من اهم هذه العوامل هي كوننا كوردا اي من نفس القومية التي ينتمي اليها اخوتنا في كوردستان العراق، و لا يوجد فرق كبير في الثقافة التي ننتمي اليها، كما اننا حاولنا قصارى جهدنا لكي نكون ايجابيين و غير اتكاليين في المجتمع الكوردستاني من خلال العمل اي كان نوعه، فقد انخرطنا في كافة مجالات العمل في الاقليم و على مختلف المستويات و قلما يوجد شاب منا عاطل عن العمل لانه سيكون مستعدا للعمل في اي مجال و لو كان ادنى من مستوى اختصاصه بكثير، فكثيرا ما تجد خريجا جامعيا يعمل نادلا في مطعم او عاملا عاديا في المشاريع الانشائية. نسبة المتسولين من السوريين هي قليلة جدا مقارنة بالمتسولين من السكان الاصليين، و حتى تلك النسبة القليلة التي اتخذت التسول وسيلة للعيش فهم اما ممن تعرضت منازلهم للقصف (خصوصا في حلب و ريفها) و فقدوا كل شيء او ممن كانوا قد اعتادوا على عادة التسول في سوريا، و ايضا نسبة المشاكل الجنائية التي تسبب بها السوريين هي قليلة جدا مقارنة بتلك التي يرتكبها السكان الاصليون و المقيمون الاجانب من عرب(عراقيين و غير عراقيين) و اتراك و غيرهم.
و الاهم من هذا كله هي ان كورد العراق هم الاكثر خبرة و معرفة بقساوة اللجوء، فليس بزمن بعيد حين لجؤوا ملايينا الى تركيا و ايران و حتى البعض منهم الى سوريا، من الغريب جدا انهم تناسوا تلك الايام الصعبة التي لم انسها انا الذي كنت طفلا حينها، فأنا اتذكر جيدا حين كان رجال حارتنا يجتمعون حول جهاز المذياع (الراديو) باذلين كل جهدهم لفهم كلام المذيع المشوش و الغير مفهوم في اذاعة صوت كوردستان العراق او اذاعة مونتيكارلو لمعرفة وضع الانتفاضة الكوردية و ما آلت اليه حالة الملايين من النازحين الكورد باتجاه الحدود الى تركيا، كما و يمكنني تذكر مجموعة الشباب الذين هربوا من كوردستان العراق و استقروا في حارتنا و كيف استقبلهم اهل الحارة بكل حرارة و تنافس الجميع في استضافتهم في بيته و تقديم الطعام اليهم رغم كل ما كان يعتري ذلك من خطورة امنية و رغم الظروف المعيشية الصعبة التي كنا نعيشها في تلك الايام.
نعم يا اخوتي الكورد... ها قد جار الزمان علينا و طرقنا بابكم و انتم في غاية السعة في الرزق و الاستقرار، تذكروا يا اخوتي اننا كورد.. و لا نحتاج الى اي دليل او برهان او صك لاثبات ذلك و كنا نتطلع الى افضل من هذا منكم و اعلموا جيدا ان التاريخ لن يرحم ابدا.
ملاحظة: هذا التعميم في الكلام لا يعني ابدا عدم وجود اشخاص خيرين جعلونا نحس فعلا بأننا في بيتنا و بين اهلنا و لكنهم - للأسف- قليلون جدا.
آزاد خالد
azad.xalid@gmail.com