القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 544 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي


























 

 
 

مقالات: وجهة نظر في جريمة تفجير استنبول

 
الخميس 17 تشرين الثاني 2022


نزار بعريني 

في ساحات إقليمية حبلى بالتناقضات، تضجّ بصراعات السيطرة والنهب لمافيات شذّاذ الآفاق المحليين والإقليميين والدوليين،من شتّى الصنوف والألوان، الساعين للتحكّم بأكثر الوسائل تدميرا، وباستغلال دماء الشعوب ومصالحها،لم يَعُد الأهم في جريمة "تفجير " شارع الإستقلال"يرتبط بهوية الفاعل، بل يصبح التساؤل الاكثر موضوعية :
مَنْ مِن قوى الصراع الإقليمية وأذرعهم المحليّة لاتقف بشكل مباشر أو غير مباشر خلف الجريمة ؛ وجميع الجرائم التي تستهدف توصيل رسائل أو الإستثمار السياسي في ترويع المدنيين ؟
على صعيد ردود الأفعال " النخبوية "، لا يحتاج المتابع لاكتشاف مهارات البعض في اللعب بوقائع الجريمة بما يخدم رؤيته الخاصّة، على طريقة،"،"كلام حق، يُراد به باطل" !


بغضّ النظر عن موقفنا من الأطراف المعنية مباشرة بالتفجير أو طبيعة مسؤوليتها عنه -النظام التركي وحزب العمال الكردستاني - يبدو جليّا انّ نتائج جريمة " تفجير تقسيم"  تصبّ في خدمة  سياسات تركيا في هذه المرحلة، وسيسعى النظام التركي  لتجيير هذه الجريمة المروّعة، والمدانة،  لتعزيز سياساته، والتأكيد على مصداقية مواقفه، وتحشيد الرأي العام الداخلي  لصالحه في معركة الانتخابات القادمة، كما من أجل اضفاء المزيد من الشرعية والمصداقية على اهداف حروبه المعلنة في منطقة سيطرته السوريّة، وفي مواجهة الإرهاب القسدي، و عبر ما يحوزه من خبرة واسعة في وسائل حربه الطويلة ضدّ، ومع " حزب العمّال التركي، وواجهته السورية، على الصعيدين التركي والسوري؛ علما أنّ هذه الإمكانية  الواقعية لا تبرّئ  ايّا من قوى الصراع الأخرى، خاصّة قيادة " حزب العمّال الكردستاني "، من دماء ضحايا تقسيم، ولا تمنعها   من الإستثمار السياسي في الجريمة، بغضّ النظر عن طبيعة  دورها في ارتكابها!
إنّ إستمرار حالة الصراع الدموي بين " تركيا " و"حزب العمال الكردستاني"، لا تمنع بأيّة حال حصول تقاطع في المصالح والسياسات، خاصة في هذه المرحلة التي يسعى فيها كلّ منهما لتحشيد "الشارع الداخلي" لصالحه، وكسب الرأي العام، وهي النقطة الأولى التي يعملان على تسجيلها من النتائج الأوليّة لجريمة التفجير، بغضّ النظر عن حقيقة هويّة الأطراف التي اقترفتها !!
الحقائق التي لا يروق  للبعض الإعتراف بها تقول بأنّه إذا كانت تركيا دولة إقليمية كبرى، يسعى نظامها بأشكاله السياسية المختلفة طيلة أكثر من قرن للحفاظ على مصالحها القومية العليا في مواجهة خصوم ومنافسين أقوياء، فإنّ "حزب العمال الكردستاني" ليس سوى بندقية للإيجار، ومنظّمة سياسية براغماتيّة، تلعب قيادتها بمهارة على لوحة مصالح القوى المتناقضة،  المتصارعة على السيطرة الإقليمية، ولا يحكم سياساتها سوى مصالح الصفوة المهيمنة ! 
ترقص قيادة المنظّمة، المصنّفة إرهابية، كما يحلو للقيادة التركية تكرار القول، دائما على أوتار المصالح والسياسات المتناقضة ؛ فتميل تارة  لصالح النظام السوري، و تتحوّل أطوارا إلى مؤدّية على أوتار المصالح الأمريكية/ الروسية /الإيرانية، دون أن تتعثّر بعقد تناقض  سياسات اللاعبين الكبار،أو تقاطع سياساتها مع مصالح عدوها اللدود، النظام التركي،وما يوفّره من فرصة  لتبرير سياساته الخاصّة تجاه الداخل السوري !
خلال ٢٠١١/ ٢٠١٢، وفي إطار دور المنظّمة كأداة في مواجهة استحقاقات ديمقراطية وطنية، ولمنع تحوّل حراك السوريين السلمي إلى ثورة ديمقراطية وطنية، حصلت قياداتها العاملة في مناطق السوريين الكرد على دعم سوري وإيراني مباشر، ولوجستي، أمريكي وروسي، وغض نظر تركي، مكّنها من التحكّم بمعظم مناطق الكرد، ومن السيطرة على  شريط المناطق   الحدودية السوريّة التركية  .
في سيطرتها على  أهم مناطق الكرد ،  عملت على  قمع حركة الإحتجاج السلمي الكرديّة، واستخدام  حقوق الكرد القومية المشروعة، ومظالمهم التاريخية، كورقة، وغطاء قومي، لتحقيق أهداف قياداتها الخاصة، في سياق تحقيق مصالح القوى الداعمة لها، التي تتناقض بالجوهر مع مصالح جميع  السوريين، ونضالهم التاريخي لقيام دولة العدالة والحريّة والديمقراطية، وقد لعبت تلك الورقة الكردية بمهارة من خلال مشروع " روج آفا "، وقيادته السياسية، "مسد"، وبفضل دعم مستمر من جميع قوى الثورة المضادة للتغيير الديمقراطي"، خاصّة في مرحلة التمدد و السيطرة الأمريكية / الروسية، تحت يافطة محاربة الإرهاب الداعشي بداية، ومواجهة التهديدات التركية، دائما !
في سيطرته على الحدود التركية السورية،من جهة ثانية، أعطى النظام التركي الذريعة والتبرير لتحقيق أهداف مشروعه الخاص في سوريا، في مواجهة مشاريع القوى الإقليمية والدولية المنافسة - الإيراني والروسي والأمريكي- وفي سياق حروب تقاسم الحصص ومناطق النفوذ، خلال المرحلة الثانية من " الخيار العسكري الطائفي "، بين ٢٠١٥ - ٢٠٢٠ .
على أيّة حال، إذا كانت "القيادات  الكردية " في "حزب العمال الكردستاني "  وفي  "قسد"،  وعلى غرار معظم " قيادات سلطات" الأمر الواقع" السوريّة الأخرى"،  غير معنيّة بهموم شعوب المنطقة عموما، ولا بمصالح السوريين  ، كردا  وعربا، وغيرهم، على وجه الخصوص، و ينصبّ جلّ اهتمامها على  البحث عن فرص تحقيق مصالحها الخاصة،على لوحة  صراعات سياسات الأنظمة، وهي حقيقة بارزة، فمن المؤسف عدم إدراك شعوب المنطقة وبعض نخبها السياسية والثقافية  لتلك الحقيقة، واستمرار مساعي بعض النخب للدفاع عن سياساتها، و إعطائهــا "غطاءات" الشرعية   الديمقراطية أو القومية، وبما يمكّنها من الإستمرار في القيام بوظائف تتناقض مع مصالح أهداف المشروع الديمقراطي لشعوب المنطقة!
في خلاصة القول، وعلى أرضية مصالح السوريين المشتركة، يبدو لي أنّ المخرج الوحيد للمتاهة التي يعيشها السوريون، كردا وعرب، هي العودة إلى قيم الثورة، والالتزام بأهداف المشروع الديمقراطي للشعب السوري، وتحشيد الجهود والقوى لإنجاز هدف الثورة المركزي؛ " الإنتقال السياسي "، في سياق  كشف أدوار قوى ونخب " سلطات الأمرالواقع  الراهنة"، العربية والكردية،  التي شكّلت أدوات قوى  الثورة المضادة الخارجية، وباتت جزءاً لايتجزأ من " النظام  السوري "،في بنيته الراهنة !

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 2


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات