بطبيعة الحال، هذا الهجوم ليس الأول، ويُخشى الا يكون الأخير، فقد نفذ عناصر الحزب الذين يتخذون من أراضي إقليم كوردستان تواجداً لهم في اوقات سابقة هجمات على قوات البيشمركة والأجهزة الأمنية في اقليم كوردستان، ولاقت هذه الهجمات إدانات من عواصم غربية عديدة ووصفتها بالأعمال الارهابية، وأوقعت جرحى وشهداء بين صفوف البيشمركة.

 وسبق أن شكا كثير من السكان المحليين من تمركز مسلحي حزب العمال في المناطق السكنية داخل الاقليم، وقالوا إن ذلك يُحوّل مناطقهم إلى مسرح لتصفية الحسابات بين حزب العمال وتركيا.

ومرات عديدة، وعلى مستويات عليا، طالبت حكومة إقليم كوردستان، مسلحي الـ ب ك ك  بمغادرة أراضي الإقليم وإخلاء القرى الحدودية وعدم جعلها مسرحاً لأعمال العنف.

وفي كل مرة تنشط تركيا لملاحقة فلول عناصر العمال إلى داخل إقليم كوردستان، ويقصف الجيش التركي بشكل عشوائي، ما يؤدي إلى فقد مواطنين من جنوبي كوردستان مدنيين لحياتهم في المنطقة الحدودية التي حولها حزب العمال إلى مسرح لأعمال العنف بين طرفي النزاع منذ سنوات عديدة.

يبدو أن عناصر الـ ب ك ك ظنوا أن نقطة تواجد البيشمركة هي نقطة تابعة للجيش التركي!! لهذا كانت شهيتم مفتوحة لضربهم بمختف الأسلحة.

الحقيقة أن أكبر مشكلة حالياً تواجه جنوبي كوردستان هي وجود الـ ب ك ك على أراضي كوردستان، وتواجده في شنكال وقنديل والمناطق الحدودية، ومساهمته في تهجير ساكني مئات القرى القرى الحدودية، وتوغلات للجيش التركي بذريعة وجود حزب ب ك ك في المنطقة.

وفي 4-5 تشرين الأول من العام الماضي شنت عناصر الـ ب ك ك هجوماً على البيشمركة، وأوقعوا شهداء وجرحى، وندّد رئيس اقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني بذلك الهجوم الغادر، مطالباً قيادة العمال في قنديل باحترام "الكيان الدستوري لإقليم كوردستان وحكومته ومؤسساته الشرعية، ويبعد حربه عن كوردستان ويتوقف عن التحرش بها" وكذا الأمر فعلته حكومة الاقليم.

الحقيقة، تبدو الصورة وكأن حزب العمال لا يبغي التوقف عن هذه الاعمال التي لم تكن يوماً بالخطأ غير المقصود، وقد وضع نصب عينه لإحراج حكومة اقليم كوردستان، وضرب مصالح شعب كوردستان بتواجده على أراضي الاقليم.

وحتى الحكومة العراقية، لا تقوم بواجبها إزاء انتهاك سيادة أرض عراقية بخصوص "الحرب الدائرة بين أنقرة والـ ب ك ك لأنها تستطيع أن تتحرّك دبلوماسياً، وتقدّم شكوى للأمم المتحدة على الاعتداءات المتكررة للجيش التركي، وقيامه بعمليات تأتي بضررها المؤكد، وعلى الأقل تستطيع استدعاء السفير التركي في بغداد، وسحب سفيرها في انقرة للتشاور، والتلويح بقطع العلاقات الدبلوماسية مالم تقم حكومة انقرة بوقف اعتداءاتها ضد أهالي قرى كوردستان الحدودية، تستطيع بغداد القيام بكل هذه الخطوات الدبلوماسية الاحتجاجية، وتضغط على مجلس الأمن لعقد جلسة خاصة بهذا الصدد، لكنها لا تفعل، وتتفرج، في حين أن كل هذه الخطوات لا يمكن ان تقوم بها حكومة اقليم كوردستان باعتبارها جزءاً من كيان العراق الاتحادي حتى الآن.

بكل الأحوال، استمرار هذه المناوشات بين الجيش التركي وقوات العمال تصب بالضد من إرادة شعبنا في جنوبي كوردستان، واستقراره مما يساهم في تفاقم الأزمات الإنسانية، فقبل ايام  أفاد مدير ناحية كاني ماسي الحدودية بمحافظة دهوك، ان "اكثر من 40 قرية ضمن حدود الناحية مهددة بالإخلاء بسبب القصف والقتال الدائر بين مسلحي حزب العمال الكوردستاني PKK والجيش التركي" .

والحقيقة أن ال ب ك ك يصر على اتخاذ المدنيين في المنطقة الحدودية دروعاً بشرية، وإلا ما المبرر لجعل المنطقة ساحة لتصفية حساباته مع حكومة انقرة.

من جهتها حكومة اقليم كوردستان بين أمرين أحلاهما مرُّ، فمن جهة تواجد حزب العمال يضر بمصالح الإقليم من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومن جهة ثانية ثمّة حرج من قبل حكومة اقليم كوردستان تتجنب وبكلل السبل استذكار الاقتتال الكردي الكردي المدمّر في أواخر التسعينيات، ووقتها اتفق الرئيس مسعود بارزاني، والرئيس الراحل جلال طالباني بتحريم وتجريم الاقتتال الداخلي، وإلى الأبد.

حكومة كوردستان، وشعب كوردستان ليس لديه  أية رغبة في خوض هذا الاقتتال، ولكن بعض قادة قنديل الذي ينفذ أجندات اقليمية ببراعة سبق أن هدّد الاقليم بضربه في العمق، ويغالون في تهديد مصالح الإقليم.

ألا من رجل رشيد يقول لقيادة الحزب أن نقطة دم واحدة من بيشمركة كوردستان خيانة ما بعدها خيانة؟! وليذهب مسلحو العمال إلى ساحتهم في شمالي كوردستان، ووقتها تتغير الموازين والمواقف.