الدمعة التي تساقطت على وجنتي شرمولى بعد حريق شهرزاد ..!! ... حوار مع الكاتب والصحفي حسين أحمد
التاريخ: الأثنين 28 ايار 2007
الموضوع: القسم الثقافي



حاورته :  مجلة ليلان

إن مجرد الحديث عن عمل حوارِ مع الكاتب والناشط العامودي البارز الأستاذ حسين أحمد أقول أن مثل هذه مغامرة – أشبه بمن يحاول ترغيب شخص ما بشراء مادة هو بالأساس منتجها. فالرجل محاور من الدرجة الأولى , وله ما لا يقل عن مئة حوار مع مختلف الفعاليات الثقافية الكردية في غربي كردستان


وكما يقال فان محراثه قد تكسر على صخور كثيرة في هذا الميدان الواسع والمليء بالأحجار والحرائق والرماد .يقال أن للنار توئماَ اختاره الله من هذه الجغرافيا الواهنة ولذلك فإذا كان لابد من بكاءِ على هذا الرماد فليكن هو بكاء الله مادمنا نعلق كلّ شيء على مشجبه الدامي ..لا ادري من أين أبدا معه وهو البادئ الأول بلاشك ..؟! ولا أي محارة من بحره سأفتحها لرؤية دررها ..؟! وهو البادئ بفتح محارات من بحور كبيرة وكثيرة ..؟! لكن عند أول درجة على محرابه لابد لك عزيزي القارئ من أن تكون قد خرجت من احد أبواب عامودا .. لتدخل منها إلى عالم (حسين أحمد ) لتبدأ معه بالتعريف عن نفسه من خلال عامودا أو لتعريف عامودا من خلاله إنهما توأمان : احدهما ناري والأخر نوراني..

س- فمن هما ..؟؟

*- لا ادري تماماً أن كنت أستطيع القول أوالتعبير- في هذه الجدلية الذاتية- عن خلجاتي ومكابداتي الروحية والفكرية وما يجول في خاطري من أحاسيس ومشاعروهذيانات أوالبوح للأخر التأملي المقابل لهذا النص المنكسرعن كل هذه التراكمات المشهدية التاريخية التي رافقت مسيرتنا اليومية , وان كان هذا التاريخ تحديداً هو الذي مضى بنا إلى التعريف بالآخر وهو الذات المعرفي من خلال هيئة ثابتة قد لا تتميز كثيراً في الشكل سواء عبر قراءة متأنية دقيقة لتقدم لك جواز سفر إلى أصقاع المعني بذوات الإنسانية والقصية أصلا عن المكان أو المؤثرات الشكلية ..!! في شتاءٍ كانوني مثلج , وفي هنيهة وبالقدرة الإلهية يتحول الموقف بأوجهه المتعددة إلى متاهة من السؤال , يدخل القدر من احد كواته بلمحة بصر ليغير مسار أبجدية الكلام وصمت المنارات وانين البراري الاوركيشية المنهمرعلى صراخ بابل وسومر, وخاصة في أسئلتها المبعثرة في أفواه المدينة بكامل مساحتها الإنسانية , هذه المدينة التي أراد لها القدر إن تكون ثكلى التاريخ ثكلى الهيتيين , والكوتيين, والطوروسيين, والسوباريين ,والاوركيشين..؟ أنه التاريخ ذاته الذي غير أوجه السجال كله في برهة واحدة ..؟ في لحظة عابرة لهذا المشهد المثير الذي نحن بصدد إظهاره وكشفه للملأ , يأتي الكلام مرتبكاَ دفعة واحدة لا ضوابط ولا من يستطيع تقويمه..؟ إنه التاريخ بتراجيدياته المحزنة تتحول في لحظة ما, وهي في مواجهة الجميع . في شتاءٍ زمهريري جاء هذا الغائب البعيد ( الوحيد لأمه , لأخواته الحزينات ) بشرارة مدوية من عذابات...( شرمولى - 1965 )  

س- ماذا يعني لك اللغز كونك سيد الالغاز في ميدان الكتابة ..كاتب وباحث بالفطرة لم تحمل أي شهادة أكاديمية ..؟؟ كيف ذلك ..!!

* - الحديث أو التحدث عن عامودا - المكان-  الوجوه – التاريخ - هذا يعني لا بد أن  تتكلم في الطلاسم أوهذا يعني بأنك ستدخل ومن دون استئذان إلى متاهات الأسئلة ومن مداخلها الشاسعة أو إذا رغبت أن تسبر أغوار أزقتها المشاكسة أوتكون في ضيافة (  شرمولى ) وهي سيدة الألغاز الحقيقية, وأنت تتأمل أحزانها الجلية , وهي رابضة للضاحية الجنوبية لعامودا , ومنذ الأزل , وهي تخبئ في ذاكرتها كنوزا ثرية  من الأسرار , وتحمل على كاهلها أوجاع وآلام وعذابات الكون قاطبة , حينئذا ستدرك مفهوم اللغز وستدرك ان للقصائد الكربلائية نصيباً كبيراً من الوجع والدم واللهيب في عامودا ..وستدري كم قسا هذا التاريخ الظالم بحق هذه البلدة الهادئة التي اكتوت بسعير الألغاز...بلهب السؤال والجواب , وهي تمضي من حريق إلى حريق ومن متاهة إلى متاهة ومن لغز إلى لغز ,و من وجع إلى وجع .. حينذاك ستدري انك اللغز والمتاهة ذاتهما مادمت سليل عامودا ذاتها..!! .. ينادي الشاعر السوري- العامودي ( صباح قاسم ) وبأعلى صوته :
نحن أحياء التاريخ  ..!!
لا تقلق .. ؟؟
ولا تكن مندهشاً ..!!
فالمكان عامودا امرأة المودة
الزمان تشرين المطر
التاريخ تسعمائة وستون بعد الألف ..؟؟
الشاهد أسماونا... وتواريخ ولادتنا
منقوشة على شواهد المقابر ..
نحن بقايا صور .. في كتاب الزمن ؟؟
فيما يعني العامودي الناري غير النوراني , والمسكون فيه عاموديته هنا هذا الإنتمائي المثير له الحق المطلق أن يحمل شهادة أكاديمية بتزكية اكتسبها من قداسة المكان والمشاهد التاريخية التي مر بها في ميدان الكلام والحرائق والقصائد والشهداء, مما كونت لديه خيالاً خصباً .

س- لك باع طويل حول البحث والتوثيق عبر سيد حرائق العالم – ان صح التعبير – حرائق عامودا ..! وحريق سينما عامودا ..؟!كيف بدأت..!!وكيف ستنتهي ..؟؟

* - بدأتْ الحرائق..هذا صحيح..!! أقول لا جدل فيها على الإطلاق ..!! لكن كيف بدأت ..!! وكيف ستنتهي ..!! هذا ما لا يدركه إنسان . أولا جدوى الحديث فيه على الأقل الآن ..؟! لان الجراحات مازالت نازفة ولان النار مازال مشتعلاً ومتأججاً في جسد المدينة بأكمله..!! ولأنه مازالت رائحة الشواء الآدمي تنتشر من زوايا كثيرة . في هذه المدينة الموجوعة من قلبها . وكأن الحريق الذي تتكلم عنه بدأ لتوه..؟! بدأ الآن ..أوه اني احترق..!!إنه الحريق الأكثر شهرة في العالم حريق ( شهرزاد ) التي عٌرفت بها هذه المدينة البريئة الوادعة والتي قدمت حوالي280 طفلاً من أطفالها الصغار (هم شهداء الحريق الكبير) ، لم تكن تتجاوز أعمارهم ما بين العشر سنوات وحتى خمس عشرة سنة . واشتهرت الحادثة عالمياً لان وقودها كانوا أطفالا كالورود والياسمين في لحظة اندثرت أحلامهم نهائياً .لاريب فيه لن يسمع احد لا في المستقبل القريب أو البعيد أن 280 طفلاً احترقوا دفعة واحدة في أي حادث مماثل ، وخلال دقائق معدودة ، بحيث لم تبق عائلة واحدة في عامودا إلا وكان لها نصيب مشؤوم ولكن بعد أن انتهى كل شيء في السينما التي أصبحت أطلالاً من الجثث المتفحمة, والتراب المحترق الذي يخفي تحته جيلا كوردياً عامودياً مع كامل أحلامه وطموحاته ..؟ أخذت أحلامنا يا صاحبي و نحن محكومون بقدر الحريق على مدى التيه إنها ( شرمولى)  توأمة " حسين أحمد " والمتاهة والحريق إنها ( شرمولى )  التي تشبه ( المسيح تمشي ) على مياه البراري ولا تغرق إنها ( شرمولى ) غبار الكلام وصمت الريح وحنين قدر طويل يجتاز أسوار المدن الغربية باتجاهاته المشتتة : الفرنسية والهولندية والألمانية والسويدية حتى- مشارف العاصمة - ( كركوك ) والى فيافي الدنيا قاطبة , وحنين السفن تتمنى النجاة من لجة( قوافل المطر)  فعذراً من الشاعرة افين شكاكي...ولكن هيهات ..!!

س – ما علاقة الثقافة بالسياسة..وخاصة ان مشكلة المثقف الحالي هو كيفية الانتقال من التقليد إلى التدبير ..

* - هذه علاقة أزلية جداً مذ ظهرهذا الآدمي بذاتيته في إحدى بقاع هذه البسيطة, وقيل أنه ( الإنسان ) بهيئته المكشوفة , وأكد هذه النظرية عندما قيل في( الإنجيل المقدس) الإصحاح الأتي :( في البدء كانت الكلمة -  في البدء كانت الحقيقة ) أي أن ثمة حراكاً فكرياً لتعبر عن حالة ما أو أراد أن يقول في ذلك الزمن ليغير في مسيرة التاريخ ويمنح الإنسان إنسانيته خلال ثقافة إنسانية ومعرفية وروحية . في حافة الجغرافية الأخرى من هذه البسيطة .. وحين بدأت الأسرة الآدمية بالظهور, بدأت معها الإشكالية..؟! بدأ صراع وجود الأنا..؟! بدأ الخوض في الحسابات..!! بدأ الإقصاء..!! وإبقاء الأنا سيد العالم .. وبدأ حب السيطرة - الدكتاتورية - على مكامن الذات الآخر .. وبدأت أحزان وأوجاع ( سيدنا آدم... سلام الله عليه ) تنتشر وتتوزع في جغرافية الملذات من مقتل ابنه هابيل المذبوح في أنانية قابيل , ومنذ ذلك الحين وربما قبل ذلك الوقت أيضاً كان صراع الثقافة والسياسة قائمة ولن ينتهي هذا الصراع بمصرع الدكتاتور ( صدام حسين ) الذي قمع كل مثقفي الأرض  .

س- الأستاذ حسين أحمد كيف ستستقيم أحوال الأمة الكردية برأيك _عذراً من هذا السؤال العجيني.!! لكننا مجبولون ضمنها.هل من طريق لاعادة تسوية العجينة..وعلى أية خشبة .

* - مما لاشك فيه ..!! بالثقافة والمعرفة الحقيقتين , ودراسة التاريخ جيداَ , والاستفادة العميقة من تجارب الآخرين في ميادين الحياة كافة والنبش في غياهبها , وأخذ الدروس والمواعظ منها و تكريدها وصبها في خدمة الإنسان الكردي , وقبول اللآخر المعرفي والسياسي والاجتماعي , والعودة إلى مكامن التراث الكردي العريق وخاصة سماتها ( الإنسانية –  الأخلاقية ) وفناء الأنا الذاتية المريضة التي تظهر في الحالة الإنسانية الكردية , وهي الحالة الشاذة البعيدة عن القيم الكردية الأصيلة ..؟

س- هناك مشروع كونفدرالية و ديمقراطية طرحها السيد القائد عبدا لله أوج الآن الذي يتعرض لأقسى عقوبة عرفها التاريخ... من ناحية ظروف سجنه على يد نظام السلطة العالمية لأنه استطاع تحليل بنية هذه السلطة عبر تطوره التاريخي, واستطاع أن يطرح البديل المناسب لخلاص البشرية من براثن النظام العالمي بشكله الجديد والقديم...؟ما رأيك بهذا المشروع وبالتالي مهمة المثقف بشكل عام ..؟!!

* -هذا سؤال مهم بحاجة إلى إجابة طويلة وشاملة. ليس هنا مكانها, لكني أقول ان ما يتعرض له القائد عبد الله أوج الان في زنزانته في سجن ( إمرالي ) سيكون عاراً ملطخاً لكل نياشين أتاتورك المزيفة وحاشيته القزمة ...ان معاناة عبد الله أوج الان تكشف زيف الدولة التركية وديمقراطيتها المضحكة المبكية في آن واحد , في اعتقادي أن التاريخ لن يرحم هولاء الطورانيين الذين أساءوا إلى الكرد من شيخ سعيد بيران إلى عبد الله أوج الان .. ؟؟

س- إذا كان السؤال السابق قد أرهقك...أرجو الحديث عن مشاريع ثقافية تراها مناسبة للعبور إلى حيث...( الربيع هو سيد المكان )..؟؟

* - مشاريع ثقافية كثيرة تستدعي الخوض فيها , وآمال كثر نتمنى أن تتحقق في القريب العاجل , لكن قبل الكلام في هذه المسألة, ولا ريب أنها جديرة بالاهتمام والمناقشة ... أقول لهذا الشرق اللعين كلّ شيء فيك يتغير إلا أبواب زنازينك باقية كما هي لم تتغير قيد أنملة , وهي تتحدى العباد ورب العباد ايضاً . كيف سيجيء هذا الربيع الذي يتأمله الجميع , وقد طال انتظاره كثيراًَ , لنستنشق روائح أزاهيره قليلاً , كيف لهذا الربيع المسجون منذ مئات السنين في الزنزانة الانفرادية , وأن كان غير مسموع له حتى بالتنفس للحظات . فكيف له أن يكون هو ( سيد المكان )... ( السوط والطيش...هو سيد المكان) يا صاحبي ..!! فان أخبرك احدهم في زاوية , بان الربيع قد خرج من معتقله , حينذاك ستدرك جيداً أن ثمة مشاريع ثقافية جميلة في طريقها إلى النور ..؟!

س- اغلب الأعمال الأدبية والحوارات تنشر على الانترنت..ما فائدة هذا النشر بشكل عام..
وبشكل خاص عند الإسقاط على الحالة الكردية مع مشكلة اللغة الممحية أصلاً من قاموس  السلطة ..؟؟

* - الحالة الكردية العامة بحاجة إلى حوارات ومناقشات مستفيضة ,وإلى أعمال أدبية و فنية كثيرة وبحاجة إلى انترنت، لكلّ هذه المسائل فوائد ضرورية ولكن لن تتضح هذه الفائدة الا بعد مضي وقت طويل وتخمرات كثيرة . نحن سندق نواقيس كلّ السلطات العالمية عبر الحوارات والصرخات والكمنجات , ولتصم هي آذانها هذه مشكلتها التاريخية , قل لي أي سلطة تستمع إلى استغاثات مظلوميها ومقهوريها , سندق نواقيس السلطات كما قلت لك حتى تنفجر طبلة أذنيها..؟؟

س- أنت تحضر اغلب الندوات والأمسيات في المنطقة على الأقل..ولك علاقات واسعة مع المحيط ..ما رأيك بالموجود ..!!الموجود كما هو ..؟!االموجود كما يجب ..؟!وعذراً أرجو اختصار الحديث هنا عن الموجود الصحفي والإعلامي الكردي ..؟!

* - ماذا تعني بسؤالك تحديداً ..!! أن كنت تقصد الموجود الثقافي الحالي الذي نشاهده ونتلمسه في الأمسيات والندوات الثقافية الكردية وخاصة في مشهدنا والتي تحيا يومياً, فهذا موجود لا جدال فيه.. إنما كيف يكون هذا الموجود ..وما الهدف منه , أو ماالفائدة المقصودة منه أوإلى أي مستوى تؤدي هذه الأمسيات الثقافية والسياسية والأدبية أهدافها وغاياتها .. فهذه المسألة اعتقد أنها غير مكشوفة حتى هذه اللحظة , لأنه يوجد من لا يميز حتى الان بين ( فقيه تيرا الشاعر وفقيه تيرا الفنان )

س- كلمة أخيرة تود قولها في هذا الحوار ..!!

* - أحلام جميلة لكردي استيقظ لتوه من الخراب ..!! أن يقبل السياسي الثقافي, وكذلك الثقافي السياسي في ذات الوقت , وأن نرى الأحزاب الكردية المتقاربة فكرياَ وهي تتوحد في مسائلها الإدارية والتنظيمية وفي رؤاها المستقبلية وتطرح خطاباَ موحداَ متزناَ موضوعياً تنسجم مع متغيرات المرحلة المقبلة. ان تتوقف عن صراعاتها الجانبية – المجانية - فيما بين الجهات المتنازعة , أن نتوجه إلى ما هو مفيد وصحيح وواقعي  وموضوعي لشعبنا الكردي .أن نمارس إنسانتينا الجميلة التي تعلمناها من أسلافنا الأوفياء ومن تراثنا الروحي والأخلاقي الأصيل .ان نقبل الآخر مهما كان هذا الآخر في اختلاف معنا : ( سياسياً- ثقافياً- فنياً – ادبياً - دينياً ..) أن نتثقف ثقافة الحوار والمناقشة خاصة في علاقاتنا الثقافية والسياسية والاجتماعية. أن نبتعد قليلاً عن حزبيتنا الضيقة والمهترئة ونخرج منها بهدوء وسكينة  ولا نخشى من فقدان كراسينا المهزوزة من أساسها , وبالتالي نعطي لكل ذي حق حقه ..
باقات من أزاهير (العندكو العامودي) وان كان بعض أوراقها محترقة بأنين شهداء عامودا ..!! أهديها للعاملين في هيئة تحرير مجلة ( ليلان ) لأنهم الجنود الأوفياء في ميدان قول كلمة الحق, ولنبشهم مؤخرا تراب عامودا المحترقة بأقلامهم , أتمنى لليلان دوام التقدم والازدهار في خدمة قضايانا الثقافية والفكرية والانسانية وإيصالنا إلى حياة جميلة عبر حوار مثمر ..
ــــــــــــــــــ
* - حسين أحمد :







أتى هذا المقال من Welatê me
http://www.welateme.net/cand

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/cand/modules.php?name=News&file=article&sid=747