محطات في تاريخ مدينة الرقة
التاريخ: الأثنين 20 تموز 2020
الموضوع: القسم الثقافي



علي شيخو برازي
 
الرقة مدينة ذات تاريخ عريق رغم اختلاف الموقع قليلا, يعود تاريخها إلى الألف السادس قبل الميلاد, وكانت حسب مراحل التاريخ: توتول -  بيت آدين – كالينيكوس, كالينيكوم, –  نيكفوريوم  - ليونتوبوليس – الرقة - وأسماء أخرى مثل : الرقة البيضاء - الرافقة - الرقة السوداء  - الرقة السمراء - رقة واسط - و الرقتان .
لكنها تبقى ذلك المركز الحضاري الذي احتل الضفة الشمالية لنهر الفرات العظيم , وقد صمدت رغم كل ما حل بها من خراب في مسيرتها عبر الزمن .


1- توتول : في البداية كانت توتول, التي تقع حوالي 3 كم في الشمالي الشرقي من مدينة الرقة, ويعود تاريخها إلى عصر (أوروك) في الألف الرابع قبل الميلاد, يقال أن كلمة توتول تعني(المطلة)  وبعد ذلك حسب ما جيء في التاريخ : أنها تعرضت لهجوم كبيرعام ١٣٥٠ ق.م عند ظهور الآشوريين وهي فترة مليئة بالصراعات حول منطقة الجزيرة السورية حتى أعالي الفرات, حيث تفوقت المملكة الآشورية في نهاية الأمر, ثم ظهرت مدن وممالك أكثر أهمية من توتول, وهذا ما جعلها  تفقد أهميتها تدريجياً منذ منتصف الألف الثاني ق.م، ثم كانت مركزا حدوديا بين الحثيين والآشوريين, ولم يشير التاريخ إلى أسماء حكامها , غير اسم ملك واحد وهو: ياخلو كوليم , في إحدى كتابات رقم مملكة ماري على نهر الفرات, رغم ورود اسمها كثيرا في التاريخ .
في القرن السادس الميلادي تم بناء كنيسة في مركز أطلال مدينة توتول القديمة، ذات أرضية مفروشة بمشاهد فسيفسائية رائعة، ومنذ ذلك الحين أصبحت توتول تدعى بتل البيعة نسبة إلى. الكنيسة . .
*أسس السكان مدينة جديدة في القرن الثالث قبل الميلاد أسموها نيكفوريون إلى الجنوب من أطلال مدينة توتول واستخدموا المدينة القديمة لدفن موتاهم*، *وفي القرن السادس الميلادي شيدت كنيسة في مركز أطلال مدينة توتول القديمة ذات أرضية مفروشة بمشاهد فسيفسائية رائعة*، *ومنذ ذلك الحين أصبحت توتول تدعى بتل البيعة نسبة إلى الكنيسة* .
 
2- بيت آدين : في العصر الآرامي , من القرن الـحادي عشر إلى القرن التاسع قبل الميلاد, كانت الرقة إمارة آرامية, أطلق عليها اسم : بيت آدين ,  وكانت عاصمتها تل برسيب . وتقع تل برسيب على الضفة الشرقية لنهر الفرات عند مصب  نهر الساجور . 
3- كالينيكوس,: أنشئت هذه المدينة , أو أعيد بنائها في (242-244 قبل الميلاد , والاسم نسبة لسلوقس الثاني كونه مؤسسها , و كان يعرف أيضاً بهذا الاسم (كالينيكوس) .
والذي تولى الحكم من عام (246- 226 ق.م) و حصلت الحرب السورية الثالثة في عهده.
   
4 -  نيكفوريوم Nicphorium عرفت الرقة في العهد الإغريقي بهذا الاسم أيضا ( نيكفوريوم), قبل أن تخضع للنفوذ الروماني اعتباراً من القرن الأول الميلادي حتى القرن الثالث الميلادي, ويقال أنها بنيت في الجهة الجنوبية من أطلال مدينة توتول، واستخدموا سكان نيكفوريوم المدينة القديمة (توتول) لدفن موتاهم .
5 - كالينيكيوم : في العهد الروماني سميت الرقة (كالينيكيوم) نسبة الى الامبراطور غلينوس المتوفي سنة 266 بعد الميلاد. وتقع المدينة الرومانية شرقي باب بغداد القائم حاليا في الرقة. ولم يبق لها أثر.
 
6 - ليونتوبوليس : الإمبراطورية البيزنطية كانت الخليفة الشرعية لِلإمبراطورية الرومانية في ممالكها الشرقيَّة, فأصبحت الرقة  في عهدها مركزا عسكريا محصنا بالأسوار.
 وفي عهد الإمبراطور الروماني جوليان، كانت الرقة تعد مدينة حدودية مع الفرس .
تعرضت المدينة لهزة أرضية، فجددها الإمبراطور ليون الثاني في عام 474م . , وأسماها باسمه (ليونتوبوليس) .
 
7 – كالينيكوس : في عام 542 م سقطت المدينة بيد كسرى أنوشروان ملك الفرس، وهو الإمبراطور الفارسي الذي عمد إلى توطين حلفائه من قبيلة مضر العربية فيها، ما جعل كل منطقة الجزيرة تعرف بديار مضر، وكانت الرقة (كالينيكوس) عاصمة منطقة الجزيرة.
قبل استيلاء الفرس عليها, في عام 529 م  جعلها الإمبراطور جستينيان الثاني مركزا تجاريا , عندما قرر حصر التجارة في المدن الحدودية مع الفرس بمدينة نصيبين وكالينيكوس (الرقة).
عندما استولى كسرى الأول ملك الفرس على المدينة, كانت أسوارها شبه منهارة, فخرب أسوارها ودمرها.
كانت الحروب تتوالى بين الروم والفرس, وهدا ما جعلها مهملة في ذاك الزمن, لكن جستينيان أنهضها من خرابها بعد ذهاب الفرس, وشيد فيها أسوارا منيعة قوية .
 حيث كانت تارة تحت حكم الروم وتارة تحت حكم الفرس, ثم استقرت بيد الروم بعد انتصارهم الأخير على الفرس قبل ظهور الإسلام .
 وأخذت الرقة التي كان يغلب عليها الاسم القديم (كالينيكوس) دورا هاما في هذه الحروب, وقد كان ذلك بعد أن عقد جستينيان معاهدة مع ملك فارس تعهد الأول بمقتضاها بدفع جزية كبيرة مقابل إيقاف الحروب على الحدود، وهكذا تمكن جستينيان من أن يأمن جانب الفرس لفترة من الزمن وأصبحت له حرية كبيرة لكي يمارس مشاريعه لإعادة بناء الامبراطورية.
  
8 – الرقة : كان أهلها من الروم وديانتهم مسيحية قبل العهد الإسلامي, لكنها تابعة من حيث الحكم لبلاد فارس . ولم يتوقّف الدعم العربي للفرس في هذه المنطقة ، وإنما يسجّل التاريخ أن بني مضر حاربوا الرومان انتصاراً لحلفائهم الساسانيين وهزموا جيوشهم سنة 421م .
وفي عام 639 م استولى عليها سهيل بن عدي بجيشه بعد أن حاصرها لعدة أيام, وكان سهيل تحت إمرة عياض بن غنم, قائد الجيوش العربية الإسلامية المتوجه إلى الجزيرة, وبعد ذلك سميت نسبة لأرضها اللينة:( الرقة ), وقال ياقوت الحموي في معجم البلدان أنها:( تعني كلّ أرض إلى جانب واد ينبسط عليها الماء, وجمعها رقاق).
ازدهرت الرقة في ظل الدولة الأموية لاسيما من الناحية المعمارية بعد أن أصبحت محط أنظار رجالها, فقد أعارها هشام بن عبد الملك جانباً من اهتمامه وأحبها قبل أن يتخذ منها قاعدة ومقراً لجيشه , وذلك في الفترة الواقعة بين أعوام 724-743 م . كانت أسواق الرقة في عهده مزدهرة, والتي سميت فيما بعد بسوق هشام العتيق, التي أنشأها هشام لتمول جيوش بني أمية بالمؤن والعتاد خلال محاربتهم للخوارج, كما بنى هشام في الجانب الغربي منها قصرين, كان ينزلهما في طريقه إلى الرصافة غربي الرقة , إضافة إلى بنائه حلبة للخيل, وكذلك بناء أول مسجد جامع فيها .
 
9 – الرافقة : في عام 772م بدأ الخليفة العباسي المنصور ببناء عاصمة صيفية للدولة العباسية بالقرب من الرقة، سميت الرافقة,  بنيت المدينة الجديدة بشكل حدوة فرس على الطراز المعماري لبغداد، وسرعان ما اندمجت مع الرقة.
وبين عامي 796 و808 استعمل الخليفة العباسي هارون الرشيد الرقة عاصمة له أيضاً، وأصبحت المدينة مركزاً علمياً وثقافياً هاماً, وقد أمر الخليفة هارون الرشيد جبريل بن بختشوع بتأسيس بيمارستان في الجزء الشرقي منها, وكانت الرقة عاصمة رديفة لبغداد لأغلب الخلفاء العباسيين .
اتسعت الرافقة بعد أن استصلحت الأراضي التي حولها, حتى تحولت إلى حدائق وبساتين تمر فيها جداول المياه, حتى ضاقت أسوارها عن استيعاب منشآتها, واتصلت بالرقة والضواحي المجاورة, وذلك بسبب إقبال الوزراء والأمراء على السكن فيها  وبنائهم للقصور كقصور البرامكة وقصور يزيد بن مزيد الشيباني وعبد الملك بن صالح الهاشمي وعقبة بن الأشعث، كما انتشرت فيها بكثرة دور العبادة والحمامات والحانات كحانة بشرى وحانة تل عزاز واتسعت كذلك أسواقها وكانت من جملة صادراتها الصابون والزيتون . 
 
10 – الرقة : فقدت الرقة منزلتها في أواخر القرن الثالث الهجري في فترة خلافة المعتضد والمكتفي والمتقي, حيث كانت قد بدأت فيها ثورة ضد المأمون انتهت بإحراق دير العواميد وكذلك ظهور المشاكل بين أبناء خراسان, الذين تم جلبهم إلى الرقة إبان حكم المنصور, وعرب الشام ثم حدوث زلزال سنة 895 م . بالإضافة إلى ظهور مدن جديدة, حلت محل الرقة من حيث الأهمية كسامراء,  ناهيك عن اختلال نظام الأمن فيها, وضعف سلطة وتأثير الخليفة عليها لاسيما بعد سيطرة الترك على مقاليد الحكم العباسي, والتي عانت من غلظتهم الشعوب . 
 
11 – رقة واسط: أنشئت رقة واسط بنموذج معماري مميز, وهي ضاحية ملكية تقابل مدينة الرقة في الضفة الجنوبية لنهر الفرات, وقد بنى هشام بن عبد الملك فيها قصران وجسر على نهر الفرات, ما لبثت أن تحولت إلى مدينة في القرن العاشر الميلادي, انتقلت ملكيتها إلى السيدة زبيدة زوجة هارون الرشيد.
 
12 – الرقة السمراء: الرقة السمرء أو الرقة المحترقة كما كانت تسمى قديما,وهي قرية ذات بساتين كثيرة , تقع شرق مدينة الرقة بحوالي 7 كم ,
 
13 – الرقة : دمرت الرقة 4 مرات عبر تاريخا المعرف عدا تعرضها للزلازل: 1 على يد الفرس –2 على يد الخوارج في الفترة الأموية –3 على يد الخوارزميين –4 على يد المغول .
في عام 1192 م . وقعت الرقة تحت حكم الصليبيين ثم بعد ذلك السلاجقة والأتابكة والأيوبيين, قبل أن تتعرض للغزو المغولي , الذين عاثوا فساداً في ربوعها  عام 1258 . كما فعلوا بأخواتها من مدن الجزيرة الفراتية.
وبقيت الرقة غير مأهولة بعد الحكم الأيوبي إلى أواخر الحكم العثماني . 
 
14 -  الرقة الحديثة : بعد الحكم الأيوبي, لم يتم إعمارها, ولم يسكن فيها أحد حتى أواخر الحكم العثماني كمدينة, أما كأيالة والتي أنشئت عام 1586 م. حصلت فيها تغيرات سكانية كثيرة , حيث أسكنت السلطات العثمانية الكثير من القبائل العربية والكردية والتركمانية في هذه الأيالة .
ففي عام 1711، بدأت بإسكان القبائل المللية الكردية, وعشيرة الشيخان الكردية في إقليم الرقة .
قم أتت عشيرة البو الشعبان من العراق إلى سوريا في القرن الثاني عشر الهجري,  وقد سكنت في البداية منطقة نصيبين, ثم اتجهت غربا إلى الرقة بعد وفاة جدهم شعبان , وسكنت في (جزرة بو حميدي) بداية ثم توسعوا غربا في أيالة الرقة .
 
نواة مدينة الرقة الحالية: أن تأسيس المخفر العثماني (قره قول) في أواخر القرن التاسع عشر, شجع المهاجرين العرب والأكراد إلى السكن بجواره داخل سور المدينة القديمة, ليحتموا به كونهم أتوا على شكل عوائل وليس عشائر, وقد كانوا المهاجرين من عدة جهات, فالأكراد أتوا من سروج - أورفا -بيراجيك ومناطق أخرى , والعرب من : منطقة العشارة شرقي دير الزور.
فسميت هذه العوائل الساكنة حول المخفر (القول) نسبة إلى المخفرالمذكور, وكانت بداية السكن عام 1860 تقريبا. وكوّنوا أول تجمع مدني على أنقاض المدينة القديمة بعد غزو المغول , أي بعد 600 عام .
وبعد الربع الأول من القرن العشرين, سكنت الرقة عوائل كثيرة من : حلب – ديرالزور -  تادف – السخنة – السفيرة – الأتارب – الباب – وغيرها, بالإضافة إلى المهاجرين الأرمن الذين أتوا إلى هذه الديار بعد عام 1915 .
أما السجلات المدنية الأولى في الرقة فكانت: خانة الأكراد – خانة الحميدية – وخانة الجراكسة .







أتى هذا المقال من Welatê me
http://www.welateme.net/cand

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/cand/modules.php?name=News&file=article&sid=7393