حين الشعور بالمسؤولية
التاريخ: الخميس 14 تشرين الثاني 2013
الموضوع: القسم الثقافي



غسان جانكير

كأني أسمع نواح نساء عامودا، وهنّ يبكين قبل أكثر من خمسة عقود خَلت، تبكي الواحدة منهنَّ، و ما مِن أحدٍ يواسيها، ذلك أنّ الكثرة الكثيرة منهنَّ في نواح، يُرافقه تساؤل استهجاني للربّ، (خودا يو ما ته جه كر - يا إلهي .. أيُّ فعلٍ أتيتَ به) !!!!.
في ذلك الوقت، وما قبله، وحده كان الانتخاب الطبيعي كان يفعل فعله، في الإبقاء على الأطفال أحياء، إذاء الأمراض الفتاكة التي تحصد الأرواح، مع عجز الأطباء، ونقص الخدمات الطبية في حمايتهم،


 فكان من الطبيعي أن يرتضي الناس، بالقَدَر المُخبأ للصغار يوم مولدهم، وكانت المزارات وتقديم الأضاحي لها، و أيضاً الورعون، شفيعي الناس لدى الله في تمنّي الأقدار اللطيفة لأولادهم، فإذا بعزرائيل في لحظة طيش، يحصد أرواح ما يقارب (الثلاثمائة) طفل، يستلذّ بصراخهم، والأجساد منهم تحترق في ألمٍ لا يحسّه سوى مَن لفَحَته النار من بعيد، فيهابها الكثيرين، فيرتضون بأيسر النارين، نارُ احتراق القلوب عجزاً في اقاذ الأكباد، تُلاقي قَدَرها المُميت، لا بالحمّة القاتلة هذه المرة، و انما حرقاً في سينما تحترق في مدينة أحرقت على إثرها جُلّ المواثيق المُضمرة ، بين الله و سكان هذه المدينة .

والنار المُتربّعة على عرش الآلهة منذ القِدم، تفعل فعلها مع القوب القوية قبل الصغيرة، سالبة إرادة البشر بلفحاتها المرعبة، وحده مَن يزى في نفسه قائدا، يرفى في نفسه الشجاعة لمجابهتها، و الآغا الذي سلبته ((الثورة)) ليس أراضيه فحسب، بل صلاحياته في قيادة المجتمع المحلي، وسلمتها الى الرعاع والحثالة، الذين استغلوا مناصبهم في السرقات و تلقي الرشاوى، ونشر الفساد، فقط كي يكونوا آغوات جبناء لا يعرفون من أمور القيادة سوى الفرار بأنفسهم حين تدلهمٌّ المِجن، في تلك الليلة الكارثة، كان الآغا (محمد سعيد آغا الدقوري) في حلٍ من أمره، و ما لأحد أن يعاتبه،فيما لو وقف مُتفرجاً كما الكثيرين خاصة بعد أن أعلمه مَن حوله بأن أولاده خارج السينما المُستعرة، غير أن ملكة القيادة، والشعور النابع من المسؤولية، كانتا من أهم العوامل، في أن يقتحم الاعصار الناري قائلاً : " كلهم أولادي " . 
Ghassan.can@gmail.com







أتى هذا المقال من Welatê me
http://www.welateme.net/cand

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/cand/modules.php?name=News&file=article&sid=4700