حوار مع الفنان الكردي مجو كندش
التاريخ: الأثنين 22 تشرين الاول 2012
الموضوع: القسم الثقافي



حاوره: باور محمد
الترجمة من الكردية: جان دوست

1-     الفنان مچو كندش، هل لك أن تعرّف قراءنا بك؟

أنا مغني كردي ولدت في غرب كردستان بلدة كوباني. أمارس فن الغناء منذ طفولتي. ومنذ أن أصبحت في الثالثة عشر من العمر تعلمت العزف على آلة البزق وآلة الطنبور بمفردي. بعد ذلك بأعوام سافرت إلى حلب لدراسة الحقوق في جامعتها وكذلك دراسة علم المقامات الموسيقىية. في أوربا درست علم السولفيج  وآلة الغيتار لمدة أربعة أعوام. وأنا منكب حالياً على تعلم العزف على آلة البيانو وتعلم أساليب الغناء الأوبرالي. نشرت العشرات من المقالات في الصحافة. أعيش حالياً في سويسرا وأحاول تطوير وتحديث الموسيقى الكردية.چ


2- ماالذي منحته الغربة لمچو كندش...وماذا سلبته؟

أولاً لا أحب أن أصف حياتي في أوربا بأنها "حياة في الغربة" لأنني مواطن أوربي وأعتبر أوربا وطناً لي.
الحياة في أوربا قدمت لي الكثير: الحرية، تعلم اللغات الأجنبية كالفرنسية والإنكليزية..، التطور في مجال الموسيقى ودراستها على أصولها دراسة علمية منهجية بالإضافة إلى تقديم العشرات من الحفلات الغنائية والأمسيات الموسيقية. لكن بالمقابل فقد حرمت من أمي وأبي وإخوتي وأخواتي منذ ثلاثة عشر عاماً..هذا أمر صعب للغاية بالنسبة لي..إنني أشتاق إلى طفولتي كثيراً.

 3- ما هو أهم شيء ينبغي توافره في عائلة أي فنان؟

باعتقادي أن الشيء الهام جداً في عائلة الفنان هو الدعم المعنوي والتشجيع من قبل جميع أفراد العائلة.

4- لو قمنا بمقارنة بين الفن وأهميته في الوقت الحاضر وبين الفن في السنوات الماضية، كيف تقيم ذلك؟

الفن نشاط إنساني هام في جميع الأزمنة. صحيح أن لكل مرحلة ولكل زمان فنه الخاص لكن الدور المنوط بالفن سواء في زمن السلم أو في زمن الحروب والثورات دورٌ فاعل ومقدس. الفن يفتح أمام المرء أبواب الجمال والمشاعر الرقيقة، الفن كذلك مرآة تعكس حضارة أي شعب. إن فن الشعوب معيار لمستوى تقدمها.

5- برأيك إلى أين وصلت الموسيقى وبالتالي إلى أين وصل الفنانون في غرب كردستان؟

لن أتحدث عن الفن في إطاره العام..فهذا مبحث كبير ومتشعب، لكنني سأبدي بضعة ملاحظات حول الموسيقى: لقد رزحت الموسيقى الكردية في غرب كردستان تحت نير الأغاني القديمة والأغاني السياسية، ولهذا السبب لم تتقدم الموسيقى ولم تبرز ملامح موسيقى متطورة.  أستطيع القول أن الموسيقى الغربكردستانية –باستثناء جوان حاجو- لم تستطع تجاوز الحدود التي رسمها الفنانون جميل هورو، باقي خضو، محمد شيخو وسعيد يوسف. غالبية الموسيقيين والمغنين اتجهوا إلى فن الدول التي تحتل كردستان، فقلدوا موسيقاها وساروا على منوال تلك الموسيقى تاركين الموسيقى الكردية الأصيلة وراء ظهورهم. لا يخلو الأمر من بعض المحاولات التي يقوم بها بضعة فنانين وموسيقيين مختصين لأجل تطوير وتحديث الموسيقى الكردية، لكن هذه المحاولات ما تزال محاولات خجولة. بطبيعة الحال لا بد للمر من ذكر بعض الأسماء مثل الدكتور محمد عزيز زازا ومحمد شاكر وآخرين غيرهما لكن للأسف فإن أعمالهم لم تجد طريقها للشهرة الواسعة ولم يتعرف عليها الجمهور بعد.

6- ما هي أعمال الفنان مچو كندش؟ وهل هو راض عنها؟

أصدرت أربعة أعمال موسيقية وهناك ثلاثة أعمال جاهزة تنتظر الإصدار. لكنني لست راضياً عن أي عمل من أعمالي لأنني أعتقد أنه بإمكان المرء أن يطور كل شيء وينتج الأفضل دائماً.

7-هل قدمت حفلات غنائية في كردستان وأوربا؟ ما الفرق بين الحفلات في كل منهما؟

لم تكن هناك فرصة لإقامة حفلات في كردستان، فقط كان الأمر متاحاً من خلال الأعراس لكنني لم أشأ أن أشارك فيها  وأحضرها. وباستثناء بعض الحفلات الخاصة لم يكن في إمكاننا أن نقيم حفلات كبرى كون ذلك كان ممنوعاً. في أوربا وكذلك أمريكا وبعض الدول الأخرى أقمت العشرات من الحفلات الموسيقية باسم كردستان. الفرق بين تلك الحفلات التي تقام في كردستان وتلك التي تقام في أوربا هو أن الأوربيين يحضرون لسماع الموسيقى، للتعرف على روح الفن، أما في كردستان فالناس يتفاعلون مع الأغنية التي تخترق أحاسيسهم وقلوبهم مباشرة. باختصار يمكننا القول أن الحفلات في كردستان أشد حميمية وصخباً.

8- مالذي ستقوم به لو عدت يوماً إلى غرب كردستان؟

سأحاول أن أقاسم شعبي ما تعلمته حول الموسيقى، سأمنح خبرتي في مجال الفن لشعبي وبالأخص جيل الشباب لكي أقدم لهم الفائدة ليس فقط في مجال الأغاني الفولكلورية لكن أيضاً في مجال التكنيك الموسيقي وكل الخبرات والمهارات التي حصلت عليها في أوربا، ساقاسمهم خبرتي وأجعلهم فخورين بموسيقاهم الكردية.

9- مالذي تمارسه إلى جانب فن الموسيقى والغناء؟

أمارس بالموازاة مع فن الموسيقى، فن التصوير الضوئي أيضاً، أصمم المواقع الألكترونية ولدي خبرة في مجال الفوتوشوب وأحياناً أمارس الكتابة وأنشر في الإعلام.

10- أين ومتى بدأت الموسيقى؟

بصراحة لا أذكر على وجه الدقة متى بدأت الغناء، لكنني أغني منذ صغري. بدون شك كانت محاولاتي الأولى تقليداً لأصوات مغني منطقة كوباني في غربي كردستان.

11- ما هي المواضيع التي تتناولها موسيقاك وأغنياتك؟

تناولت العديد من المواضيع: الحب، السياسة، التاريخ، المجتمع....والآن أشتغل على الملاحم الكردية وأصنع موسيقى تصويرية للأفلام، كذلك أعمل على تقديم الملاحم الكردية التي تقدم كمسرحيات على خشبة المسرح أو على شكل اوبريتات.

12- من هم المغنون الكرد الأقرب إلى قلبك؟

لكثرتهم لا أستطيع عدهم وحصرهم. غالبية المغنين الكرد أعزاء على قلبي وأحترم أسلوب ونمط كل مغنية وكل مغني. حتى لو اختلفت آراؤنا فلا بد من الاحترام..أليست هذه هي الديمقراطية يا أخ باور؟ لو اتفقت الآراء في جميع المسائل لما حصل هناك تقدم.

13- هل من رسالة توجهها بمناسبة انتفاضة شعبنا في غرب كردستان؟

أنا أقف بكل قوة إلى جانب كل شخص يسعى إلى التحرر والانعتاق واسترداد الحقوق المشروعة، وآمل أن نصل إلى تحقيق مطالبنا التي حرمنا من تحقيقها لعقود طويلة في أقرب وقت. إن تكاتف الشعب الكردي في غرب كردستان واتفاقهم أثلج صدورنا وأنعش الآمال في نفوسنا وفتح نوافذ مشرعة على النور.

14- كما نعلم فإنك جمعت بموسيقاك بين أجزاء كردستان الأربعة، هل لك أن تقيم لنا هذا الأمر وتشرحه؟

لقد كان هذا حلمي في الأصل، ولقد تمكنت من تحقيقه: الأجزاء الأربعة بصوت واحد، بلحن واحد، بثقافة واحدة ومنبع واحد..باختصار أردنا أن نقول للعدو والصديق  أن لنا أماً واحدة تسمى كردستان، وإن كانت الحدود تفصل بعضنا عن بعض فإن الفن يجمعنا، أغاني الآباء والأجداد تجمعنا، صحيح نحن مقسمون إلى أجزاء أربعة لكننا اصحاب ثقافة واحدة. نحن نغني الأغاني نفسها من مهاباد حتى عفرين ومن قامشلو حتى موش.
وكما تعلم يا أخ باور فلكل جزء من كردستان طبيعته الخاصة وكل  موسيقار كردي يشترك معي يقوم بإغناء الموسيقى الكردية بخصوصية منطقته التي ينتمي إليها: ، عباس بختياري عبر الدف الذي يحمل بصمات متصوفة أهل الحق، كمال جيلان عبر آلة البالبان  التي تنقلنا نغماتها إلى منطقة سرحدان وبينغول، فاروق سوران بكمنجته التي تنقل إلى أسماعنا سحر حيرانوك منطقة سوران وكوران كامل يأخذنا في سياحة إلى قمم جبال جنوب كردستان عبر صدى آلة العود، حسين زهاوي يأخذ بيدنا في رحلة إلى خانقين أما مچو كندش فإنه يبحث في كل تلك المناطق ويجمع اولئك الموسيقيين جميعاً في صعيد واحد. إن هذا التنوع والثراء الثقافي لكردستان المتنوعة هو ما نصبو إلى طرحه وكشفه وتقديمه للجمهور.
إن العمل المشترك مع هؤلاء الموسيقيين الكرد يشعرنا بأننا عائلة واحدة وأن كل واحد منهم مثل أخ لي. كل واحد منا يحترم الآخر ونحن على قلب رجل واحد. حتى أننا نبدو أمام الجمهور خلال الحفلات كشخص واحد.

15-  هل كان هؤلاء الموسيقيون الذين يعملون معك هم أنفسهم في الحفلات التي قمت بإحيائها أم أنهم يتبدلون؟

 كل واحد من جهته يقوم بإثراء عملنا المشترك ويقدم ما لديه من إمكانيات ومهارات، إن نجاحنا في العمل نتيجة للعمل الجماعي الذي يشترك فيه كل عضو من أفراد مجموعتنا.

16- ما هو العمل الذي تشتغلون عليه حالياً وتزمعون على تقديمه للجمهور الكردي؟

أنا منكبٌ حالياً على العمل مع مغنية فرنسية، العمل هو ملحمة ممى آلان حيث نطمح سوية إلى تقديمه على شكل اوبريت.

17- ماذا تسمي أسلوب موسيقاك؟ وماهو النمط الموسيقي الذي تشتغل عليه أكثر من الأنماط الأخرى، هل هو الكردي أم العالمي؟

بدأت في السبعينيات من القرن الماضي بالأغاني القديمة، وفي الثمانينيات بدأت بغناء الأغاني الحديثة ثم في التسعينيات قمت بمزج الكلاسيكي بالحديث. أما في أوربا فقد غنيت فقط الأغنيات القديمة، لكنني بدأت الآن بالعودة مرة أخرى إلى الأغنية الحديثة: حيث أغني بصحبة آلة الغيتار والبيانو والآلات الغربية الأخرى. أنا مع استعمال جميع الأنماط الموسيقية  والاستفادة منها لكن بشروط أهمها أن تكون تلك الأنماط مبنية على أسس من الموسيقى الكردية.

18- كيف ترى تقديم الأغاني الفولكلورية مصاحبة بآلات عصرية وموسيقى غربية؟

أنا أصلاً كما سبق وقلت أشتغل في هذا المجال وأحاول أن أقدم الأغاني القديمة بأداء اوبرالي.  أيضاً سبق لي وقلت إن المهم في الموضوع ليس الأسلوب أو النمط أو حتى الموضوع بقدر أهمية الأساس الكردي الذي تستند عليه تلك الموسيقى، بكلمة أخرى فالموسيقي أو المغني الذي يريد تقديم عمل فني كردي مطالَبٌ أن يعرف قواعد الموسيقى الكردية الكلاسيكية الأصيلة. عليه أن يجعل عبير السهول وشذى قمم الجبال يفوح من الأغنية.

19- كيف نمت العلاقة بينك وبين من يساهمون معك في تقديم الأعمال الموسيقية والغنائية؟ هل لك أن تحدثنا عنهم قليلاً؟

الفنانون الذين أعمل معهم من أمهر الموسيقيين الكرد، لقد تحدثت في جواب سابق باختصار شديد عن كل واحد منهم لكنني سأعيد الحديث عنهم بشيء من التفصيل: بارزان ياسين الذي درس آلة الكمان في إيطاليا يعتبر أحد أمهر الموسيقيين في كردستان وقدم خدمات كبيرة للموسيقى الكردية، حسين زهاوي أحد ضاربي الدف الماهرين وهو قدم أعمالاً راقية بالاشتراك مع الاوربيين والأمريكان. فاروق سوران عمل لسنوات عديدة عازف كمان في قناة روج تي في وكردستان، ورافق أعظم المغنين الكرد  في كردستان. أحمد جب أحد أساتذة البزق الكردي وهو مشهور بمهاراته الفردية المتميزة وعزفه الخاص. عباس بختياري الذي عمل مع مغنين كبار من مرتبة شهرام ناظري. كمال جيلان حصل على ديبلومه من المعهد الموسيقي في اسطمبول في مجال آلة البالبان وعمل مع كبار المغنين الكرد. جميع الموسيقيين في فرقتنا يستطيعون قراءة النوطة الموسيقية فضلاً عن كتابتها. وعلاقاتنا طيبة جداً وهم على أتم الاستعداد دائماً.

20- هل تريد استاذ مچو كندش، أن تضيف شيئاً آخر؟

أنا آمل أن يتم في كردستان بناء معهد عالي لتعليم الغناء الكردي حيث ستتعرف الأجيال الجديدة على كبار المطربين وتتعلم الغناء على طراز ونسق حسن جزيري وسعيد أصغري  كردستاني ومريم خان وجميل هورو.  إن لما تركه لنا الأجداد من تراث موسيقي وغنائي قيمةٌ فنية عالية وثراء روحي كبير. وإن بناء الهوية الكردية لا يكتمل إلا عبر تطوير لغة وأغاني هؤلاء العظماء.

ملاحظة: نشر هذا الحوار في يومية وار التي تصدر في كردستان / العدد 731







أتى هذا المقال من Welatê me
http://www.welateme.net/cand

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/cand/modules.php?name=News&file=article&sid=4257