صاحبي . ..؟ لا عليك
التاريخ: الجمعة 01 كانون الأول 2006 الموضوع: القسم الثقافي
داريوس داري Daryos55@nefel.com
لست عبقريا . موهبتي متواضعة , في كافة الفنون والآداب . لكن ثمة شيئا اعتقد انني أتميز به , هو أنني عاشق الصمت . وسائر في الصمت ! يا صاحبي : بما أن لم يعد يحلو لك العيش بيننا , وأردت الهجرة إلى بلاد ا لواق الواق مع رغباتك المعقدة الطائشة و الصبيانية . لا يحق لك بأن تملي علينا نصائحك الفارغة وترسلها عبر الشيكات . لا يوجد بنك عقلي لدينا لصرفها هنا... وأنت خارج السرب .... يا صاحبي : سألته في استياء : لماذا فعلت ذلك في صديقك , فأجاب في هدوء : هل لا بد لي من البحث عن واحد لا اعرفه كي افعل فيه ذلك .....
يا صاحبي : لم أكن يوما دكتاتورا ولا طاغية في حياتي مع الآخرين , ولا نرجسيا في الأدب ولا جزارا مثل هولاكو ...... لم اذبح عصفورا , ولم ارتكب مجازر في حق الإنسانية , مثل الذي خبأ نفسه في جحر الفأران . لم احرق أي مدينة مثل نيرون. لم احرق سوى كمية هائلة لا تعد ولا تحصى من علب السجائر التي أحرقت رئتي بها ..... يا صاحبي : لا تنظر إلي هكذا فقد سئمت نظراتك الشاردة الساهمة , وسئمت دلالك الأبدي الذي لا ينتهي .. وابتسامتك الصفراء التي لم تعد تريح الآخرين. إليك عني , نرجسيتك ما عادت تطاق , غبائك فاقع وحديثك جاف . دع الكرسي لمن يستحقه . افعل شيئا ليحفظك التاريخ في صفحاته المشرقة وليس في صفحاته المغبرة ..... يا صاحبي : أريد الإمساك بذلك الخيط غير الواضح الذي يربط وجودي الشخصي بتاريخ وحضارة بلدي, التي عًرفت فيها منذ نشأتي . بلدي تهب من سبات عشرات السنين , بدأت تعي بعذاباتها وحرائقها ومآسيها وشهدائها , بدأت تعرف أن لها حقوق , ويجب أن تدافع عنها بكل ما أ تيت من قوة لتستردها ..... يا صاحبي :لن أكون عابر سبيل في هذه الأرض , لن أكون ظلا , أو مرافقا , أو مصفقا لأحد . يجب أن أكون أنا .. الأول والأخير ..... يا صاحبي : ليس لدي ساعة معينة أو يوم محدد للكتابة , قد انقطع عن الكتابة طوال أشهر وفجأة انغمس باندفاع نحو الكتابة لأيام أو ساعات متتالية دون توقف , ولا تهدأ نفسي ولا تسر حتى استنفذ كل طاقتي , أحيانا اعمل ساعات أو أياما تحت ضغط حادثة مثيرة أو الهام عابر , وبعدها يتمثل لعيني هذا الشيء الذي كتبته أن لا معنى له ولا فائدة منه , فأمزق أوراقي وارمي بالجهود الكثيرة اللامجدية التي بذلتها , في سلة المهملات ..... يا صاحبي : بما أن القدر قذفنا على هذه الأرض دون إذن منا وسنحت لنا الفرصة لنعيش ، يجب أن نستغل هذه الفرصة ونستثمر ما نملكه من العمر لتنوير طرقات العقل للجيل القادم . مثل النمل الذي يلملم من هنا وهناك حبات القمح لتخزينه للشتاء..... يا صاحبي : ألا ترى معي . في التاريخ القديم وفي العصور الغابرة وحتى في يومنا هذا . لم نقرأ , ولم نسمع بأن هناك امرأة فقدت عقلها أو انتحرت بسبب العشق . كل المجانين والعشاق المنتحرين هم من الذكور وأحدهم ( ممو ) والثاني ..... ؟! يا صاحبي : نحن من النصف الثاني من القرن الماضي نعيش صراعا بين الأجيال , أو بين الجديد والقديم .. ولكننا تربينا على قيم ومبادئ وتقاليد يعدها بعض الناس الآن قديمة . على الرغم من أن القيم لا تتجزأ في كل الأوقات , لكن إسلوب التعامل مع المفاهيم يمكن أن يتغير . ومن هنا فإننا لا نستطيع استيعاب المفهوم الجديد ..... يا صاحبي : ما أن اقتنعت انه ليس هناك سوى الكذب والخطأ في المظاهر التي يمتدحني بها بعض الزملاء , حتى انصرفت عنهم إلى الطرف الآخر : لأنه عندما نخرج عن العرف الحقيقي لطبيعتنا , أتوقف ، ثم أبدأ من الصمت ..... يا صاحبي : أن النتيجة التي يمكن أن أخلص إليها من كل هذه التأملات هي أنني لم أخلق لكي أعيش في مجتمع ذليل , فيه قلق وانزعاج , واجب , وحق .. وأن طبيعتي تجعلني دائما غير قادر على الخضوع للأفعال أو الحركات الهشة التي يعتبرها الآخرون هادفة وبناءة , ونادراً...... اشعر بالحرية التامة في العمل , بقدر ما أقدم الفائدة الهادفة ..... يا صاحبي : آه , رباه , أين لي أن أجد عالما بدون أقنعة, ومكر المشعوذين ودهاء المنافقين ولصوص عز الظهيرة ... وباستمرارية كل هؤلاء . يا صاحبي : لست ملتزمآ بتصديق ما تسمع لو كان رأي ما , أقرب من الحقيقة يعني التقيد به , لما حفلت الحياة بتغيرات متناقضة , مختلفة , وغريبة كل الغرابة . نعم يا صاحبي, أن لكل إنسان فلسفة خاصة , وآراء خاصة وتصرفات خاصة , وهو حر بها لكن ليس على حساب الآخرين فحسب .... يا صاحبي: إذا عجزت الكتب السماوية عن تطهير الناس من أهوائهم وشهواتهم , فالحب يستطيع حيث فشلت الأديان , لأنه قوة داخلية , يستجاب لمثيراتها استجابة فطرية , فتحدث التصرفات كما تحدث في الظواهر الطبيعية . مثل الأعاصير والزوابع و السيول وكسوف الشمس ..... يا صاحبي : إن بوسع المرء أن يتنبأ أحيانا بما سيحدث نتيجة رغبة ما , تصرف , أو حادث ما, غير انه من الصعب التنبؤ بعمق الشعور الذي يمكن أن يربط إنسانا بإنسان.... يا صاحبي : من السهل جدا أن نُكَوِّنَ رأيا عن الحب , ولكل منا رؤية خاصة بالحب, قد تختلف من شخص لآخر حسب استعداداته ، وميوله وشخصيته . غير أن هذا لا يكفي . فالإحساسيس الصادقة ليست ترف ولا لعب , أنها تفوق العقيدة نبلا , إنها إيمان , والإيمان حقيقة ..... يا صاحبي : طلب منه صاحبه أن يشتري له حمارا فقال له : أريد أن يكون الحمار الذي تشتريه لي ليس بالصغير المحتقر , ولا بالكبير المشتهر , إن أشبعته شكر , وإن أجعته صبر , وان خلا الطريق أسرع , وان كثر الزحام ترفق , وان ركبته قام , وان ركبه غيري نام : فقال له صاحبه (( اصطبر حتى يمسخ الله رئيس البلدية حمارا , فأشتريه لك )) .....؟
|
|