نصف الحقيقة
التاريخ: الخميس 17 ايار 2012
الموضوع: القسم الثقافي



ابراهيم اليوسف

قد يبدو هذا العنوان، مدهشاً،لأوّل وهلة، لاسيَّما وأنَّنا دأبنا، في حياتنا اليومية، أن نكون أثناء تلقينا، سيل المعلومات التي تحتمل الصدق أو الكذب، عند إطلاق أيِّ حكم قيميِّ عليها، وفق المعايير المعتمدة،  فإن الأمرليندرج بذلك تحت إطارين اثنين تبعاً للثنائية المشارإليها، حيث لا خيارثالث غيرهما،البتة..!، ولذا، فإن أية معلومة، ضمن هذا الفهم، إما هي تنتمي للحقيقة والواقع، أو للزِّيف والتزوير، وهذا الحكم قاعدةٌ عامةٌ، لايمكن الشذوذ عنها البتة.


 و إذا ركزنا، هنا، على هذا النوع من نقيض الحقيقة، وهو التزوير، على اعتباره ناجماً عن قصد مسبَّق، من قبل من يقدِّمه، سواء أكان في مجال الثقافة، أو الإعلام، أو حتى في حياتنا اليومية، وما أكثرذلك..!، فإنه يأتي امتداداً لسلوك ذي غاياتٍ منفعيةٍ، وهو يخدم رؤية معينة، سواء أكانت تكتيكية، عابرة، وهذا ما يحدث -عادة- لدى الأفراد، أثناء مواجهة مشكلة ما، أو لداعٍ سلوكيِّ، كما أنه ليتخذ طابعه الاستراتيجي، عندما يبدرعن مؤسسات مختصة، لها أهدافها، وغاياتها التي لاحصرلها، في مجال الحقل الذي تنطلق منه.

وثمَّة ضربٌ آخرُ، من المعلومة المقدَّمة، شخصيةً كانت، أوثقافيةً، أو إعلاميةً،  فهي تعتمد –أحياناً-على تناول نصف الحقيقة، حيث يتمُّ التركيزعليه، من قبل متناوله، وبطريقة ذكية، مموِّهاً بذلك على الحقيقة، نفسها، من خلال تقديم جزء منها، بعد تنميقه، وتجميله، وتزويقه، وقد يتجلى ذلك- وللاستدراك والإيضاح فقط- من خلال الاحتكام إلى الميزان الكميِّ، ربعاً، أو نصفاً، أو حتى ثلاثة أرباع، بيد أنها-من الناحية الأخلاقية-لن تكون الحقيقة، ولا الواقع، بل هي نقيضهما،تماماً، وهي  لمكرَّسةٌ، وموظفةٌ لداٍ تضليليٍّ، لا غير…..!.

وللإنصاف، فإن هذا النوع من أبعاض الحقيقة، يبدو أشدَّ خطورة، من سلوك الانطلاق من الوهم، في مواجهة ثنائية الخير والشر، وذلك لسبب بسيط، هوأن نسج أية معلومة، من الوهم، أكثرعرضة لكشف حقيقتها، مادام " حبلها قصيراً" جداً، بيد أن الحبل المعتمد من قبل التناول الجزئي للحقيقة، يبدوأطول، قياساً إليه،وإن كان الواقع، لايسجل أي مستقبل لهما معاً، حتى ولوانتصرا، هنا أو هناك..!.

وبدهيٌّ، أن من له المصلحة في نشرالفِرية، والدلس، في كل الحقول المومأ إليها، أعلاه، سيتسلح ب"معجم خاص"، له مفرداته، وأفانينه، وقد يستفيد من عوامل التجربة، والدّربة، والمراس،كما أنه سيجد آذاناً صاغية، من قبل إما من هم يلتقون معه، في دبق المصلحة، أومن قبل أبرياء، هم دائماً الصيد الثمين لبراثن هذه المراكزالموبوءة، الأكثرإساءة، والتي من شأنها تلويث هواء الحياة، بنقيقها، وضجيجها، ومناوراتها، وهي سواء أرادت أو لم ترد، تنتمي إلى مراكز الشر، المعروفة، من قبل العالم كله…!.

ويحضر ذاكرتي، هنا، مثلٌ ذو دلالة عميقة، مستقىً من  الموروث الشفاهيِّ الكرديِّ، ترجمتُه الحرفيةُ، هي إن" اللسان رفيق صاحبه"، هذا المثل يبين سلوك هذا النمط، أياً كان موقعه الحياتيُّ، أو المؤسساتيُّ، حيث تدأب ألسنتهم، على صناعة المعلومة، طبق رؤاهم، وأحلامهم الواهية، المريضة، والتي تزداد خطورتها، يوماً بعد آخر، من خلال انتشارالشبكة العنكبوتية، وغيرها، من وسائل الإعلام التي ظهرت كمعطيات لثورة الاتصالات والتِّقانة، وتبدو القضية، أخطر، لو وضعنا، في الحساب، ما يمكن أن يلحقه أمثال هؤلاء، من أذى، بحق الآخرين، أفرداً، أوجماعات، وبلدان،لاسيما، وأن قتل الإنسان، والمجازرالجماعية، وغيرها، باتت-للأسف- في عداد الأخبارالاعتيادية، من قبل ضمير، جمعي، يتسلل إليه الكثيرمن العطب، والموات…!.








أتى هذا المقال من Welatê me
http://www.welateme.net/cand

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/cand/modules.php?name=News&file=article&sid=3945