في رثاء أكرم
التاريخ: الأربعاء 25 نيسان 2012
الموضوع: القسم الثقافي



توفيق عبد المجيد

أخوتي وأحبائي وأصدقائي آل أكرم
لا أخفيكم أن الكثير من القراء الأصدقاء توسلوا إلي ّ لكي لا أكون السبب في بكائهم ، بل قالوا لي بالحرف : ارحمنا يا أستاذ توفيق فقد أبكيتنا كثيراً ونحن في ديار الغربة والمهاجر ، ومنذ ذلك اليوم حاولت أن أهدئ من فورة المشاعر والعواطف لديّ لكي لا أكون السبب في بكاء الكثيرين ، لكن ليعذرني أولئك الأحبة الذين أكن لهم كل الاحترام والتقدير أن الإنسان يضعف أحياناً فلا يستطيع الوفاء بالوعد الذي قطعه على نفسه ، وليسمحوا لي بأن أوعز إلى قلمي ليستخرج بعض الآهات والمشاعر من أعماقي ويصبها على الورقة البيضاء وفاء لشخص كنت أحبه وأحترمه واقدره جداً لأنني رأيت فيه ما توافق بل تطابق مع توجهاتي وتطلعاتي ورؤيتي للكثير من الأمور .


لقد كتبت في العام الماضي وفي مثل هذا اليوم وأنا أتلقى النبأ الصاعق الذي زلزل كياني ، كلمة من أعماق قلبي الذي كان ومايزال مطعوناً في داخله في رثاء أكرم ، وهأنذا أعيد الكرة فأكتب مرة أخرى هذه الكلمات في صديق صار من الذكريات .
اعذروني آل أكرم فلا أستطيع الكتابة إلا بهذا الشكل ، ولو تسببت لكم ببكاء يترجم إلى دموع غالية تنزل من أعينكم ، فقد شاركتكم بها ومازلت ، لأنه يستحق منا الدموع المدرارة .
أصدق النظم – أخي أكرم – هو الرثاء لأننا نقوله ونسطره شعراً ونثراً عندما تكون القلوب مفجعة ، وعندما تنهال المصيبة بثقلها على نفوس تعجز عن حملها ، وظهور تنحني أمام هولها ، وقلوب تتشقق وتنزف ألما وحزناً على وقعها .
ستعذرني أخي أكرم وأنت في رحلة ربانية طويلة صوب البرزخ ، لقد وصلت ، بل قاربت على الوصول ونحن مازلنا نحبو ونمشي ونعدو ثم نحبو مرة أخرى ونزحف باتجاه المحطة الأخيرة وقد سبقتنا إليها .
هنيئاً لك في عليائك ، هنيئاً لك في فردوسك ، وكان الله في عوني لأنني ابحث عن الفردوس الذي لم أعثر على طريقه بعد لألتقي بأحبة غادروا بل باكروا الغدو قبل الأوان .
نعم أخي أكرم :
حروفي تحلق في الفضاء الرحب على أجنحة الشوق والحنين إلى أحبة غادروا دون أن يصطحبونا ، غادروا خلسة وفجأة دون سابق إنذار ليصبحوا ضيوفاً على مواطن الهجرة والمنافي البعيدة ، أما كلماتي – أخي أكرم – فهي الأخرى تحاول التمرد على المخرج ، تاركة المجال للعين التي تشخص في الأفق البعيد لتذرف الدموع مدراراً ، لتكتحل أخيراً بمرأى الأحبة في روضة تخلب اللب وتأسر العين .
وبعد رحلة طويلة في أعماق الكون السحيق والسماوات السبعة ، احدودب ظهر النهار وهو يتعكز على قدمه الثالثة ، ليحط الرحال حيث الأحبة ، أما الشراع فقد احتضن العاصفة وقاومها بسلاح الإيمان والعقيدة والشوق العارم للقاء الأحبة ، فتلاشت العاصفة وتحطمت أمواجها أمام هذا الجلد وهذا العناد والتصميم ، ثم ترجل الحرف عن صهوة جواده ، وعادت العين إلى المحجر لتستقر فيه ، وتراجع القلب المحطم المكلوم إلى كهفه ليعلن نهاية حلم الرحلة الكونية ، ووصول العربة إلى المحطة الأخيرة .
25/4/2012







أتى هذا المقال من Welatê me
http://www.welateme.net/cand

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/cand/modules.php?name=News&file=article&sid=3899