قراءة لمسرحية الثغرة للكاتب المسرحي أحمد اسماعيل اسماعيل
التاريخ: الجمعة 05 اب 2011
الموضوع: القسم الثقافي



مصطفى صمودي

مقدمة :
الكاتب ليس بما يقوله ويكتبه فقط ، بل بما ينضوي تحت لسانه وخلف كلماته أيضاً .  لذا ، فإنيّ حين أتناول نصاً بالدراسة عليّ أن أضيف إليه من عنديّاتي أشياء لا ينطق بها النص صراحة لكنه يلمح عنها بين طيّاته ويحملها ضمناً ، من غير أن أقحمه في مواضيع خارجة عن سياقه تحرفه عن مساره الذي هدف إليه آملاً بذلك إعطاء النص بعداً استيطيقياً آخر إضافة إلى ما يحمله من جماليات ظاهرة وخبيئة في مبناه ومعناه .


الأدب الهامشي :
 
مصطلحٌ كان يُطلق على الأدب الذي يُكتب للأطفال في الوطن العربي قبل إرسال محمد على باشا البعثات الطلابية إلى فرنسا لإحداث قفزة حضارية نوعية في مصر .  وكان من بين البعثة الطلاّبية رفاعة الطهطاوي الذي وجد في فرنسا أدباً اسمه  أدب الأطفال  له استقلاليته عن سائر الآداب الأخرى فجاء بهذا المصطلح إلى الوطن العربي وحلّ محلِّ مصطلح الأدب الهامشي ثم صار لهذا الأدب استقلاليته وخصوصيته وقواعده وأصوله وقاموسه خاص به . وأدب اليافعين
أيضاً أدب وليد حديث العهد نسبياً إذا ماقيس بصنوف الآداب الأخرى للكبار والأدب الذي كُتب لليافعين يكاد يعدّ على الأصابع لندرته وبخاصة فيما يتعلق
بالمسرح ومسرحية الثغرة للكاتب المسرحي أحمد اسماعيل  زميلنا عضو جمعية المسرح واحدةٌ من المسرحيات التي تنضوي تحت لواء أدب اليافعين المسرحية من تسعة عشر مشهداً تضمُّها مئة وعشرون صفحة من القطع الوسط  طباعة وزارة الثقافة ضمن مسرحيات عربية / لعام / 2004 /
 
فحوى النص :
   
عرّف (إخوان الصفا) البلاعة بأنها عدم الوقوع في الإيجاز المخل والإطناب الممل لذا سأحاول ما أمكن اختزال مئة وعشرين صفحة بحوالي صفحة ونيّف واضعاً في الحسبان إيفاء الموضوع حقه .
      تبدأ المسرحية بساحة تعج بالمواطنين أمام قصر الملك والكاهن يبشر الملك باستجابة الثور الأعظم لتضرعات مواطني مملكة القمر إذ نقل مملكتهم بهدوء من قرنه الأيمن إلى قرنه الأيسر . وتكريماً لما فعله رغبوا في إكرامه وتأدية واجبهم تجاه . وذلك بموافقة الملك على اختيار أربعة من الرعية المحتشدة يلبي لهم مطالبهم الخاصة بهم وعلى منطوق لسانهم /
      الأولى عجوز تتمنى من الملك أن يهبها بقرة .
      والثاني شاب بعد أن يتمنى السلامة للملك ويحاول أن يبدأ بطلب رغبته يسحبه الحارس قبل أن يسمع الملك أمنيته  
      والثالثة فتاة تتمنى أن تحصل على ثوب جميل كثوب إحدى سيدات القصر ،
      والرابع صغير اسمه حيان يتمنى أن يسمح له الملك بارتياد مكتبة القصر وتحديداً الغرفة رقم أربعون التي نسيها الملوك والأمراء.
     تنزعج أم حيان من رغبة ابنها هذه متمنية تمزيق كل الكتب الموجودة في البيت لأنها كانت تأمل من ابنها أن يطلب من الملك مطلباً يحيل أتراحهم إلى فرح  فقرهم إلى غنى . يعرض الوزير على حيان كثيراً من المغريات ليثنيَه عن رغبته فلا يفلح . ونتيجة لإصراره يطلب الملك من الوزير وضع ألعاب بجانب المكتبة لقناعة الملك بأن حيان سيملَّ سريعاً من قراءة الكتب ويميل بفطرته إلى الألعاب .
      يظهر رجلان متنكران وقد ظهرا في مشهد سابق يبحثان عن الثغرة في المملكة ولم يجداها فأصابهم الملل  الأول بهيئة شحاذ والثاني بهيئة بائع متجول يحاولان جمع الأخبار عن المملكة من خلال مواطنيها المعرفة الثغرة فلا يفلحان لكنهما يكتشفان إصرار الجميع على اتهام حيان بالجنون لأنه تمنى ارتياد مكتبة القصر .
     صار حيان يقضي وقته كله في المكتبة وينام فيها . رأى في المنام شخصياتٍ تاريخيةً تركت بصمات عطاءاتها على سفر الزمن ك البتاني الذي تابع الكسوف وغاليلو الذي أكّد كروية الأرض وابن رشد الذي ركز على قيمة العقل وما عداه تهافت والثلاثة كانوا يشكون من الظلمات المحيطة بهم وكأنهم في قمقم .
     يقطع حلمَ حيان اقتحامُ الحارس والوزير المكتبة التي صار ينام فيها فذهل من اقتحامهما المُفاجىء . ولأنّ حلمه مازال مؤثراً فيه ، بدأ يذكر أسماء من رآهم في منامه مردداً قولهم على أنهم في قمقم . تُحضر أم حيان لابنها كاهناً  ليشفيه من جنونه آمرة ابنها بالامتناع عن قراءة الكتب حتى لا تظهر له العفاريت مرة أخرى طالبة منه الاستماع إلى نصائح الملوك الذين يملكون عقولاً راجحة لإغلاقهم هذه الغرفة من زمان حتى لا تحطم العفاريت قماقمها وتخرج يدور الكاهن بمبخرته محاولاً شفاء  حيان وأمه تعني له أغنية حزينة ثم يستسلم للنوم يتوقع الوزير أن الأسماء التي ذكرها هي أسماء لعفاريت فيبلغ الملك بأن العفاريت قد حطموا قماقمهم وظهروا في غرفة المكتبة فيأمر الملك فوراً بإغلاقها بألف قفل ورَمْي مفاتيحها في البحر .
     يتهم  سائر الأطفال حيان بالجنون لادعائه أن الأرض تدور وأنها كروية الشكل وما إلى ذلك . يعرض الوزير على الملك  إحضار مهرج القصر أو الخروج في رحلة صيد ليرفه عن نفسه حين يرى الملك غير مرتاح فيرفض الملك ذلك ويأمر الحارس بأن لا يُدخل عليه أحداً ، إلاَ أن الحارس يخبره أن هناك عراف على الباب يريد أن يقول له شيئاً مهمّاً وخطيراً  يسمح الملك للعراف بالدخول فيخبره العراف أن الدب الأكبر سيبتلع الشمس وسيسود الظلام المملكة وإن الأشجار والحيوانات ستموت والرعية والحرس الخاص أيضاً وحتى الملك سيموت . يطلب الملك من العراف إيجاد حلٍّ  ناجعٍ لدرء هذا الخطر فيأتي الحل عن طريق المنادي الذي بدأ يطلب من الرعية باسم الملك تسليم كل ما لديها من أدوات حادة وجارحة ولامعة للمستودعات الملكية حتى يرضى الدب الأكبر .
     يسلم الجميع كل ما لديهم من أدوات حادة ويعصبون عيونهم ويصبغون وجوههم بالأسود حتى لا يبقى في المملكة أي بريق مرتلين خاشعين آملين أن  يرضى عنهم الدب الأكبر وحتى الحراس تسلم أسلحتها وسيوفها وخوذاتها  دوات حادة   أتجمع أم حيان أسوة بالآخرين مافي بيتها من أدوات حادة وحيان يحاول إقناع أمه بأن الدب الأكبر خرافة ، لكن أمه لاتأبه بكلامه  يسمع الملك وقع أقدام خيول فيخبره الوزير بأن هذه الأصوات هي أصوات الدب الأكبر . وعندما يرى الملك خيولاً حقيقية  يركع متوسلاً آملاً أن يبعد الدب الأكبر جيوشه عن المملكة .  لكنه بعد أن يحدّق ويدققَ في الجيش مليّاً يكتشف أن الفرسان التي تعتلي ظهور الخيول هي جيش عدوه الملك عثمان ساعتها يدرك الخدعة وينادي الرعية والجنود طالباً منهم حمل السلاح والتصدي للغازين . لكن كيف وأنّى  يمكنهم ذلك وقد سلّم الجميع كل ما لديهم ؟!
     يبدأ الغزاة بالالتفاف حول الملك ثم يكمّمون فمه وعندما ينزع الجميع العصابات عن أعينهم يجدون الحراب والسيوف موجهة نحو صدرهم . يسقط  تاج الملك  والجميع في حالة ذهول
                     
حديث حول النص :
    
عندما توضح أو تشرح هدف نصٍ ما ، فإن ذلك يسيء إليه بدل أن يرفع من سويّته . وبما أنّ هدف نص الثغرة واضح لقرّائه لشفافية رمزه . فلن أتطرق إلى هدفه ومغزاه لأنه بذاته دالٌّ على فحواه . لكن أقول وقول وأقول : أوّل ما أن تناولت هذا النص حتى وقفت عند عنوانه الثغرة فالعنوان كثيراً مايحدد سمت النص . وعندما بدأت بقراءته سعيت لمعرفة هذه الثغرة . ولما انتهيت من قراءته تساءلت عن ماهيّة هذه الثغرة ؟ هل هي تجسيد أم تجريد ؟ فإن كانت خاضعة للتجسيد فأين ؟ وإن كانت خاضعة للتجريد فكيف .
     = هل هي جهل الملك والوزير ومن لف لفهما ؟
      = أم هي جهل وتجهيل الرعية برمتها كبارا وصغاراً باستثناء صغيرها حيان ؟
      = أم هي ما اكتشفه المقنّعان اللذان قاما بعملية الاسـتطلاع مرتين ؟ وبعد اكتشافها الثغرة التي تسكن قلب وفكر سكان المملكة أدركا من أين تؤكل كتف هذه المملكة وبدل أن يقضي على هذه المملكة أعداؤها بخدعة تماثل حصان طروادة اتخذ أعداؤها من الأحصنة الحقيقة وسيلة لنصرهم عليها علناً . لأن تأثير الخارج مرهون بطبيعة الداخل               .
     أعود لأتساءل ترى هل الثغرة هي بعض ما ذكرناه ؟ أم هي كل العوامل التي ذكرناها مجتمعة ؟! أم هي كل مما ذكرنا وما لم نذكر أيضاً ؟؟
      فإذا كان التعليم الفاسد هو سبب هزيمة أثينا أمام أعدائها ، فما بالك بحجب العلم عن الجميع ؟!! ولعلّ  إحدى جماليات هذا النص أنه لم يقدم تصريحاً ينبئ  بماهية الثغرة ، لكنه قدم أكثر من تلميح عنها في أماكن شتى ، وكل تلميح بمفرده كفيل بإسقاط  مملكة القمر وما شابهها من ممالك .
   
كل نص له ماله وعليه ماعليه ..  وبما أن الكمال صفة من صفات المطلق فسأقف عند
ملاحظات على النص :
 
1= أرى من الأفضل دمج المشهد الثالث بالمشهد السادس لأن المقنعَيْن ظهرا في المشهد الثالث ليخبرانا فقط بأنهما يبحثان عن الثغرة وبإمكانهم أعلامنا بذلك في بداية المشهد السادس في زاوية المسرح ، وهذا ولا يسيء إلى النص بل يزيده ترابطاً وتماسكاً واختزالاً
2 =  إذا أراد النص أن يقول لنا / إن جيل حيان غير الجيل الذي يعاصره / فإن الرد على ذلك نستخرجه من النص نفسه إذ لم يكتف النص بأن صور لنا جيل حيان بالجهل فقط ، بل صوره برمّته جيلاً ضائعاً كارهاً لأصحاب المعرفة وحامليها وهم موضع سخرية بالنسبة لهم ولا أدل على ذلك من اتهام أتراب حيان له بالجنون في مشهدين اثنين لأنه تمنّى زيارة مكتبة القصر . ثم إن يد واحدة لا تصفّق وحيان الصغير كان في النص يداً واحدة وفرداً وكل من حوله يعيشون تصحراً معرفياً صخيح أن الشاعر قال 
    ما ذللت ســــبل المعالي أمة     إلاّ بقوة مصــــلح أو هادي
                      تشقى متى تشقى الشعوب بجهلها وتعزّ حين تعز بالأفــراد
  إلاّ أنه من غير المنطقي أن لا يكون في المملكة كلِّها سوى فرد واحد قارىء لا واحد إلاّه .
   لقد قدم لنا النص معادلة غيرَ متكافئة ذاتَ طرفين ضمن عملية مركبة
  طرفها الأول مملك برمتها - مسؤولون ورعية - يلفهم جهل مطبق ولم يكتفوا بذلك بل سعوا  إلى مدّ بساط جهلهم على الرعية كلها
   وطرفها الثاني فرد صغير وحيد ينشد الثقافة والمعرفة الحقة وكان من الأسلم وجود فئة فَتِيَّة من أتراب حيان - ولو كانت قليلة العدد - تماثل رغباتها رغبته لتكون معه لا عليه أوعلى الأقل تكون بين بين وكان هذا ممكنٌ جداً من خلال النص نفسه لا إقحاماً عليه من خارجه . ألم يخبرنا النص في بدايَتِهِ بسطحيّة العجوز التي تمنّت بقرة ؟ وبسطحية  الفتاة  التي تمنت ثوباً  كثياب إحدى سيدات القصر ؟ لكنه لم يخبرنا ماهي رغبة الشاب الذي سحبه الحارس قبل أن ينطق بها .. هل هي كسطحية رغبة العجوز والفتاة ، أم هي سامية  كسمو رغبة حيان ، وهذا مالا اعتقده أبداً ، لأنه  لو كانت كذلك ، لكان موقفه إيجابياً تجاه حيان . ولكان عليه بمجرّد أن سحبه الحارس غاب وغابت معرفته معه من غير أن نعرف ما هويتها كان عليه أن بلتقي حيان ليشد أزره ويشكل معه نواة تمثل إرهاصاً لولادة وعي شبابيّ في مملكة القمر
                                      
ملاحظات تسجل للنص:
 
 = ما أصعب أن تجد رجلاً رضي بجهله ، وجهله رضي به ؟! فما بالك إذا كان هذا الجاهل في قمة هرم المسؤولية ؟!!
  ألم يُحَرّم أفلاطون في مدينته الفاضلة  على الحاكم شرب الخمر لآن عليه أن يكون آخر رجل عليه أن يفقد عقله لأن مصير الآمة كلها بيده  فما بالك إذا هذا الحاكم عقله دائم التجمّد في ثلاجة الجهل ؟!! . هذا من جهة ومن جهة أخرى فقد رأى عبد الرحمن الكواكبي في كتابه طبائع الاستبداد أن طبائع الاستبداد كثيرة وأقبح أنواع الاستبداد هو الجهل لأن المستبد الجاهل ليس من مصلحته تنوير الرعية حتى لا تفتح أذهانها ثم أفواهها لتطالب ولو بالحدود الدنيا من حقوقها وبالتالي سيقع مآل سوء جهله عليه وعلى الرعية في آن معاً وهذا تحديداً ما أراد أن يقوله لنا نص الثغرة تلميحاً لا تصريحاً .
  = إن اختيار المؤلف للشخصيات التي ظهرت لحيان في حلمه لم يكن عبثاً إذ لم يظهر له ( بُعْبُعْ ) ولا (عِفريت) ولا (عَوْ ) تلك الحيوانات الخرافية التي كانت تخيفنا بها جداتنا وأمهاتنا وكانت من نسج خيالهم في زمن مضى  وظلت هذه الأفكار أو بعضها قابعة في جوّانية ذواتنا حتى في يفاعتنا . وإذا كان الحلم عند الصوفيين هو حالة ينتقل فيها العبد من مشاهدة عالم الحس إلى شهود عالم البرزخ ، وعند سقراط تمثيل لصوت الضمير فإن الحلم عند علماء النفس ومنهم فرويد تجليات للخافية = أي اللاّشعور لحظة لا رقيب عليها فكثيراً ما كان ابن سينا يحل في منامه مشاكل معقدة لم يجد لها حلاً في يقظته لم تظهر لحيان في منامه كائنات خرافية  بل ظهر له البتاني المولود في حرّان المنعوت بالرقيّ والملقب ب بطليموس العرب وظهر له غاليلو الإيطالي الذي هددته محاكم التفتيش في العصور الوسطى باتهامه بالهرطقة إذا لم يتراجع عن أرائه فكان عالمي العطاء . وظهر له ابن رشد إمام العقلانية العربية الذي أطلق عليه الغرب اسم ( أفيروس ) متخذين من أفكاره شرعة ومنهاجاً ومدماكاً  لقفزتهم الحضارية . ولقد ذكر النص على لسان ابن رشد قوله ( العقل أولاً وما عداه تهافت ) وكلمة التهافت لم ترد في النص عرضاً ولا عبثاً ولا إتماماً لمعنى ، بل وردت لتكون إشارة إلى كتاب  ابن رشد ( تهافت التهافت ) الذي كتبه رداً على كتاب الإمام الغزالي  ( تهافت الفلاسفة ) والذي خرج فيه من الفلسفة عن طريق الدخول فيها  فنقدها وأعاد للصوفية ألقها . لقد أراد المؤلف من خلال حلم حيان أن يقول لنا إن حيان باحث عن شمولية المعرفة وعن الفكر المستنير الذي يخدم الراهن والآتي أياً كانت منابعه وهوية مبدعيه . لا فكراً عَفَا عليه الزمن يعيش العصر خارج العصر فكراً يحكم ويتحكم فيه الموتى بالأحياء أو بالأحرى / الأحياء الموتى الجهال / الذين يملكون مفاتِح الأمر والنهي ، بالعقلاء الذين لا سلاح لديهم سوى السلاح المعرفي
  وعلى الرغم ممّا يسجل للنص في هذا المجال فإنّ لي ملحوظة أقف عندها قليلاً وأراها من الأهمية بمكان . ولاشك أن المؤلف هو لسان حال شخصياته كلها إلاَ أن مؤلف الثغرة / في رسم شخصية حسان / تبدّى لي أنه كان شديد التعاطف معها بحيث تتوقع أن منام حيان هو / حلم اليقظة عند المؤلف نفسه / وألبس منامه لحسان ولم يكن المنام منام حسان نفسه وبخاصة إذا تذكرنا أن حيان كان طفلاً صغيراً وأمه تغني له حتى ينام . هذا منة جهة ومن جهة أخرى فإن كثيراً من الناس العاديين وحتى بعض المثقفين قد لا يعرفون من هو ألبتاني وإذا عرفوا البتاني فقد لا يعرفون سجال الغزالي وابن رشد في كتابيهما ( تهافت الفلاسفة ) و( تهافت التهافت ) فكيف نجد مبرراً لحيان الصغير حين قال العقل أولاً وما عداه تهافت لأن كلمة التهافت أكبر من سن حيان بكثير .  لقد أقحم المؤلف حيان بالمعرفة إقحاماً واضحاً وكأنه نسي طفولته التي رسمها لنا بخطّة قلمه وبالتالي فإن الفطرة هذه أكبر من سن القراء اليافعين بكثير . هذا على صعيد المضمون
 
أما على صعيد الشكل :
 
 فقد استطاع نص الثغرة إيصال فكرته للقارىء عن طريق حوار سلس سهل بسيط خفيف رشيق يتناسب وسوية اليافعين ناهيك عن خلوّه من المونولوجات الطويلة التي تفقد النص في كثير من الأحايين ديناميّته إضافة إلى طباعة بشكل مدروس وذلك بالاعتماد على علم النفس الحديث كتباعد أسطره وقلة الكلمات في الصفحة الواحدة . كل ذلك وغيره يجعل القارىء اليافع يتابع قراءة  نص الثغرة بلا كلل ولا ملل نأمل لزميلنا الأستاذ أحمد مزيداً من العطاء فهو كما كان موُفِّقاً في الكتابة المسرحية للصغار واليافعين فقد كان موفقاً في الكتابه المسرحية للكبار .
عن موقع مسرحيون







أتى هذا المقال من Welatê me
http://www.welateme.net/cand

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/cand/modules.php?name=News&file=article&sid=3570