في الرصاصة والعصا .. الى الشهيد المناضل تحسين خيري ممو
التاريخ: الأحد 03 تموز 2011
الموضوع: القسم الثقافي



وليد حاج عبد القادر
 
كفراشة وقد تزركشت بألوان ، تفوح ألقا وجمالا ، ونظرة ملأى بسراب حينا ، وأمل مشع حينا آخرا ، يتسرب من تينك العينين المكحلتين ـ خلقا لا تصنعا ـ وبريق يشي بأشواق متسقة لحبيب هائم يتأمل ذاك الثوب ـ النصفي ـ وهو يعتلي الى ما فوق الخاصرة ،باخضراره الغامق نسبيا ومن تحت الإبطين وشاح أبيض يوحي بسلمية لامتناهية ، بالرغم من هيجان الطاغية وتراتيل دجاليه ، أفكا ونفاقا . وما أن لوحت بيديها !! رباه !! ليتها مافعلت .. فراشة ـ فرشين ـ* بإزرقاقها الفضفاض ، تتمايل غنجا وتتطاير في عفوية رائعة فتتهاوى للحظة ، وتتصاعد لحظاتا و... تلتحم بتجانسية رائعة مع السماء بقبتها وفضاءاتها الواسعة اللامحدودة ...


ومن جديد ، تباطأت عيدان عبّاد الشمس وتمايلت بخيلاء وكانحناءة لابل التفافة الراقصة البارعة ، تاهت في نصف دائرة وتصافحت بمسطحها فتلقحت من الشمس بعضا من شعاعها وباحت لها من جملة ما باحت : ذلك السرّ السرمدي في لامتناهيه .. تناغم شاعري ، وشعاعات الشمس ، وبريق حبّ عاصف ومن جديد لا متناه : هانت فيه من جملة ما هانت أسطورة الجزيري ورائعته الفاتنة هيلانة* !! ... لحظة واحدة من فضلك ؟!! .. تلفتت من حواليها وبلا مبالاة ، خطت بخطواتها من جديد ، وأتاها الصوت ثانية  : أيتها الجميلة أنت ، المتناسقة ثوبا وقامة ، جدائل تحاكي الليل في سوادها ، أسورية أنت ؟ !! .. أم ؟ !! تلاقت العيون !! رباه عيناها !! ويلي عيناه !! لمح ذاك الإحمرارالمتدفق خضابا ، سطوعا ، شموخا شذرات ونثرات تتعثر و .. تتشكل كبقع دموية ، وتتوه في لحظات عساها بعض من خداع للنظر وشيئا فشيئا ، لاتلبث أن تهديك ، لابل وتتعاطف معك فتتقاطر سلسلة ذكرياتك الأليمة المدماة وذلك النزف والخضاب الدموي الذي استرخص وعدّت الى البدايات ، لا مطلقا ما كانت البدايات ، إذن هيّا أحسمها ، وحدد سمتها بكبر جريتها ، أيها التائه الأزلي كنت أنت ، فلتكن إذن لحظة ما انطلق المجرم سليم كبول بلؤمه وبدا لك ملعب القامشلي بسيله الجارف دما ، دمعا ولحما تناثر وفق ضجيج وفوضى ، لابل قرقعة وارتطام النحاس في تصادمه وهو يفرغ شحنات موته والضجيج رويدا رويدا قد تحوّل الى صنوج وهي تعزف لابل تمهّد لانتصار بوهيمي مدجّج بآلات السفك والقتل الممارس بحق بشر ما ملكت ايمانهم سوى تلكم الصدور العارية ، في تلقيها للطلقات القاتلة . .. وذاك العزف الصامت كألم مكبوت في قاع بحر سابع متلاطم ، وفوارغ الطلقات تتراكم وتتراكم ، ومن بين ثنايا الحركات المتداخلة ، لاحت النجيمات .. وردات خضراء متقاربة ، تشي بديمومة وتنسجم بروعتها المعتادة فتتهامس الألوان فيما بينها ومن جديد يصيح الأخضر ها أنا أفسحوا لي قدر ما تستطيعون فوالله قد ارتويت ما فيه الكفاية !! تتراتب الألوان وتتناسق والأخضر يتماوج ويمتدد أفقا ، روعة وذاك الجمال السرمدي يبشّر كما يبتسم .. رباه ! ما أجملك أيها العلم المخضب دما .. ألقا ... هيّا أيها ـ البارافي ـ* كردي أنت ، مالنا سواك وتلك السارية ، إصعد ..إصعد أيها الجبلي أنت ، ما أرعبتك القفار وما حدّت من جبروتك فظاعة الطغاة . قالها ذاك المسمّى مقدما على جنده في المظهر . وفي لحظة كاد أن يتحول الأمر الى مايشبه السيرك لولا الدماء النازفة ، ومع هذا ـ سعيد آغا جزيري ـ صممت وصدحت تشدو وتشدو عدوللللللللللي وذلك القيد القاسي يجبرها الفرنساوي ليتحكم فيها بقبضتك * وما ارتخيت . كررتها مثلما رتلتها وأنت تصرخ وتصرخ وتترنم وعدولي تاهت فيما تاهت وامتزجت خيالها لابل أضحت سرابا وسط دخان ورائحة شواط ـ قزه رجب ـ* ربّاه .. سنين كانت قد مضت حينما هتفت !! ما أجمل علم الوطن ، ولكن !! حينما لايضمخ بدماء مواطنه فيسفكه الحاكم ، أو يختزله !! . انحنت الجميلة تتلمس الأرض فتناثرت الضفائر يمنة وشمالا ، اللعنة عليك أيتها الذاكرة ، ما سرّ ذلك المقدم تتذكرينه ، لابل يستحيل نسيانه ، حتى ولو بفعل ـ الزهايمر ـ وعادت بك الذكرى ، ومن جديد وكأبطال ألف ليلة وليلة هاهو يزعق ويزعق ويتهاوى بخيزرانته على جسد صديقك العاري من كل شيء سوى كرامته في المعتقل ، واللحم الآدمي بجلده يأنّ ، ويأنّ ، وهو قاب قوسين أو أدنى من أن يتفسخ . أنين حاد ، صرخات متداخلة ، زعيق غير آدمي مصدره وحش تخاله من غير البشر ، ، توجّع بأنين قاتل ، الخيزرانة ما تمالكت  فانفلقت الى نصفين ، زأر المقدم وهاج وماج وبدأ ينهال على الجسم المدمى بما يشاء و .. جأر صائحا : أيها العسكري !! ردّ عليه العسكري برعب وخوف : نعم سيدي ... أين بنطال هذا الحقير ؟ !! .. هاهو سيدي .. خذ من جيوبه نقودا واشترخيزرانتين بدلا من هذه التي تحطمت على جسده الحقير !! والتفت صوب صديقك المعتقل قائلا : ألا تدري أيها التافه بأن جسمك قد تسبب في تحطّم عهدة حكومية وهذه تهمة أخرى ستتحمل وزرها كعمل متقصد في استهداف الدولة بممتلكاتها العامة !! .. هو الوطن .. كما هي الوطن وقد تدنّس منذ أمد ، فمن كان سيصدّق أن الأمن في بلادي ، لايملك ثقافة احترام البشر ، ولا آلية التعامل مع البشر كبشر ، ومن سيصدق أننا في سورية ندفع للساديين أثمان الخيزرانات التي تلسع أجسادنا في المعتقلات ، كما الطلقات التي تردينا قتلا في مظاهراتنا ....
* ـ فرشين ـ اسم لنوع من الفراشات بالكردية والتي تمتاز بتداخل ألوانها وتناسقها الرائع مع غلبة اللون الأزرق الصافي والمائل الى السماوي الغامق
* هيلانة : حسب الحكاية الشعبية ومقولتها أن هيلانة النصرانية كانت دارها مقابل ـ مزكفتا صور ـ وكان الجزيري يقتعد حجرا أمام باب الجامع مقابل دار هيلانة التي كانت تتبرج وتقف مناظرة له فيلقي الجزيري روائع قصائده في العشق والغزل
* سعيد آغا جزيري واحد من أشهر المغنين الأكراد في القرن الماضي ، كان وطنيا صادقا أيضا ، وقاوم الفرنسيين وتمت ملاحقته من الحكومة الطورانية أيضا بسبب أغانيه القومية .. أعتقل قبل جلاء الفرنسيين من سورية مع أربعة كرد آخرين وزجّوا في سجن ديرالزور ، وبقوا فيها حتى خروج الفرنسيين وقدوم الإنكليز بعدهم ، ولم يجرأ أحد على إطلاق سراحهم بالرغم من جلاء الفرنسيين والإنكليز أيضا ، حتى سعى لهم الشيخ سعيد العرفي مفتي دير الزور آنذاك فتم إطلاق سراحهم
* ـ البارافي : شخصية كردية كان من مجموعة حراسة مبنى البرلمان السوري وهو أول من رفع العلم السوري بعد الإستقلال فوق سارية المبنى
* شواتا قزه رجب : قزه رجب قرية على مقربة من ديركا حمكو .. على الحدود مباشرة .. هجمها الإنكليز أثناء زحفهم على المنطقة بعد طرد قوات الجنرال فيشي الفرنسي من المنطقة وكان قد تحصن فيها بعض من الوطنيين والذين تم اعتقالهم فيما بعد ...
 







أتى هذا المقال من Welatê me
http://www.welateme.net/cand

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/cand/modules.php?name=News&file=article&sid=3527