من يوصل الوردة إلى الشاعر؟
التاريخ: الخميس 22 نيسان 2010
الموضوع: القسم الثقافي



إبراهيم يوسف

إلى عبد الحفيظ عبدالرحمن

-كلُّ عيد وأنتم بخير؟
تفتحُ بريدك الإلكتروني، كي تستلمَ الكثيرَ من رسائل الأحبّة من جهات كثيرة من خريطة الوطن، أو العالم.
- كلُّ عام وأنت بخير
ماءٌ على أبعاد فخار وجرار وأكواز
عقيق ساهر على معناه
 ومعنى يؤرقه العقيق
كم لديك أكثر مما لا تقول؟...


تتذكَّر للتَّوِّ، إنَّه عيدُك، وأنت الذي تكادُ تنسى أحرفَ اسمك، في مهرجان الضّجيج والبريق، ومعمعان الظلال المهرِّجة، والبرونزالذي في دبق عماه، حيث كل شيء يدعو فيه إلى النسيان، أو أساه، إلا أن ثمّة غبطة غامرة تسري في عروقك، وأنت ترى الكلمة في ثوب زفافها، تبثّ في شرايينها وعروقها ألف روح وحبر، لتعلم أن العالم بخير، العالم بخير،بنيّ!، وأن الموعد: نيسان، ومن يزرع "بذرة الحب"، هكذا في هشاشة الإنشاء،لا بدّ من أن يحصد الخير،مهما كانت بلاغة الشوك، وفصاحة السبّابة، بل و حتى وإن انتشرت عدوى الزؤان هنا، وهناك،قريبا وبعيداً ، وفي كل الأمكنة، على مدّ أجنحة الحلم،إلا أن البقاء سيكون لا محالة لكل ما يمتُّ إلى الخير، الخير السلطان، نفسه، حتى وإن غيّب إلى حين، دون وداع، وتلويحة أكيدين، لأن روح الخير، لا بدَّ تصل إلى عناوينها الموزعة، كي تعانق كواكب الضوء في مداراتها السبع العاليات، لا يمنعها عن مواعدها، في عراء الوضوح، مكبحٌ موقوتٌ، أو سبّابةٌ مؤنّبةٌ.
رسالةً رسالةً تقرأُ الأصدقاءَ الموزعين في الخريطة، يا للعيد في وفائهم!، تتذكرهم واحداً واحداً، تنطق بأسمائهم، ثم يطرق باب مخيلتك آخرون، تكاد البوصلة لا تحمل إلا روائحهم: حسن صالح ومن معه من الأهلين، وهم يقرؤونك بين إطلالة وأخرى، كي تعرف:
 أين أنت الآن، حين تستقرىء ملامحك في وجوههم، حتى وإن بدا الاختلاف سيّد المقام في تفاصيل، أو عناوين، لا تمنعُ ذلك الودّ العارم في المصافحة، أو التلويحة، أوتبادل الورد سفيراً للودّ عينه!.
-اليدُ ظمأى للمصافحاتِ
اليدُ التي تقطرُ اللهفةَ النبيهةَ وتبتلعُ ريقها إلى ما لا نهاية.
-العينُ في ما لاتراه يقيناً
 والعينُ  ناقصةُ الدَّورة في رؤيتها أنى كانت هناك وجوه بعيدة، حتى وإن اختلفت مع ذويها في رؤيتها-أحياناً- إلا إّها تهدر صوبك، في أوجِ الحنو البشري، بعيداً عن ديدن الزّيف الذي يستجلب الأرواح الخفيفة:
-هو ذا بيررستم ..!
-كم صارلك  لم تنزل ضيفاً علي؟
 ثم ّيسرد أقصوصة جديدة على المسمع
-هو ذا  مصطفى إسماعيل
-ويا أسمى عيل-
يدحرجُ القصيدة
قبل أن يدخل
-هو ذا أنور ناسو
على متن الوتر
صداه هنا، ولا أسمع..!
-هو ذا محمد مصطفى
في كراريس الأسماء الراكضة
هوذا معروف ملا أحمد
بين يديه الموازين
 ولا ترعوي لكنة المسافة
....
...
وآخرون وآخرون
 كلّهم كلّهم
كلٌّ .....و هم...
 قرّاءُ دفاترك
قراءُ الخافق نبضةً ....نبضةً
أغنيةً أغنيةًً
رقصةً رقصةً
كانوا على مقربة من القصيدة، كلٌّ يقرأُ الوطن –نفسَه- بطريقته الخاصة،والوطن هو نفسه، دون لحن،أو شطط ،تراهما، أرواحهم بوصلات اليقين، لا ترتوي من ومحاتِ شمس، أو دناناتِ قمرلا ينسيانهم.
 -قل ما تروم أكثر..!
أزفت الزرقة وما تتبع من قوس قزح
لا تؤجلن مهارة الأنين
يا أخي..!
حبرُ الإلكترون بات يستعصى على السبابات العشر، وهو يقودني إلى أحيائه، وشوارعه، وشرفاته الدائرية، ومداخل غرفه المفتوحة دوماً:
-أن اكتب ثانية..!
هي أفراس المعاني مربوطة إلى عصا السؤال
السؤال العصيّ
السؤال المطواع
السؤال الذي يسيل على المدى والمكان.
ليس غيرك يتقن الطريق إلي، أنّى كان الغبش معترضاً، حتى وإن نهش طمأنينتك حدأُ الجيف، لتكون وحيداً- هكذا- بأكثر من جمهراتِ المسرح، وهي تسير على إيقاع الحجل المضلّل،في فتاويه الكثيراتِ، والدورة لا تزال على أشدّ النابض الأزلي، وزمبلك الافتتان، وإزميل المعنى المتأهّب على ساق واحدة.
-قلها..إن كنت أكيداً، على مقربة من ذلك
أميراً أتوجك الآن، حيث لا بعد
ولا قبل
هاتِ المفاتيح واحداً تلو شقيقه
كلمتك تناديك
- وهي أنت كما يحلل الموشور-
في غلالة الأصداء
كأنك تبكم في حدِّ الممكن نفسه
عارياً
في نواميس الفهرست الحكيم
أو سالف يهذر
قلني..!
 قلني ولا تقلك بعد..!
تردف هي نفسها
ثمّ تحكُّ الرُّوح، وتركض صوب حاسوبك، تجلس في ثياب نومك على الكرسي، تنقر على مخادع أحرف تجتمع على شاشة هذا الصباح الجديد، وهو يوشك الدخول في معترك الثواني، الدقائق، الساعات، الأيام الأسابيع، الشهور، السنة، العقد، القرن الذي يشكل روزنامة المضارع، من خلال مصبّ الماضي نفسه، قائلة:
ألا انظر
 ولا تنتظرن
القصيدة  تنوب عنك نشدانها الأسمى
 وتنظر إليك جارّاً عرباتِ النعناع في إغرائه
أيُّ دويٍّ تتركه، الآن
دويٌّ مقصوص الأجنحة
 يستعيدُ أدواتِ السمو ذاتها:
-الهواءَ
- رفلَ الريش
-الأفقَ
-العيونَ المتتبعة إياه
-الخطا
الصّدى العالقَ في الجهاتِ الستِّ خارج مدى الرؤيا
-اليقين على قبالة معبره
-ما الذي  تريده في هذا اللّهاث المتبوع بخطوة أخرى
 وشفاعات ذابلة
كان السؤال يتدحرج، قدامك، كذا تماماً
يتدحرج
يتدحرج
إلى غير نهاية
أبعد من الجواب
وأكثر وضوحاً
 وتتدحرجُ قرب كلماتك المربوطة إلى أسفل المحبرة الضوئية
 -خذِ الوردة، إذن، وادنُ، فلا عنوان لديَّ، لكن الشاعر تفضحه رائحة القصيدة أنّى حلّ..!
كانتِ الإيماءةُ تقول: كلكم هناك-معه- والشاعرُ وحيدٌ كجبل، حيث الوحدة تؤنسه بالرائحة، والصدى، والزيزفون، وسلاسة النجوى النازفة.
بالطيرِ في أعلى شجر الجوز
بالغزلان والأيل
بالمنِّ في الوداد المؤجل
بالرِّيِّ في ثقةِ النبع منحدراً
يجرحه خيال الصبية
وها أنتم تملؤون لحظته بالأنس، والبخور، والطيب، والهواء، والذِّكرياتِ، ومرجان الشكيمة.
ها أنتم شرايينُ القصيدةِ التي يكتبها على شاشةِ الذاكرة التي لن تنسى.
 وبشاشة وجه العرفان.
ما زلت تتابع بريدك، وترسل الورود إلى العناوين المختلفة موقناً –في قرارتك- أن خطأُ ما يتمُّ
خطأُ مؤكدٌ يتمُّ
خطأُ مؤكدٌّ ..
 خطأُ..
 ولا
 تخطو
وردات لا ترد
وردات بلا اسم

-وورداتٌ لا تصلُ.......!
......
من يوصل الشاعر إلى الوردة؟

-  ثمّة ورداتٌ لا يفتأ شذاها الملحاح خارج الأصيص لا يقف
22نيسان2010








أتى هذا المقال من Welatê me
http://www.welateme.net/cand

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/cand/modules.php?name=News&file=article&sid=2925