مسارب تمر عبرها مثالب
التاريخ: الأربعاء 21 نيسان 2010
الموضوع: القسم الثقافي



محمد قاسم(ابن الجزيرة)
m.qibnjezire@hotmail.com

- الفن..وكل ما يرغبه الفنان –الممثل ،الكاتب،المخرج..والمنتج... ومن يتخفى خلف الجميع..أو ربما يظهر بلا مبالاة؛ كالرقيب الذي يمثل نمط التفكير السياسي والإداري والثقافي اجتماعيا.. والنمط السلطوي خاصة..!
-  الرقص..الغناء..النحت..الرسم..والشاشات التي تظهر عليها ،سينما،تلفزيون وكل ما يتعلق  بذلك..
لكأن هذا كله أصبح منفذا، أو ممرا للتحرر من الضوابط  الاجتماعية والأخلاقية الإيجابية– تحت ذريعة  فكرة الإٌبداع –
وكأن الفن وما يتعلق به من تجليات مختلفة ..أصبح ممرا آمنا لتمرير كل مشتهيات البعض بلا حدود..ويبدو أن من أكثر المستفيدين في هذه الحالة هم:


-  السياسي- في السلطة خاصة – إذ يمرر كل ما يريد من مفاهيم باسم الفن، ويخضعه لخططه، خاصة في المجتمعات المتخلفة عموما؛ و تلك التي يحكمها الحزب الواحد –المستبد عادة- بشكل خاص.
 يكاد الفن  في تلك الحالات؛يصبح  فنا تحت الطلب عند النظام، يبرر أخطاءه، يضخم حسناته، يغطي على ارتباكاته،يعملق أقزامه ..ويضيف الخوارق إلى قياداته  ... باختصار،  يصبح مؤثرا في سعي الأنظمة المستبدة إلى غسل أدمغة شعوبهم.
ومن وسائلهم المتبعة؛ لغة، وأسلوب أسطوري يتناغم مع ذهنية وسيكولوجية(-ثقافة) مجتمع ذي تكوين ثقافي غيبي، بلا ضوابط، وبلا حيوية في التفكير..بل و تغلب في حياته الأمية، والجهل الفاشي.
- ويتناغم مع هذه القوة، المال السياسي؛في تجليات مختلفة ..والمال التجاري.. (ودعونا نقول المهيمنون على الاقتصاد) سواء عن طريق التحكم بالمشاريع من خلال موقع سياسي، أو من موقع إداري، أو من واقع ملكية الرأسمال الفاعل، أو غير ذلك.
نوع من حالات التزاوج بين الاقتصادي والسياسي لصالح الحكام في هذه الحال. تحت عناوين مختلفة.
- أصحاب النزوع الخاص –الإباحيون..المقلدون المتفرنجون بلا معايير..المتسلقون أية وسيلة للوصول إلى غرض ما كـ (الشهرة، والمال، والمركز، وخدمة أجندات غير واضحة الملامح.. مهما كانت.. الخ). ويقال لهم –أحيانا- الوصوليون أو المتسلقون.
- وربما –أحيانا- جماعات دينية، أو سياسية خاصة،  وهنا تلعب ظروف الأقلوية والاضطهاد دورها أيضا...
- المتعصبون الذين يزعمون حماية القيم؛ يحيلونها "خُشُبا مُسنّدة" ويمارسون –باسمها- الوصاية؛ إلى درجة ممارسة العنف في أشكال مختلفة؛ ذروتها القتل المشين؛في تفجيرات لا يفرق بين بريء ومذنب..!
وحتى في تشخيص المذنب فإنهم لا يتبعون طريقة مشروعة للتحقيق والتأكد..باسم مفاهيم مختلفة: الوطنية، الحق، المقاومة، الثورية، الكرامة، الدين، القومية...الخ.
وهم في ذلك كله يتبعون أجندات قد يكونون فيها مجرد أدوات تنفيذية؛ سواء عن اقتناع، أو إجبار أو استغلال..-ابتزاز- وهنا نفرق بين من يمارس العمل النضالي المشروع والذي يتبع منطقا نضاليا معترفا به من الوجدان الاجتماعي، ومُقرٌ في الثقافة البشرية العامة.وبين غيرهم.
فإذا لم يكن ممكنا المواجهة والمباشرة في عرض القناعات والمطالب والتصورات ... بسبب غياب مناخ الحرية والديمقراطية، في ظروف تسلط النظم استبدادا –أيا كان- فإن التحايل يكون نحو المظاهر المباحة....والفن خير وسيلة لذلك..
ففي الفن مساحة واسعة لاستثمارها ممرا لأغراض لا يُسمح بظهورها علنا، أو بحرية-عادة.. كما أن فيها إمكانية واسعة لإغراء القائمين على السياسة، والإدارة، لتمرير رغبات يوقعون –أو يوافقون- عليها؛ تحت تأثير الحالة..كما لو أُسكر مسؤول وطلب إليه توقيعا لا يوافق عليه في الصحو، أو وُضِع في ظرف  تثار فيه شهواته وغرائزه،كرؤية نساء عاريات أو شبه عاريات، أو معانقتهن..أو ربما أكثر من ذلك.. لتمرير غايات ومشاريع خاصة جدا. وهذه مشاهد نراها بتكرار في الأعمال "الفنية" سينما تلفزيون..الخ...سواء أكانت النساء يفعلن ذلك برغبة، أو عدم رغبة تحت تأثير تهديد أو إغراء..وفي هذه الحالة فإن استغلال الجنس أصبح تجارة تكاد تكون قانونية..كما نلاحظ في الفضائيات المختلفة، ومختلف الأعمال الفنية...كالمسلسلات والأفلام..فما معنى مشاهد لا صلة بها بمضمون فكرة العمل سوى شد انتباه المشاهدين؛ كالعري في هيئة مثيرة ومغرية، أو ما يسمونه "البوز"..أو القبلات الحميمة..أو أشكال  مختلفة من المعانقة والمداعبة حسيا..الخ.
 إلا إذا كان في خدمة ذلك الجانب التجاري..!
والأمر يرتكز على بعض ثقافة سارية..ففي الغرب مثلا..يُعتبر مجرد حرية شخصية أن يتلاقى اثنان؛ أنثى وذكر في مكان عام ،أو في متنزه "يستمعتعون بوقتهم".
 ونحن لا ننكر على احد حريته الشخصية عندما يمارسها –فعلا- في جو خاص بهم، كان يكونوا في دورهم،أو أماكن مغلقة لا يشاهدها إلا الراغب فيها..أما "الاستمتاع بالوقت" في الهواء الطلق، وإثارة الغرائز لدى الناس؛ ومنهم المراهقون.. والأطفال الذين لا يميّزون الحالة ونتائجها وطبيعتها..فلا أظن أنها حرية شخصية.
 إنما هي طريقة -تحت عنوان الحرية الشخصية- تهدف إلى غاية مبيّتة؛ تخدم مصالح أناس بعينهم-الشركات..المؤسسات، وطبعا أصحابها-ومنهم ساسة كثُرٌ خفاء أو عيانا-.
حتى فيما يتعلق بالزى..كم مرة نشاهد امرأة مثلا؛  شبه عارية..!
 وكل ما يستثير الغرائز فيها مكشوف، منذ الخط الفاصل بين نهديها –وهي حركة تحرص عليها بعض الإناث بشدة- ومرورا بعري زنديها، وساعديها البضين المغريين، أو فخذها المملوء ، فضلا عن الردفين الذين يضيق بهما الفستان، أو البنطال، أو الفيزون الذي يجسد معالم الجسم في حركات ملفتة ،وتزويق مبالغ فيه في المساحيق والكوافيرا والتزيين..الخ.!
 وبعد كل هذا تقول لمن ينظر إليها –سواء أكانت صادقة أو قاصدة حركة ما، أو لان الناظر لم يعجبها..-لماذا تنظر إلي..؟
 ألا تستح...؟
 وعندما يكون الناظر من الذوّاقين والمحترفين..ويغازلها صراحة –وهي معجبة- تسارع بالقول والبسمة ترقص على شفتيها "كلك  زوء" وتسقط كل الاتهامات للآخرين..!
لذا لا نستغرب تزايد نظام الحفلات المختلفة..وربط الفن بكل نشاط بشري، منذ النشاطات  تحت عناوين،الخيرية؛ ومرورا بافتتاح المشاريع، ولقاءات الناس في مناسبات مختلفة؛ يكون  ممثلوا الأنظمة طرفا فيها؛وهي تقاليد قد تكون عامة، ولكنها صياغة غربية بامتياز في ظل نظام الرأسمالية وهيمنة الاقتصاد والمصالح فيها على ثقافة الناس..!
وعلى الرغم من وجود إمكانية استثمار الفن من قبل المناضلين أيضا ضد الظلم والاضطهاد.. إلا إن استثماره في اتجاهات أخرى هو الغالب..كما نلاحظ في الواقع..
المشكلة –إذا-في الفن أنه متحرر من قواعد وقيم ضابطة اجتماعيا لها،-على الأقل بالنسبة إلى الثقافة الإسلامية- بل هي اجتهاد على قدر الجرأة، أو المتاح منها بدعم سلطوي،أو دعم عصابات  مختبئة تحت عناوين مختلفة.. لكنها-في كل هذه الحالات، لا تخدم دعم اتجاهات  تمت إلى مصلحة المجتمع في سيره الطبيعي المفترض.
ومن المثالب التي تنمو في مواطن الفن ومعابره..معنى كلمة "الحب".
 إن هذه الكلمة تتضخم في النفوس؛ بفعل التكرار، والمؤثرات، وتصبح بديلا عن حقيقة المشاعر التي تتطلبها العلاقات الزوجية خاصة، الحالة الطبيعية في العلاقة بين الذكر والأنثى.
فالحب هو مجرد عاطفة..وهي متدرجة في القوة والشدة، مثله مثل أي انفعال وما يتفاعل معه.. فيمكن أن يكون الحب مجرد ميل –تقبّل..-عدم رفض..استعداد للتعايش معا وفق  المصلحة الاجتماعية واقعيا؛ كالرغبة في تأسيس أسرة،أو التعاون لمواجهة ظروف ما؛ تتطلب اشتراكا بشكل ما. لتنحصر في انفعال –عاطفة ممزوجة بالميل الحسي..أو الاشتهاء البدني..ويغلب الخير المادي –الحسي على المعنوي النفسي..فيستحيل الحب هنا إلى رغبة في الملامسة، والدغدغة.. والعلاقة المباشرة جنسيا..خارج العلاقة الضابطة شرعا وقانونا.وحتى خارج معنى الغزل في إطاره الطبيعي والملهم...!
وهنا يتلاشى معنى الحب المعنوي –العذري المنضبط بقيم دينية أو اجتماعية – أخلاقية-
ومع المشاهدات الدائمة  للمسلسلات التي تصاغ على أساس ثنائية الرجل والمرأة؛ وتصوير تخيّلي للحب بينهما؛ وفق ما يريده المخرج –وربما المنتج- بإضفاء لمسات أكثر شهوانية وإثارة للغرائز..حتى تشد إليها، ويتشربها الناس؛ خاصة في أعمار الطفولة البريئة، والمراهقة القلقة، والشباب الحائر.. وربما حالات كثيرة من أناس يكبرون عمرا ولكنهم يظلون يعانون من نقص ما في التوازن النفسي..لنقص في إشباع بعض الحاجات الأولية –الدوافع- وخاصة الدافع الجنسي؛ لكبت ..أو لقمع.. أو لأي سبب آخر..نتيجة تربية ناقصة في المجتمع، أو في الأسرة، أو في المدارس، ومختلف المؤسسات ذات الصلة بتربية الإنسان؛ منذ الطفولة وحتى آخر دقائق العمر.بل وحتى أن التأثير قد يطال الناس العاديين مادام لا يزال فيهم ميل نحو اللذة بدرجة ما.
وهناك الكثير من العادات السيئة تمرر عبر التمثيل ،كممارسة الكذب للتخلص من مشكلة،او التلصص عبر ثقوب البيوت،أو تعاطي المخدرات –بحجة معالجتها – أو غير ذلك الكثير الكثير ما يمكن أن يذكر في هذا السياق.
فهل نرى الفن بريئا فيما يتعلق بالتربية خاصة.وللأجيال الصغيرة-الأطفال..؟!







أتى هذا المقال من Welatê me
http://www.welateme.net/cand

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/cand/modules.php?name=News&file=article&sid=2915