في رثاء الأخ والصديق عادل اليزيدي
التاريخ: الأثنين 14 ايلول 2009
الموضوع: القسم الثقافي



توفيق عبد المجيد

لم أكن أتخيل يوماً أن القدر سيكون قاسياً إلى هذه الدرجة … لم يكن يدور بخلدي أو يتراءى لي أو تتصوره قدراتي المحدودة أنني سأحرم من اللقاء بإنسان كنت معجباً بشخصه وصوته وصورته ومواقفه الجريئة وهو لا يفرط بثوابته الوطنية … وهو يواجه الخصم في عقر داره ويهزمه هزيمة نكراء … أبداً لم أكن أتصور أن يكون اللقاء لا لقاء .


أخي عادل :
يجد الإنسان أحياناً نفسه محاطة بأسلاك شائكة ، وموانع كثيرة ، تصادر حتى تفكيره وتصرفه وقدرته على الثبات والتركيز ، فيخونه القلم ، وتستعصي عليه الأفكار ، وتتمرد عليه الكلمات فيرضخ لهذا الواقع صاغراً مرغماً إلى حين تتلاشى فيه السحابة السوداء وتنزاح عن صدره المثقل بالهموم والمشاغل بعض الهموم وليس كلها فيحاول أن يستعيد بعض القوى ليقوم بدوره ولو متأخراً بعد أن استرجع بعض التوازن الجسدي والفكري ليخوض معركته المستمرة مع الحياة ويجود ببعض ما تجمع في ذاكرته المتعبة فيجعلها رسوماً وكلمات وطلاسم على الصفحة البيضاء .
أخي عادل :
كان النبأ صاعقاً أفقدني توازني ، وأصاب تفكيري بالشلل ، فاستسلمت لما ليس من شيم الرجال وعز علي النوم ، فقضيت ما تبقى من ليلتي بين أرق وسهاد ، أتقلب يميناً وشمالاً … أدخن آخر لفافات التبغ حتى الصباح … وربما لا يصدق أحد انني كنت في وضع لا أحسد عليه … وربما لا يصدق الآخرون أنني فقدت القدرة حتى على كتابة بضع الكلمات التي تجود بها ذاكرتي ويطرحها  صدري المثقل بالهموم لتنزاح عنه بعض الأحزان المتراكمة
اعذرني أخي عادل لأنني لم أكسب شرف المشاركة في استقبالك وأنت القادم بعد عقود من السنين من رحلة طويلة متعبة ، قاطعاً آلاف الأميال ، لتقضي ما تبقى من عمرك القصير في كنف بلاد كانت بالنسبة لك آخر محطات الآلام ، ثم لتغادرها سريعاً بعد استراحة محارب قصيرة ، لتحط الرحال في بلدة سري كانيه ، مسقط رأسك ، وجعبة ذكرياتك الحلوة والمرة وليرتاح حصانك الذي افترشت صهوته ايها الفارس المغوار لتترجل أخيراً .







أتى هذا المقال من Welatê me
http://www.welateme.net/cand

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/cand/modules.php?name=News&file=article&sid=2574