الشاعر درويش لم يكن فقط شاعر العرب وإنما كان شاعر الأنسانية جمعاء، شاعر كل الأمم المقهورة، شاعر الكلمة الصادقة والفكر الصافي. فقد سبقني الكثير من الأخوة الكتاب من الكرد والعرب في رثاء درويش وذكر محاسن هذا المبدع الذي لن تعوضه الأنسانية في زمن قصير.
بقي ان أذكر شيء في رحاب هذا الفقيد، هذا الشخص القومي والوطني حتى العظم والتي به عرف العالم القضية الفلسطينية حتى أطلق عليه لقب " شاعر المقاومة" من أشعاره الثورية وكلماته المؤثرة ومواقفه الصلبة، لكننا نتفاجىء اليوم بان هناك شريحة من المجتمع الفلسطيني تقول في الرجل كلام لاتليق بقامته الشامخة، ويرمون جميع إبداعاته في بحر غزة ( الشاطىء الواقع على مدينة غزة، من البحر الأبيض المتوسط).
درويش كان قد كتب قصيدة في الغزاويين الجدد بعنوان " صمت من أجل غزة" ينقد فيها سلوك تلك المجموعة بطريقة غير مباشرة، يقول في القصيدةا:
تحيط خاصرتها بالألغام.. وتنفجر.. لا هو موت .. ولا هو إنتحار
منذ أربعة أعوام ولحم غزة يتطاير شظايا قذائف
أجمل مافيها أنها خالية من الشعر
قد ينتصر البحر الهائج عليها...
كان درويش يرى بأن الغزاوين الجدد قد لوثوا بحر غزة بإشلاء الأطفال والشباب الذين فجروا أنفسهم وتخلصوا من أجسادهم لمآرب لاتخدم في المحصلة القضية الوطنية، بل تصبغها بطابع لا إنساني.
درويش أحب كل شواطىء العالم من شواطىء بيروت الذي تغنى بها كثيراً الى شواطىء موناكو، لكنه كان بعيداً عن شواطىء غزة، لان الغزاويين الجدد نشروا كل طحالبهم فيها.
درويش كان يعتبر النزهة على شاطىء البحر أمراً خارج إمكاناته، لكن شاطىء غزة كانت لا تهويه. ولهذا أقام الغزاويين الجدد الدنيا ولم يقعدوها.
فوداعا أيها الشاعر الأنسان، ايها الشاعر المبدع، نحن الكرد على الأقل لن ننساك ولن ننسى أشعارك الجميلة في الأنسانية وفي الكرد وكردستان. ستبقى رمزاً لمنطقة، الأنسانية فيها نادراً، ستكون نادراً وخالداً في وجداننا.