إن الإسلام، حجَّم وقوَّض حقوق المرأة، وحضّ من شأنها في الكثير من الأماكن.
التاريخ: الأحد 10 اب 2008
الموضوع: القسم الثقافي



اعداد حسين أحمد
Hisen65@gmail.com

هوشنك أوسي:
- حرية المرأة، لا تعني استقلاليَّتها عن الرجل.
- كلَّما ازدادت المرأة حريَّة، ازدادت حصَّة شراكتها مع الرجل في إدارة شؤون الأسرة والمجتمع.
- إن المرأة تفوقنا، نحن معشر الرجال، في قضايا الكياسة واللباقة والهندام والأناقة...
- الحقوق التي حصلت عليها المرأة، لم تكن هبة أو منحة أعطاها الرجل للمرأة.
- إن الإسلام، حجَّم وقوَّض حقوق المرأة، وحضّ من شأنها في الكثير من الأماكن.
- حتَّى الرسول، لم يعدل بين زوجاته، ولا الصحابة أيضاً، فكيف للمسلم العادي ان يكون عادلاً بين أربع زوجات!!؟..


                   الأسـئلة:

س (1) - ماذا تريد المرأة تحديداً!؟.

* هوشنك أوسي : أولاً؛ الأجدى ومن المًفترض طرحُ هذا السؤال على المرأة!!. ثمَّ، من الصعوبة بمكان، تحديد وضبط ما تريده المرأة ضمن رزمة معيَّنة من المطالب. لأن كل امرأة، وضمن الحيّز الاجتماعي والاقتصادي والديني الذي تعيش فيه، ووفق المنظومة القيميَّة التي تتبنَّاها، وتبعاً لمنسوب وعيها وتراكمها المعرفي، تحدِّدُ مطالبها من المجتمع، الذي لا جدال حول ذكوريته. وعليه، فالمرأة المتديّنة، راضيَّة بما منحها الدين من حقوق، وتسعى لتحقيق ما يمليه عليها الدين من التزامات وواجبات اتجاه نفسها وزوجها وأسرتها ومجتمعها ودينها، وصولاً لمرضاة الجميع، وربَّها ودينها، قبل الجميع. لذا، ووفق المعيار الديني، خيرُ النساء، أكثرهنَّ التزاماً بالدين وشرائعه. وأيُّ خروج عن الضوابط والمعايير التي وضعها الدين للمرأة، هو شذوذ عن الحياة، والتكوين الإنساني، وانزلاق نحو الضلال والفلتان الخلُقي، والحيونة، والشرور والآثام...، التي تلقى رفضاً وإدانة ومحاسبة في الدنيا والآخرة. وهنا، تجد هذه المرأة، منتهى حريَّتها، في منتهى عبوديتها لمرجعيَّها الدينيَّة، التي بدورها، هي من محصِّنات المجتمع الذكوري.
أمَّا المرأة، المتأرجحة بين المنظور الديني لحريَّتها، وفضاءات المعترك الاجتماعي الذي يتيح لها مساحة أكبر من الحريَّة الفرديَّة والاجتماعيَّة التي يمنحه إيَّاها الدين، فهذه المرأة، تسعى لضبط معادلة حقوقها وواجباتها، التي تشكِّل الناظم القيمي والسلوكي الذي بمقتضاه، يمكن تحديد حريَّة المرأة. وغالباً، يكون من العسير جداً، إيجاد توليفة منسجمة ومتصالحة بين المتناقضات، بين الكوابح والمزالق، بين المشرِّع الاجتماعي والعلمي والقانوني والفلسفي، وما يحرِّمه الدين وشرائعه على المرأة، بين ما تحلله ذهنية الواقع والتطوّر، وما تعيقه "ذهنية التحريم".
أمَّا المرأة المنحازة لصيرورة التطور الحضاري، على الصعد كافة، والتي لا تعتمد المنظور الديني كحاضنة قيميَّة لضبط طرائق تفكيرها وسلوكها وخيالها ومشاعرها، وتدعو إلى تصويب المعادلة الاجتماعيَّة، التي هي في صالح الرجل، لتكون في صالح الاثنين. وتسعى لإخراج المجتمع من الحالة الذكوريَّة إلى الحالة الإنسانيَّة، وجعل المجتمع شراكة أبديَّة بين الجنسين، بالتساوي بين الحقوق والواجبات، فتلك هي المرأة، النازعة إلى تحرير ذهنيَّة الأنوثة من قيود ذهنيَّة الذكورة، وإعادة التوازن للمجتمع، بربطه بالأنسنة، بدلاً من الذكورة أو الأنوثة، والانحياز لجنسٍ معيّن. ومجردّ حصول المرأة على المزيد من حقوقها، يعني هذا اقترابها من حريتها، وتخلُّصها من بعض أغلالها. وازدياد منسوب الحرية عند المرأة، مناط بمدى صلابة إرادتها ورغبتها الصادقة والمسؤولة في التخلُّص من أغلالها الذهنيَّة والنفسيَّة والاجتماعيَّة والدينيَّة. وهنا، لا يمكن أن نتحدَّث عن حريَّة المرأة، دون اقتران هذه الحريَّة بالمسوؤليَّة، وسلَّة الواجبات والالتزامات التي تمليها هذه الحريَّة اتجاه الرجل والمجتمع، لكونها "نصف المجتمع"، وسرُّ سعادة أو تعاسة الرجل. فكلَّما ازدادت المرأة تحرراً من أغلالها، واكتسبت المزيد من حقوقها، تزداد عليها الأعباء والمسؤوليَّات الملقاة على عاتقها اتجاه ذاتها والرجل والمجتمع. وبذا، ليس من المجازفة القول: إن تحرر المرأة هو في صالح الرجل، لأنه يخفف عن كاهله الكثير من الأعباء الاجتماعيَّة، التي تصير في عهدة المرأة!. ومن هذا الباب، "المنفعي"، إنْ جاز التعبير، ينبغي أن يكون الرجل نصير حريَّة المرأة. قصارى القول، وعطفاً على ما سلف؛ لا يمكن تجاهل أن حجم الحريَّات الممنوحة للمرأة، في الوقت عينه، هو حجم المسؤوليَّات الملقاة على عاتقها. وبديهيٌّ أن تلقى المرأة ممانعة في مسعاها نحو نيل حقوقها، من قبل سلطة وذهنيَّة الذكورة التي تدير المجتمع منذ نشأة الدولة في التاريخ. وليس تجنيِّاً القول: إنه بين المرأة المنحازة للدين ونقيضتها، ثمَّة حضورٌ لافت للمرأة المدَّعيَّة، المشوَّهة والمشوِّهة. فالأولى، تدافع عن الدين، بالمطلق، دون الأخذ بعين الاعتبار، نقاط الخلل والانحياز الواضح للرجل في الدين، والتحامل على المرأة!. والثانيَّة، تهاجم الدين بالمطلق، دون الأخذ بعين الاعتبار، النقاط الإيجابيَّة الموجودة فيه، لصالح المرأة والمجتمع!. فالتي تدافع عن الدين، بداعي الأصالة والحشمة والاتزان، وتهاجم حريَّة المرأة، بداعي الانحلال والفلتان والتسيّب والشرور...، والتي تهاجم الدين، بداعي الانغلاق والتزمُّت والتحجُّر، وتدعو لتحرر مطلق، ودون مسؤوليَّة، فكلاهما يسيء للمرأة.

س ( 2) -هل هناك من سلب حقاً من حقوق المرأة قهراً ..؟

* هوشنك أوسي نعم، هنالك سلب لحقوق المرأة قهراً وظلماً واستبداداً. وهذه معضلة تاريخيَّة غائلة في القِدَم، وتصل بجذورها إلى الميثولوجيا التاريخيَّة التي تتحدَّث عن انفراد الآلهة الذكور بإدارة شؤون الكون والخليقة، بعد إقصاء الآلهة الإناث عن الشراكة في ذلك. وإنْ تتبَّعت تاريخ الأديان والرسالات السماويَّة، ستجد أن الرسل، كلُّهم ذكور. حواري المسيح الاثني عشر، كانوا ذكور، الخلفاء الراشدين والأمويين والعباسيين، وأئمة آل البيت...، كلُّهم ذكور. الأسماء الحسنى الـ99 لله، هي أسماء ذكوريَّة. فكيف لا يمكننا الحديث عن استلاب حقوق المرأة، تحت غطاء الشرع والمسوِّغ الديني، الذي لا يمكن الحديث عن حريَّة المرأة، دون التصادم معه في أيّ حال من الأحوال؟.

س (3) -ما هي رؤية المرأة المستقبلية في تنشئة الأجيال .؟

هوشنك أوسي: هكذا سؤال، ينبغي طرحه على المرأة.

س (4) -هل تكتفي المرأة بحقوقها الإنسانية المتاحة بحسب الشريعة الإسلامية.؟

هوشنك أوسي : المرأة المتديّنة حقَّاً، تكتفي بذلك. وهذا حقُّها وواجبها الديني والشخصي في آن. وقد أتيت على ذكر ذلك أعلاه. أمَّا المرأة خارج الدائرة الدينيَّة، فبالتأكيد، لا تكتفتي بتلك الحقوق التي يمنحه الدين إيَّاها، وهذا أيضاً من حقِّها. وقد أتيت على ذكر ذلك أيضاً.

س (5) – إن هؤلاء الذين يطالبون بحقوق المرأة عليهم أن يجاهروا بالإعلان عن ماهية هذه الحقوق..؟.

هوشنك أوسي : ومن قال لك، بأنهم يطالبون بتلك الحقوق بشكل سرِّي، ولا يحددونها في أطر معيَّنة. وقد يكون شحّ الاضطلاع، وقلَّة الدراية، هو مردُّ طرح هكذا سؤال. وليس في ذلك أيُّ حرج. أعتقد أن المرأة تطالب بأن تكون سيّدة قرارها وإرادتها، بما ينسجم مع بنيتها الفيزيولوجيَّة والمعرفيَّة، ومنظومتها القيميَّة والأخلاقيَّة. وأن تلتغى النظرة التقليديَّة الدونيَّة اتجاهها، بأنها مصدر المكائد والشرور، وأصل الآثام والخطايا، وأنها لا تصلح لقيادة المجتمعات والدول، وفق مبدأ؛ إن النساء "ناقصاتُ عقلٍ ودين"، و"وما أفلح قومٌ ولَّى أمرهم امرأة". وإن المرأة خلقتْ فقط، لتخدم الرجل، وتسهر على مرضاته، وإشباع ملذَّاته وغرائزه...، في الدنيا، وأن تكون مقصد ومرتجى المؤمن في الوصول إليها كـ"حور العين"، في الآخرة. وكلَّما خطت المرأة خطوة في مسعى حريَّتها، تكون قد حررت الرجل من أغلاله.

س ( 6) -إذا كان هناك من اضطهد للمرأة، فلاشك أنه الرجل. إذا كيف للذي اضطهدها " أصلا " أن يطالب لها بالتحرر والاستقلالية.؟

* هوشنك أوسي : أولاً؛ ليس بالضرورة أن يكون الرجل، هو الوحيد الذي يضطهد المرأة. فقد أشرت أعلاه، إلى ما يمكن تسميته: المرأة ضدَّ المرأة. ضمن الحيّز الديني أو العلماني، للحراك النسائي. وليس في دفاع الرجل عن حريَّة المرأة أيُّ تضادّ مع الرجل. بل فيه تضاد وعراك مع ذهنيَّة الذكورة التي تقود المجتمع.
ثانياً؛ حرية المرأة، لا تعني استقلاليَّتها عن الرجل. يبدو أنه هنالك خلط أو التباس بين مفهومي حريَّة المرأة واستقلاليتها عن الرجل!. فكلَّما ازدادت المرأة حريَّة، ازدادت حصَّة شراكتها مع الرجل في إدارة شؤون الأسرة والمجتمع. يعني، ازدادت قرباً والتصاقاً وتعاوناً وتعاضداً وتكافلاً وتكاملاً مع الرجل، لا استقلاليةً عنه. وقد أشرت إلى ذلك. فالرجل الذي يرى في تحرر المرأة انتقاصاً من رجولته، والرجولة هنا، تأتي بمعنى السلطة أو التسلُّط، او مرجعيَّة الأنثى للذكر، هكذا رجل، بديهيٌّ، ألاَّ يستسيغ انعتاق المرأة من تسلُّط الذكورة او الذهنيَّة الذكوريَّة القائدة للمجتمع، والحامية لسلطة الذكر فيه. والمرأة التي ترى تحجُّر الرجل انتقاصاً للرجل، وإهانة للأنوثة، والأنوثة هنا، بمعناها القيمي، الكياني، الإنساني الصرف، بديهيٌّ أن يكون مسعاها التحرري هو في خدمة الرجل والمرأة في آن.

س (7) -  أية حقوق (بالمقابل) تقّر بها المرأة للرجل....؟

* هوشنك أوسي : تقرُّ بحقوق الشراكة الفعليَّة والحقيقيَّة في إدارة الأسرة والمجتمع والدولة، بما يحفظ لكلّ منهما، هويَّته وخصوصيَّته الجنسانيَّة، وينسجم معها.

س (8)- هل أن لحقوق المرأة وتحررها من صلة جوهرية بقضايا مثل :الأزياء والحفلات والسهرات والماكياج وغيرها..

* هوشنك أوسي : نعم، لها علاقة، لكنها، ليست علاقة جوهريَّة أو مفصليَّة. وهنا، يأتي دور الذائفة والحسّ الجمالي المنسجم مع البنيَّة المعرفيَّة وعلاقتها البينيَّة مع الاحتياجات ومقتضيات الواقع. وليس تجنِّياً على الرجل القول: إن المرأة تفوقنا، نحن معشر الرجال، في قضايا الكياسة واللباقة والهندام والأناقة...، ومنسوب الحسّ الجمالي والذائقة الجماليَّة لديها، حيال انتقاء ما هو أجود وأفضل وأرقى وأنسب. مع الأخذ بعين الاعتبار، بعض الحالات الشاذَّة، التي تعتبر شذراً ضئيلاً جداً، على متون القاعدة. بالنتيجة، إحدى اهم جوانب حريَّة المرأة بالنسبة لي، هو تحررها من الأنوثة المبتذلة.

س (9)- من عجب العجائب أن المرأة لا تطالب بحق من حقوقها ولكن الذي يطالب لها بالتحرر والاستقلالية هو الرجل وأي رجل أنه: رجلٌ لا يريد لها إلا أن تتخلى عن أجمل ما حباها الله من الطيبات.

* هوشنك اوسي
: سؤال، بحاجة لإعادة صياغة. وقد أتيت على إجابة جزء منه، أعلاه، فيما يتعلَّق بمطالبة المرأة بحقوقها!. ثم، من قال لك، بأنها لا تطالب بحقوقها!. من باب متابعتك للشأن السياسي الكردي، ألا تعتبر وجود آلاف النساء الكردستانيات في جبال كردستان، تحت السلاح، جنباً إلى جنب مع الرجل، وفي أصعب الظروف وأحلكها وأقساها، هو نزوع نحو التحرر من الاضطهاد القومي والسياسي والاجتماعي، والمطالبة بحقوق المرأة الكردستانيَّة. وقد خطت المرأة الكردستانيَّة، خطوات جبَّارة في هذا المسعى. وهنا، يحضرني قول لأوجلان مفاده: "المرأة الكردستانيَّة الحرَّة، تعني كردستان حرَّة". وإن وصلت الثورة الكردستانيَّة إلى أهدافها ومراميها، وبمشيئة الله ونضال الشعب الكردستاني المقاوم، ستصل إلى ذلك، فهل يستطيع الرجل الكردستاني أن يبخس المرأة الكردستانيَّة حقوقها، وهي التي شاركت في هذه الثورة، نضالاً وقتالاً، قيادةً وإدارةً، بين الجماهير وفي السجون وعلى قمم الجبال!؟.
حين يتحدَّث الكرد ومثقفوهم وسياسيوهم عن قضايا تحرر المرأة وحقوقها، يجب ألاَّ يتجاهلوا أو يتناسوا بطولات ونضالات المرأة الكردستانيَّة في الثورة الكردستانيَّة المعاصرة. إن تلك النضالات والبطولات، هي مفخرة للحركة التحررية الكرديَّة عموماً، وللحركة النسائيَّة الكرديَّة خصوصاً. وإذا كنَّا نتعامى عمَّا يجري من حراك نسائي نضالي تحرري كردي بين ظهرانينا، فليس من عجب العجائب، أن تكون درايتنا عن حركة تحرر المرأة في العالم ضحلة!. بالتالي، يتساءل بعضها، أن المرأة، لا تطالب بأيّ حقّ من حقوقها، وتترك ذلك للرجل!!!؟.

س (10) - لا ريب أن المرأة حصلت على حقوقها الاجتماعية – الوظيفية- وما يتعلق بإبداء الآراء والأفكار, ولقد حصلت أيضا على حقوقها التعليمية سواء في التدريس أو الإدارة أو المناصب الوزارية أو حق الترشيح في الانتخابات سواء أكانت في البلدية أو البرلمانية أو الرئاسية, وهي في أمان في كنف القانون والشريعة...بعد كل هذا ماذا تريد المرأة  من الرجل....!؟

* هوشنك أوسي
: أولاً؛ هذه الحقوق أخذتها في ديار الغرب وليس في ديار الإسلام. فهل هنالك رئيس دولة إسلامية امرأة!؟ وهل رأيت في دولة إسلاميَّة امرأةً ترأس حكومة!!؟. وقد تأتيني ببناظير بوطو قي باكستان، وطانسو تشللر في تركيا. وكلا المثالين، تحققاً، لأن نظام الدولتين هو علماني وليس إسلامي.
ثم أن الحقوق التي حصلت عليها المرأة، لم تكن هبة أو منحة أعطاها الرجل للمرأة. وكما أنها ليست منَّة للرجل على المرأة. هذه الحقوق، أخذتها المرأة بجهدها واجتهادها النضالي المرير، وعبر عقود من الزمن، من المجتمع وليس من الرجل. وبالتأكيد، لا زالت للمرأة حقوق في ذمَّة المجتمع الذكوري. ومتى تخلَّى الرجل عن طرح سؤال: وماذا تريد المرأة، بعد كل ما تتمتع به من حقوق، حينئذ، تكون المرأة قد خلَّصت الرجلَ من قسط كبير من أوهامه وهواجسه وعقده المزمنة حيال تحرر المرأة. طرح هكذا أسئلة، ينطوي على اعتراف ضمني، مؤدَّاه: أن الرجل مدان في ممانعته تحرر المرأة، إلى أن تثبت براءته.

س ( 11) - هل فكرت المرأة ما أصاب الناس في العالم من الإمراض, والويلات, وغير ذلك من أسبابٍ إلا من تلك الحرية العمياء التي تتشبث بها المرأة أو من يردون لها ان تفعل ذلك.؟؟

* هوشنك أوسي
: أيُّ أمراض أصابت الناس والعالم، وأيَّة حريَّة عمياء تتشبَّث بها المرأة!!؟. ومن هم الذين يريدون لها ذلك!!؟. إطلاق هكذا تعميمات، من شأنها تسطِّح الموضوع، وإخراجه من سياقه الفكري والمعرفي، الذي من المفترض، أن يتوخَّى كلّ مشتغل في هكذا قضايا حيوية ومصيريَّة شائكة، عدم السقوط فيها!!؟. افتراضٌ هشّ، كهذا، فيه ما فيه، من عدم اقتناع بحقوق المرأة وحريَّتها. وعليه، لِمَ الخوضُ في مسألة او قضيَّة، لا تمتلك أدنى درجات الاقتناع بجدوى تحرر المرأة، ومنحها حقوقها!؟. من المهمِّ جداً على المشتغل في قضايا المرأة، وتحررها وحقوقها، أن تكون لديه رؤية واضحة وغير ملتبسة حيال الموضوع الذي يتناوله تداولاً وبحثاً وتحليلاً وتنقيباً...، بحيث لا يخلط بين الانزلاقات والانزياحات الخلقيَّة التي يقترفها الجنسان على حدٍّ سواء، وبين دعوات المرأة للتحرر ونيل حقوقها!.

س (12)- هل المرأة التي تسقط بإرادتها ورغباتها في حبائل الرجل تبقي لنفسها, شيئاً من عزة النفس..؟

هوشنك أوسي : هكذا سؤال، لا يطرح أثناء الإعداد لهكذا ملفَّات. هذا سؤال محقّ، لكنه ذو صبغة ذاتيَّة، يمكن طرحه أثناء إجراء الحوارات الصحفيَّة مع الرجال والنساء، ساسة، ومبدعين ومثقفين... الخ. مرامُ القول: قضية تحرر المرأة، لا جدال حول كونها ليست حلبة لنصب الكمائن والمكائد والفخاخ والحبائل...، لأنها أعقد وأعمق من ذلك. على اعتبارها قضيَّة إشكاليَّة، ناتجة عن تراكم تاريخي، أخلَّت بتوازن المجتمع، لصالح الذهنيَّة والإرادة الذكوريَّة. لَعمري أن القضيَّة لها أبعاد معرفيَّة وتربويَّة ونفسيَّة واجتماعيَّة تاريخيَّة في غاية العمق والجديَّة، وتتعدَّى حصرها في بعض المظاهر السلوكيَّة والنفسيَّة، والحديث عن السقوط في الحبائل، وعلاقة هذا السقوط بمنسوب عزَّة النفس لدى الطرفين!.

س ( 13)-  قضية تعدد الزوجات في الإسلام والتي باتت مدعاة نقداً وتحامل كبيرين هل فكروا هؤلاء بشروط تعدد الزوجات في الإسلام ولعل من ابرز شروطها العدل والمساواة. فان كان قضية قد استوفت العدالة فأي ضيرا في هذا ..إلا أن الإسلام يرفض الزنا بكل إشكاله وأنواعه حفاظاً على الفرد وصحة الإنسان وتماسك الأسرة ضمن المجتمع. بالمقارنة لو عدنا إلى قانون الزوجات في الغرب، نرى إنه لا يحق للفرد الا زوجة واحدة فقط .. ولكن يجاز له باقتران بأكثر من واحدة تحت مسمى (بوي فريند و كيرل فريند) أي (صديقات الزوج و أصدقاء الزوجة) فهؤلاء لهم في كل يوم ان يغيروا بين هذا وذاك ..؟!.

* هوشنك أوسي
: أعتقد أن من يطرح أسئلة تتعلَّق بالدين وشرائعه ومسوَّغاته في مسألة تعدد الزوجات، ينبغي أن يكون ملمَّاً، بقدرٍ معقول بالقضايا الفقهيَّة والمسائل القانونيَّة، وانسحاب ذلك على قضايا تحرر المرأة، ومدى التواشج والتعالق بينها. على كل حال، هكذا سؤال، يعيدني إلى المناقشات والمناكفات التي كانت ومازالت تجري في الأوساط العربيَّة، ورفض الكثير من العرب لقيم الغرب، واعتباره ساحة لعيث الشياطين والأشرار، ومفسدة، ومصنعاً لكلِّ أنواع الرذيلة، والحديث عن التفكك الأسري، و"بوي فريند وغيرل فريند"...الخ. الإسلام لم يجيز تعدد الزوجات، كي يحصِّن المجتمع الإسلامي من ظاهرة الـ"بوي فريند وغيرل فريند"!. والإسلام، قياساً بالجاهليَّة ومظاهر وأد البنات، يعتبر نقلة نوعيَّة في سياق إنصاف المرأة. لكن، ليس من المجازفة القول: إن الإسلام، حجَّم وقوَّض حقوق المرأة، وحضّ من شأنها في الكثير من الأماكن. ويكفي الإشارة إلى "أن حظ الذكر كحظِّ الأنثيين" في قضايا الإرث، و"شهادة الرجل بشهادة أمرأتين"، في المسائل القانونيَّة!. واشترط الإسلام في مسألة تعدد الزوجات، بقيام العدل بينهن!. فحتَّى الرسول، لم يعدل بين زوجاته، ولا الصحابة أيضاً، فكيف للمسلم العادي ان يكون عادلاً بين أربع زوجات!!؟.. ويمكن العودة لسيرة النبيّ محمد، لمعرفة بعض الوقائع التي تشير إلى عدم عدل الرسول بين زوجاته!.
الغرب أيضاً يحاسب على جرائم الاغتصاب، ويعتبر العلاقات الجنسيَّة في إطار الحريَّة الفرديَّة!. على كل حال، لا الغرب بمصنع للشرور والآثام والخطايا، ولا الشرقُ بمصنع للأولياء والأتقياء والخير والحسنات. للغرب محاسنه ومساوئه، وللشرق أيضاً. يتفوَّق الغرب علينا في الكثير الكثير من قضايا تحرر المرأة وقيم الاعتدال، والحفاظ على البيئة وحقوق الإنسان والحيوان والنبات...الخ. ويجب ألاّ نتباهى كثيراً بشرقنا المنكوب، ونعتبر تعدد الزوجات من محاسن هذا الشرق. هكذا رأي، يشير إلى مدى التزامنا وإلمامنا ودرايتنا _ كمثقفين أكراد _ بمهامنا التنوريَّة والنهضويَّة اتجاه مجتمعاتنا وشعبنا، على اعتبارنا لأنفسنا أصحاب رسالة، ودعاة قضايا عادلة!.

هوشنك أوسي :
- كاتب وشاعر كردي سوري، من مواليد الدرباسية سنة 1976
- يكتب باللغتين الكردية والعربية. عمل محرراً في مجلة روجدا التي كانت تصدر باللغة الكردية. ويعمل محرراً في مجلة سورغول للبحث والتحليل والتوثيق التي تصدر في بيروت باللغة العربية.
- من كتّاب الزاويا في صحيفة آزاديا ولات الصادرة بالكردية في مدينة آمد/ كردستان الشمالية.
- تُنشر مقالاته في صحف عربية عديدة منها: الحياة اللندنية، المستقبل، الاخبار، السفير، السياسة الكويتية، العرب اليوم الاردنية، موقع إيلاف، موقع جهات،... وصحف ومجلات عربية أخرى.
- ترجم العديد من مقالاته إلى التركية، نقلاً عن الحياة، ونشرتها صحيفة راديكال التركية.
- تنشر العديد من المواقع الالكترونية الكردية مقالاته.
- له ثلاثة مجاميع شعرية:
للعشق نبيَّة للجرح شراعه / شعر بالعربية / 2001
ارتجالات الأزرق / شعر بالعربية / 2004
Dara sawêrên tî شعر بالكردية / 2006
يقيم حالياً في دمشق







أتى هذا المقال من Welatê me
http://www.welateme.net/cand

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/cand/modules.php?name=News&file=article&sid=1812