أطفال يقتاتون من الشارع ..... في ظل غياب حقوقه
التاريخ: السبت 21 حزيران 2008
الموضوع: القسم الثقافي



حسن برو

كل صباح كنت أصادف أطفالاً يتجولون في سوق مدينة رأس العين ، وبين حين وآخر ينبشون في بعض  الكراتين، وبعض القمامة المكومة أمام المحلات لربما يجدوا فيه ما يؤكل أو يباع ، تكررت هذه الصورة لمرات عدة وأنا أزور مدن آخرى من مدن الجزيرة سواء في المحافظة (الحسكة) أو القامشلي وغيرها ، حيث رأيت لمرات عدة أطفالاً يدخلون الحاويات ويقومون بنبشها ، والكثير منهم يتجولون في الأسواق الصناعية يجمعون بعض النحاس أو الحديد ليقوموا ببيعه فيما بعد


وهذا ما جعلني أتابع بعض الأطفال وهم يلاحقون سيارة القمامة وهي ترميها إلى المكب في شمال مدينة رأس العين فتفاجأت بالعدد الكبير من الأطفال والنساء وهم يحملون بأيديهم قضباناً من الحديد ويقومون بنبشها وفي كثير من المرات يتقاتلون على شيء وجدوه فيها ، إلا أنه سرعانما يتدخل أحدهم ليفض النزاع بين الطرفين ، فالبعض يجمع الكراتين والأخر أسلاك النحاس والحديد والبعض الأخر البلاستيك والنايلون والتنك والزجاج وغيرها من المواد التي تتكرر أو تباع ،  ويحملون هذه الأشياء لبيعها لسيارات تتجول في الحارات والأزقة ليحصلوا في نهاية الأمر على بعض النقود والتي لاتكفي ثمن وجبة عادية واحدة لأي شخص، ومالفت نظري هو وجود ثلاث أطفال أكبرهم في سن السابعة وأصغرهم في الرابعة وكنت قد إلتقيتهم سابقاً في السوق وهم يجمعون أسلاك النحاس وبثيابهم الرثة واثنان منهم حفاة وعندما ناديتهم هرب الصغيران ولكن الكبير وقف بمواجهتي وكأن غريزة ما تحركت بداخله ليحمي أخويه، فقلت مالذي تقومون بجمعه فرد ياعم نحن نجمع كل شيء يباع (نحاس –تنك –يلاستك – وأي شيء ذا قيمة بالنسبة لنا نقوم بجمعه) أما عن سبب الذي يدفعه وأخوته إلى هذا العمل فقال بأن أبي عاطل عن العمل ونحن خمسة أطفال فالكبار بنات وأنا وأخوتي الثلاثة نقوم بجمع ما هو ممكن ليقوم أبي ببيعها، ولكن هناك عدة أشخاص ويملكون سيارة كبيرة يمنعوننا في كثيرمن الأحيان بجمع الحديد والتنك ،ويدعون بأنهم ضمنوا الزبالة من البلدية ....هل يمكن لأحد أن يشتري الزبالة ؟
وبينما نحن نتكلم أقترب الصغيران الآخران وهما يحملان بعض الكراتين والصغير فيهم يحمل دمية بدون يد ويلعب بها ، وكانوا يتوقعون أن أكون من الأشخاص الذين يلا حقونهم بين فترة وأخرى لمنعهم من الاقتراب من أكوام القمامة ، وبدأ حديثنا شيقاً حيث يتكلم الصغير وكأنه يقوم بمغامرة حينما يقوم بملاحقة السيارة ،وكيف يهرب عندما يتوقف السائق ، كيف قام برمي السائق لعدة مرات بالحجارة  ويقول بأنه في كثير من الأحيان يجد نقوداً مرمية .....وعندما وجدني غير مصدقاً لكلامه قام بإخراج خمس وعشرون ليرة من جيبه ، أما عن كيفية العيش فيقولون بأنهم في غالبية الأيام يأكلون الخبز والشاي واللبن وان أجمل اللحظات حينما يقوم أهل الخير بتوزيع اللحم أو الرز أو أي شيء أخر فهذه فرحة كبيرة حينها يمكنهم عدم الخروج لجمع (الكرتون والحديد ...إلخ)  أما عن المدرسة فيقول الكبير بأني راسب في صفي لهذا العام والسبب أني أتغيب من المدرسة وأخجل من الجلوس في المقاعد الأمامية لأن ثيابي غير نظيفة ومرتبة أتعرض كثيراً  للضرب من المعلمة والمدير على حد سواء لذلك لا أحب الذهاب إلى المدرسة ففيها أطفال كثر يستهزئون بي ومن ثيابي.
فتركتهم في حالهم وأنا أفكر في قصة الأطفال الثلاثة ولكوني على معرفة بوالدهم لم أكن أتصور أن تصل به الحال إلى ما وصلوا إليه حيث كان يعمل وكيلاً لأحد المزارعين ويدير العمل في إحدى قرى الدرباسية ، ولكن يبدو بأن الزراعة في الجزيرة باتت أيضاً مهددة بالانقراض والكثير من اللذين كانوا يعملون في مجال الزراعة باتوا عاطلين عن العمل أو مهاجرين إلى مدن الداخل أو أصبح أولادهم يقتاتون من الشارع.
في القامشلي وعلى طريق المطار هذه المرة التقيت بطفلين وهما يجمعان فوارغ الكولا والبيرة المرمية على جانبي الرصيف وهما يتراكضان يميناً وشمالاً ربما لوجود منافسين آخرين لهما ويحملان كيساً فيها بعض هذه العلب واستوقفتهما فتوقعا مني ومن الجالسين أن نعطيهم بعض الفوارغ  من خلال نظرتهما علينا ونحن جالسين على الكراسي فقال ياعم ما الذي تريده فنحن في عجلة من أمرنا فقلت بكم تبيعون كيلوا من هذه الفوارغ  فرد بأنه حوالي الخمسين ليرة ، ونحن نجمع يوم الخميس وليلة الجمعة تقريباً ما يقارب الخمس كيلوات أما عن بقيت الأيام فنتجول في الشوارع وفنقوم بجمع كل شيء يباع ،ولعجلتهم قمنا بإعطائهم الكولا التي نشربها وهما ينظرون حولهما وكأنهم يرصدون حركة الجالسين الذين يشربون الكولا ، أما عن سبب جمعهما لهذه العلب فقالا بأن راتب والدهم لايكفي وهو يعمل في مطعم ويجلي الصحون براتب أربعة ألاف ليرة شهرياً ، لذلك فهما مضطران إلى مساعدة والدهم  الذي يقوم بالصرف على ذويه أيضاً ،ويقول أحدهم : بأنهم كانوا يسكنون في إحدى القرى القريبة من المالكية إلا أن سوء الأحوال الجوية هو ماجعلهم يهاجرون إلى القامشلي ، وبعدما تركانا بتت أراقب تحركهما وهما يجمعان الفوارغ ،ويتراكضان حيناً ويلعبان أحيان أخرى يحاولا ن نسيان مآسيهما ، ولكن الابتسامة والضحكات كانت تعطي نوعاً من الألفة عليهما وكأنني أعرفهما منذ زمن.
هؤلاء الأطفال باتوا يشكلون نسبة كبيرة في شوارع مدننا هم ليسوا مشردين أو لقطاء إنما لهم أسر، ولهم أباء وأمهات وهم غير قادرين على تامين لقمة العيش ،في ظل الظروف المعيشية الصعبة والغلاء الفاحش بالإضافة إلى القحط الذي أصاب الموسم الزراعي الحالي وتراجع إنتاجه هو ما جعل الكثير من الفئات تعتمد على عمالة الأطفال ، وهذا ما يتنافى مع أبسط حقوق الطفل التي جاء في مقدمة ديباجتها  ٍ   
وإذ تقر بأن الطفل كي تترعرع شخصيته ترعرعا كاملا ومتناسقا، ينبغي أن ينشأ في بيئة عائلية في جو من السعادة والمحبة والتفاهم،وإذ ترى أنه ينبغي إعداد الطفل إعدادا كاملا ليحيا حياة فردية في المجتمع وتربيته بروح المثل العليا المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة، وخصوصا بروح السلم والكرامة والتسامح والحرية والمساواة والإخاء،وإذ تضع في اعتبارها أن الحاجة إلى توفير رعاية خاصة للطفل قد ذكرت في إعلان جنيف لحقوق الطفل لعام 1924 وفى إعلان حقوق الطفل الذي اعتمدته الجمعية العامة في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1959 والمعترف به في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ولاسيما في المادتين 23 و 24) وفى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (ولا سيما في المادة 10) وفى النظم الأساسية والصكوك ذات الصلة للوكالات المتخصصة والمنظمات الدولية المعنية بخير الطفل وإذ تضع في اعتبارها "أن الطفل بسبب عدم نضجه البدني والعقلي، يحتاج إلى إجراءات وقاية ورعاية خاصة، بما في ذلك حماية قانونية مناسبة، قبل الولادةوبعدها" وذلك كما جاء في إعلان حقوق الطفل وإذ تشير إلى أحكام الإعلان المتعلق بالمبادئ الاجتماعية والقانونية المتصلة بحماية الأطفال ورعايتهم، مع الاهتمام الخاص بالحضانة والتبني على الصعيدين الوطني والدولي، وإلى قواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية لإدارة شئون قضاء الأحداث (قواعد بكين)، وإلى الإعلان بشأن حماية النساء والأطفال أثناء الطوارئ والمنازعات المسلحة،
وإذ تسلم بأن ثمة، في جميع بلدان العالم، أطفالا يعيشون في ظروف صعبة للغاية، وبأن هؤلاء الأطفال يحتاجون إلى مراعاة خاصة،وإذ تأخذ في الاعتبار الواجب أهمية تقاليد كل شعب وقيمه الثقافية لحماية الطفل وترعرعه ترعرعا متناسقا، وإذا تدرك أهمية التعاون الدولي لتحسين ظروف معيشة الأطفال في كل بلد، ولا سيما في البلدان النامية،
قد اتفقت على ما يلي:
فتقول المادة الأول من الجزء الأول :لأغراض هذه الاتفاقية، يعنى الطفل كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه.
المادة 2ف 1. تحترم الدول الأطراف الحقوق الموضحة في هذه الاتفاقية وتضمنها لكل طفل يخضع لولايتها دون أي نوع من أنواع التمييز، بغض النظر عن عنصر الطفل أو والديه أو الوصي القانوني عليه أو لونهم أو جنسهم أو لغتهم أو دينهم أو رأيهم السياسي أو غيره أو أصلهم القومي أو الإثني أو الاجتماعي، أو ثروتهم، أو عجزهم، أو مولدهم، أو أي وضع آخر.
أما المادة 6ف 1. تعترف الدول الأطراف بأن لكل طفل حقا أصيلا في الحياة.
2. تكفل الدول الأطراف إلى أقصى حد ممكن بقاء الطفل ونموه.
 أما عن تدخل الدولة في رعاية الطفل فتقول المادة 20ف1. للطفل المحروم بصفة مؤقتة أو دائمة من بيئته العائلية أو الذي لا يسمح له، حفاظا على مصالحة الفصلي، بالبقاء في تلك البيئة، الحق في حماية ومساعدة خاصتين توفرهما الدولة.2. تضمن الدول الأطراف، وفقا لقوانينها الوطنية، رعاية بديلة لمثل هذا الطفل3. يمكن أن تشمل هذه الرعاية، في جملة أمور، الحضانة، أو الكفالة الواردة في القانون الإسلامي، أو التبني، أو، عند الضرورة، الإقامة في مؤسسات مناسبة لرعاية الأطفال. وعند النظر في الحلول، ينبغي إيلاء الاعتبار الواجب لاستصواب الاستمرارية في تربية الطفل  ولخلفية الطفل الإثنية والدينية والثقافية واللغوية.
المادة 24
1. تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في التمتع بأعلى مستوى صحي يمكن بلوغه وبحقه في مرافق علاج الأمراض وإعادة التأهيل الصحي. وتبذل الدول الأطراف قصارى جهدها لتضمن ألا يحرم أي طفل من حقه في الحصول على خدمات الرعاية الصحية هذه.. تتابع الدول الأطراف إعمال هذا الحق كاملا وتتخذ، بوجه خاص، التدابير المناسبة من أجل:(أ) خفض وفيات الرضع والأطفال،
 (ب) كفالة توفير المساعدة الطبية والرعاية الصحية اللازمتين لجميع الأطفال مع التشديد على تطوير الرعايا لصحية الأولية،(ج) مكافحة الأمراض وسوء التغذية حتى في إطار الرعاية الصحية الأولية، عن طريق أمور منها تطبيق التكنولوجيا المتاحة بسهولة وعن طريق توفير الأغذية المغذية الكافية ومياه الشرب النقية، آخذة في اعتبارها أخطار تلوث البيئة ومخاطره،(د) كفالة الرعاية الصحية المناسبة للأمهات قبل الولاة وبعدها،(هـ) كفالة تزويد جميع قطاعات المجتمع، ولا سيما الوالدين والطفل، بالمعلومات الأساسية المتعلقة بصحة الطفل وتغذيته، ومزايا الرضاعة الطبيعية، ومبادئ حفظ الصحة والإصحاح البيئي، والوقاية من الحوادث، وحصول هذه القطاعات على تعليم في هذه المجالات ومساعدتها في الاستفادة من هذه المعلومات،
(و) تطوير الرعاية الصحية الوقائية والإرشاد المقدم للوالدين، والتعليم والخدمات المتعلقة بتنظيم الأسرة.
3. تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير الفعالة والملائمة بغية إلغاء الممارسات التقليدية التي تضر بصحة الأطفال.. تتعهد الدول الأطراف بتعزيز وتشجيع التعاون الدولي من أجل التوصل بشكل تدريجي إلى الإعمال الكامل للحق المعترف به في هذه المادة. وتراعى بصفة خاصة احتياجات البلدان النامية في هذا الصدد.
 اما المادة 26 فتقول بشأن الضمان الاجتماعي
1. تعترف الدول الأطراف لكل طفل بالحق في الانتفاع من الضمان الاجتماعي، بما في ذلك التأمين الاجتماعي، وتتخذ التدابير اللازمة لتحقيق الإعمال الكامل لهذا الحق وفقا لقانونها الوطني.
2. ينبغي منح الإعانات، عند الاقتضاء، مع مراعاة موارد وظروف الطفل والأشخاص المسؤولين عن إعالة الطفل فضلا عن أي اعتبار آخر ذي صلة بطلب يقدم من جانب  الطفل و نيابة عنه للحصول على إعانات.
المادة 27ف 1تعترف الدول الأطراف بحق كل طفل في مستوى معيشي ملائم لنموه البدني والعقلي والروحي والمعنوي والاجتماعي.2. يتحمل الوالدان أو أحدهما أو الأشخاص الآخرون المسؤولون عن  الطفل ، المسؤولية الأساسية عن القيام، في حدود إمكانياتهم المالية وقدراتهم، بتأمين ظروف المعيشة اللازمة لنموالطفل 3. تتخذ الدول الأطراف، وفقا لظروفها الوطنية وفى حدود إمكانياتها، التدابير الملائمة من أجل مساعدة الوالدين وغيرهما من الأشخاص المسؤولين عن الطفل علي إعمال هذا الحق وتقدم عند الضرورة المساعدة المادية وبرامج الدعم، ولا سيما فيما يتعلق بالتغذية والكساء والإسكان.
4. تتخذ الدول الأطراف كل التدابير المناسبة لكفالة تحصيل نفقة الطفل من الوالدين أو من الأشخاص الآخرين المسؤولين ماليا عن الطفل سواء داخل الدولة الطرف أو في الخارج. وبوجه خاص، عندما يعيش الشخص المسؤول ماليا عن الطفل في دولة أخرى غير الدولة التي يعيش فيها الطفل تشجع الدول الأطراف الانضمام إلى اتفاقات دولية أو إبرام اتفاقات من هذا القبيل، وكذلك اتخاذ ترتيبات أخرى مناسبة.
 وهناك حقوق أخرى أقرتها الدول التي وقعت على اتفاقية حقوق الطفل، إلا ان سورية تحفظت على بعض الحقوق وبخاصة في أمور التبني وما يخالف الشريعة الإسلامية وقانون الأحوال الشخصية المستمدة من الشريعة الإسلامية وهذا لا يمنع على الأقل من تطبيق المواد التي وقعت عليها سورية في إطار هذه الاتفاقية وبخاصة في مجال ضمان الرعاية الاجتماعية والصحية والتعليمية، وهذا مانراه في تراجع في السنوات الأخيرة في سورية
-------
كلنا شركاء 20/6/2008








أتى هذا المقال من Welatê me
http://www.welateme.net/cand

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/cand/modules.php?name=News&file=article&sid=1698