فهد حج يوسف: العمل على تنمية الروابط بين الحركة الكردية والتيارات الديمقراطية غير الكردية ..!!
التاريخ: الأحد 16 كانون الأول 2007
الموضوع: القسم الثقافي



  حاوره حسين أحمد

ربما استطاع السياسي الكردي فهد حج يوسف بدراية وجرأة قويتين أن يخوض معترك السياسة داخل صفوف الحركة الكردية السورية وان يعطيها حقها من الالتزام والأخلاقية الرصينة إلى الجانب الشفافية في التعامل الخزبي مع الآخرين, لهذا نرى بانه قد تمكن من إيجاد مكانة محترمة له وحضور ملفت في المشهد السياسي الكردي السوري, وخاصة في ظل هذه الإشكاليات الحزبية - الكثيرة - التي نتلمسها بوضوح تام في الواقع الحركة الكردية السورية . من هذا المنطلق كان لنا معه هذه الحوارية الصريحة والمباشرة..؟


يقول السياسي الكردي فهد حج يوسف في هذه المناقشة الساخنة .
- عدم توظيف الأب يعني محاربة أبنائه الأطفال ..
- الكتابة ليست مجرد تجميع عبارات وحشوها بالمصطلحات ..
- ان القضية الكردية لم تصل بعد إلى مستوى القضية الفلسطينية ..
- الشرق الأوسط أو ما اسميه بؤرة الصراعات الدولية والإقليمية ..
- العمل المشترك في كل جزء مع القوى والتيارات المعارضة للنظام ..
- الشارع الكردي مفعم بالروح القومية والوطنية إلى درجة تتقارب التعصب
- تحريك الجالية الكردية في الخارج باتجاه إيصال الصوت الكردي إلى كافة المنابر
 - تشكيل هيئة عليا كردية تمثل الشعب الكردي في كل جزء وتكون ناطقة باسمه ..
- الضغط المستمر إلى مستوى يؤدي بالفرد إلى عدم الإحساس بالمواطنة والمسؤولية ...
إذا لنسمع ولنقرأ ما سيبوح به السياسي الكردي فهد حج يوسف في هذه الجدالية اللاهبة..؟ولنشارك صرخاته قليلاً عن الهموم الكردية والكردستانية عبر هذا التصدع السياسي و الثقافي و الحزبي الموجود في جوف هذا المشرق المتوحش وفي أركانه العديدة ..؟؟ لنبدأ معه بالسؤال الأول:

س1- بداية نود لمحة موجزة عن حياتك الشخصية..؟؟ من هو فهد حج يوسف..  
(الإنسان ..!! السياسي..!!  )  
*-  (بداية أشكرك شكراً حاراً أخي حسين أحمد على مبادرتك الحوارية هذه و حوارتك الأخرى في إثارة المواضيع الهامة المتعلقة بالوضع الراهن سواء اكانت سياسية أو ثقافية أو فنية وذلك لفتح السبيل أمام تلاقح الآراء المتنوعة (اختلافا أو اتفاقاً) بغية استخلاص عبر وتجارب ثرية للتقارب مع الحقيقة المرجوة).
ج- في سؤالك عن حياتي الشخصية باختصار: أحمل شهادة دبلوم الدراسات العليا في الرياضيات لعام (1982) وأمارس العمل السياسي ضمن صفوف الحركة الكردية منذ بداية (السبعينات) وقد تقدمت مرات عديدة إلى التوظيف (مسابقة انتقاء المدرسين و مركز البحوث العلمية). في كل مرة كان الباب مغلقاً تحت يافطة – خطر على امن الدولة – هاقد تجاوزنا الألفية الثانية, لكن الاستبداد السلطوي مازال يمارس بحقنا وبإشكال متنوعة وهنا أود أن أقول أن عدم توظيف الأب يعني محاربة أبنائه الأطفال ومن خلاله بلقمة عيشهم.
 
س2 – بدايات الارتطام بجدار... السياسية.. والحوارات.. والكتابة.. والزنانين المعتمة.. والخوف والسوط.. وإلى ما هنالك من هذا الكلام السياسي المروع في هذا المشرق الحزين..
كيف بدأت..؟!  
وهل بدأت بالفعل يا أستاذ فهد..!!
في البدء كانت دكتاتوريات عروبية شوفينية تتعاقب على السلطة, وكانت المفارقة "كردي وفي محيط كردي يدرس في المدرسة بلغة مغايرة دون أي خيار" وكان تجريد مواطنين كرد من الجنسية السورية واعتقال الطلبة والحزبيين ومنع اللغة الكردية من التداول في المدارس ودوائر الدولة , وكانت الثورة الكردية في كردستان العراق تتقدم نحو الأمام وكان الجدل والحديث حول كل ذلك يتعاظم في البيت والمدرسة والشارع. وهنا بدأ الإحساس والتمايز القومي وتنامى فكان الانخراط في صفوف الحركة الكردية عام (1970), ثم كانت سلطة استبدادية أقدمت على تطبيق (الحزام العربي) في محاولة لتغيير ديمغرافية محافظة الحسكة واستمرت في تطبيق الإجراءات الاستثنائية والمشاريع الشوفينية الأمر الذي حتم الاستمرار في النضال وبوتيرة متصاعدة وكانت الضريبة – كما قلت أنفا - منع التوظيف في دوائر الدولة ليرزح المرء إضافة إلى معاناته تحت ضغط اقتصادي ونفسي بغية تشويه أفكاره وعمله النضالي, لكن وتحويرا لمقولة ديكارد أقول "مادمت أناضل فانا موجود" مادامت الحركة الكردية موجودة فالقضية الكردية ستتقدم نحو الإمام. 
لست كاتباً -  بمفهوم الكاتب المحترف-  فالكتابة قد بدأت بها في بداية الثمانينات وخصوصاً في الدوريات الحزبية دون ان تكون تلك الكتابة مذيلة بأي أسم, لا يفوتني ان أقول ان الكتابة ليست مجرد تجميع العبارات وحشوها بالمصطلحات الصعبة فالكتابة لها قواعدها الخاصة بها المستندة على معايير أكاديمية وأسس منطقية ويفضل ان تكون سهلة الفهم والاستيعاب أن أمكن.

س 3 – كيف يرى السياسي الكردي فهد حج يوسف مستقبل الهوية الكردية في منطقة الشرق الأوسط ..؟
الشرق الأوسط أو ما اسميه بؤرة الصراعات الدولية والإقليمية ولذلك وكي نتقارب من ملامح وأفاق الهوية الكردية لابد من فتح ملف هذا الشرق ولو باختصار شديد.
الشرق الأوسط..!! يتضمن أنظمة مختلفة وقضايا ومنازعات متعددة ومتنوعة كالقضية الكردية والقضية الفلسطينية والصراعات الدولية حول مصادر البترول ناهيك عن النزاعات الإقليمية حول الحدود والمياه وتطلعات معظمها إلى بناء إمبراطورية على - غرار الإمبراطوريات البائدة – لتقود هذا الشرق وما لامسته من قراءاتي للوضع ان الأنظمة الإقليمية وخاصة الاستبدادية فها تتكالب على خلق نزاعات داخل دولها ببث الفتن الطائفة والمذهبية والاثنية) وذلك لضرب الشعب ببعضه مما يبرر تطبيق أو الاستمرار في فرض حالة الطوارئ والإحكام العرفية وقمع الحريات وانتهاج سياسة الضغط المستمر إلى مستوى يؤدي بالفرد إلى عدم الإحساس بالمواطنة والمسؤولية – وكيف لفرد ان يشعر بالانتماء  إلى جماعة يحس فيها باهانة الكرامة كل ذلك من اجل الاستفراد بالسلطة وموارد البلاد ليس هذا فحسب بل ان هذه الأنظمة تساهم في عدم استقرار الدول المجاورة بتغذية الصراعات داخلها في ظل ذلك وما ترتب على اتفاقية سايكس بيكو من تقسيم كردستنان بين تركيا وإيران والعراق وسوريا والمصالح الدولية تطرح القضية الكردية نفسها بوصفها (قضايا كردية) تتطلب حلاً ديمقراطيا داخل كل دولة معنية وذلك من وجهة النظر الكردية وتطرح كقضية كردية موحدة من قبل الأنظمة التي تضطهد الشعب الكردي وتحاول على الدوام طمس معالم وجوده القومي وصهره في بوتقتها لأنها ترى أن حل القضية الكردية في أي جزء يساهم في الضغط باتجاه حل القضية الكردية في الأجزاء الأخرى . فان الهوية الكردية , هوية شعب يربوا تعداده على (40) مليونا هي قضية اكبر قومية ليست في الشرق الأوسط فحسب وإنما على المستوى العالمي لم تحل بعد وستبقى مصدر عدم استقرار هذا الشرق طالما بقي الحل غائبا وطالما بقيت الأنظمة التي تضطهد الشعب الكردي (المختلفة اثنياً ومذهبيا وسياسياً متفقة كردياً متفقة على كبح أي تطور للقضية في أي جزء حيث الرفض السوري للفيدرالية ومحاولات تدخل الجيش التركي لكردستان العراق و قصف المناطق الكردية من قبل إيران بالإضافة إلى المعارضة الشديدة لضم مدينة كركوك إلى إقليم كردستان العراق استكمالا لتوحيد جغرافية كردستان العراق واعتقد ان القضية الكردية لم تصل بعد إلى مستوى القضية الفلسطينية – على الصعيد الدولي – وذلك لعدم وجود كيان كردي قومي مستقل يدافع عن هذه القضية أسوة بالكيانات العربية ولانها لم تتبوأ بعد المكانة الأساسية لها في معادلات الدولية كون مصالح معظم الدول ذات الشأن في المحافل والمنابر الدولية مازالت قوية مع أنظمة المنطقة ومازال الخوف قائماً من تغير جغرافية المنطقة علماً بأن الكرد يعلنون على الدوام بان القضية الكردية في كل جزء يجب ان تحل بالطرق الديمقراطية وعلى أساس وحدة البلاد. لهذا وبغية تثبيت الذات الكردية وتحقيق طموحاتها لابد من:
- خلق أجندة ومرتكزات موضوعية وعلمية تستند على إدراك واقع السياسة الدولية المبنية على المصالح.
- تعبئة الذات من خلال التضامن وإلى الأبد سواء داخل الجزء الواحد أو على مستوى كافة الأجزاء كردستان
- العمل معا وبطرق ديمقراطية في الداخل والخارج وتحريك (الجالية الكردية) في الخارج باتجاه إيصال الصوت الكردي إلى كافة المنابر الدولية والعالمية المعنية بالديمقراطية والحرية وحقوق الشعوب وكسب تايديها والضغط من خلالها على الأنظمة التي تضطهد الشعب الكردي.
- الوقوف بحزم وردع محاولات التعريب والتتريك والتفريس.
- العمل المشترك في كل جزء مع القوى والتيارات المعارضة للنظام والداعية إلى الديمقراطية والحرية من الشعوب الأخرى وقد تم وضع حجر الأساس للمعارضة السورية بتشكيل : (إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي في سوريا).
- خلق أرضية جماهيرية واسعة على مستوى البلد المعني من خلال التركيز على المساوئ الناتجة عن استبداد السلطة المتمثلة بالقمع الدائم وإفساد المجتمع والغلاء المتصاعد في الأسعار وتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية دون تمييز.
- تشكيل هيئة عليا كردية تمثل الشعب الكردي في كل جزء وتكون ناطقة باسمه. ان تحقق ما تقدم بمثابة الخطوة الأولى والأساسية نحو حل القضية الكردية في كل جزء.
   
س 4 – ما هو موقف السياسي الكردي فهد حج يوسف في ظاهرة التشرذم الحاصل في الحركة الكردية وفي عموم تنظيماتها .؟
التشرذم حالة سياسية أو (اجتماعية) تنم عن قصور معرفي ثقافي اجتماعي باستحقاقات القضية الكردية وأهميتها وتمثل نكوصاً في العمل النضالي التحرري ومن أهم مصادرها الأنانية الحزبية أو (الشخصية) أو عدم استيعاب ضرورات أجندة النضال حيث كانت الحركة الكردية تمارس العمل السياسي في دائرة ضيقة (دائرة المجتمع الكردي فقط) دون النظر إلى السياسية الدولية ومساراتها ودون الخوض في إقامة أية علاقات مع الأطراف والقوى الديمقراطية – غير الكردية داخل البلاد لتعريفها بأهمية القضية الكردية ومطالبيها وتوجهاتها الديمقراطية وتقدم البلاد وخلق مجتمع مدني تتحقق فيه المساواة التامة بين المواطنين تاركة ذلك للمغرضين من أزلام السلطة والذين لم يدخروا أي جهد في تشويه القضية الكردية ونعتها بالانفصالية وجدير بالذكر أن هناك محاولات لتجاوز ظاهرة التشرذم فقد تشكل (التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا) وكذلك (الجبهة الديمقراطية الكردية) بالإضافة إلى (التنسيق) وهناك حاليا مناقشات حول تشكيل مرجعية كردية سورية من خلال مؤتمر وطني كردي ومن جانب آخر فان إطاري التحالف والجبهة عضوين مؤسسين لإعلان دمشق للتغيير الديمقراطي للسلطة في سوريا...
  
س5- برأيك كيف يمكن تعبئة الشارع الكردي السوري نحو إدراك واقعه السياسي والثقافي والاجتماعي والخوض في غماره..؟
الشارع الكردي مفعم بالروح القومية والوطنية إلى درجة تتقارب التعصب وذلك لما يلاقيه من نكران لهويته ووجوده القومي ولما يكابده من إجراءات تعسفية على الدوام ومن محاولات التعريب بتغيير التركيبة الديمغرافية للمناطق الكردية التاريخية وغير ذلك ....وهنا يبقى المطلوب تجاوز حالة الانقسام وتجاوز مسبباتها (أيا كانت الحجم في ذلك) وتشكيل مرجعية كردية بالإضافة إلى تقوية الدور الكردي في الساحة الوطنية والعمل على تنمية الروابط بين الحركة الكردية والتيارات الديمقراطية غير الكردية من العربية وأشورية وغيرها داخل البلاد والسعي وراء تطوير وتفعيل دور إعلان دمشق لخلق معارضة ديمقراطية وطنية قوية موحدة تدافع عن الحريات وإلغاء قانون الطوارئ والإحكام العرفية وتسعى لسن قانون عصري وحضاري للأحزاب والمطبوعات وعلى تثبيت الكرد في دستور البلاد والاعتراف بالشراكة العربية الكردية وعلى قدم المساواة وتعمل على تنمية البلاد اقتصاديا وتساهم في رفع مستوى الدخل والقضاء على الفساد والإفساد والرشوة والبطالة..

س 6 – ما هو  السبب برأيك في عزوف المثقفين الكرد عن الانخراط في صفوف الأحزاب الكردية ..وهل ثمة عوامل خاصة نحن لا ندركها أو غير مكشوفة بالنسبة لنا ..؟؟ 
عملية النضال السياسي القومي عملية جدلية شاقة وتحتاج إلى تكامل المواهب وتجاذب القدرات فلكل فرد له دوره المميز به في الحياة أن مارسه يكون قد ساهم في دفع الحركة نحو الإمام واعتقد لانجافي الحقيقة أن قلنا من يعي أكثر عليه أن يقدم أكثر وهنا كانت لأنظار موجهة إلى فئة المثقفين تلك الفئة المعنية بالشأن العام, فالمثقف شبح يجول في غرف تلك الفئة (شبه الأمية) الفئة الراكدة القابعة في الزنزانات الماضي أصفاد التخلف الكابحة لكل التقدم لذلك تم محاربته من قبلها ونبذه ونعته بالانتهازية والوصولية وما إلى غير ذلك من هذه النعوتات التي أطلقت جزافا (وطبل لها البعض) وبطرق ارتجالية دون الوقوف على ما يكابده من قهر قومي يتمثل في سد منافذ التوظيف وحرية التعبير أمامه ولهذا نجد المثقف في أكثر الأحايين سواء في كتاباته أو خلال مناقشاته يميل إلى الحدية ورد الفعل وهذا أمر طبيعي – لمن يعيش في هكذا ظروف – فالمثقف الملتزم بقضيته , داخل التنظيم او خارجه , يبحث في قوة الذاكرة وتجليات الحاضر عن معالجة الصعوبات والمساهمة في أحداث التجديدات اللازمة للاستنهاض بالقضية ودور الحركة ,وكما نعلم فانا المثقفين لعبوا أدوار مميزة ومتقدمة في القضايا التي كانوا يناضلون من اجلها او يناصرونها فكانت الحركات الثورية الطلابية في نهاية الستينات في أوربا بتحرض من فلاسفة الثورة (أمثال هربرت ماركوزا) وملاحظ لدينا ان معظم المثقفين الكرد يرون في انتمائهم إلى هذا التنظيم أو ذاك يحد من استقلالية أطروحاتهم الفكرية والثقافية ويقف حجر عثرة أمام تطورهم الفكري والسياسي الحر ولذلك كان العزوف عن الانخراط في صفوف التنظيمات الكردية هو الخيار الأفضل لديها. رغم احترامي لهذا التوجه فانا أقول أن المثقف يمكن أن يلعب دوره في التنظيم ويساهم أكثر في دفع التطور الفكري والسياسي للتنظيم , فالاختلاف يولد حركة تصاعدية منتجة للتطور والتقدم على كافة الصعد المعنية بهذا الاختلاف .وللحقيقة نقول أن ثمة إشكالية في نظرة المجتمع على المثقف وعلى المتعلم الحائز على شهادة أكاديمية فالمتعلم المختص غالبا ما تكون اهتماماته مقتصرة على اختصاصه وأموره الشخصية بعكس المثقف الذي يعني بالشأن العام ككل متكامل واعتقد هنا تم إسقاط النظرة المتكونة بخصوص المتعلمين على المثقفين مما يعتبر إجحافا بحق المثقف .  كلمة أخيرة أقولها نحن بحاجة إلى كل حزبي وإلى كل من يناضل خارج التنظيمات من مثقفين ومتعلمين ومختصين وغيرهم حيث تكتمل دائرة النضال وبأفضل تجلياتها الجماعية والفردية والتقنية والاجتماعية..

س 7 – ماذا يعني هذه التعددية المفرطة في الحركة الكردية... 14 حزب..!! أو ربما أكثر بكثير..؟؟ برأيك ما دواعي لكل هذه الأحزاب السياسية ..؟؟
الحزب بنية بشرية ذات علاقات داخلية وقواعد معينة مثبة في نظام داخلي وعلاقات خارجية اجتماعية وسياسية هادفة رسمت خطوطها العامة في برنامج الحزب.
هذه البنية تتشكل طوعيا استجابة لمتطلبات جمهور معين أو طبقة اجتماعية تطمح لتحقيق هدف أو غاية .
فند دراسة ظاهرة سياسية لابد من وضعها في سياقها التاريخية والتعرف على معطياتها ومتطلباتها وفق منهجية قواعد الاحتمال والإمكان وجدلية التطور وهنا ونظرا لان الحقيقة نسبية فانا التباين والتنوع في الآراء والسبل النضالية والاستنتاج ما يترتب على ذلك من النتائج أمر لا مفر منه , ان تم ملامسته من منطلق الشعر بالمسؤولية وأهمية الهدف المرجو لا كان نقطة الارتقاء بالحزب نحو آفاق سياسية ومعرفية أكثر واقعية وعقلانية ولما كان الحزب الواحد غير قادر على تلبية طموحات كافة الجماهير وغير قادر على احتواء كل الكتل المتنافسة /المتصارعة/.
كانت التعددية الحزبية _ بوصفها للحزب الواحد – ظاهرة ديمقراطية تكشف عن التنوع في الأهداف والمطالب والسبل النضالية واستجابة طبيعية لرغبات جماعات /طبقات/ متفاوتة.
كلنا نعلم ان المجتمع الكردي في سوريا يصارع من اجل تثبيت الهوية وإزالة حالة التميز الشوفيني بشكل خاص ويعاني استبدادا سلطويا بشكل عام لذلك فلمطامح الكردية موحدة عموما , ولما كانت الأحزاب الكردية علمانية وبرامجها متقاربة الى حد التطابق (ناهيك عن التماثل في الأسماء) ومعظمها تؤكد على ضرورة تجاوز حالة التشرذم فان التعددية الحزبية الكردية في سوريا (والمتوالدة بالاستمرار) لا تلائم الواقع الكردي بل تغدو حالة مشوهة تؤثر سلبا في مصداقية الحركة, لذلك ولكي لا نشوه مصطلح التعددية فان الحالة التي نعيشها أشبه ما تكون الى "تعددية تحزبية مفرطة" و تمثل تحريفا لقواعد اللعبة الديمقراطية وخلط الأوراق وتشتيت الجماهير.
يبدو ان الموروث القبلي والعشائري مازال يطغى على عقلية وتصرفات البعض حيث الأنا (الشخصية أو الكتلوية أو الحزبوية) تكون في مقدمة الاهتمامات الذاتية ولا يلبث ان يتقوقع في دائرة مفرغة وينمي سلوكا كابحا للتطور والتقدم حينما يبدأ بتحطيم الآخر سواء داخل الحزب أو خارجه الأمر الذي يساهم في عرقلة الجهود التي تبذل من اجل تجاوز حالة التشرذم الحاصلة.
     
س 8 – فهد حج يوسف ما رأيك في ظاهرة الهجرة إلى خارج أسوار الوطن بهدف أو ربما في أحايين كثيرة من دون غاية.. الا تعتقد بان ثمة جهات تقوم بتغذية هذه الظاهرة بهدف أفراغ المنطقة الكردية من مواطنيها الاصليين ..؟؟
الهجرة ظاهرة مجتمعية تاريخية لها دوافعها وأسبابها , وحركة سكانية منطوية على التغير في المكان والجغرافيا , وتولد نوعاً من التواصل بين الداخل والخارج وبين الموروث المحمول عبر الزمن الجديد والمغاير الطارئ في المكان ولها أشكال متعددة كالانتقال من الريف إلى المدينة من المحيط إلى المركز من الوطن إلى العوالم الأخرى وعادة تكون ذات طابع فردي أو جماعي.
فالضغوطات الاقتصادية الناتجة عن الافتقار إلى المشاريع التنموية , وانتشار البطالة والفقر وقلة موارد الرزق , وتدني مستوى الدخل وعدم وجود حركة تجارية وصناعية تعتبر من الأسباب المباشرة الدافعة للهجرة باتجاه المدن الكبيرة والعواصم والخارج , حيث الحاجة الصناعية والتجارية مزدهرة وفرض العمل أكثر والأجور أفضل . ثمة ضغوطات اجتماعية وسياسية تظهر اثر مشكلة اجتماعية أو نتيجة إضرابات سياسية أو استبداد سلطوي في قمع الحريات وإيصال إلى الفرد إلى حالة فقدان الشعور بالمسؤولية او نتيجة استعلاء قومي بغيض وخططها الشوفيني من غاياته تغيير ديمغرافية المكان.
ان ما يحصل اليوم في المناطق الكردية في سوريا من ضغوطات اقتصادية وسياسية ليست سوى ممارسات ومحاولات رامية إلى تعيير التركيبة السكانية في هذه المناطق حيث الإهمال المتعمد في تنمية هذه المناطق صناعيا وتجاريا وتعليمياً وانتشار البطالة وازدهارها وعدم تشجيع الفلاح ودعمه باللازم ناهيك عن المعاناة الفلاح من تسويق منتجاته الزراعية وما يتعرض عليه من زراعة هذا المحصول أو ذاك تحت حجة (الخطاة الزراعية) الأمر الذي يجعله عرضة للوقوع في شراك الدائنين بالربا (وهذا ما يحرمه الدين الإسلامي) او بيع محصوله وهو اخضر (بالطن) وهذا أبشع من الربا كون الديون تتراكم متزايدة وفق متوالية هندسية (تتضاعف سنوياً) ونتيجة ذلك فإما أن يهرب الفلاح إلى الخارج أو يراهن أرضه (أن لم يبعها) أو ينطلق باتجاه العاصمة عسى أن يحصل على لقمة العيش .
إن الحالة التردية اقتصاديا والمعاناة الدائمة من السلطة ورؤيتها الشوفينية لأبناء هذه المنطقة تؤثر في نفسية البعض منهم وتجعلهم فريسة سهلة للوقوع في حبال سماسرة الهجرة والذين يلقون الدعم والتشجيع من السلطة – باتجاه الخارج (جنة الفردوس الأوربية) وذلك بعد أن يكونوا قد باعوا كل ما يملكوه وتكون الصدمة قوية بعد الوصول حيث الكرامة تهان ولا فرص للعمل الا تلك التي لا يرضى بها أصحاب المكان ولا إمكانية للعودة .أن هؤلاء السماسرة لا يعرفون للإنسانية أية قيمة حيث المغامرة شاقة وطويلة وعن طريق سفن  تغرق معظمها في البحار .نحن أبناء هذا الوطن معنيون به وتقع علينا مسؤولية بنائه وصيانته والحفاظ عليه من اجل تقدمه وازدهاره لا أن نتركه ونعيش في أوطان أخرى غرباء تائهين وحيث ينظر أبناؤها إلينا نظرات احتقار وازدراء ونساهم في تغير التركيبة الديمغرافية للمنطقة كما يتمناها المستبد...
 
 س 9 – ثمة من يقول عن المواقف الكردية : بان الخطاب التصاعدي الكردي مدفوع ثمنه من السلطة والموضوعي والعقلاني أيضا مدفوع ثمنه من السلطة ..؟؟ برأيك ما الخطاب السياسي المدفوع ثمنه كردياً..؟؟
كلام خطير , وافتراء باطل واستنتاج قاتل , لا يمت إلى الحقيقة بصلة . باعتقادي أن هذه التهمة إما عبارة عن نوع من التبرير الذاتي للهروب إلى الوراء من استحقاقات القضية الكردية في سوريا ومستلزماتها أو تنم عن رد فعل تجاه فصائل في الحركة وبالأدق عبارة عن نتيجة تأثير سلبي لممارسة نضالية غير موفقة لهذا الفصيل أو ذاك الأمر الذي أدى إلى تساؤلات متناقضة حول هذه الممارسة بالتالي تم خلط الحابل بالنابل (كما يقال). هذا أن لم تكن النية سيئة وتكون هذه التهمة ناتجة عن مصادر لا تروق لها وجود الحركة الكردية . ومعلوم أن هذه المصادر و(الجهات) لم تدخر جهدا في سبيل تشويه مسار الحركة وتوجهاتها.
أن كافة العمليات الجارية في الحياة من تجارية ونضالية وحروب وغيرها ليست سوى مباريات , وتحت أسماء مختلفة) بين آخذ ومعطي بين طالب ومطلوب منه ... وبشكل عام بين طرف وآخر..  فالعمل النضالي السياسي ,مبارة قاسية وخطيرة لان الرهان عادة ما يكون على الحرية ومستقبل الشعوب وتلعب الدعاية والدعاية المضادة دورها في ذلك ونظرا لان قوة الحركة الكردية لا تقاس بقوة الخصم فان الدعاية المضادة واللغط وتشويه الحقائق تفعل فعلها أكثر ان لم نكن متيقظين.
الخطاب الكردي وبالضرورة لا بد ان يكون على درجات متفاوتة انسجاما مع التعددية الحزبية المخالفة للتشرذم وهذا أمر صحي ولكن بما أن الغاية والهدف مشترك فمن الضروري أن لا يصل هذا التفاوت إلى حالة التناقض الأمر الذي يفسح المجال لإطلاق العنان لهكذا تهمة...
 
10- المعذرة أن اطلنا عليكم بالأسئلة استاذي الكريم فهد حج يوسف... ....الكلمة الأخيرة.
إن حرية الاختلاف في الفكر والممارسة ودور هذا الاختلاف في خلق الإبعاد وتجلياتها المتنوعة يفتح السبيل أمام التفاعل والدخول في العملية التطورية لهذا كانت التعددية الحزبية ضرورة موضوعية شريطة ان تنسجم مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي في المجتمع الكردي في سوريا.... وعلى الصعيد السوري ونظرا لما يكابده الإنسان السوري من ممارسات السلطة الاستبدادية من قمع للحرية والرأي وسريان مفعول قانون الطوارئ والإحكام العرفية وغير ذلك وصولا إلى التفاوت الحاد بين دخل الفرد ومتطلبات المعيشة حيث الغلاء الفاحش والمتصاعد يوميا لأسعار المواد الاستهلاكية الضرورية وغيرها حيث الفساد والرشوة يعم جميع مفاصل الدولة , ان كل ذلك تفرض على السوريين كافة ,العمل جنبا إلى جنب من اجل بناء وحدة وطنية راسخة على أسس ديمقراطية تعطي للآخر المغاير مشروعية وجوده وعلى قدم المساواة وتفتح المجال للتفاعل والحوار الهادف إلى بناء الإنسان وصيانة حريته وكرامته  وشكراً...

 






أتى هذا المقال من Welatê me
http://www.welateme.net/cand

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/cand/modules.php?name=News&file=article&sid=1215