ألبس السواد
وأعفّر رأس من؟
بترب وطن منزوع الحدود، وطن حدوده من قصل وقش
وطن من حرائق
وطن كثير العصافير
وطن ضيّق السماء
تراب وطن لا وطن
إذ بغضّ النظر عن وجود أخطاء تتعلق ببنية الجملة قواعدية، في المفرد والجمع( في المقطعين : الأول والثاني)، يظهر الشاعر مأخوذاً بالتفاصيل( الأشلاء، القلوب، الأكباد، مثلاً)، وفي المقطع الثاني اسهاب في التفاصيل، كما في الإشارة إلى الوطن المعرَّف به شعرياً، حيث الجملة الأولى تقرر المصير الرمزي لبقية الجمل، فما الداعي، وراء السرد المثقِل على الشعر مجدداً؟
وإذا كان الشاعر الكردي، كما هو مرئي، بصورة ما، في كتابته الشعرية، فإن الكتابة النثرية، قد لا تبتعد كثيراً عن الشعر المسطور، في مفاصل كثيرة، تشهد على الحضور الهائل للشعوري، للهاجس النفسي ذي الصلة القوية بالمجرى الانفعالي، وسريان مؤثراته العاطفية الملموسة.
وذلك في بنية الكتابة الموسومة بالمقالية، وفي البداية، ما يكتبه الشاعر والناثر هوشنك بروكا، فهو ينطلق من همَّين متعالقين فيه: الهم الكينوني الإزيدي البارز، والذي يقوى عوده، وينبري محتداً، كلما ضيّق الخناق عليه، والهم الكينوني الكردي المنفتح على تاريخ من الملابسات والتنازعات في الاسم واللقب، والضريبة الباهظة التكاليف لقاء هذا التعريف الهوياتي، ولعل وطأة القهر الآتي باسم الهوية المللية، نافذة في لغته، مثلما أن لغته تفصح عن وطأة تاريخها المؤلِم عليه، وهو يستشعر ذاته بينهما، فيتلمس خلاصاً ما، من خلال منازعة اللغة بذات اللغة، بمقايضة من يُعتبَر ممثلاً لها، موازياً إياه بالآخر، من ( الخارج)، من خارج اللغة( لغته الكردية)، وهذا أقصى حد للألم والتجريح للذات الجمعية العامة، وطعناً في فضائل الهوية المهدّدة له وجوداً، كما يرد هذا التوضيب المحاكماتي، في بنية موضوعه ذي العنوان العنوان الدارج هنا وهناك، في بعض الحالات الخاصة الملتبسة ( شنكالستان: على يديَّ الموت
Şingalistan: Li ser destên mirinê)،إنه ينطلق من الإقامة بين فكَّي كماشة:
Ya rast, Êzîdî li vir( li Hewlêrê) xwelîser bûn, û li wir(li Bexdayê) qurbeser bûn
( الصحيح، هو أن الإزيديين هنا( في هولير)، بلا حول ولا قوة، وهناك ( في بغداد)، هم ضحايا)، تعبيراً واضحاً عن الجور المتساوي بين النسب الكردي المهدّد، والارتباط المميت بالآخرين.
هوشتك يحاول أن ينثر شعره، مثلما أنه يشعرن نثره، من خلال توسيع حدود الصور تركيبيا، رغبة في تنويع الإيحاء، والإبقاء على ذائقة لغوية مختلفة، كما هو الناشد اختلافاً مكانياً
Şingal, mirineke din jî, şêrîn bû.
Paş „xwîna sêşemê“,
çiya, mirineke din jî, bilind bû.
Paş „seferberkirina sêşemê“,
navê Şingalê, mirineke din jî, dubare bû.
Paş „Kurdistana sêşemê“,
destên Şingalê, mirineke din jî, kesk bû.
شنكال، موت آخر أيضاً، حلواً كان.
خلفاً " دم الثلاثاء".
جبل، موت آخر أيضاً، عالياً كان.
خلفاً " تسفير الثلاثاء"،
اسم شنكال، موت آخر أيضاً، تكرَّر.
خلفاً " كردستان الثلاثاء"،
أيدي شنكال، موت آخر أيضاً، اخضرَّ.
الشاعر لا يمارس تفكيراً ، كما هو التفكير المنطقي تجاه موضوع جار ٍ تقويمه، كما هو الملحوظ، منطلقاً من هول الحدث، إذ يذهب بالحدث إلى أقصاه، قاذفاً بالانتماء العام، إلى أقصى مدى من اللا ا عتبار، محكوماً بسياسة المكان خارجاً، وما يتحكم بالمكان خارج الرغبة المعرّفة بكيانه بالمقابل، على أنه إزيدي، ولهذا، يأتي النيل منه من الجهتين، وبشكل أكثر إيلاماً، حيث مشهد الدم الإزيدي، أكثر من كونه الكردي صفة مقام، يستثير فيه متخيَّله الوجداني: الفردي ككاتب، وهو في وضعه هذا، لا يتلمس منطقاً متوازناً ليعتمده، فلا يبقى سوى تسيير الكم الأكبر من الكلمات التي تمشهِِد فيه التاريخ المللي المهدور مكانة، فلا يعود من إمكانية للمناقشة، في منطق الصورة، وقد تساوى الطرفان، من أهل الدار وخارجها، بقدر ما يتطلب الإجراء قراءة لما وراء الصورة وزلزلة مقام الذات، وتخوفها، ومدى مشروعيته، في ضوء المعاش.
ويمكن لأحدهم أن يمزج بين المعتبَر شعراً، والمعرَّف به ضمناً نثراً، ولكن فاجعة الحدث،لا تستحيل كلمات، يمكن التأسي بها، ولو من باب العزاء النفسي، من باب المجاهدة، والإيعاز للذات، على أن ثمة إمكانية للتفكير في مجال أرحب، أن الكلمة، قد تهدّىء من روع المنكوب أو المفجوع، كما لو أن محاولة فينيكسية( balind ê Sîmir )، أو ( طيري سيمر الذي يعود قوياً، باحتراقه في ناره الخاصة، كلما صار كبيراً ووهنت قواه). إن وعي الكلمات، لا بد أن يتناظر مع وعي الحدث!
وهذا ما يمكن تلمُّسه فيما كتبه صالح كفربري
Salihê Kevirbirî، وفي المعتبر نصاً تحت عنوان لافت، مؤلِم بدوره دلالياً ، هو ( عفوك كريفو:
BIBORE KIRÎVO!..) حيث البداية حكائية، ليكون السرد التالي كوكتيلاً، لا أظنه قابلاً للشراب ، كما في هذين المقطعين: بداية ونهاية:
Li çayxaneyeke Sûka Sêrtiyan... 5 kurd; 4 misilman, yek êzîdî...
Piştî qetlîama li gundên Şengalê bi çend saetan...
Kûl û derdê giran vedibêjin, tevli îskanên çaya qaçax:
Bibore kirîvo, bibore...
Em doza lêborînê li te dikin, bi hêviya ku tu li me biborî.
Bi şemsa nûranî em sûcdar in kirîvê delal!..
Her wekî di bûyera ‘Mîrzikê Zaza û Derwêş Nebî’ de -ku xwîn laşan bi xwe re dibirin-, em îro jî sûcdar ango tawanbar in...Qetilxwîniya Şengalê, derdekî bêderman li karesata me kurdan zêde kir. Heta niha behsa ‘72 Fermanan’ dihate kirin. Va ye tê gotin ku tiştê qewimiye, ‘Fermana 73-an’ e...
500 gul çilmisîn, ne hêsan e...
Serê me tewiyaye...
***
Li Şengala ‘Lehengên Kurdên Êzdî’ giryan e!
Wekî gelek caran dîsa ‘xwîn tev li rondikên çavan e’,
‘Qam û qidûm şikestin’,
Qîz û bûk diqîrin, ‘bira bira’ lawelaw e...
Bibore kirîvo bibore,
Me îro jî tu neparastî,
Lewre ye ev berjêriya stûyê me!..
( في مقهى في سوق (السّيرتيين).. كان ثمة خمسة كردٌ: أربعة مسلمون، وواحد إزيدي. بعد القتل العام في قرى شنكال، بساعات عدة.. انبعثت منغصات وآلام حرَّى، امتزجت بأقداح الشاي المهرب:
عفوك كريفو، عفوك..
نحن نطلب منك السماح، على أمل أنك ستعفو عنا.
بالشمس النورانية، نحن مذنبون، كريفو الطيب!..
كما في حدث (( مرزكي زازا ودرويش نبي))، حيث كان الدم يجرف الجثث معه، نحن اليوم، أيضاً، مذنبون، أو متَّهمون... إن مذبحة شنكال، داء لا دواء له، أضيف إلى كارثتنا نحن الكرد. حتى الآن، ثمة تذكير باثنين وسبعين فرماناً، وها هو اليوم، فإن الذي جرى، هو " الفرمان الثالث والسبعون...
ليس سهلاً، ذبول خمسمائة وردة ..
لقد نكست رؤوسنا..
_____
في شنكال، الأبطال " الإزيديون " بكوا
كما في حالات كثيرة، مجدداً، اختلطت الدماء بالدموع!
لم يعد في المستطاع التحرك!
البنات والعرائس يصرخن: ويلاه ، أخي ،ويلاه..
عفوك كريفو عفوك،
اليوم أيضاً ، لم نستطع حمايتك
لهذا، تكون أعناقنا محنية !
قبل كل شيء، تكون القيمة الوحيدة، في المكتوب، كامنة، في تحميل الذات الكردية العامة، ومن قبل الذين يمتلكون القدرة على التصرف أكثر، وانطلاقاً من وعي الذات هذه، ذلك الشعورالمطلوب بالمسئولية، كما لو أن الذي حدث فجائعياً، كان يمكن ألا يحدث، لو جرى اهتمام كردي، على مستوى أعلى وأوسع نطاقاً، وهذه حسنة لافتة، من حسنات الكتابة، إنما ليس في الدفع بالمسئولية، إلى الدرجة التي تحصرها في الجانب الكردي المعني.
أما في الجانب الآخر، فهو الطاغي، إنه الجانب الندبي، النواحي، الجانب الذي يفقد الرجل الرجل السيطرة على نفسه كسابقيه، وتتلبسه حالة من الأنثوية المروَّجة تاريخياً( المرأة بكَّائية)، وذلك التفريق المستعاد دون شعور بمسئولية المعنى، أي ( كريفو)، فهذه لا تقال هنا كردياً إطلاقاً، وثمة ما هو أكثر إيلاماً، باعتباره شرخاً في وعي الكاتب بالذات، وذلك حين يصيّر أبطال ( الإزيديين) بكائيين، وكيف أن الدماء تختلط بالدموع، ويجب أن تُذكَر( العيون)، كما لو أن للدموع منبعاً آخر..
وسليم بجوك
Selîm Biçûk، يستصرخ ضميراً ما، مثلما يستنسخ صور الذين يتلمسون في التحدي، وفي المزيد، من الضحايا، ودمار البلاد، ليؤكد أن الحياة التي يعنيها ماضية، وهو يخاطب من كانوا سبباً لتلك الفاجعة الكبرى ، وفي موضوع تحت عنوان، يوضح مضمونه مباشرة ( مجدداً، في شنكال، تستباح الإنسانية:
Dîsa li Şingalê mirovahî tê kuştin)، كما في قوله، ومنذ البداية:
Bikujin, bişewitînin, bila jiyan li ser piya nemîne, ev cihan tenê ji bo me hov û mirovxweran, xwediyên Xwedayê taristanê ye“.
Dîsa li Şingalê ev banga kevin-nû dubare dibe. Kerî û garanên mirinê, mirovxwer û neviyên tariyê û dijminên jiyanê li ser piyan e, bi zikreşiyeke hovane û dirinde agirê mirina reş li ser, zarok, jin, kal, lawir û her tiştên bi giyan direşînin. Û ji pişt sînoran, li derdorê, ji paytextên şahinşahiyên taristanê çepik û govendên şahiya mirinê li ser cendekê mirovahiyê li dar dikevin.
( اقتلوا، احرقوا، لتُعدَم كل قائمة للحياة، هذه الحياة فقط، من أجلنا الهمج أكَّالو البشر، شيعة إله الظلمة، مجدداً، في شنكال، يتكرر هذا النداء الجديد القديم، قطعان الموت المختلفة، أكالو البشر، وحفدة العتمة، وأعداء الحياة على أهبة الاستعداد. بحقد همجي ووحشي، يرشون النار السوداء، على الأطفال، النساء، المسنين، الشباب، وكل ذي روح. ومن وراء الحدود، من الجوار، في عواصم امبراطوريات العتمة، يصفقون ويديرون حلقات فرح الموت، على جثث الانسانية...).
السؤال: ماذا تنفع هذه القائمة الصاخبة من العبارات المفخخة، في وعيدها وصور ذمها وأوصافها المتكررة،( حيث النار ذاتها تتحول عنده إلى سائل، كما يظهر، وليس أنهم " يشعلون النار"، ومن باب للعب باللغة في غير محله، سوى في تعمية الذات، كما لو أن الموضوع هو صراع بين همج، هم أعداء الإنسانية، وبمنتهى البساطة، وأناس أبرياء، هم كل الذين يُقتلَون على أيديهم، والتاريخ لا يقول هكذا، بقدر ما أن ثمة منطقاً معقلناً، يمكن النظر في كيفية اعتماده واستثمار آلياته، والكاتب، كان أبعد ما يكون عن موضوع الحدث الجلل، حيث اعتبار الآخر بالسفاح والدموي والحاقد، لا يعني أقصاء له، وإنما هو إقصاء الكاتب، عن الطريقة السوية لمكاشفة ذهنيته الفاعلة هنا، وهذا لم يُتلمَّس عنده، وإنما كان الانفعال المضطرم داخلاً.
ولعل Xanna Omerxalî، وانطلاقاً من شعورها المصدوم كإزيدية، ودون نسيان أنها امرأة مسكونة بقهر أكثر تاريخياً، لعلها، تتلمس فيما جرى، ما يعيد التاريخ العنفي، التاريخ المتعلق بإمال الإبادات الجماعية، أوالنيل الطرفي، الجماعي، من طرف آخر، أو جماعة أخرى، إلى الواجهة، وها هي تنكمش على ذاتها المنكوبة ، وهي تترجم شعورها إزاء المروَّع، لتكون الكتابة جرحاً على جرح، وفي جرح، وفي الآن عينه، بقاء في حمّى الألم المضاعف، لأن المروي، والموصوف، لا يمكّنان القارىء من مكاشفة المنفتح في الرؤية الأدبية للحدث، من القدرة على التفريق بين حدث يُبكي، وحدث، يفجر الطاقة لقول ملهِم، ومبصّر للجاري، وإلا فإن الحداد سيستمر، كما هو المقروء هنا، في ( الصوت المنحوس مجدداً :
Dîsa Dengê Nexêrê):
Dîsa dengê nexêrê kete guhê me: Êzdiyên herêma Şingalê yên bêguneh û bêsûc hatine qirkirinê, dîsa xûna êzdiyan hate rêtinê. 14-ê Tebaxê sala 2007-a bû rojeke qetlê û zulmeke giran ser êzdîxanê. Bû rojeke reş. Em, êzdiyên temamiya cîhanê, dilşkestî ne û heznî ne. Agir û alav nav cegera me ketiye: Dilê me dêşe
( مجدداً، تناهى إلى مسامعنا صوت منحوس: لقد تعرض إزيديو منطقة شنكال الأبرياء ودون ذنب، مجدداً سُفِك دم الإزيديين. أصبح 14 آب، من سنة 2007، يوم قتل وظلم كبير على الإزيديين، صار يوماً أسود، نحن، إزيديو العالم قاطبة مغمومون، حزانى، النار والحريق يلبان في أكبادنا: قلوبنا تتلوع....)..
وصاحب مقال ( ماهذه الهمجية
EV Çİ HOVÎTÎ YE)، وهو الكاتب " م . شفيق اونجو
" ONCU، أطلق العنان لانفعالاته في تبيان الآخر، متهافتاً أخلاقياً، ليريح أعصابه، دون أن يكلف نفسه، جهد محاولة التأني في التفكير، ومقاربة ما حدث عقلياً، لتحديد ما هو أفضل أو أجدى للتعامل معه، كما في قوله:
Qatilên dev bixwîn weka piştî hemû kiryarên xweyî bi kirêj tekbîr tînin, di videoyê de jî xwendina quranê wek fon bikar tînin.
Di 14-ê Tebaxê de ewrek reş ser Şingalê girt, ji 500 zêdetir kurd, kurdên êzidî bi hovîtî hatin kuştin, xênî hatin şewitandin, bi sedan mêr bêyî derfeta parastina zêc û zarokên xwe bibînin, bi bêbextî hatin kuştin, bi sedan jin bûn bî, bi sedan zarok firîyan ezmanan ewqas jî sêwî man.
( القتلة المفترسون، كما هي الحال إثر عملائهم القذرين، يكبرون في الفيديو أيضاً، يرتلون القرآن مجوَّداً.
في 14 آب، سحابة سوداء غطت شنكال، قتل أكثر من خمسمائة من الكرد، الكرد الإزيديين، بوحشية، أُحرقت البيوت، بالمثات، دون أن يُعطَوا فرصة حماية عائلاتهم وأطفالهم، قتلوا غيلة، بالمثات استحالت النساء أرامل، بالمئات صعدت أرواحهم إلى السماء، هكذا أيضاً ظلوا يتامى ).
أورد النص الأصلي، وأحاول وضع المقابل، فقط، وكما نوَّهت، كثيراً للمقارنة، لأن ثمة استخفافاً بالحدث، ولو عن سماجة تفكير، لأن المعدود هنا، يتجاوز الآلاف، والمحسوب، خمسمائة ونيّف، والأكثر من ذلك، لأن ما رؤي مصوراً ومتلفزاً، يبز كل مكتوب هنا، أو في أي مكان آخر، فلمَ هذا الاستحماء، وحتى تفسير بما دون الماء بالماء؟ والكتابة هي رؤية ما وراء المنظور الحسي ، وإلآ فنحن نكون إزاء، ما سماه ستيفن إليوت ، بـ( ثقافة تسويق الذات) في أسوأ تجلياتها ..
وفي المقام ذاته، يكون سياق كاتب آخر، هو AmerÇelik، حيث يزيد السخونة سخونة، في موضوعه الشنكالي المنكوب بذاته، وبالمتحدث عنه ( شهداء مساء الأربعاء: شنكال : "
Şingal "
Şehîdên êvara Çarşembê )، ولا أظن أن الموضوع بحاجة إلى المزيد من التعيلق، كما في قوله:
Warê gernas û mêrxasan di şewit e!...
Erda pîroz, warê Kûtî, cihê şeref û namûsa kurdiyatiyê dişewit e!...
Evîn. pakî, dilsozî, dilovanî û dilkovanî, dişewite!...
) موطن الشجعان والبواسل، يحترق !
الأرض المقدسة، موطن الكوتي، يحترق موضع الشرف والكرامة الكردايتية !..
الحب، الطيب، صدق الوعد، الرحمة، والقلب المتلوع ، يحترق !....الخ )
وبالتناظر معه، ما يقوله
Gabar Çiyan، وفي مقاله المفترض ( الارهاب والوحشية في شنكال: ليس الإزيديون وحدهم، نحن بدورنا إزيديون :
Terorîzm û hovîtiya li Şingalê: Êzîdî ne bi tenê ne û EM JÎ ÊZÎDÎ NE!)، ولا كلام على كلام كهذا، من باب المكاشفة الفكرية المطلوبة :
Wahşeta ku li Şingalê hatiye kirin çi ol, çand û wijdan nikare qebûl bike. Em vê êrîşa hovane protesto dikin. Ji xwîşk û birayên xwe yên Êzîdî serî saxiyê dixwazin. Yezdanê Heq sebrê bide malbatên bi kûl û keder.
( الوحشية التي مورست في شنكال، لا يمكن أن يقبلها لا دين، ولا ثقافة ولا وجدان، نحن نستنكر هذا الهجوم الوحشي، نتمنى دوام الحياة لأخواتنا وأخوتنا من الإزيديين، وليلهم الله الصبر للعائلات المفجوعة والمنكوبة) .
وماذا قبل كل شيء، وليس بعد؟ لم هذا السؤال – التساؤل أولاً ؟
لأن الكتابة لا تدخل في سلك الكتابة التي تكون في المستوى الذي يمكّنها من البقاء، كما أنها في محاولتها التعريف باسمها، أو باسم صاحبها، تتطلب الكثير من استيفاء الشروط التي تشفع لها، لكي تندرج في مضمار الممكنة القراءة، وما يمكن أن يُتردَّد بشأنها : تعليقاً، أو تحاوراً.
أما بصدد المعني، فثمة جهل بالحد الأدنى من الموضوع، من الآخر الذي يجري الحديث، أو الكتابة عنه، وهو العدو، مهما كان انتماؤه، أو جنسيته، وما جرى تحديداً، من ناحية التوصيف الذي لا صلة له بالجانب التاريخي، كما لو أن الأخلاق، على سبيل المثال، كانت منفصلة، في يوم ما عما هو تاريخي، إذ لاأخلاق مجردة إطلاقاً، وإلا لما رأينا كل هذا الامتداد والمداد الدمويين، هذا القتل والعسف والعنف والتنكيل بالآخرين، واعتبار ذلك ميموناً، وفي خانة الجهاديات الإلهية الكبرى، كما هو المدرَك في حده الأكثر بساطة فيما هو ديني أو اجتماعي، أو ثقافي، أوتاريخي، أو سياسي، هنا وهناك، وفي أوساطنا المتعددة الولاءات والانتماءات، والكاتب، هو أو غيره، يتجاهل هذا الحد الأدنى من ضرورة الإلمام بما يعنيه الآخر، ومن يكون الآخر، وفي التعرض لموضوعات لها دلالتها الكبرى، كالذي نحن إزاءه.
وفي الكتابة، ولمن يريد إيصال معلومة، قابلة للاستفادة منها، أو اعتبارها معلومة تاريخية، أن يميز دائماً بين ما هو صالح لاستنفار الآخرين، وتحويلهم إلى قطيع بشري منذور للذبح القرباني، ما يكون سياسياً، موعّياً ومنوراً للآخرين، وما هو دونه، لتعمية من يُراد لهم التنبه لمخاطر ما يجري، ليلزمهم نتيجةً، بالإمساك برأس عصاه( هراوته) قطيعياً، ومن يريد الكتابة تزجية للوقت، لتوريط نفسه، وسواه، في تكوين علاقات أو غيرها، تزيد طينه اليومي بلة، أو يزيدها لتأكيد ذات، لا أظنه بفالح أبداً، لو تم التفكر في المستقبل، كما في هذا الحدث الجلل الذي يستوجب الوعي المحيطي، والذات المنفتحة، والرؤية الأعمق ..الخ، وهذه تأكيدات تكررت سالفاً.
وقبل أن أنهي هذا الفصل/ القسم، لا أدري، ما الذي دفع بي، إلى التذكير بالأعمى العظيم والمبصر، الأرجنتيني بورخيس 1899-1986، وفي مقال له، يورد فيه، مثالاً له صلة بالشعر الشعر، يتعلق بدوره، بما ورد في قصيدة هندوسية، لم يكن متأكداً منها، تشير القصيدة تلك، إلى أن ( جبال هيمالايا)، هي ( ابنسامة شيفا)، ابتسامة ( إله الرعب)، ليعلق تالياً، بأنها ( استعارة مفزعة)، كما جاء ذلك في كتابه ( سبع ليال، الترجمة العربية، ص 122).
ولعلي مشاطرٌ الأعمى العظيم مجدداً والمبصر، فيما علَّق عليه، وأظنه ترك التأويل للقارىء، وهو معجب، كما أرى، بذلك التشبيه الاستعاري، إذ بالنسبة لي، تكون العلاقة بين الإله في مكانته الأولمبية العالية طبعاً، والجبل الشامخ الأول علواً في العالم، علاقة في منتهى التناسب، فالإله في أعاليه، وسمو مقداره، من الطبيعي أن يكون الجبل رمزاً من رموزه الحية والمرئية، لأن الجبل ذاك، مروّع، والروعة تتضمن المدهش إجلالاً، والمخيف تقديراً، وما الحدث المروّع إلا النظير النوعي لذاك الجبل، بصورة ما، وأعني بذلك تماماً تماماً، أن من المفترض أن تأتي الكتابة، بصدد أي حدث جلل هيمالائي الطابع، لتظل ملامسةً ما هو أبعد من سقف التاريخ!
-----------
ملاحظة: كنت منشغلاً، بتحضير هذه الدراسة، حين سمعت بنبأ رحيل الكاتب الكردي الكبير محمد أوزُن 1953-2007، وأنا أراجعها، ولأنني أعدُّها للنشر،ولأنني أيضاً، ككاتب قبل كل شيء، تأثرت بنبأ رحيله، فإن الذي يمكنني التذكير به، وقبل كل شيء، هو إهداء هذه الكتابة، إلى روحه الحاضرة، لا الغائبة رمزاً بالتأكيد، ومن باب الوفاء له، ولما كتبه، واجتهد فيه حياة شخصية، وكتابية، وأكثر من ذلك، لأنه شمخ بقامته عالياً، بقدراته الذاتية، وسط صمت وتجاهل كبيرين ومشكّيين فيه من كرده المعنيين بالشأن الكتابي كثيراً ولربما هناك كتابة أخرى عنه، في وقتها