الكتابة، في بعض أحوالها «شذرات سريعة»
التاريخ: السبت 24 شباط 2024
الموضوع: القسم الثقافي



إبراهيم محمود

-1-

للكتابة أن تجعل من كاتبها:

سماء، إذا:
احتضن أرضاً

أرضاً، إذا:
تضمَّن عمقاً ثرياً


بصيرة، إذا:
استقام بنفسه

نفحة عطر ، إذا:
أَولى الورد اهتماماً

قمة جبل، إذا:
لازم المرتفعات والمنحدرات

مصباحاً، إذا:
أخرج قلبه فتيلاً

أغنية عشب، إذا:
تقمصَ هواء عليلاً

رصاصة قاتلة، إذا:
أصبح حجْرة انفجار

شجرة باسقة، إذا:
اُستنسِخ في شتلة فتية

نهراً سلسبيلاً، إذا:
استحال نبعاً ثريَّ الماء

أفقاً لقلب تائه، إذا:
تلبَّسَ طريقاً جلياً

حديقة، إذا:
انسكن الخضرة الفسيحة

سوراً  لمدينة، إذا:
صادق أحجاراً متآلفة 

حمامة ، إذا:
عايش هديلاً حياً

طفلاً مدى العمر، إذا:
تمثَّلَ البراءة

وصلاً بين قلبين، إذا:
أنار حباً

ذيل كلب، إذا:
استهواه النباح مستنبحاً

مطباً في الطريق، إذا:
استحال حجر عثرة

نوراً لا ينفد، إذا:
لازم شمساً صغيرة

وديعة مكنسة، إذا:
أقام في ورقة ذابلة

فضيحة مسجَّلة، إذا:
عاش وراء قناع

فاقد الظل، إذا:
أهوته القوالب

ذيلاً مرئياً
إذا تزنبرك بآخرين

مسماراً صدئاً، إذا:
تجوَّف من الداخل

سخرية التاريخ، إذا:
استخف بالحقيقة.
***

-2-
يسأل كتابته:
كيف لم أُمنَح مدى؟
تردُّ عليه:
وهل أوهبتني صوتاً؟

يسأل كتابته:
كيف أبقيتني ضئيلاً؟
ترد عليه:
وهل منحتَ قامتي انتصاباً؟

يسأل كتابته:
لماذا أنا أضحوكة الآخرين؟
ترد عليه:
لأنك مهرج نطاط


يسأل كتابته:
من أين هذه العفونة؟
ترد عليه:
وهل فارقت المستنقعات يوماً؟

يسأل كتابته:
ما هذا العمى من حولي؟
ترد عليه:
إنه ليلك الذي سكنتَه .

يسأل كتابته:
لماذا لا أرى وجهي؟
ترد عليه:
لا مرآة لك حتى الآن

يسأل كتابته:
لماذا يلازمني جدب دائم؟
ترد عليه:
لأنك أردتني صحراء قاحلة لك

يسأل كتابته:
لماذا أنا وئيد الخطى؟
ترد عليه:
إنها طاقتك التي لبسْتَها 

يسأل كتابته:
لماذا لا أحد يستوقفني؟
ترد عليه:
لأنك لم تصبح " أحداً " يميّزك بَعْد .







أتى هذا المقال من Welatê me
http://www.welateme.net/cand

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/cand/modules.php?name=News&file=article&sid=10061