في الحب الإيزيدي
التاريخ: الجمعة 16 شباط 2024
الموضوع: القسم الثقافي



إبراهيم محمود

هناك هناك
هنا هنا
 في مكان ما
في مكان معلوم بحدوده
معلوم بوجوهه
بإشاراته
أو علاماته 
أو ثقافته
بطقوسه المعتبَرة


بأعرافه المعتبرة والمسيَّرة
أو لغته بامتياز
بعقيدته فريدة اسمها تحديداً
هناك ما ينبغي التوقف عنده، 
ولو بإشارة مختصرة
هناك ما يمكن تبيّنه في معناه ومبناه
في امتداد تاريخ طويل
ثمة حب أريدَ له أن يكون مميَّزاً باسمه
أيْ بمحتواه
إنه الحب الإيزيدي
أي حب هذا الذي يراد له أن يكون كغيره إيزيدياً
كما هو الإيزيدي المختلف فيما يعتقده ويعبده؟
ثمة ما يضيء صفحة الاسم
ما يحمل صفحة الاسم  بِشَارة خاصة به:
ليس الحب واحداً رغم اسمه الواحد
حب الإيزيدي والإيزيدية
ليس كحب روميو – جولييت
حب فرهاد- شيرين
حب مم – زين
إنه حب مختلف تماماً بعلامته الفارقة
 لألوان الحب المعروفة في التاريخ
يحب الإيزيدي الإيزيدية
تحب الإيزيدية الإيزيدي
في الحب الإيزيدي يتوقف تاريخ معلوم باسمه
تتوقف جغرافية بكامل تضاريسها باسمه
نحن هنا في قلب الدائرة
في متنها
الدائرة التي يعلم الإيزيدي بأمرها ليست كأي دائرة
إنها دائرته التي تتوقف عليه
تلك الدوامة المخيفة
دوامة التاريخ العاصف
دوامة الجغرافيا الساخنة أيضاً
وفي روح كل منهما
ذكرى أكثر من فاجعة
ذكرى أكثر من وجع
ذكرى أكثر  من هاجس خوف
في روح كل منهما
لا تخمد نار الماضي
حيث المآسي قائمة
الغد متحفَّظ عليه
هناك زمن مفتوح على آخره
يرى فيه إيزيدي اليوم إيزيدي الأمس
يرى إيزيدي الأمس إيزيدي اليوم
وربما يرى إيزيدي الأمس واليوم إيزيدي الغد
الغد المعطوف قلقاً على حاضر اليوم وأمس  ما كان
تبعاً لإحداثيات المعيش اليومي
فليس في الحاضر ما يطمئن الاثنين
أو حتى المنظور إليه آتياً
هناك حب خاص بهما، هو الحب الإيزيدي
كل منهما يعدُّ نفسه شاهداً على مأساة
وشهيداً لمأساة
يقولها تاريخهما
تقولها جغرافيتهما:
ببلداتها
نواحيها
قراها
طرقها
دروبها
وديانها
جبالها
وسهولها
كل جغرافيا محنة
وكل تاريخ حداد
السلْم استثناء حذر
لغته تقرّره وتعرّف به
يمتثل الإيزيديان لخاصية الطوارىء في حياتهما
إنهما يعرفان الفرح والحزن جيداً
غير أن سطوة الحزن بالكاد تظهِر الفرح كما يجب
إنها يعرفان الصباح- المساء
النهار- الليل
لكنهما بمقدار ما يكونان حذرين في النهار أو الصباح
يكونان على غاية من اليقظة مساء أو في الليل
جرح كل منهما لم يندمل بعد
لا يندمل جرح الإيزيدي والمأساة قاسم الإيزيدية المشترك
كينونة الإيزيدي جرح ملتهب بسواه والذي يراه خلاف اعتقاده
الجرح الملتهب ناقوس خطر يدق داخلهما
هما متناغمان مع بعضهما بعضاً
لديهما شغف كبير بإنجاب الأطفال
المزيد من الأطفال
رغم مصاعب الولادة 
ومسئوليات تربية الأولاد
لكن حكمة إيزيدية تشير إلى عمق خاصية الحب:
ثمة من يصبح ضحية للعدو
ومن يكون منذوراً للنهب أو الخطف
ومن يكبر ويكبر جرحه معه
ليكون القادر على الاستمرار 
يحسبها الإيزيدي العاشق والزوج والإيزيدية العاشقة والزوجة بدقة
الحياة والموت يتقاسمانهما
حب الإيزيدي يستغرق كامل جسده
كامل ذاكرته
فرماناته الدالة على بطش الأعداء تشهد بهذا التمايز
الإيزيدي له حب بمقاييس مختلفة
هل عاينتم كيف تبكي المرأة الإيزيدية وملؤها حب خاص
وهي تنزف من روحهاً كماً على أفراد عائلتها
على أهلها
على معارفها الإيزيدية؟
يصعب فهم ما تقوله
لأن الكلمات ممزوجة بألم الواقعة الأليمة
الألم أكبر من اللغة
من الرثاء
البكاء وسط بين صرخة الجرح وصرخة الصوت في الهواء الذاهل
هوذا حب الإيزيدي
حين يعيش وجع من ذكرتُ
وعليه أن يتماسك
أن يكون قادراً على الإنجاب
لأن الأعداء يتربصون به من الجهات كافة
حب هو حرب
وحرب هي استماتة من أجل البقاء
وبقاء غير مضمون سلامةً
أليس حبٌّ كهذا جديراً بأن يكون باسم آخر
بتسمية أخرى
إخلاصاً لهذا الجرح الذي لا يعرف وجعه
 سوى حامله أو محموله؟!
الحب الإيزيدي الذي يتنفس في ظل التوتر العالي
خطر الموت اللاطبيعي
إلى إشعار آخر
وآخر وآخر
من يستطيع توقع حدود هذا الآخر
ليكون الحب الإيزيدي
كأي حب في العالم
كأي حب في جواره القريب تماماً !؟
  






أتى هذا المقال من Welatê me
http://www.welateme.net/cand

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/cand/modules.php?name=News&file=article&sid=10028