الحقل المنيع .. مسرحية للأطفال
التاريخ: الخميس 27 ايلول 2007
الموضوع: القسم الثقافي



أحمد إسماعيل إسماعيل

نالت المسرحية جائزة أنجال الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان لثقافة الطفل العربي _ سنة 2001 – الدورة السادسة- أبو ظبي- الإمارات العربية المتحدة.
وعُرضت من قبل المسرح القومي باللاذقية في مهرجان المحبة وفي دمشق والعديد من مدن الساحل السوري.2002 و2004 في مهرجان ربيع مسرح الأطفال الأول، تحت عنوان (الديك الحكيم والذئب اللئيم) إخراج :الفنان لؤي شانا وعُرضت المسرحية في مهرجان شفشاون الدولي لمسرح الطفل بالمغرب-الذي أقيم في 6-12 نيسان سنة 2006 من قبل فرقة تواصل العراقية،إخراج المسرحي الدكتور :كريم عبود , وعُرضت المسرحية في مهرجان مسرح الطفل بالإمارات الذي أُقيم في 19-26 من قبل مسرح الشارقة الوطني تحت عنوان (السور ) إخراج : الفنان سيف الغانم, كما ستعرض في الجزائر من اخراج الفنان محمد بوكراس


(الوقت نهار، الأصدقاء –الديك والأرنب والبطة والحمل- يبنون سورا للحقل وهم يغنون بسعادة)

يا سورنا يا سورنا          بالحب نبني سورنا
فيك الأمان والمنى           يا ما أحيلى سورنا
نبنيك كي نحمي الحمى    بالعز نحمي سورنا
يا سورنا يا سورنا
(ينتهون من البناء، يغادرون المكان، يخيم الظلام، يسمع عواء الذئب والثعلب اللذين يدخلان بعد قليل..)
الذئب: (باستغراب) ما هذا أيها الثعلب، ماذا أرى ؟!
الثعلب: (باندهاش) يا إلهي! ما هذا ؟!
الذئب: من أقام هذا الجدار ؟
الثعلب: وكيف أقامه ؟!
الذئب: ومتى أقامه ؟
الثعلب: بل قل: لماذا أقامه ؟
الذئب: (بحنق) أوه، اللعنة عليك أيها الجبان.
الثعلب: على من يا سيدي ؟!
الذئب: طبعا عليك أنت.
الثعلب: (باستغراب وخوف) عليّ أنا ؟! ولماذا ؟ ماذا فعلت يا سيدي ؟
الذئب: ألم آمرك بترك هذه العادة القبيحة ؟
الثعلب: أية عادة يا سيدي ؟!
الذئب: (بحنق) أية عادة أيها الماكر الجبان ؟
الثعلب: نعم يا سيدي، أية عادة ؟!
الذئب: عادة الإجابة عن السؤال بطرح سؤال آخر. هل نسيت أيها الغبي ؟
الثعلب: لا يا سيدي. حاضر يا سيدي، لن أكرر هذا مرة أخرى.
الذئب: حسن.
الثعلب: لكن قل لي يا سيدي، ماذا تريد أن أفعل ؟
الذئب: أريد حلا لهذه المصيبة.
الثعلب: مصيبة ؟! أية مصيبة يا سيدي ؟
الذئب: مصيبة هذا الجدار أيها الحمار، هل فهمت ؟
الثعلب: نعم يا سيدي. لكن قبل الإجابة اسمح لي أن أسأل..
الذئب: (يقاطعه، بحنق) لا تدع صبري ينفد أيها الثعلب.
الثعلب: (بخوف) حاضر، حاضر يا سيدي. (بتردد) لكن أليس هذا جدارا يا سيدي ؟ أجبني يا سيدي. أليس هذا جدارا ؟.
الذئب: بلى. بلى أيها الفهمان. إنه جدار يا حمار.
الثعلب: عظيم.
الذئب: عظيم ؟!
الثعلب: نعم عظيم، لأنه ليس سورا.
الذئب: ماذا تعني ؟
الثعلب: اسمع يا سيدي. إذا تأكدنا من أن الذي نراه الآن أمامنا جدار فقط؛ مجرد جدار، فإن تسللنا إلى الحقل سيكون سهلا. فاطمئن يا سيدي.
الذئب: وكيف سنتأكد يا فهمان ؟
الثعلب: (يفكر) ليس الأمر سهلا يا سيدي.
الذئب: ماذا يعني هذا الكلام ؟ ماذا يعني أن الأمر ليس سهلا؟
الثعلب: (يفكر) يعني.. يعني… انتظر هنا يا سيدي. سأعود حالا.
الذئب: إلى أين ستذهب، وماذا ستفعل ؟
الثعلب: سأعود. سأعود حالا يا سيدي.
         (يخرج من الناحية اليمنى.. يعود بعد قليل)
الذئب: إلى أين ذهبت ؟
الثعلب: إلى الجانب الأيمن من الحقل.
الذئب: لماذا ؟!
الثعلب: لأتأكد من عدم وجود جدار آخر.
الذئب: إيه. ماذا رأيت ؟
الثعلب: رأيت جدارا آخر يا سيدي.
الذئب: اللعنة.
الثعلب: (يفكر) انتظر قليلا يا سيدي. (يهم بالخروج)
الذئب: إلى أين ؟
الثعلب: سأعود حالا.
         (يخرج من الناحية اليسرى.. يعود بعد قليل)
الذئب: ماذا رأيت ؟
الثعلب: (بخيبة) رأيت جدارا آخر يا سيدي.
الذئب: (بضيق) اللعنة عليك أيها المشؤوم.
الثعلب: لماذا يا سيدي ؟ ماذا فعلت ؟
الذئب: ألا تعرف ؟
الثعلب: لا يا سيدي. هل أجبت عن سؤالك بسؤال آخر؟
الذئب: لا أيها الغبي المشؤوم.
الثعلب: لكن يا سيدي…
الذئب: (يقاطعه) كفّ عن الثرثرة أيها المشؤوم.
الثعلب: حاضر يا سيدي.
الذئب: قل لي ماذا سنفعل الآن ؟
الثعلب: بقي يا سيدي أن نتأكد من الجانب الخلفي للحقل. انتظر يا سيدي.
         (يحاول الخروج).
الذئب: قف  أيها الثعلب.
الثعلب: لماذا يا سيدي؟
الذئب: سأتأكد بنفسي من ذلك.
         (يخرج الذئب)
الثعلب: (لنفسه) أنا مشؤوم ؟! وما علاقتي ببناء الجدران ؟ وهل أنا من بناها ؟ (يفكر) لكن من بناها ؟ وكيف بناها ؟ إنها شاهقة، قوية ومتينة البنيان. أخشى ما أخشاه أن يكون الحقل مسوراً. (يتلفت حوله) لقد تأخر الذئب. لماذا تأخر؟ ربما عثر على منفذ أو مدخل إلى الحقل...(يدخل الذئب خائباً) ماذا رأيت يا سيدي؟
الذئب: رأيت جدارا، الجدران تحيط بالحقل كله.
الثعلب: هذا يعني أنهم سوّروا الحقل.
الذئب: من؟ من سوّر الحقل؟
الثعلب: من له مصلحة بذلك؛ سكان الحقل يا سيدي؛ الديك والبطة والأرنب والحمل وغيرهم.
الذئب: اللعنة.
         (يعويان. يقعيان جانب باب السور. يلوح الفجر. يصيح الديك. يظهر الأصدقاء فوق جدار السور وهم يغنون بسعادة)
الثعلب: صباح الخير يا أصدقاء.
         (يصمت الجميع. يسود الخوف بين الأصدقاء. يتهامسون بحذر)
الأرنب: هيا بنا نهرب يا أصدقاء.
الديك: انتظروا.
الحمل: ماذا ننتظر ؟ إنهم الأعداء. إنهما الذئب والثعلب يا صديقي.
البطة: يجب أن نختبئ حالا.
الديك: اصبروا يا أصدقاء. لا تخشوا شيئا.
الجميع: كيف؟ ولماذا ؟!
الحمل: إنهما الذئب والثعلب أيها الديك. الذئب والثعلب وليس الديك والأرنب. هل فهمت ؟
الديك: فهمت وعرفت من هما يا صديقي، لكن يجب أن تعرفوا وتفهموا يا أصدقائي أن الذئب والثعلب لن يستطيعا القفز فوق هذا السور العالي على الإطلاق.
        (يتبادلون نظرات الاستغراب والسرور)
الجميع: السور ؟! (يضحكون بمرح)
الثعلب: قلت: صباح الخير يا أصدقاء.
الديك: ونقول: صباح الخيبة يا أعداء.
الثعلب: أعداء ؟! أين هم الأعداء؟
الأرنب: أنتم الأعداء.
الثعلب: نحن لسنا أعداء يا صديقي.
البطة: غريب. ومن تكونان إذا ؟ هل أنتم أشقاء أم…؟
الثعلب: (يقاطعها) نحن ضيفان يا صديقتي.
الذئب: نعم. نحن ضيفان.
الثعلب: ألا ترحبون بالضيوف أيها الكرماء ؟
الحمل: بلى.
الأرنب: على الرحب والسعة.
الثعلب: شكرا. شكرا لكم يا أعز الأصدقاء.
البطة: (بهمس وضيق) ما هذا الكلام أيها الحمل ؟! ما هذا الكلام يا أرنوب ؟!
الحمل والأرنب: أي كلام ؟!
الديك: كلمات الترحيب بالذئب والثعلب. كيف ترحبان بهما ؟
الأرنب: إنهما ضيفان. ومن الواجب الترحيب بالضيوف.
الديك: من قال إنهما ضيفان ؟
الأرنب: الثعلب. ألم تسمعه ؟
الديك: وهل صدقته؟ غريب !! كيف تصدق الثعلب ؟!
الثعلب: هيه. أيها الأصدقاء، متى ستفتحون باب السور ؟ هل سننتظر طويلا ؟
الذئب: ألا تسمحون لنا بالدخول؟ فنحن جائعان (يلكزه الثعلب) بل نحن.. متعبان.
الثعلب: نعم، نحن متعبان جدا، ولم ننم منذ.. منذ يومين. (يتثاءب)
الذئب: (للثعلب بحنق) فقط ؟ (للأصدقاء) بل لم ننم منذ أسبوعين، بل منذ شهرين (يتثاءب بصوت مرتفع)
الثعلب: (بهمس للذئب) ما هذه المبالغة يا سيدي ؟
الذئب: اصمت أيها الأحمق، هذا ليس شأنك.
الثعلب: لكن..
الذئب: قلت اصمت.
الثعلب: حاضر يا سيدي.
الديك: أيها الثعلب.
الثعلب: نعم يا صديقي. (صمت) إني أسمعك أيها الديك الغالي.
الديك: ماذا تريدان ؟
الثعلب: الدخول إلى الحقل.
الذئب: هل سيطول انتظارنا يا أصدقاء ؟
        (صمت. لا أحد يجيب)
        لماذا أنتم صامتون ؟ لماذا لا تجيبون ؟
البطة: ماذا تريدان أن نقول ؟
الثعلب: أي شيء. أي شيء يا صديقتي.
الذئب: قولوا: تفضلا بالدخول أيها الصديقان.
الديك: لماذا ؟
الذئب: لماذا ؟ هكذا.
الثعلب: (بهمس) ما هذا الكلام يا سيدي !
الذئب: وماذا أقول لهم ؟
الثعلب: وماذا قلنا لهم قبل قليل ؟
الذئب: (يفكر) قلنا.. لم أعد أذكر ماذا قلنا لهم. هل تذكر ماذا قلنا ؟
الثعلب: (يفكر) أعتقد أننا قلنا لهم بأنك مريض، أو جائع، أو ما شابه ذلك.
الذئب: هذا صحيح. قلت لهم بأن الذئب مريض. وأن قلبه يؤلمه. (يتصنع الألم) هيا، هيا قل لهم ذلك.
الثعلب: الذئب مريض يا أصدقاء، انظروا. إنه يحتاج إلى عناية وعلاج. (الذئب يتألم بصوت مرتفع)
الأرنب: (بهمس) هل تسمعون صوت الذئب ؟
الجميع: نعم.
الأرنب: إنه يتألم. لماذا لا نقدم له يد المساعدة !
البطة: ماذا تقول ؟ هل جننت ؟!
الأرنب: لا. لم أجن. لكن أريد أن نثبت لهم حسن نوايانا.
الحمل: ونؤكد على رغبتنا بالسلام والوئام. ما رأيك أيها الديك الحكيم ؟
الديك: من يجب أن يثبت حسن نواياه للآخر، نحن أم هما ؟
الأرنب: نحن وهما.
البطة: لماذا ؟ وهل يجوز أن تساوي بين من يَفترِس ومن يُفترَس ؟
الأرنب: لكن يا صديقتي..
الديك: البطة تقول الصدق أيها الأرنب. هل نسيت من هما الذئب والثعلب ؟
الأرنب: لا.
الديك: إنهما عدوان أيها الحمل، أليس كذلك ؟
الحمل: هذا صحيح.
الديك: لا تنسوا ذلك على الإطلاق.
الثعلب: هل سيطول انتظارنا، الذئب مريض. إنه يتألم.. سيموت.
(الذئب يتصنع الألم)
الذئب: آاخ يا بطني.
الثعلب: (بهمس) بل قلبك يا سيدي.
الذئب: آآآخ يا قلبي.
الثعلب: أخشى أن يموت الذئب يا أصدقاء.
الديك: لن يموت الذئب. اطمئن.
الثعلب: وإن مات الذئب؟ ماذا ستقولون للآخرين؟ نحن آسفون؟ أم ستقولون: نحن شامتون؟ حينها سأعلن أمام الجميع، الصغير والكبير، في طول الغابة وعرضها، عن سبب وفاة.. أقصد قتل الذئب. (لحظات من الصمت، يتهامس الأصدقاء) ماذا قررتم يا أصدقاء ؟ الذئب مريض، إنه يتألم. سيموت. (الذئب يئن متصنعاً الوجع والألم).
الديك: لا بأس أيها الثعلب.
الثعلب: لا بأس ؟ ماذا تعني ؟ هل ستسمحون لنا بالدخول ؟
الديك: نعم.
(الثعلب والذئب يقفزان من شدة الفرح. هرج ومرج بين الأصدقاء في الحقل)
الثعلب: شكراً لكم يا أصدقاء. أنتم طيبون وأوفياء.
الذئب: ورائعون.
الثعلب: وجميلون. جميلون جداً.
الذئب: ولذيذون (يلكزه الثعلب) بل مهذبون، مهذبون جداً.
الحمل: شكراً لكما.
الثعلب: والآن اسمحوا لنا بالدخول.
(لحظات من الصمت..)
أيها الأصدقاء، أيها الديك.
الديك: نعم.
الثعلب: نرجو أن تفتحوا لنا باب السور. ألن تفتحوه ؟
الديك: ليس الآن يا صديقي الثعلب.
الذئب: ليس الآن ؟ ماذا تقول أيها الديك ؟
الثعلب: لماذا يا صديقي ؟
الديك: لأنه لم يحن موعد لقائنا بعد.
الثعلب: لم يحن ؟ لم أفهم.
الذئب: ومتى يحين ؟
الديك: حين ينبت لكل منا ناب ومخلب مثلكما.
الذئب: ماذا ؟! ناب ومخلب لكم ؟!
البطة: نعم. لنتساوى يا صديقنا.
الثعلب: إنه المستحيل. إنكم تحلمون يا أصدقائي.
الديك: (بسخرية) حقاً ؟
الثعلب: ألا يوجد حل آخر ؟
البطة: لا. (صمت…)
الثعلب: لابد من وجود حل آخر. أليس كذلك يا صديقي الديك ؟
الديك: نعم.
الحمل: ماذا قلت أيها الصديق ؟
الأرنب: ما هذا الكلام أيها الديك الحكيم ؟
الثعلب: ما هو الحل يا صديقي الحكيم ؟
الديك: أن تنـزعا المخالب والأنياب؟
الذئب: ماذا تقول أيها الغبي ؟!
الثعلب: (يلكز الذئب) إنه أمر مستحيل يا صديقي الحكيم.
الذئب: وكيف سأفترسكم؟ أقصد؛ كيف سأقضم العشب ؟
الأرنب: ستعلمك الحاجة. ألم تسمع بالمثل القائل: الحاجة أم الاختراع. (لحظات من الصمت)
الديك: أيها الثعلب..
         (الثعلب لا يجيب)
         أيها الذئب..
الذئب: نعم، إني أسمعك يا صديقي. ماذا تريد أن تقول لي ؟
الديك: لا شيء جديد.
الذئب: اللعنة عليك.
الثعلب: ألا يوجد حل آخر؟ حل ثالث.
الحمل: لا.
البطة: نحن لا نؤمن بالحلول الوسط يا .. صديقي.
الثعلب: لماذا لا تقول شيئا يا صديقنا الديك الحكيم. ألا توجد حلول أخرى؟ حلول مرضية للطرفين، إني أسمعك أيها الحكيم القدير.
الديك: هناك حل أخير يا صديقي.
الذئب والثعلب: ما هو ؟
الأرنب: (بهمس) لن نسمح بدخولهما.
الحمل: ما هو يا صديقي ؟
الثعلب: لماذا صمتّ يا صديقي ؟ ما هو هذا الحل أيها الحكيم؟
الديك: الرحيل.
الذئب والثعلب: (باستغراب) الرحيل؟ رحيل من ؟
الديك: رحيلكما، لا حل آخر إلا الرحيل عن سورنا.
الأرنب: هذا صحيح، إنه حل منطقي جداً.
البطة: يجب أن ترحلا حالاً.
الثعلب: ألا يوجد حل آخر؛ حل مناسب ومنطقي أكثر من هذه الحلول ؟
الجميع: لا.
الثعلب: فكروا جيداً يا أصدقاءنا الأعزاء.
الجميع: مساء الخيبة يا أعداء.
(يضحكون. الذئب والثعلب يعويان. يخيم الظلام. الذئب والثعلب يدوران حول السور بحنق)
الذئب: هل سيطول مكوثنا هنا ؟
الثعلب: لا أعرف.
الذئب: اللعنة. سأموت جوعاً.
الثعلب: أنا أيضاً جائع جداً.
الذئب: ما الحل ؟
         (الثعلب يروح ويجيء باضطراب وقلق)
         لماذا لا تجيب ؟
الثعلب: بماذا أجيب ؟
الذئب: قلت أريد حلاً.
الثعلب: (يفكر) بصراحة..
الذئب: (يقاطعه) اسمع أولاً. احذر أن تجيب عن سؤالي بسؤال آخر، هل فهمت ؟
الثعلب: نعم.
الذئب: تكلم.
الثعلب: بصراحة، لا أعرف الحل يا سيدي.
الذئب: غبي.
الثعلب: لكن يا سيدي، أنا..
الذئب: اخرس يا غبي ودعني أفكر.
الثعلب: (بخوف) حاضر، حاضر يا سيدي.
(يجمد الثعلب في مكانه كتمثال. الذئب يروح ويجيء وهو يفكر بقلق، يقوم بحركات عصبية).
الذئب: (بسرور) وجدت الحل.
الثعلب: أين هو؟ أقصد؛ ما هو الحل ؟
الذئب: اسمع أيها الثعلب، سنتناوب على حراسة باب السور. وبذلك سنلتهم الخارج منه.
الثعلب: ونلتهم الداخل أيضاً يا سيدي.
(يضحكان ثم يعويان. يتغير المنظر فيظهر الأصدقاء داخل السور وهم يغنون ويرقصون بسعادة)
الأرنب: أيها الأصدقاء. يا أشقائي الحلوين. لدي اقتراح رائع جداً جداً.
         (يصمت الجميع. ينظرون إلى الأرنب باستغراب ولهفة)
الحمل: ايه .. قل، ما هو ؟
الأرنب: التمثيل. ما رأيكم أن نلعب هذه اللعبة الظريفة ؟
الجميع: موافقون.
الديك: ماذا سنمثل ؟
الأرنب: سنمثل أنفسنا.
الجميع: كيف ؟
الديك: كيف سنمثل أنفسنا أيها الأرنب الذكي ؟
الأرنب: ستمثل البطة دور الحمل مثلاً، وسأمثل أنا دور الديك.
الحمل: وأنا سأؤدي دور البطة.
الديك: وأنا سأؤدي دورك. أليس كذلك ؟
الأرنب: نعم. ما رأيكم ؟
الجميع: موافقون.
(يسود الهرج والمرج، يقلد كل واحد منهم الآخر)
الأرنب: كوكو. هيا أيها الحمل الوديع. هيا إلى .. اللعب حالاً.
البطة: أنا سعيد يا أصدقاء، وأريد أن أغني (تغني مقلدة الحمل).
الحمل: (يمشي مقلداً البطة) وق وق. أين اختفت الديدان اللعينة (ضحك).
الديك: (يتثاءب، يتمطى) ما هذا ؟! لقد سبقتني السلحفاة اللعينة، يجب أن ألحق بها (يركض مقلداً الأرنب.. ضحك)
الأرنب: (بضيق) لا أعرف من ابتدع هذه الحكاية. إنها كذبة. السلحفاة لا تستطيع أن تسبق نملة، فكيف تستطيع أن تسبقني ؟!
الديك: لا تغضب يا صديقي. فكلنا يعرف أنك عدّاء ماهر، ولا يمكن لسلحفاة أو غيرها اللحاق بك. هيا نكمل اللعب.. هيا يا أصدقاء.
الحمل: ما رأيكم في تمثيل دور الذئب والثعلب ؟ (صمت..)
الجميع: موافقون.
(يقلد كل واحد منهم صوت وحركة الذئب والثعلب)
(يتغير المنظر. يخيم الظلام. يظهر الذئب والثعلب)
الذئب: بماذا تفكر أيها الثعلب ؟
الثعلب: غريب. لم يخرج أحد منهم، ماذا يعني هذا ؟
الذئب: يعني أنهم خائفون.
الثعلب: (بعد تفكير. بحيـرة) أتمنى أن يكون الخوف وحده السبب.
الذئب: وماذا يمكن أن يكون غير الخوف ؟ ألا يكفي هذا السبب ؟
الثعلب: لا أعرف. (لحظة صمت)
الذئب: اسمع أيها الثعلب. لابد من اللجوء إلى الحيلة. بدون الحيلة والخداع لا يمكننا فعل شيء. وسيطول انتظارنا أمام باب هذا الحقل اللعين.
الثعلب: هذا صحيح. هل لديك حيلة ما ؟
الذئب: لا. لكن لماذا لا تفكر –أنت- بحيلة ما. ومن غيرك يستطيع تدبير الحيل أيها الماكر !
الثعلب: لا بأس. دعني أفكر يا سيدي.
الذئب: فكر. فكر جيداً يا صديقي. لكن بسرعة. فأنا جائع جداً، جداً. (يعوي. الثعلب يروح ويجيء بقلق. بعد لحظات يقف. يقفز فرحاً..)
الثعلب: وجدتها. وجدتها يا سيدي.
(يتغير المنظر، الوقت نهار، يظهر الأصدقاء وهم يغنون ويلعبون)
الثعلب: (بصوت عال) أيها الديك، أيها الأصدقاء، لقد وجدتها. لقد وجدتها.
(صمت. يتهامس الأصدقاء باستغراب..)
الديك: ماذا وجدت أيها الثعلب ؟
الثعلب: الوسيلة يا صديقي. الوسيلة التي ستجعلنا نتساوى تماماً.
الجميع: نتساوى ؟!!
الثعلب: نعم يا أصدقاء.
الجميع: كيف ؟
الثعلب: اسمعوا جيداً إذاً. سيدرب الذئب قسماً منكم على أحدث وأفضل وسائل القتال.
الجميع: ايه..
الثعلب: وسأقوم أنا بتدريب القسم الآخر على طرائق وفنون الحيل والمكر.. أقصد فن السياسة.
الجميع: وبعد.
الثعلب: وبعد، تصبحون مثلنا. ذئاباً وثعالب، أقصد مثل الذئاب والثعالب.
الذئب: وبذلك يتساوى الجميع. لا فرق بين ذئب وحمل.
الثعلب: ولا بين ثعلب وديك.
الذئب: ونصبح أصدقاء وحلفاء.
الثعلب: إنها فرصتكم التاريخية يا أصدقاء. ويجب ألا تدعوا الفرصة تفوتكم، فالتاريخ لا يكرر نفسه أبداً. فكروا في الأمر جيداً يا أصدقاء.
(يتغير المنظر. الوقت ليل. الأصدقاء يتهامسون. الديك يفكر)
الأرنب: ماذا قررتم ؟ أرى أنها فرصتنا.
الحمل: هذا صحيح. إنها فرصة ثمينة. وتاريخية كما قال الثعلب.
البطة: (تحاول العواء) هل يمكن أن أصبح مثل الثعلب ؟
الأرنب: نعم. ولم لا ؟
الحمل: (يحاول العواء كالذئب) آه. بعد أن أصبح ذئباً. أقصد كالذئب سأفترس من يتحداني.
الأرنب: وأنا سأنهش لحم المعتدين عليّ.
البطة: بصراحة، أرى أن هذا المشروع فرصة لن تعوض.
الحمل: هذا صحيح.
الأرنب: لماذا أنت صامت أيها الديك ؟
البطة: قل شيئا أيها الحكيم.
الديك: إني أفكر.
الأرنب: أوه. المسألة لا تحتاج إلى طول تفكير أيها الحكيم.
الحمل: ولا إلى عرض وعمق تفكير يا صديقنا، إنها ببساطة شديدة دعوة واضحة وصريحة إلى التساوي.
الأرنب: ستفيدنا كثيراً. سنصبح أقوياء يا صديقي.
البطة: لن نخسر شيئاً سوى ضعفنا.
الديك: إنكم واهمون يا أصدقائي.
الجميع: واهمون ؟!
الديك: نعم. لأنكم –وببساطة شديدة- نسيتم أمراً هاماً وجوهرياً يا أعزائي.
الجميع: ما هو ؟
الديك: هذه الدعوة موجهة من قبل عدوين وليس من صديقين.
الحمل: هذا صحيح. لكن الثعلب والذئب يريدان أن نصبح أقوياء.
الديك: إنها خدعة يا أصدقاء. خدعة جديدة. فكروا جيداً. هل يعقل أن ينبت لأحد منا ناب ومخلب. هل نسيتم من أنتم يا أصدقاء ؟
الجميع: لا.
الأرنب: وكيف سنصبح أقوياء إذاً ؟
الديك: بحماية سورنا من الانهيار يا صديقي.
         (لحظة صمت. يفكرون..)
          هل اقتنعتم يا أصدقاء ؟
الجميع: نعم.
         (يغنون  أغنية سورنا.. يتغير المنظر. يظهر الذئب والثعلب. الثعلب ينادي الأصدقاء. لا أحد يجيب)
الثعلب: (للذئب) هل سمعت صوتاً ؟ هل ردّ أحدهم ؟
الذئب: لا. ماذا يعني هذا ؟
الثعلب: يعني أنهم عرفوا الحقيقة. حقيقة حيلتنا.
الذئب: اللعنة. ما العمل إذاً ؟
الثعلب: لا أعرف.
الذئب: يجب أن تعرف.
الثعلب: كيف سأعرف يا سيدي. لقد جربنا كل الوسائل من أجل الدخول إلى الحقل ،كل وسائل الترغيب والترهيب، ولم نفلح. فماذا سنفعل بعدها؟
الذئب: لا أعرف. لا أعرف. اللعنة على هذا السور.
الثعلب: (يفكر) بل قل: اللعنة على ذلك السور.
         (يعويان. يتغير المنظر. الوقت نهار. تظهر البطة وسط الساقية وهي سعيدة تغني. يدخل الأرنب حاملاً جزرات وهو يغني).
الأرنب: صباح الخير يا صديقتي البطة.
البطة: صباح النور يا أرنوب. هل جئت تغسل الجزرات ؟
الأرنب: نعم.
البطة: أحسنت يا صديقي. من المفيد دائماً غسل الخضار والفاكهة قبل تناولها.
(الأرنب يضحك بسخرية..)
لماذا تضحك يا صديقي ؟!
الأرنب: وهل تغسلين الديدان قبل التقاطها ؟ (يضحك بسخرية)
البطة: (بعتب) ما هذه السخرية يا أرنوب ؟
الأرنب: أنا لا أسخر يا صديقتي. أنا أسأل فقط.
البطة: لكنك تعرف جواب سؤالك. أليس كذلك ؟
الأرنب: (يضحك) نعم. أعرفه. وكيف لا أعرفه يا صديقتي.
البطة: أجب عنه بنفسك إذاً.
الأرنب: لا أستطيع. لا أستطيع يا صديقتي.
البطة: لماذا  ؟
الأرنب: لأنه يثير القرف.
البطة: (بضيق) إنه طعامي أيها الأرنب.
الأرنب: أعرف. أعرف أنه طعامك يا صديقتي. لكن ذكره يثير القرف والتقزز. بصراحة، أستغرب كيف تتناولين طعاماً كهذا. (يضحك)
البطة: (بحدة) من المعيب السخرية من طعام الآخرين أيها الأرنب.
الأرنب: هذا صحيح. لكن ماذا أفعل، هل تريدين مني أن أكذب وأقول: أيتها البطة! إن طعامك شهي ولذيذ، ويسيل اللعاب، ولم أتناول في حياتي كلها ولن أتناول مثله أبداً.. أبداً ؟!. (يضحك).
البطة: كن مؤدباً أيها الأرنب.
الأرنب: (بضيق) أنا مؤدب أيتها البطة. ولست بحاجة إلى نصيحة أحد.
البطة: بل أنت وقح أيها الأرنب.
الأرنب: وأنت قذرة أيتها البطة.
البطة: وأنت جبان.
الأرنب: وأنت ثرثارة، ومغرورة، ومشاغبة.
(يحتدان أكثر. يعلو صياحهما. يتغير المنظر. يظهر الثعلب والذئب وهما ينصتان باهتمام.)
الثعلب: (بهمس وسرور)  ادعُ أن يدوم هذا الشجار يا صديقي.
الذئب: لماذا ؟!
الثعلب: لينهار السور.
الذئب: لينهار السور ؟!
(يتغير المنظر. يخيم الظلام. يظهر الأرنب يروح ويجيء غاضباً)
الأرنب: (لنفسه) أنا جبان ؟! أنا قليل الأدب ؟! أنا وقح ؟! آه لن أغفر لك هذه الإهانات أيتها البطة القذرة. سأعرف كيف أنتقم منك. وسأجعلك تندمين يا آكلة الديدان (يسمع عواء الثعلب) آه لو استطعت أن أرمي بك إلى هذا الوحش أيتها الثرثارة، حينها فقط أريني كيف تثرثرين عن الأدب أيتها الوقحة. (عواء الثعلب يتكرر. الأرنب يصمت. يفكر..) لا. لا، هذا لا يجوز. (يفكر) ولماذا لا يجوز! البطة وقحة وتستحق العقاب (يسمع عواء الثعلب..) وجدتها (يصعد إلى أعلى السور. ينادي الثعلب بهمس) أيها الثعلب. أنت أيها الثعلب.
الثعلب: من يناديني ؟
الأرنب: (بهمس) أنا. الأرنب.
الثعلب: (بسرور) صديقي الأرنب ؟
الأرنب: (بحذر وخوف) اخفض صوتك.
الثعلب: حاضر يا صديقي الغالي.
الأرنب: أريد منك أن تساعدني.
الثعلب: أساعدك ؟! أمرك يا صديقي، اطلب وتمنَّ.
الأرنب: اسمع. أريد منك أن تردم النبـ.. (يصمت)
الثعلب: أيها الأرنب.
الأرنب: ……
الثعلب: (بصوت مرتفع) أيها الأرنب، يا صديقي الأرنب.
الأرنب: (بخوف) هس. لا ترفع صوتك.
الثعلب: لماذا صمتّ ؟ هل أصابك مكروه ؟
الأرنب: لا.
الثعلب: ماذا كنت تريد يا صديقي. أنا جاهز للمساعدة. فالصديق وقت الضيق.
الأرنب: (بتردد) دعني أفكر.
الثعلب: بماذا ؟
الأرنب: بردم النبع.
الثعلب: أي نبع ؟!
الأرنب: ……
الثعلب: أيها الأرنب.
الأرنب: (بخوف) لا ترفع صوتك أيها الثعلب.
الثعلب: أمرك يا صديقي. لكن قل لي: عن أي نبع تتحدث ؟ ثم لماذا تريد ردم هذا النبع ؟
الأرنب: أريد الانتقام من البطة.
الثعلب: عدوتك.
الأرنب: نعم. ولذلك أطلب منك أن تردم…
(يسمع صياح الديك.. يصمت)
الثعلب: أيها الأرنب.
الأرنب: اصمت أيها الثعلب. سيسمعنا الديك.
الثعلب: لكن…
الأرنب: اصمت.
(يدخل الديك)
الديك: صباح الخير يا صديقي الأرنب.
الأرنب: (بخوف) صباح النور يا صديقي.
الديك: ماذا تفعل هنا يا صديقي ؟
الأرنب: (بتردد) كنت.. كنت أستنشق الهواء النقي أيها الديك.
الديك: (باستغراب) في هذا الوقت المتأخر ؟!
الأرنب: نعم. الهواء في هذا الوقت بالذات نقي كما تعرف. وهو أكثر نقاء وإنعاشاً في المكان المرتفع.
الديك: (باستغراب) هذا صحيح. هذا صحيح يا صديقي.
(يخرجان..)
(يتغير المنظر. يظهر الذئب وهو يراقب الثعلب الذي يروح ويجيء..)
الذئب: وبعد. ألن تهدأ ؟ كفّ عن هذه الحركة أيها الماكر. وقل لي ماذا حدث ؟
الثعلب: (لنفسه) النبع، النبع. ما علاقة النبع بالبطة ؟ (يفكر) أوه. ما هذا السؤال أيها الثعلب الغبي !
الذئب: (يضحك) غبي؟ ماكر وغبي.
الثعلب: (لنفسه) لكن أين النبع ؟ هل هو داخل الحقل أم خارجه ؟(يفكر) أوه، ما هذا السؤال أيها الثعلب الغبي؟
الذئب: (يضحك) أنت قلتها، غبي.
الثعلب: (لنفسه) لو كان النبع داخل الحقل لما طلب مني الأرنب ردمه. لابد أنه خارج السور. لكن أين ؟ هذا هو السؤال.
الذئب: غبي ومجنون أيضاً.
الثعلب: من ؟
الذئب: أنت، أنت غبي ومجنون أيها الثعلب.
الثعلب: لماذا ؟
الذئب: لأنك تحدث نفسك كالمجانين.
الثعلب: سأكون مجنوناً لو تركت هذه الفرصة تفلت من يدي.
الذئب: أية فرصة ؟
الثعلب: فرصتنا.
(يتغير المنظر. يظهر الأرنب يروح ويجيء باضطراب..)
الأرنب: (لنفسه) غريب. ألم يلاحظ الديك شيئاً ؟ إنه ذكي جدا. أخشى أن يكون قد رأى الثعلب أو سمعه (يفكر) لكنه لم يقل شيئاً. بل تحدث معي بلطف وطيبة. اللعنة على البطة (يسمع عواء الثعلب) وعلى الثعلب أيضاً. يا إلهي! ماذا كنت سأفعل ؟ (عواء الثعلب يتكرر) ماذا يريد هذا اللعين ؟!
صوت الثعلب: أيها الأرنب. يا صديقي الأرنب.
الأرنب: (بخوف) يا للهول. سيكشف هذا الماكر أمري.
صوت الثعلب: يا صديقي الأرنب. أنا الثعلب. صديقك الثعلب. هل تسمعني ؟ (يحاول الأرنب الهرب. يكرر الثعلب النداء. يصعد الأرنب إلى أعلى..)
الأرنب: ماذا تريد أيها الثعلب ؟
الثعلب: جئت أسألك كيف سأردم النبع.
الأرنب: لا أريد ردم النبع. هيا ابتعد من هنا.
الثعلب: لماذا يا صديقي ؟
الأرنب: أنت لست صديقي. هيا ابتعد.
الثعلب: سأبتعد يا صديقي. سأبتعد. لكن الذئب.. أقصد صديق البطة سيقترب. وربما يدخل إلى الحقل. (بمكر) والآن إلى اللقاء.
الأرنب: انتظر أيها الثعلب.
الثعلب: ماذا تريد ؟
الأرنب: هل الذئب صديق للبطة حقاً؟!
الثعلب: نعم. ولقد رأيتها مساء البارحة تهمس في أذن الذئب. وسمعتك. أقصد وسمعتها تقول للذئب بأنك سخرت من طعامها. ولقد جن جنون الذئب وأقسم على أن ينتقم منك انتقاماً رهيباً.
الأرنب: (بحنق) هكذا إذاً. اسمع يا صديقي.
الثعلب: كلي آذان صاغية يا أعظم الأصدقاء.
الأرنب: (بهمس) في الناحية الجنوبية من السور.
الثعلب: ايه..
الأرنب: وبين صخرتين كبيرتين.
الثعلب: ايه.. أكمل، يا صديقي، بسرعة.
الأرنب: ستجد نبعاً..
(يخفت صوت الأرنب. يصمت. يعوي الثعلب. يخرج)
سنرى. سنرى أيتها الحاقدة والخائنة.
(يتغير المنظر. الوقت نهار، يظهر الديك فوق السور وهو يصيح. بعد لحظات يدخل الحمل.. ثم تتبعه البطة مضطربة، خائفة. يدخل الأرنب بهدوء وتردد..)
البطة: مصيبة. مصيبة أيها الديك.
الديك :ماذا حدث ؟!
البطة: المياه.. المياه انقطعت عن الساقية.
الحمل والديك: كيف ؟!
البطة: لا أعرف كيف. حين استيقظت هذا الصباح على صياحك فوجئت بمنظر الساقية خالية من المياه. دعكت عيني مرات عديدة، قلت في نفسي: ربما مازلت نائمة، أو أن ما أراه مجرد وهم طارئ. فنـزلت إلى الساقية.. وليتني ما نزلت إليها. فبدل أن يعوم جسدي في المياه كالعادة، غاصت قدماي في الوحل. انظر. انظروا يا أصدقاء. انظروا إلى الوحل كيف لوّث قدمي وريشي. (ينظر الأرنب إلى البطة بسخرية وتشفّ).
الحمل: غريب.
الديك: غريب فعلاً. ماذا حدث للمياه؟
الحمل: هل جف النبع ؟
الديك: لا، لا أظن ذلك.
الحمل: هل أصابته لعنة ما ؟ أو مرت به ساحرة فـ…
الديك: (يقاطعه) ما هذا الكلام يا صديقي؟
البطة: ما السبب إذاً ؟! أكاد أجنّ.
الديك: اصبري يا صديقتي.
البطة: وما فائدة الصبر ؟
الديك: دعينا نفكر بروية.
البطة: (بضيق وسخرية) نفكر بروية ؟! سأموت جوعاً وعطشاً قبل أن تنتهي من تفكيرك يا حكيمنا.
الديك: اصبري. اصبري يا صديقتي وفكري معنا في حل لهذه المصيبة.
(الجميع يفكرون وهم يروحون ويجيئون حائرين.. الأرنب يتابع البطة وهو ينظر إليها بسخرية وتشف..)
الأرنب: (لنفسه) اصبري أيتها البطة. ليس لك غير الصبر. وفي النهاية لن يفيدك الصبر. لأنك ستموتين عطشاً وجوعاً يا.. صديقتي.
الحمل: اسمعوا يا أصدقائي. أعتقد أن عائقاً ما قد اعترض مجرى المياه.
الديك: كيف ؟
الحمل: لا أعرف تماماً. لكن لابد أن يكون هذا هو السبب.
الديك: لكن المجرى تحت الأرض.
الحمل: أعرف ذلك. (يفكر) ربما انهارت جدران المجرى.
البطة: نعم. هذا هو السبب.
الديك: وقد لا يكون هذا هو السبب.
البطة: (بضيق) أوه. والحل ؟ أريد حلاًّ سريعاً.
الأرنب: (لنفسه) الحل هو أن تجدي طعاماً آخر غير الديدان يا صديقتي العزيزة.
الديك: لماذا لا تقول شيئاً يا صديقي الأرنب ؟
الأرنب: (يجفل) ماذا ؟
الديك: لماذا أنت صامت ؟
الحمل: (يضحك) إنه يفكر. لا يزال صديقنا الأرنب يفكر .
الديك: بمَ ؟
البطة: (بسخرية) بالسباق مع السلحفاة. السلحفاة التي فازت عليه. (يضحكون. يخرجون. الأرنب يحدث نفسه فرحاً).
الأرنب: اسخري أيتها المغرورة. اسخري كما تشائين. لكنك ستندمين أيتها الثرثارة. وستأتين إلي متوسلة ذليلة. تطلبين المغفرة والسماح. لكن لن أسامحك (يضحك) فقد صار النبع في خبر كان.
(يضحك بسخرية. يخرج. يتغير المنظر. يظهر الثعلب والذئب وهما يضحكان).
الذئب: لكن كيف أقنعته بأن البطة كانت تهمس في أذني ؟
الثعلب: بالحوار.
الذئب: بماذا ؟!
الثعلب: بالحوار يا سيدي. طبعا الحوار على طريقتي أنا.
الذئب: (بسخرية) آه فهمت. يعني بالحيلة.
الثعلب: (يضحك) نعم يا سيدي.
الذئب: لكن ما الفائدة التي سنجنيها إن انقطعت المياه عن الحقل أم لم تنقطع ؟ وإن سبحت البطة في الساقية أم لم تسبح ؟
الثعلب:  انهيار السور يا سيدي.
الذئب: انهيار السور ؟!
الثعلب: نعم يا سيدي. وسترى ذلك بعينيك. وتسمع بأذنيك. (يضحكان).
(يتغير المنظر. يظهر الديك والبطة والحمل وقد استبد بهم العطش)
الحمل: لم أسمع صياحك اليوم يا صديقي. طلع الفجر ولم تصح.
الديك: لم أستطع الصياح. حلقي جف تماماً.
البطة: أكاد أموت من العطش والجوع.
الديك: كم أخشى على صغارنا من العطش.
البطة: ومن الجوع.
الحمل: بدأت مياه البرك بالانتقاص والنفاد.
الديك: لابد من حل.
الحمل: ماذا سنفعل ؟
(لحظات من الصمت. يفكرون..)
الديك: أف. لم أعد أستطيع التفكير أيضاً.
الحمل: أين الأرنب ؟
البطة: لابد أنه يأكل الجزرات أو يتهيأ للسباق مع السلحفاة.
الديك: أرجو أن يكون بخير.
البطة: إنه مثلي تماماً؛ لا يحب الابتعاد عن المياه أبداً.
الحمل: سأذهب للبحث عنه.
(يتغير المنظر. يظهر الثعلب والذئب وهما يضحكان ويرقصان)
الثعلب: مساء الخيبة يا أصدقاء. (صمت)
الذئب: لماذا لا تردون التحية ؟
الثعلب: هل أنتم نائمون ؟
الذئب: أم متعبون من العمل ؟
الثعلب: أعتقد أنهم عطشى.
الذئب: مساكين. اسمعوا يا أصدقائي. إذا أردتم الحل لمشكلة المياه، فعليكم بالغناء. إنه الدواء لكل داء.
الثعلب: أصبت يا سيدي الحكيم. أيها الديك هل تسمعني ؟ لماذا لم تصح اليوم ؟ لقد طلع الفجر يا صاحبي. وانتصف النهار. هل أصيح بدلاً منك ؟ لا بأس يا صاحبي. (يقلد صياح الديك)
الذئب: ربما يريد أن يغني. فالغناء ينعش الفؤاد يا صديقي.
الثعلب: فقط ؟ ينعش الفؤاد فقط ؟
الذئب: واللحم أيضاً (يضحكان، يغني) غنِّ أحبك أن تغني.
الثعلب: وتحدث الديوك عني (يضحكان بسخرية).
الذئب: لماذا أنتم صامتون. هل تريدون أن نغني نحن ؟
الثعلب: لا يا سيدي. ما رأيك أن نجري مسابقة للأصوات الجديدة ؟
الذئب: فكرة رائعة. موافق. والحنجرة الطرية. أقصد صاحب الحنجرة القوية والصوت الجميل سينال جائزة.
الثعلب: (يصفق) يا له من سخاء يا سيدي. وما هي الجائزة ؟
الذئب: سطل من الماء البارد القراح تسلم للفائز قبل افتراسه.
الثعلب: (يصفق) والخاسر؟ ماذا سينال الخاسر يا سيدي ؟
الذئب: أما الخاسر فسننال نحن منه. (يضحكان)
الثعلب: لا شك أنكم موافقون تماماً على هذا الاقتراح الديمقراطي. أقصد المثالي. والآن من سيبدأ بالغناء ؟ (صمت..) يبدو أنهم لا يريدون الغناء يا سيدي.
الذئب: ماذا يعني أنهم لا يريدون ؟ يجب أن يريدوا ما أريد.
الثعلب: هذا صحيح يا سيدي. لكن ما رأي سيدي أن نذكر أصدقاءنا بأغنيتهم الجميلة ؟
الذئب: أية أغنية ؟
الثعلب: أغنية سورنا.
الذئب: موافق.
الثعلب: هل سمعتم يا أصدقاء ماذا قال سيدي الحر. قال موافق. هيا غنّوا بحرية تامة.
(صمت. يتبادلان النظرات. يغنيان بسخرية ويرقصان. يتغير المنظر. يظهر الأرنب، يقترب من أصدقائه وهو يبكي)
الديك: أين كنت يا أرنوب ؟
الحمل: لقد بحثنا عنك كثيراً.
الديك: لماذا تبكي ؟
البطة: أخشى أن تكون السلحفاة قد سبقته مرة أخرى.
الديك: ما هذه السخرية أيتها البطة ؟
البطة: أنا لا أسخر يا صديقي، بل أمزح.
الديك: لكل شيء أوانه. والمزاح في غير وقته سخرية.
الحمل: هذا صحيح. وللمزاح أيضاً حدود وأصول يا صديقتي.
البطة: أرجو المعذرة. (الأرنب يبكي..)
الديك: كفَّ عن البكاء يا صديقي، وقل لماذا تبكي ؟
الحمل: ربما يكون جائعاً.
البطة: أو عطشان.
الديك: لكن البكاء لن يطعمه ولن يسقيه.
الأرنب: أنا … (يبكي)
الديك: أنت ماذا ؟
الأرنب: (بتردد) أنا.. نادم.
الجميع: نادم ؟!!
الديك: لماذا يا صديقي ؟ ماذا فعلت ؟
البطة: هل سرقت ماء من أحد ؟
الأرنب: لا.. (يبكي)
الحمل: هل كذبت أو غششت أحداً ؟
الأرنب: لا…(يبكي)
البطة: هل سخرت من أحد ؟
الأرنب: لا…(يبكي)
الحمل: هل قتلت أحداً ؟
الأرنب: لا… (يبكي)
الديك: ماذا فعلت إذاً ؟
الأرنب: أعلمت الثعلب بمكان النبع.
(يسود الصمت لحظات. يتبادلون نظرات الاستغراب..)
الجميع: ماذا فعلت ؟!
الأرنب: وطلبت منه أن يردم النبع.
الجميع: أيضاً!!
الديك: هذا مستحيل. لا يمكن أن أصدق ما تسمعه أذناي!
الجميع: أيها الخائن. (يضربونه. الأرنب يتوجع..)
الأرنب: لست خائناً. أقسم أنني لست خائناً. لست خائناً..
(يتغير المنظر. يظهر الذئب والثعلب أمام باب السور..)
الثعلب: هل تريد مساعدة أخرى أيها الأرنب ؟ أنا جاهز.
الذئب: ألا تريدين مساعدة أيتها البطة ؟
الثعلب: وأنت أيها الديك، ألا تحتاج إلى مساعدة ؟
(صمت. لا أحد يرد)
لماذا لا ترد يا صاحبي ؟ آه.. ربما لا تعرف من هو عدوك ؟
الذئب: قل لي من هو عدوك وسأفترسه.
الثعلب: ومن سيكون عدو الديك غير الحمل.
الذئب: والآن. بعد أن عرف كل واحد منكم عدوه. بقي أن يختار حليفه.
الثعلب: ونحن جاهزان دائماً.
(يضحكان بسخرية. يتغير المنظر، يظهر الأصدقاء داخل السور متعبين مرهقين. يدخل الأرنب. يحتج الحمل والبطة على حضوره. يدفعانه إلى الخارج. هرج ومرج..)
البطة: (للأرنب) ما الذي جاء بك إلى هنا ؟! هيا اغرب من هنا حالاً، هيا.
الحمل: لا نقبل بوجود الأرنب بيننا، من يصادق عدونا فليس منا.
البطة: نعم ولابد أن ينال أقسى عقوبة.
الحمل: يجب أن نرمي به إلى خارج السور.
البطة: هذا صحيح. إنه خائن وجبان.
الديك: كفى يا أصدقاء. هذا لا يجوز. أنتم مخطئون. (صمت)
البطة والحمل: ماذا ؟! نحن مخطئون ؟!
الديك: نعم. الأرنب ليس خائناً.
البطة: وما هو إذاً ؟ هل هو بطل ؟
الحمل: أم شهيد ؟
البطة: أم ملاك طيب ؟
الديك: إنه صديق. ولقد أخطأ هذا الصديق. واعترف بخطئه.
البطة: (بسخرية) وماذا سنستفيد من اعترافه ؟ هل سيجعل اعترافه الماء يتدفق إلى داخل الحقل ؟
الحمل: أم سيجعل صديقيه –الذئب والثعلب- يبتعدان عن باب السور.
البطة: قل. ماذا سيفيدنا اعترافك أيها.. الصديق المخطئ ؟
الأرنب: ولماذا لا تعترفين بخطئك مثلي أيتها البطة ؟
البطة: (بسخرية) وما هو خطئي أيها الصديق.. الفهمان ؟
الأرنب: هل تظنين أنني لا أعرف ماذا فعلتِ ؟
الديك: ماذا فعلت البطة أيها الأرنب ؟
(صمت. يتبادل الأرنب والبطة النظرات)
البطة: قل أيها الأرنب. قل ماذا فعلت ؟
الأرنب: ذهبت إلى الذئب وهمست في أذنه.
البطة: أنا ؟!
الأرنب: نعم أنت أيتها البطة.
البطة: هذا ليس صحيحاً. إنه يكذب.
الديك: (للأرنب) هل رأيت البطة تهمس في أذن الذئب ؟ هل رأيت ذلك بعينيك أيها الأرنب ؟
الأرنب: (بتردد) لا. لكن..
البطة: لكن ماذا ؟!
الديك: قل الصدق أيها الأرنب.
البطة: قل. لماذا صمت ؟
الأرنب: الثعلب هو الذي رآك تهمسين في أذن الذئب.
الجميع: الثعلب ؟!
الأرنب: نعم.
البطة: الثعلب يكذب يا أصدقاء. أنا لم أهمس في أذن الذئب. وهل أستطيع الاقتراب من الذئب ؟!
الأرنب: ومن أخبر الذئب بأنني سخرت من طعامك ؟
البطة: لا أعرف. لكن الثعلب يكذب. أقسم أنه يكذب.
الحمل: كيف تصدق عدوك أيها الأرنب ؟!
البطة: لأنه صديق الأعداء أيها الحمل. الأرنب والثعلب صديقان وليسا عدوين.
الديك: الأرنب صديقنا أيتها البطة.
البطة: لا أصدق ذلك.
الديك: يجب أن تصدقي، فهذا خير لنا جميعاً.
البطة: لكن الثعلب..
الديك: (يقاطعها) لكن الثعلب خدع الأرنب. والأرنب اعترف بخطئه. والاعتراف بالخطأ خير من التمادي فيه. المهم الآن أن نجد حلاً سريعاً لهذه المشكلة. لا أن نتشاجر ونتراشق بالتهم. فالعطش سيفتك بالجميع. والعدوّان يتربصان بنا أمام باب السور. ينتظران انهيار السور بفارغ الصبر.
البطة: لا يمكن أن ينهار السور. هذا مستحيل.
الحمل: إنه قوي ومتين البنيان.
الديك: هذا صحيح. لكن بشرط أن لا نهدمه نحن.
البطة: وهل جننا ؟!
الحمل: كيف نهدم سورنا بأيدينا؟ إنه الجنون بعينه!
الديك: وهل كان الأرنب مجنوناً حين وثق بالثعلب!
البطة: هل صدقت أخيراً أن الأرنب خائن ؟
الديك: (بضيق) خائن ؟! وهذا جنون آخر لا يختلف عن جنون الأرنب يا صديقتي.
البطة: لم أفهم شيئاً.
الحمل: (بعد تفكير) أنا فهمت.
الديك: ويجب أن تتخلص منه. رمي الآخرين بالاتهامات بهذا الشكل جنون ما بعده جنون يا أصدقاء.
الأرنب: (بأسى) هذا صحيح.
الحمل: دعونا نفكر بالحل يا أصدقاء. ما الحل يا صديقي الديك ؟
الديك: (بعد تفكير) الحل عندي أن يقفز أحدنا خارج السور.
الأرنب: لكن السور عال.
الديك: سنساعده على القفز.
الحمل: سينتبه الوحشان.
البطة: هذا صحيح. حينها لن ينجو من أصبح خارج السور. وسيفترسانه.
الديك: لدي خطة محكمة.
الجميع: ما هي ؟
الديك: اسمعوا يا أصدقاء. بداية سنستدرج الذئب والثعلب إلى باب السور.
الجميع: وبعد..؟
الديك: سنحادثهما ونحاورهما طالبين منهما العون أو أي شيء آخر.
الجميع: وبعد…؟
الديك: أثناء ذلك سيقفز أحدنا من فوق الجدار الخلفي.
الحمل: فيجلب الماء من النبع ويعود بسرعة. فكرة معقولة.
(لحظات من الصمت. يفكرون)
البطة: إنها فكرة معقولة، لكنها خطرة.
الأرنب: ومن سيقفز إلى الخارج ؟ (صمت..)
الديك: هذا لا يهم. سيقفز أحدنا. أنا أو أنت أو البطة أو الحمل. سنتفق على هذا الأمر فيما بعد.
(لحظات من الصمت..)
بماذا تفكرون ؟ ما رأيكم ؟
البطة: لكن كيف سيقفز من يجلب الماء إلى داخل السور.
(يتبادل الجميع نظرات الاستفهام)
الديك: ماذا تقصدين ؟
البطة: أقصد من سيساعد من يجلب الماء من الخارج على القفز إلى داخل السور ؟
الديك: هذا صحيح. لم أنتبه إلى هذا الأمر. يجب التفكير في حل آخر.
(يروحون ويجيئون وهم يفكرون..)
البطة: لدي حل.
الجميع: ما هو ؟
(يتغير المنظر، يظهر الذئب والثعلب وهما يسترقان السمع..)
الذئب: هل تسمع شيئاً ؟
الثعلب: لا.
الذئب: غريب! ماذا يعني هذا الصمت ؟
الثعلب: لا أعرف.
الذئب: ربما مات الجميع. ما رأيك؟
الثعلب: ……
الذئب: استبد بهم العطش، فماتوا.. ما رأيك ؟
الثعلب: لا أعرف، لكنني لا أظن أنهم ماتوا .
الذئب: لماذا ؟
الثعلب:
الذئب: لماذا لا تجيب ؟
(الثعلب يحدث نفسه بخوف..)
الثعلب: هل يعقل هذا ؟ ربما. يجوز. وإلا ما معنى هذا الصمت الغريب.
الذئب: هل عدت إلى جنونك مرة أخرى ؟ بماذا تحدث نفسك ؟
الثعلب: أخشى ألاّ ينهار السور كما ظننا.
الذئب: ماذا تقول ؟
الثعلب: يجب التأكد من ذلك حالاً.
الذئب: كيف ؟
(الثعلب ينادي الأصدقاء. يكرر نداءه. الذئب أيضاً ينادي الأصدقاء. يتغير المنظر، يظهر الأصدقاء وهم يتشاورون)
الديك: لا. لا يا صديقتي البطة. هذا الحل غير مناسب. يجب التفكير في حل آخر.
الأرنب: وجدت حلاً.
الديك: قله. أين هو ؟
الأرنب: إنه لديّ. اسمعوا يا أصدقاء..
البطة: (تقاطعه، بسخرية) لديك أنت، أم لدى صديقك الثعلب ؟
(يتبادل الجميع نظرات الاستغراب والضيق عدا البطة)
الديك: ما هذه السخرية أيتها البطة ؟ ماذا قلنا قبل قليل ؟ هل نسيت يا صديقتي ؟
الحمل: أرجو أن تعتذر صديقتنا من الأرنب.
البطة: هذا مستحيل.
الديك: هذا يعني أنك تسعين إلى انهيار السور.
البطة: أنا ؟!!
الديك: نعم. فكري في الأمر جيداً. (لحظات صمت)
البطة: (بتردد) أرجو المعذرة يا صديقي الأرنب.
الأرنب: أشكرك يا صديقتي.
الديك: ما الحل يا أرنوب ؟
الأرنب: أن نحفر بئراً.
الجميع: (باستغراب) نحفر بئراً ؟!
(صمت. يفكرون وهم في حالة ذهول. يتغير المنظر. يظهر الذئب والثعلب وهما يسترقان السمع. بعد قليل تسمع أصوات الأصدقاء وهم يغنون..)
الذئب: إنهم.. إنهم يغنون. هل تسمعهم ؟!
الثعلب: ..
الذئب: ماذا يعني هذا ؟!
الثعلب: ..
الذئب: لماذا أنت صامت ؟ قل شيئاً أيها الغبي المجنون.
الثعلب: ماذا تريد أن أقول ؟
الذئب: لماذا يغنون ؟ ماذا يعني هذا الغناء ؟
الثعلب: يعني.. يعني أن السور لن ينهار.
الذئب: اللعنة.. والحل ؟
الثعلب: الرحيل. يجب أن نرحل.
الذئب: لن أرحل عنهم. سأبقى هنا إلى الأبد.
الثعلب: أما أنا فسأرحل.
الذئب: لماذا أيها الجبان ؟
الثعلب: لأن سور هذا الحقل لن ينهار أبداً يا سيدي.
(لحظات من الصمت..)
الذئب: إلى أين سترحل ؟
الثعلب: إلى حقول أخرى.
الذئب: إلى حقول بلا أسوار.
الثعلب: بلا أسوار كسور هذا الحقل.
(يخرجان خائبين. يظهر الأصدقاء وهم يحفرون البئر ويغنون أغنية السور.. ينتهون من الحفر. يتراشقون بالماء فرحين مسرورين).
….انتهـــــاء…







أتى هذا المقال من Welatê me
http://www.welateme.net/cand

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/cand/modules.php?name=News&file=article&sid=1002