القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

مقالات: الأساليب النحوية والبلاغية في بناء النصوص الشعرية عند الشاعر لقمان محمود [2]

 
الثلاثاء 03 حزيران 2014


د.جمال خضير الجنابي

    ولعلَّ من أهم المعاني المجازية التي خرج إليها الاستفهام في شعره قد أُرتبطتْ بمعاني موضوعاته الشعرية كالمديح والرثاء والهجاء والفخروالتعظيم وغيرذلك من الموضوعات.
من ذلك قوله: 
ما تذكره ايها الليل
تنساه - دائما - على طاولتي
ما اكتبه من نهار
إذْ استخدم أداة الاستفهام(كم)التي أفادت التكثير،وهنا خرج إلى التعظيم والفخركما نلاحظ أن الشاعريكررأسلوب الاستفهام داخل النص:
عندما امسك يديك
كي اودعك
لماذا انسى كفي فيهما؟


في هذا النص استخدم الشاعر اداة الاستفهام (لماذا/فهل/اين).هذه الأمثلة وغيرها قد شاعت في مجموعته الشعرية فقد استطاع الشاعرلقمان محمود أن يعّبرعن رسم الصورة في الخارج كما صورها ذهنه سواء كان حكم شيء على شيء أو لا،فالأول هو التصور والآخر التصديق،وبذلك تتعدد المعاني وتخرج قيمتها الجمالية التي تجعل المتلقي يقف متأملاً أمام المعنى الحقيقي للاستفهام والمعنى الحقيقي الذي أراده الشاعر،ومن أساليب الطلب الأخرى أسلوب النداء،فهو من الأساليب المهمة في تركيب النص الشعري وبنائه،فقد جاء في لسان العرب،إن النداء في اللغة يعني(الصوت)وهو مشتق من(الصدى)وهو بُعد الصوت وعدّهُ النحاة في اصطلاحهم (تنبيه المدعو ليقبل عليك)وآلياته (الهمزة وأي ويا وآ وأيا وهيا ووا) وأكد ذلك الأستاذ الفاضل الدكتورقيس الأوسي في دراسته لأسلوب النداء على الجانب التركيبي،فهو أمرفي غاية الأهمية وإن كان النداء ليس مقصوداً بذاته وإنما هو تنبيه للمخاطب ليصغي إلى ما يجيء من الكلام المنادى له.أي أن سبيل المتكلم فيه أن ينادي من يخاطبه ليقبل عليه ثم يخاطبه مخبراً له أو مستفهماً أو آمراً أو ناهياً. ومن هذا المفهوم يدخل أسلوب النداء في تشكيل الخطاب الشعري الذي ربما يقتصرعلى بيت أو بعض البيت أو أكثر، كذلك يمكن أن يكون للشاعرقصدٌ آخريضفي للبيت طابعاً من الحس وزيادة في المعنى والتأكيد،ويخرج أسلوب النداء إلى معانٍ مجازية أيضاً كاللوم والتحسروالتقريع والتمني وغيرذلك . ومن امثلة اسلوب النداء قول الشاعر:
كل ما اريده
يا سلالتي المياه
ان اموت وحيدا
ومثل ذلك قول معاتبا حبيبته,الااننا نجد في اسلوبه شده الصوت والاخباروالتأكيد في قوله:
اعرفك دلشا,واعرف انك سهوا تنادين
على جميع اصدقائي باسمي,وهذا ما يجعلهم
يغضبون,ويسحبون من صوتك جسمي,
فقد خرج النداء إلى اللوم والتقريع لهؤلاء القوم،وأراد الشاعر أيضاً أن يخبرهم أن هذا ليس من تقاليد فلا يفعل ذلك بأهل الكرم والشجاعة،حيث يقول:
ياسادة الحروب
يا سادة السلام
الى الابد
فنجد ان اسلوب النداء قد خرج الى التمني والاسراع في اللقاء,ومثل ذلك قوله:
يا لسهري المتكىء على نومه
المغروق بالظلام
من امثلة اسلوب النداء قول الشاعر مخاطبا حبيبته(دلش)بين فيها معاني الشوف والحنين والتعظيم لها كما في قوله:
غير ان الحكاية تجري,لتحيي قبرا بقبر,منصتة الى الحفار الجالس امام قبره,طوال موته الوهمي,طوال
حياته الوهمية,ولا يضيف على القبر سوى جلوسه
الميت,فتستسلم الحكايةلاغمائها
وانت يا دلشا
وكان لأسلوب النهي دوربارزفي مجموعته الشعرية لما فيها من معاني النصح والإرشاد والنهي في اللغة طلب الكف عن الفعل،وجاء في لسان العرب خلاف الأمروعند النحاة نفي الأمر واشترط فيه البلاغيون عدم الفعل بصيغة الاستعلاء في معناه أو خروجه إلى معانٍ مجازية كالدعاء والآراء كثيرة في ذلك.وله أداة واحدة هي(لا)الناهية التي تستخدم للحاضروالمخاطب والغائب وبمعانٍ مختلفة في تركيبها.كقول الشاعر:
لا اجامل فيك المستحيل
بل اجامل حياتي المقيدة
وفيه خرج النهي إلى معانٍ متعددة في النصح والأمروالالتماس وغيرذلك من الشواهد،ولأسلوب النفي بـ (لا)النافية أثرٌواسعٌ في مجموعته الشعرية،إذ استخدم الشاعرلقمان محمود بمعانٍ مختلفة ،وهذا دليل على سعة تجاربه في الحياة،من ذلك قول:
ولا امل هنا
فكل ما حولي
كما اجاد لقمان محمود في اسلوب النفي اذ تعددت اساليب تراكيبه في اسلوب الحوار والخطاب ,كقوله مخاطبا:
لا اريد ان اموت الان
فلا تقترب اكثر ايها الموت
اني خلقت لا نتظر
فقد اجاد الشاعرلقمان محمود استخدامه اسلوب النفي,وقوله في النص اخرمؤكدا نفيه بقوله(لا)
ولا اكون معكم سجينا ابديا
في البحر)
وهنا لاعمل لها بعد حرف العطف،كما أجاد الشاعرحيث تنوعت اساليب استخدامه(لا)الناهية حيث يقول: ولا اراك
فقط اسمع الفجر من طلوع الديكة
وقوله ايضا:
سادور نحوك
لا نحو الشمس
وفي اسلوب الحواروالخطاب كقوله:
لا احد بسال ما الذي يحدث للموتى
لا احد بسال
ومن أساليب الطلب في بناء نصوصه الشعرية أسلوبا التمني والترجي،فالتمني طلب أَمرُموهوم الحصول وربما كان مستحيل الحصول وجاء في لسان العرب أيضاً أن التمني في أصل اللغة محبة حصول الشيء،أي تشتهي حصول الأمرالمرغوب فيه،وحديث النفس بما يكون ولا يكون ولهذا الأسلوب أدواته وآلياته وهي(ليت،لو،ألا،هل،لعل)وعلى الرغم من بساطة هذا الأسلوب إلاّ أنه ورد في مجموعته الشعرية بشواهد قليلة،أما أسلوب الترجي نجد له شاهداً في مجموعته،ومن خلال استقرائنا لنصوصه الشعرية وجدنا أنَّ الشاعر لفمان محمود قد تمكن وأجاد في بناء تراكيبه لأسلوب التمني مع الحفاظ على نسق النص الشعري ومعناه،ومن ذلك قوله:
صدقيني
حتى ولو كنت زهرة العباد
سأدور نحوكِ
لا نحو الشمس.
فقد اراد الشاعرفي هذا الاسلوب ان يقول لحبيبته انها كل شيء عنده. وقوله ايضا:
 (لو يشهد واحدكم)
وأحسن لقمان محمود في توظيف هذا الأسلوب،إذ تمنى أنْ ينسى طفولته التي اختلطت بين طياتها الالام والاحزان,حيث يقول:
اه,لو استطيع
ان انسى طفولتي
في هذا النص يخاطب حبيبته حيث يوصف لها انه حتى وهو يحترق بنيرانها فهو سعيد,لهذا يقول:
كل شيء يطفو على ظله
وانا لا اطفو الا على نارك)
كما استخدم الشاعرلقمان محمود في بناء نصوصه الشعرية وتركيبها أسلوباً بلاغياً مهماً هو أسلوب الفصل والوصل،حيثُ عدَّ النقاد القدامى والبلاغيون هذا الأسلوب حداً من حدود تعريف البلاغة،التي عرفها الجاحظ بقوله(هي معرفة الفصل من الوصل) أي أن على المنشيء أن يراعي روابط الجمل وأجزاء الكلام، كما أكد ذلك صاحب الإيضاح بقوله:(وإن أحداً لا يكمل فيه إلاّ كمل في سائرفنونها،فوجب الاعتناء بتحقيقه على أبلغ وجه في البيان)كما عدّوهُ أحد عناصر اللغة المهمة فإذا فقدت ذلك عادت الأفكار والتراكيب مفككة خالية من النظام والترتيب,ومن أجل ذلك وبكل ما امتازبه اشتهرالفصل والوصل بكونه، العلم بمواضع العطف،أو الاستئناف والتهدي إلى كيفية إيقاع حروف العطف في مواضعها.ويمكن تميزذلك بأن الفصل هو ترك عطف الجمل بعضها على بعض بالواو,وله مواضع عديدة منها،أن تكون الجملة الثانية تابعة للأولى توكيداً أو بدلاً أو صفة،وبذلك يكتمل الاتصال بين الجملتين، بمعنى أن أحداها جزء من الأخرى فلا تتطلب وصلاً بينهما مما جاءت الجملة الثانية بدلاً من الأولى،وموضع آخريتعين فيه الفصل هو شبه كمال الاتصال حيث تأتي الجملة الثانية جواباً، وموضع آخرأيضاً يجب فيه الفصل بين الجملتين،أي أن يكون بينهما كمال الانقطاع خبراً أو إنشاءً أو تتفقان بشرط أن لا يكون بينهما جامع أو رابط .
أما الوصل عكس ذلك،فهو عطف الجمل بعضها على بعض، ويكون بعدةِ أدوات،والغالب في ذلك استخدام حرف ـ الواو ـ التي تمتاز من جميع أدوات العطف(لأن الوصل بالواو يعني في جملة ما تعنيه أن الجملتين المتعاطفتـين نداّن تتساويان في الحكم وإن كانتا مشتركتين فيه. كما أن الوصل يقتضي التغايروالتشريك،ولذلك شروط منها اتفاق الجملتين خبراً وإنشاءً. ومن خلال تتبعنا لهذا الأسلوب في مجموعة الشاعرلقمان محمود ،وجدنا أن نصوصه الشعرية تمتازبترابطها المعنوي حيث يستدعي كل بيت من أبيات النص الشعري ما بعده،ويكمل ما قبله في المعنى حسب حاجته إلى طرق المعاني،وبذلك تعددت أنواع الروابط اللغوية التي استثمرها بفطرته الأدبية،وبذلك كون ـ إن صحَّ التعبيرـ خلق وحدة تعبيرية متكاملة تخدم المعنى في المعالجة الموضوعية،والجديربالذكر أن لكل رابط من هذه الحروف ميزته في المعنى وحدوث الفعل. كما لاحظنا أيضاً أن غاياته في ذلك بيان الترابط والالتحام والتناسق بين الألفاظ مهما اختلفت المعاني،كقوله في قصيدة (رائحة الضوء):
اوقف نزيفي
لان وريدي من يدك
فنجد في البيت أسلوب الفصل إذ جاء الجملة الأولى بصيغة الإخبار في (كم احار ...)التي تفيد التكثير،ونرى الجواب في الجملة(حينما المك في...)فعلى الرغم من الفصل،إلاّ أن الاتصال أو شبه الاتصال واقع بين الجملتين لأن الثانية بيانٌ للجملة الأولى التي وقعت بدل من الجملة الأولى،ولأن الشاعرأراد ان يوضح ان الجوع هو مقبرة الفقراء,اما في الجملة الثانية فالوصل واضح فيه حيث استخدم الشاعرحرف العطف(الواو)بين الجملة فهي متساوية في الوصف والربط. تكاسل الحب كمجد سكران
في يأسه الاخير
وتهتك دلاله بما ذهب من بهاء
فالشاعرأحسن في تماسك الألفاظ والمعاني والتحامها في الوصل بينها والجمع بين الجمل كما في النص,ومن ذلك ايضا قوله: لقد ضاق بي الموت
:فحياتي موت
وصحتي مرض
فقد أجاد الشاعرفي بناء نصوصه الشعرية مفصلاً معاني ألفاظه لتكون أشد وقعاً في ذهن السامع،كما نعلم أن لكل حرفٍ من حروف العطف ميزته فالواو للجمع المطلق لا ترتيب فيها والفاء للتعقيب وثم للتراخي وأو للتفصيل وهكذا في بقية الأدوات, فهذا الوصل بين الجمل وتنوع الشاعرفيه من حيث حروف العطف بين الجمل فلا انقطاع بينهما إذْ نجد أن الشاعرمن خلال هذا الأسلوب بنى قصةً,وقوله:                       ما تذكره ايها الليل:
تنساه - دائما - على طاولتي
ما اكتبه من نهار
فمن خلال النص نجد اتفاق المعاني بين الجمل وانسجامها مع الالفاظ اذ استخدم الشاعر في وصله احرف العطف والفاء والواو ليؤكد لنا ان ما يتذكره الليل ينساه,باسلوب سلس متماسك في الربط على نحو يجعل من الجمل الشعرية للنص وحدة لا تفكك ولا انفصام فيها.ولأسلوب القسم نصيبٌ في بناء أبيات نصوصه الشعرية،وهو يمين يقسمُ بها الحالف ليؤكد شيئاً يخبرُعنه،من إيجاد أوهجر، ويكون من أدنى إلى أعلى بصيغة الدعاء والتضرع،وآلياته متعددة منها(لام القسم والتاء والياء والفاء والواو...)وقد ساعد هذا الأسلوب الشاعرلقمان محمود في استيعاب الكثير من المواقف بما يتناسب مع موضوع الحدث،ومضمونه الفكري فجاءت الألفاظ منسجمةٌ مع المعاني.
كقوله:
زنزانات في مساماتي
تهتف للجسد
فقد استخدم الشاعر لفظة القسم بصيغة الاخبار ليعبر عن حزنه والمه.كقوله:
الهي
اعني قليلا
لاقول لفمي:
أما صيغ الإبلاغ فيُعدُّ من الأساليب البارزة والمهمة في مجموعة الشاعرلقمان محمود وغيره من شعراء،وربما يعود سبب ذلك إلى طبيعة حياته والتجارب التي مرّ بها،من تنقل وترحال وصعوبة العيش وغيرذلك،فكان طبيعياً أن يستثمرما في هذه الصيغ من معاني الإبلاغ والتهديد والوعيد،والتذكير من الفخر والبطولة والمديح ...،ونلاحظ أيضاً في هذا الأسلوب في استخدام صيغ الإبلاغ أنها جاءت بأسلوب الخطاب المباشر لأكثرمن شخصٍ مستخدم بعض الأحرف في إبلاغه كـ (ألاـ الهاء ـ أما ـ من...)التي تدلُّ بدورها على الاستفتاح والتنبيه للمخاطب،ويمكن عدُّ ذلك من الأساليب المتطورة في خروج القصيدة عما هو مألوف في طريقة بنائها،ويمكن أيضاً أن نَعُدّ سبب ذلك في سرعة معالجة الحدث فيدخل الشاعرإلى موضوعه مباشرةً،دون مقدمة تذكرفي ذلك. ونخلص من خلال تنوع الأساليب في بناء نصوصه الشعرية أن الشاعرلقمان محمود تميز بقدرات عقلية وفكرية تدلُّ على سعة خياله في بناء تراكيبه وألفاظه وتوظيفها بأحسن صورة وصياغة في بناء نصوصه الشعرية،ولتجسد في الوقت ذاته صورة الواقع الاجتماعي لحياته اليومية بكل فخرواعتزاز.

جريدة التآخي
الأربعاء 28-05-2014  

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 1
تصويتات: 1


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات